«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ميلاد المسيح رسالة دافئة في ليلة باردة
نشر في القاهرة يوم 05 - 01 - 2010


ميلاد بتولي
ويضيف قداسته " مع هؤلاء. عاشت القديسة العذراء أطهر امرأة في الوجود، والتي استحقت أن روح الله يحل عليها. وقوة العلي تظللها. والتي بشرها بميلاد ابنها : الملاك جبرائيل. وكانت الوحيدة في العالم التي ولدت ميلاداً بتولياً. بمعجزة لم تحدث من قبل. ولم تتكرر فيما بعد.. كل أولئك كانوا موجودين في عصر واحد. هو وقت ميلاد المسيح.. وجود أولئك القديسين في ذلك العصر المظلم يعطي رجاء بأن روح الله يعمل حتي في العصر الخاطئ المبتعد عنه.. إن الفساد السائد في ذلك الزمن. لم يكن عقبة تمنع وجود اولئك الأبرار فيه. كما أن فساد سادوم من قبل. لم يمنع وجود رجل بار هو لوط. وفي كل جيل فاسد يستحق طوفاناً ليغرقه. لابد من وجود انسان بار مثل نوح ليشهد للرب فيه. فالله لا يترك نفسه بلا شاهد.. وهكذا كان العصر الذي ولد فيه المسيح. كان روح الله يعمل - وبخاصة وسط مختاريه - لكي يمنحهم حياة النصرة علي ذلك الجو. ولكي يقيمهم شهودا له. فاستحقوا أن يروا ملائكة. وأن يتسلموا رسالات إلهية..
إنه تأمل روحي بديع لراهب ناسك وقراءة غير مسبوقة لحدث وزمن وشخوص زمن ميلاد السيد المسيح.. ويضيف قداسته واصفاً الحدث بأنه مناسبة فرح " فرح الملائكة بميلاده. وانشدوا نشيدهم الخالد " المجد لله في الأعالي. وعلي الأرض السلام. وفي الناس المسرة ".. ودَعوا الرعاة أيضاً للاشتراك معهم في الفرح. لأنه فرح لجميع الشعب. والعذراء فرحت. وعائلة زكريا الكاهن فرحت. ومازال العالم يفرح أنه فرح ببدء عهد جديد. تظهر فيه مبادئ جديدة وقيم سامية عالية يقدمها السيد المسيح للعالم.. وظهرت في عظته الشهيرة علي الجبل. وفي سائر عظاته وتعاليمه. وفيما أودعه في قلوب تلاميذه من تعليم.. "
وفي تأمل آخر جميل يقول البطريرك صفير في رسالته لتهنئة الشعب في ذكري الميلاد " إن هذا النجم الذي رآه المجوس ليدلهم علي مكان ميلاد السيد المسيح هو الضمير الذي يهدي الناس في سبيل الخير والصلاح. وقد وصفه المجمع المسكوني الفاتيكاني الثاني بقوله " إن الله كمخلص يريد أن يقود كل الناس إلي الخلاص " ويضيف البطريرك " أجل تبقي للأعياد بهجتها، وبخاصة الأعياد الدينية التي ترفع العقول والقلوب اليه تعالي لنكتشف إرادته فينا لنعمل بها طائعين. ونكتشف ارادة الله فينا، عندما نفسح له في المجال لاسماع صوته الينا، وعندما نخنق فينا المطامع الدنيوية لنرهف السمع اليه تعالي، علي ما يقول الكتاب مخاطبا النفس " أنذا أتملقها وآتي بها الي البرية وأخاطب قلبها"..
