«مش عاوزين نخلق سوق سوداء»، بهذه الكلمات عقب الدكتور إيهاب سراج، مدير بنوك الدم القومية في سؤاله عن بيع بلازما الدم المتعافين من فيروس كورونا، مضيفا أن هناك شروطًا معينة يجب أن تنطبق على المتعافي من كورونا الذي يصلح للتبرع ببلازما دمه، وكذلك على المريض الذي يريد العلاج بالبلازما. وأكد «سراج»، في تصريحات له، على ضرورة تبرع المتعافين بالبلازما من خلال الطرق الشرعية عبر خدمات بنوك نقل الدم القومية، لضمان صرف البلازما للمحتاجين بطريقة صحية وآمنة، على يتم صرف البلازما لأقارب المتعافي من الدرجة الأولى بصورة فورية. وفي هذا السياق، قال مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، إن تبرع المُتعافين من فيروس كورونا المستجد بالبلازما أمر واجب، موضحا أن الامتناع عنه بغير عذرٍ لا يجوز شرعًا ويأثم المُمتنع. وتابع: "إنَّ استجابة المُتعافين لهذه الدَّعوة واجبٌ كفائيٌ إنْ حصل ببعضهم الكفاية، وبرئت ذمتهم، وإنْ لم تحصل الكفاية إلَّا بهم جميعًا تعيَّن التَّبرع بالدم على كل واحد منهم وصار في حقِّه واجبًا ما لم يمنعه عذر، وإنْ امتنع الجميع أَثِم الجميع شرعًا؛ وذلك لِمَا في التَّبرع من سعي في إحياء الأنفس". وشدد الأزهر للفتوى، على أن بيع المتعافي من كورونا بلازما دَمِه حرامٌ شرعًا؛ وسلوك لا ينبغي أنْ يتعامل به مريضُ الأمس مع مريضِ اليوم، موضحا أنْ يبيع المُتعافي بلازما دمهِ مُستغلًا الجائحة فلا يجوز شرعًا، إذ إن جسد الإنسان بما حواه من لحمٍ ودَمٍ ملك للخالق سُبحانه لا ملك للعبد، ولا يحق لأحد أن يبيع ما لا يملك. وأكمل أنَّ ثمن الدَّم حرام لا يجوز؛ لأن الشيء إذا حُرّم أكله حُرّم بيعه وثمنه، قال سُبحانه: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلَامِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ} [المائدة: 3]. كما أكد على أنه لا يجوز قِياس بيع بلازما المُتعافين على بنوك الدّم؛ لأن وجود بنوك الدّم ضروري للتداوي والعلاج، أما بيع المتعافي بلازما دمه فإتجار محرَّم مُتَّفَق على تحريمه. وأضاف أن العافية هي خير النّعم على الإطلاق بعد الإيمان بالله سُبحانه؛ فعن رفاعة بن رافع قال: قام أبوبكر الصدِّيق على المنبر ثمَّ بكى فقال: قام فينا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عامَ الأوَّل على المنبر ثمَّ بكى فقال: "سَلوا اللهَ العَفْوَ والعَافِيَةَ، فإنَّ أحدًا لمْ يُعْطَ بعدَ اليَقِينِ خيرًا مِنَ العَافِيَةِ" [أخرجه الترمذي]. ومن ناحيتها، أكدت دار الإفتاء، أنَّ أخذ "بلازما الدم" مِن المتعافين من فيروس كورونا المستجد للمساعدة في علاج المرضى الحاملين له؛ هو أمرٌ جائزٌ شرعًا، ولا حرج فيه، ويُعَدُّ ذلك من المسئولية المجتمعية التي تقع على كاهل المتعافين من هذا الفيروس، ويثاب الشخص على ذلك. وأوضحت الدار في أحدث فتاواها أن أخذ "البلازما" من المتعافين للمشاركة في حَقْن المصابين هو مِن باب إحياء النَّفْسِ الوارد في قوله تعالى: ﴿وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النّاسَ جَمِيعًا﴾. واعتبرت دار الإفتاء، في فتواها، أن مشاركة المتعافين من الفيروس لحقن المصابين هو واجب وطني يَدُلُّ على إنسانية صاحبه ومروءته؛ ويثاب الشخص على ذلك، بل يتَعيَّن القول بوجوب مشاركة المتعافين من ب"بلازما الدم" الخاصة بهم للمشاركة في حَقْن المصابين بهذا الفيروس؛ خاصة مع الاحتياج الطبي للحالات الحرجة.