الحفاظ على استقرار سعر صرف العملة بالدولة، ليس بالأمر السهل أمام البنوك المركزية والحكومات في ظل الظروف التي يمر بها العالم أجمع نتيجة تفشي فيروس كورونا كوفيد 19، التي ألقت بظلالها على مؤشرات الاقتصاد العالمية، وأدت إلى هروب الاستثمارات الأجنبية من العديد من الدول، ومن بينها الأسواق الناشئة. ولكن بفضل الإدارة المتميزة لأزمة فيروس كورونا من جانب الحكومة المصرية بالتعاون مع البنك المركزي، حققت مصر المستحيل، وهدأت وتيرة خروج المستثمرين من الاستثمار في السندات بداية من أبريل الماضي، نتيجة وجود سعر فائدة متميز للاستثمار الأجنبي، وأن مصر ما زالت تقدم عوائد جاذبة للاستثمار الأجنبي في أذون الخزانة، هذا إلى جانب استقرار سعر العملة المحلية «الجنيه المصري»، بالمقارنة مع الأسواق الناشئة الأخري مما يقلل حجم المخاطرللمستثمر الأجنبي. أقرأ أيضًا: «النقد» يشيد بخفض «المركزي» لأسعار الفائدة وارتفاع «الجنيه المصري» ورغم انتشار جائحة كورونا كوفيد 19، إلا أن سعر الدولار الأمريكي فقد نحو 46 قرشًا منذ 23 نوفمبر 2019، وحتى اليوم 23 نوفمبر 2020، أي في خلال عام، نتيجة زيادة التدفقات الدولارية وتراجع الاستيراد. وأشاد صندوق النقد الدولي، بارتفاع سعر صرف الجنيه المصري بدرجة محدودة في أعقاب ارتفاع تدفقات رؤوس الأموال الداخلة، مؤكدًا على أن استمرار مرونة سعر الصرف يساعد على استيعاب الصدمات الخارجية، ولايزال النظام المصرفي المصري يتمتع بالسيولة والربحية والرسملة الجيدة. واستمر سعر صرف الجنيه المصري في التحسن، ليحتل المرتبة الثانية كأفضل عملات الأسواق الناشئة أداءً أمام الدولار حتى أغسطس من عام 2020، مدفوعا بتحسن مصادر النقد الأجنبي، مواصلا بذلك أداءه القوي في 2019 قبل أزمة كورونا. ورغم انتشار جائحة فيروس كورونا "كوفيد 19"، إلا أن سعر الجنيه المصري، مازال في تحسن، نتيجة زيادة التدفقات الدولارية وتراجع حجم الاستيراد، حيث توقعت وكالة فيتش أن يظل مستقراً نسبياً حتى نهاية عام 2020، على الرغم من تراجع عملات الأسواق الناشئة بشكل حاد. وتحسن أداء الجنيه المصري ليصبح أفضل العملات أداءً أمام الدولار خلال الفترة من 30 يونيو 2017 حتى 30 يونيو 2020، بمعدل بلغ 10.8%. وتراجع سعر الدولار الأمريكي، بنحو 4.06 جنيه أمام العملة المصرية - الجنيه المصري- منذ تحرير سعر الصرف في 3 نوفمبر 2016، حيث كان سعر الدولار 19.75 جنيه في نوفمبر 2016، بينما يبلغ سعره اليوم 15.69 جنيه، نتيجة زيادة التدفقات الدولارية وتراجع الاستيراد، وزاد حجم تدفّقات النقد الأجنبي، إلى مصر منذ تحرير سعر الصرف، ليبلغ أكثر من 240 مليار دولار. وسجل اليوم 23 نوفمبر 2020، في البنوك العاملة في السوق المحلية، وسجل سعر الدولار، نحو 15.59 جنيه للشراء، 15.69 جنيه للبيع، في بنوك الأهلي المصري، ومصر، والقاهرة، ونحو 15.58 جنيه للشراء، 15.68 جنيه للبيع في البنك التجاري الدولي- مصر، بالمقارنة بنحو 16.05 جنيه للشراء 16.15 جنيها للبيع، في بنوك الأهلي المصري، ومصر، ونحو 16.04 جنيه للشراء، 16.14 جنيها للبيع في البنك التجاري الدولي- مصر، في 23 نوفمبر 2019. وأشادت صحيفة انفيستيراوجي الإيطالية بنمو الاقتصاد المصري في ظل أزمة كورونا، مؤكدة أن مصر تستعيد ثقة الأسواق منذ أن قررت حكومتها فى عام 2016 قبول خطة المساعدة المالية من صندوق النقد الدولى، ويقدم قروضا منخفضة الفائدة مقابل الإصلاحات، وكان تحرير سعر الصرف هو أول إصلاح أطلقته القاهرة قبل 4 سنوات لتجنب أن ينتهى الأمر مثل فنزويلا. وأشارت الصحيفة إلى أن تركيا اضطرت إلى رفع أسعار الفائدة بمقدار 475 نقطة أساس إلى 15% من أجل عدم إحداث اضطراب في السوق لعدد لا يحصر ومنع إلغاء الارتفاع الأخير في سعر الصرف، وتخسر الليرة حوالي 22% مقابل الدولار هذا العام، لكن هذا لم يكن مصيرا لجميع العملات، فعلى سبيل المثال، الجنيه المصري يمكنه أن يفخر بعد ارتفاعه 3% مقابل العملة الأمريكية. بينما فقدت الليرة التركية أمام الدولار أكثر من 30.3% من قيمتها منذ مطلع 2020، ليصبح العام الجاري هو الأسوأ في تاريخ العملة التركية، وتأتي بين أسوأ العملات أداء في العالم. وأشاد صندوق النقد الدولي، بالسياسة النقدية التي ينفذها البنك المركزي المصري، واصفا أياها أنها لا تزال تتسم