ذكري الميلاد
إنه السيد المسيح الذي يحتفل العالم هذه الأيام بذكري ميلاده، والذي كُتب عن مجيئه إلي العالم في العهد القديم ( سفر دانيال 24 27:9 ) " قد صدر القضاء أن يمضي سبعون أسبوعاً علي شعبك وعلي مدينة قدسك، للانتهاء من المعصية والقضاء علي الخطيئة، وللتكفير عن الإثم، ولإشاعة البر الأبدي وختم الرؤساء والنبوءة ولمسح قدوس القدوسين، لهذا فاعلم وافهم أن الحقبة الممتدة منذ صدور الأمر بإعادة بناء أورشليم إلي مجيء المسيح.. " وكما جاء في الكتاب علي لسان النبي ( ميخا 4 2:5) " وأنت يا بيت لحم بأرض يهوذا، لست صغيرة الشأن أبداً بين حكام يهوذا، لأنه منك يطلع الحاكم الذي يرعي شعبي إسرائيل!".. وفي إنجيل متي يصف الكتاب المقدس حدث الميلاد " أما ولادة يسوع المسيح فكانت هكذا : لما كانت مريم أمه مخطوبة ليوسف، قبل أن يجتمعا، وُجدت حُبلي من الروح القدس، فيوسف رجلها إذ كان باراً، ولم يشأ أن يشهرها، أراد تخليتها سراً، ولكن فيما هو متفكر في هذه الأمور، إذ ملاك الرب قد ظهر له في حلم قائلاً : يا يوسف بن داود، لا تخف أن تأخذ مريم امرأتك، لأن الذي حُبل به فيها هو من الروح القدس، فستلد ابناً وتدعو اسمه يسوع، لأنه يخلص شعبه من خطاياهم.. وهذا كله كان لكي يتم ما قيل من الرب بالنبي القائل : هوذا العذراء تحبل وتلد ابناً، ويدعون اسمه عمانوئيل الذي تفسيره الله معنا.. فلما استيقظ يوسف من النوم فعل كما أمره ملاك الرب، وأخذ امرأته، ولم يعرفها حتي ولدت ابنها البكر، ودعا اسمه يسوع "..
يقول الفريد أدرشيم أستاذ علم اللاهوت الراحل معقباً علي أحداث البشارة بميلاد السيد المسيح " كان يوسف ومريم كلاهما من سلالة داود الملكية، ومن المرجح جداً أن لحمة من القرابة كانت تربطهما معاً، وكانت مريم في الوقت نفسه من سلالة كهنوتية لأن قرابة من ناحية الأم كانت تربطها بأليصابات زوجة الكاهن زكريا، علي أنهما كانا فقيرين في وقت خطبتهما، وهذا نستخلصه لا من صناعته كنجار لأن الصناعة كادت تكون من الواجبات الدينية المفروضة علي كل يهودي بل من واقعة تقديمهما فرخي حمام عند إهداء يسوع للهيكل، فإن هذه كانت تقدمة الفقراء، لذلك لابد أن كانت خطبتهما علي أبسط وضع، والمهر المعين علي أقل قدر، وجرت الخطبة علي إحدي طريقتين بمحضر شهود : إما بطريقة الإقرار الشفوي في عبارة مقررة مقترناً بإهداء قطعة من النقود مهما صغرت أو متاع يقوّم بمبلغ من المال، وإما بطريقة الإقرار الكتابي، وفي حالة أسرة فقيرة كهذه كان يعقب الخطبة نص خاص للبركة أشبه بما أُتبع من بعد : مبارك أنت أيها الرب إلهنا، ملك العالمين، يا من قدَّسنا بوصاياه، وحرم بين الخطيبين ما أجازه للمتزوجين، مبارك أنت يا من قدست إسرائيل بالزواج والخطبة..
كرامة الناس
لقد واجه السيد المسيح بحسم كل القوانين والنواميس والأعراف التي تنال من حريات وكرامة الناس، بل وجاهد وقاوم من تاجروا بالمعتقدات التي تحيل البشر إلي مجرد أدوات، وفي مواجهة للمتطرفين من رجال الدين اليهودي وأهل الناموس الذين أصروا علي سبيل المثال علي عدم العمل يوم السبت حتي لو كان لشفاء مريض فكان السيد المسيح يكسر هذه القواعد البالية قائلاً إن السبت جُعل لأجل الإنسان وليس الإنسان لأجل السبت، ويدافع عن المرأة التي كان يمكن طلاقها لأتفه الأسباب في ذلك الحين، ووصلت درجة كراهية الجنس الناعم إلي حد أن يقف الرجال اليهود ليصلوا شاكرين أن ربهم خلقهم رجالاً..
