بقلم/ د. القس أندريه زكى اسطفانوس يحمل مجتمعنا البشرى علامات حروب وصراعات تغذى الكراهية والعنف، وقد حدث فى الآونة الأخيرة تغيُّرات عدة فانتشرت الجريمة وهذا الوضع لا يعبر إلا عن تفشى الشر فى المجتمعات البشرية. وقبل ألفى عام مضت كان المجتمع على نفس الشر؛ فقد نعتهم مرة السيد المسيح ب «الجيل الشرير». وهذا بالطبع بجانب شر المستعمر الرومانى الذى استشرى فى استعباد الشعب وممارسة أشد مظاهر العنف ضده. هذا الشر المتبادل جعل الأمر يزداد سوءًا. لكن الغريب أن وسط كل هذا الشر تظهر الملائكة فى ليلة ميلاد السيد المسيح لرعاة متبدين يحرسون أغنامهم فى ليل بيت لحم القارص لتعلن لهم ولكل العالم رسالة السلام قائلة: «الْمَجْدُ للهِ فِى الأَعَالِي، وَعَلَى الأَرْضِ السَّلاَمُ، وَبِالنَّاسِ الْمَسَرَّةُ». وقد قال نبى الله زكريا عن السيد المسيح بروح النبوة أن المسيح جاء «لِيُضِيءَ عَلَى الْجَالِسِينَ فِى الظُّلْمَةِ وَظِلاَلِ الْمَوْتِ، لِكَيْ يَهْدِيَ أَقْدَامَنَا فِى طَرِيقِ السَّلاَمِ» كان اليهود آنذاك يرون أن المسيح سيأتى فقط ليخلصهم هم، وأن وعود العهد القديم حصرية عليهم، كما كان اليهود آنذاك يحقرون من كل مختلف عنهم، لكن رسالة المسيح كانت عكس ذلك تمامًا، فرسالة المسيح والتى بدأت وتمثلت فى ميلاده هى رسالة كونية، غير محصورة على جماعة بعينها. هى رسالة أن الله يحب الجميع، مهما كان شره. الميلاد فى مضمونه العميق هو رسالة المساواة بين الجميع والقبول. وفيما بعد، فى حياة السيد المسيح وضحت هذه المفاهيم، إذ كان يذهب يسوع بين الخطاة المنبوذين، والعشارين المكروهين من الجميع، بل وكان يأكل معهم وهنا أدانه علماء اليهود قائلين: ««لِمَاذَا يَأْكُلُ مُعَلِّمُكُمْ مَعَ الْعَشَّارِينَ وَالْخُطَاةِ؟» فَلَمَّا سَمِعَ يَسُوعُ قَالَ لَهُمْ: «لاَ يَحْتَاجُ الأَصِحَّاءُ إِلَى طَبِيبٍ بَلِ الْمَرْضَى. فَاذْهَبُوا وَتَعَلَّمُوا مَا هُوَ: إِنِّى أُرِيدُ رَحْمَةً لاَ ذَبِيحَةً، لأَنِّى لَمْ آتِ لأَدْعُوَ أَبْرَارًا بَلْ خُطَاةً إِلَى التَّوْبَةِ». هل فكرنا من قبل فى مضمون هذه الكلمات، يقول السيد أن ما يريده الله منَّا ليس أعمالًا صالحة جوفاء، وليس كلمات معسولة على الشفاه، ما يريده الله منا ليس إلا «الرحمة»، الرحمة بمفهومها الواسع. فالميلاد يذكرنا أن الله يحب جميع البشر حتى السيئ منهم وأن حبه غير مشروط وبلا مقابل. وعلينا نحن أيضًا ونحن نحتفل بالميلاد أن نتعلم هذا الدرس القيم. الميلاد أيضًا يعلمنا التواضع، لكن إن نظرنا للعالم حولنا سنجد أن الكبرياء متفشى ممّا يعزّز الرغبة فى الاستحواذ وفى الهيمنة وهكذا فإن الحرب التى تحدث فى العالم تولد أولًا فى قلب الإنسان، من الأنانية والكبرياء - رئيس الطائفة الإنجيلية بمصر