بطابع تيسيري ملائم. ورحب صندوق النقد بقيام البنك المركزي المصري، بتخفيض أسعار الفائدة بنسبة 1% والتي أجراها البنك المركزي، مؤخرا لزيادة دعم التعافي الاقتصادي في سياق معدلات التضخم المنخفضة. وأوضح صندوق النقد الدولي، أن السياسة المالية تركز بشكل ملائم في السنة المالية 2020/2021 على دعم الأولويات العاجلة لقطاع الصحة، وحماية الفئات الأكثر تعرضا للمخاطر، ودعم القطاعات المتأثرة بالجائحة ومع ذلك تستهدف السلطات تحقيق فائض أولى لا يقل عن 0.5 % من الناتج خلال العام الحالي. ولفت إلى أنه لتخفيض الدين العام ودعم استدامة المالية العامة، فإن عودة الحكومة لتحقيق فائض أولي بنسبة 2 % من إجمالي الناتج المحلي سيكون هام وضروري وذلك فور استقرار التعافي الاقتصادي، مشيرًا إلي أنه في خطوة جديرة بالترحيب نحو زيادة الشفافية، فقد تم مؤخرا نشر البيانات الخاصة بعقود المناقصات الفائزة المرتبطة بالإنفاق الموجه لأغراض جائحة كوفيد-19؛ ويشجع فريق الصندوق على استمرارية نشر وتحديث البيانات ذات الصلة. وقال صندوق النقد الدولي، إن الاقتصاد المصري، حقق أداء أفضل من المتوقع بالرغم من جائحة كورونا، بفضل حزمة الإجراءات التنشيطية السريعة والشاملة والمتوازنة التي اتخذتها الحكومة، واستجابة السياسة النقدية، ومبادرات القطاع المالي الموجهة للقطاعات والفئات المتضررة، والطلب الذي قدمته مصر للصندوق في الوقت المناسب للحصول على تمويل من خلال أداة التمويل السريع واتفاق الاستعداد الائتماني بقيمة 8 مليارات دولار تقريبا. وأشار صندوق النقد، إلى أن الإجراءات الاحتوائية التي اتخذتها السلطات وإدارتها الرشيدة للأزمة والتنفيذ المتقن للبرنامج الإصلاحي المصري قد ساهمت في الحد من آثار الأزمة. واستكمل فريق من خبراء صندوق النقد الدولي بقيادة أوما راماكريشنان بعثة تمت عبر منصة إلكترونية في الفترة من 4 إلى 15 نوفمبر 2020 لمناقشة آخر التطورات الاقتصادية وأولويات السياسات الاقتصادية في سياق المراجعة الأولىلأداء البرنامج الاقتصادي المصري الذي يدعمه الصندوق باتفاق للاستعداد الائتماني البالغ مدته 12 شهرا داخل مصر. وأعلن صندوق النقد الدولي، عن توصل خبراء الصندوق، إلى اتفاق على مستوى الخبراء حول مراجعة الأداء الأولى في ظل اتفاق الاستعداد الائتماني البالغة مدته 12 شهرا. وأشار صندوق النقد إلى توصل فريق من خبراء الصندوق بقيادة أوما راماكريشنان مع السلطات المصرية إلى اتفاق على مستوى الخبراء بشأن المراجعة الأولى لأداء البرنامج الاقتصادي المصري الذي يدعمه الصندوق في إطار اتفاق للاستعداد الائتماني بقيمة 5.2 مليار دولار أمريكي. وأضاف صندوق النقد: يخضع هذا الاتفاق لموافقة المجلس التنفيذي للصندوق، وهو ما سيتم خلال الأسابيع القادمة، وعند صدور الموافقة، سيتاح لمصر مبلغ إضافي قدره 1.16 مليار وحدة حقوق سحب خاصة (حوالي 1.6 مليار دولار أمريكي). ومنحت الإصلاحات الاقتصادية والهيكلية المنفذة منذ نوفمبر 2016، الجنيه المصري، درجة من المرونة والمقاومة ليتمكن من مواجهة الصدمات والتكيف مع الأزمات والتعافي من آثارها السلبية، وهو الأمر الذي كان له مردود إيجابي على نظرة المؤسسات الدولية لأداء الجنيه أمام الدولار، والتوقعات بقدرته على التحسن، وذلك بعد التعافي الذي شهدته إيرادات مصر من النقد الأجنبي. ورصد تقرير لوكالة فيتش، معدل تغير أداء عملات الأسواق الناشئة أمام الدولار، حيث تحسن أداء الجنيه المصري بنسبة 4.9% أمام الدولار، وذلك حتى أغسطس من عام 2020، مقارنة بعام 2019، محتلاً بذلك المركز الثاني بعد الفلبين التي احتلت المركز الأول بمعدل تحسن 6.1%، بينما تراجعت العملة التركية «الليرة» بنسبة 30.3%. أقرأ أيضًا: العملة المصرية VS التركية.. الليرة تسقط في الهاوية والجنيه يصعد للقمة وأبرز التقرير معدل تغير أداء عملات الأسواق الناشئة أمام الدولار عام 2021، والتي من المتوقع أن يتحسن فيها أداء الجنيه بمعدل 2.3% أمام الدولار، ليحتل المركز الثاني بعد تايوان التي من المتوقع أن تحتل المركز الأول بمعدل تحسن 4%، بينما أوضح التقرير العملات التي من المتوقع أن يتراجع أداؤها أمام الدولار، لتأتي في مقدمتها عملة أوكرانيا بنسبة تراجع 0.6%، تليها عملة ماليزيا بنسبة تراجع بلغت 1.4%، وعملة تركيا بنسبة تراجع 28.7%.