لقد جاءت رسالة السيد المسيح حافلة ومتعددة الأهداف النبيلة لتجديد حياة الناس.. واليوم ومع اقتراب ميلاد عام 2009 نتذكر ما كان يؤكد عليه العالم الناسك الراهب الأب متي المسكين في مقالاته التي نُشرت في مطلع الستينات للتعريف بالرسالة الأولي للسيد المسيح وأنه جاء من أجل الخطاة ( لم آت لأدعو أبراراً بل خطاة إلي التوبة )، وأن غاية الرسالة دخول ملكوت السموات، وتحقيق تلك الغاية يكون عبر المناداة الحرة للتوبة لتجديد الإنسان..
إن هذا الإيجاز المهم والمعبر عن رسالة المسيحية هو ما يثير الآن شجون من أسموهم أهل الناموس الجدد بالخوارج والهاموش.. لا لشيء سوي لسعيهم الصادق للعودة لروحانية الرسالة التي يجب أن توجهها الكنيسة لشعبها وأيضاً للمجتمع المحلي، وفي الخارج عبر كنائسنا المصرية في كل بقاع العالم..
يصف الكاتب الكبير عباس محمود العقاد في كتابه " عبقرية المسيح " العصر والمجتمع الذي جاء فيه السيد المسيح.. " لقد تحجر نظام المجتمع فأصبح أشكالاً ومراسم خلواً من المعني والغاية، وتحجرت معه الشرائع والقوانين، فلم يكن غريباً أن تنقش علي حجارة وأن يرتفع ميزانها في يدي عدالة معصوبة العينين، وأن تفرغ الكفتان فتستويان لأنهما فارغتان!"..
ويضيف في موقع آخر " لقد تحجرت العقائد الوثنية في الدولة الرومانية وتحجرت العقائد الكتابية بين بني إسرائيل فأصبح فرق الشعرة بين النصين يقيم الحرب الحامية علي قدم وساق، وأصبحت التقوي علماً بالنصوص وبحثاً عن مراسم الشريعة، وغلب " المظهر " علي المتشبثين بالنصوص والمتصرفين فيها، فلا خلاف بينهم في طلب المظهر وإن اختلفوا علي اللفظ والتأويل.. أشكالاً وقشورًا، ولا جوهر هناك ولا لباب ثم اقترب العقاد من واقع الناس في تلك المرحلة قائلاً " لقد عاش الناس دنيا آفتها مظاهر الترف ومظاهر العقيدة، ومن وراء ذلك باطن هواء، وضمير خواء، فلا جرم يكون خلاصها في عقيدة لا تؤمن بشيء كما تؤمن ببساطة الضمير، ولا تعرض عن شيء كما تعرض المظاهر، ولا تضيق بخلاف ما تضيق بالخلاف علي النصوص والحروف وفوارق الشعرة بين هذا التأويل وذلك التحليل.. لقد أتت المسيحية بعقيدة قوامها أن الإنسان خاسر إذا ملك العالم بأسره وفقد نفسه، وأن ملكوت السموات في الضمير، وليس في القصور والعروش، والمرء بما يضمره ويفكر فيه، وليس بما يأكله وما يشربه وما يقيمه من صروح المعابد والمحاريب..
التقاء فكري وتحليل عبقري
إن هذا الالتقاء الفكري والتحليلي لعبقرية السيد المسيح وأهمية رسالته من جانب مفكرين بحجم الأب متي المسكين وكاتبنا الكبير عباس محمود العقاد يمكن أن نهدي فحواه للمعنيين بأمور كنيستنا المصرية من مطارنة وكهنة وأيضاً من الكتبة حملة المباخر الذين يظنون أن التوقف عند سلبيات الأداء الكنسي حالياً وتراجع الدور الداعم للإيمان والروحانيات لدي الناس يعد خروجاً عن حدود اللياقة وعدم التزام الطاعة الواجبة للكنيسة وتعاليم الكتاب المقدس ووصايا الآباء الأوائل..
