لا تزال إسرائيل تعيش على وقع أزمتها السياسية الداخلية المتواصلة منذ أكثر من عامين، حينما تصدع الائتلاف الحاكم، الذي يقوده رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو. بداية الأزمة السياسية في إسرائيل كانت في نوفمبر 2018، حينما استقال أفيجدرو ليبرمان، وزير الدفاع آنذاك من منصبه، منسحبًا من الائتلاف الحاكم، الذي كان يقوده وقتها حزب الليكود بزعامة بنيامين نتنياهو. انسحاب ليبرمان بمقاعد حزبه إسرائيل بيتنا الثمانية في الكنيست صدّر أزمة للائتلاف الحاكم، وعجلت بموعد الانتخابات التشريعية للكنيست لتكون في أبريل 2019، بدلًا من نوفمبر من نفس العام. وخلال عام 2019 أجرت إسرائيل استحقاقين تشريعين في أبريل وسبتمبر لم يسفرا عن نتائج واضحة تزيل غبار المشهد القاتم عن تشكيل الحكومة الإسرائيلية، لتلجأ إسرائيل بعدها إلى انتخابات ثالثة كانت هذا العام. انتخابات ثالثة وفي 2 مارس الماضي، أجرت إسرائيل ثالث انتخابات تشريعية في ظرف عامٍ واحدٍ، وفي هذه الانتخابات حصد حزب الليكود الأكثرية وفاز ب36 مقعدًا، مقابل 33 مقعدًا لحزب أزرق أبيض. لكن في 15 مارس، تحالف خصوم نتنياهو باختلاف توجهاتهم ضده، ووافقوا على ترشيح زعيم "أزرق أبيض" بيني جانتس رئيسًا للحكومة، بعد أن رجح ليبرمان، حليف نتنياهو السابق، كفة معسكر جانتس بمنحه أصواته السبعة ليصبح معسكر جانتس 62 مقعدًا مقابل 58 مقعدًا لمعسكر نتنياهو اليميني. ائتلاف حاكم بين الخصمين ولم ينتهز جانتس تلك الفرصة، وخشى المغامرة بالوثوف في تحالفٍ يجمع أطرافًا متناحرةً خاصةً حزب إسرائيل بيتنا اليميني المتطرف والقائمة العربية المشتركة، فآثر الانخراط في ائتلافٍ حاكمٍ مع نتنياهو يتناوب بموجبه الاثنان على رئاسة الحكومة مناصفةً فيما بينهما. واستغل نتنياهو تفشي جائحة كورونا، لكي يفلت من المحاكمة في أواخر من مايو من ذلك الشهر، بعدما وافقت المحكمة العليا على طلبه بتأجيل محاكمته في قضايا فساد إلى بداية العام المقبل. وفي 17 مايو، أدى نتنياهو اليمين الدستورى رئيسًا للحكومة الائتلافية بينه وبين جانتس، فيما أصبح جانتس وزيرًا للدفاع، واقتضى الاتفاق أن يتبادلا الأدوار بعد عامٍ ونصف العام. ولكن الخلافات ظلت قنبلة موقوتة بين الجانبين، وتفجرت مؤخرًا مع رفض نتنياهو إقرار الموازنة لأكثر من عامٍ ونصف العام، مما جعل تحالف جانتس يشعر بأن نتنياهو قد ينوي الغدر به والعمل على حنث الاتفاق بينهما على تناوب الحكومة. تصويت حل الكنيست وفي الأول من ديسمبر، قرر جانتس أن يقامر هذه المرة ويمضي صوب المخاطرة التي خشى منها في مارس الماضي، وأعلن تصويت حزبه "أرزق أبيض" لصالح حل الكنيست، خلال التصويت، الذي دعا له زعيم المعارضة يائير لابيد، ليكون في 2 ديسمبر. وقال "جانتس"، في مؤتمرٍ صحفيٍ: "نتنياهو قرر حل الحكومة والذهاب للانتخابات بمنعه إقرار الميزانية". وأردف قائلًا: "نتنياهو يريد أن يجعلنا إحدى الدول الفاشلة. هو قرر تفكيك الحكومة وجر إسرائيل إلى الانتخابات، والطريقة التي اختارها هي عدم الموافقة على تمرير الميزانية". وفي اليوم التالي، صوّت الكنيست لصالح حل نفسه بالقراءة الأول، بموافقة 61 نائبًا مقابل رفض 54 آخرين. ويُنتظر الموافقة على قرار الحل بالقراءتين الثانية والثالثة حتى يكون نافذًا. وقبل نهاية العام المضطرب في إسرائيل تم الإعلان عن حل الكنيست في 22 سبتمبر، على أن يتم التوجه إلى انتخابات مبكرة جديدة في 23 مارس المقبل. اقرأ أيضا خاص| باحث فلسطيني: نتنياهو أقل المتضررين من قرار حل الكنيست