يقول الراهب القبطي الأرثوذكسي القس أغاثون عن السيد المسيح أنه كان عظيماً وقوياً في تواضعه ويضيف " كثيرون منا نحن البشر يحبون بهرجه الترحيب والضجيج وكثرة التحيات والاحتفاء بهم في دخولهم وخروجهم لان فاعلية ميلاد المسيح لم تغيرهم بعد، أو قل لان المسيح لم يولد في قلوبهم بعد. ولو ان شخصا كان مسافرا إلي مكان ما لارسل الرسائل والاعلانات ليستقبله الاحباء والأصدقاء والأقارب والمعارف والمريدون، وربما يستاء اذا قصر أحد في انتظاره أو في استقباله..
أما السيد المسيح فدخل الي العالم في صمت وبطريقة هادئة بسيطة، بنكران عجيب للذات، وأول من استقبله جماعة من الرعاة الفقراء والبسطاء ثم بعد ذلك المجوس الذين اتوا من اقاصي الارض علي هدي نجم لا يراه احد غيرهم..
ولد المسيح من ام فقيرة يتيمة بسيطة، لم تكن تجد من يعولها من البشر فاعانها وعالها الله بنفسه في الهيكل، ولما كبرت مريم أمه عهد بها الكهنة الي يوسف النجار العجوز الذي اضناه السن وانهكته الشيخوخة ليكون حارسا لها فقط ( خطيبا لها ) وحارسا لسر الميلاد البتولي..
ولد في قرية هي الصغري بين رؤساء يهوذا ( مت 6 :2) وسكن في الناصرة التي يعجب الناس ان أمكن يخرج منها شيء صالح ( يو 46:1) ودعي ناصريا : ولد في مزود للبهائم ولم يولد في قصر ملك ولكنه جعل هذا المزود يأتيه الاباطرة والملوك من مشارق الشمس ومغاربها ليتباركوا منه فالعظمة والمجد لا تاتي من المكان الذي يجلس فيه الانسان ولكن الانسان هو الذي يمجد المكان والعظمة الحقيقية تنبع من الداخل..
عاش ضعف الطفولة كرضيع واحتاج الي رعاية ام وهو راعي الرعاة! احتاج الي امراة تحمله علي يديها وتعطيه لياكل ويشرب في تواضع عجيب واخلاء للذات هرب من وجه هيرودوس ، ملك اليهود الذي كان يريد ان يقتله .. هرب مثل سائر البشر الذين يهربون من الضيق وجاء الي مصر وعاش فيها سنوات ولم يرجع الا بعد سنوات..
ثلاثون عامًا
عاش ثلاثين سنة مجهولاً.. عاش فيها دون ان يلتفت اليه أحد ولا يعرف أحد عنه شيئا بينما تلك السنوات الثلاثون هي فتره الشباب والقوة التي يهتم فيها كل واحد بذاته ويرغب فيها كل رجل ان يظهر ذاته ويعمل عملاً يمجده الناس، وهو الذي قال يوما مجدا من الناس لست أقبل ( يو 41:5)..
لم يأت ليخدم بل ليخدم ، لم يكن رئيساً ولا سيداً متسلطاً علي تلاميذه وأتباعه وقال لهم: لا أعود أسميكم عبيداً .. ولكني سميتكم أحباء ( يو 15:15). كانت تربطه بتلاميذه والناس رابطة حب لا رابطة رئاسه، إن البشر هم الذين يستهويهم حب الرئاسة والسلطة، اما مسيحنا العظيم في تواضعه فكان يطلب قلوب الناس لاخضوعهم وانحناءهم حسب الظاهر، يطلب حبهم لا تذللهم، ولم يقم نفسه رئيساً للناس بل صديقاً يتودد للضعفاء والفقراء والذين هم في مرتبة أقل ليرفعهم. في تواضعه العجيب وهو البار وبلا خطيئة تحنن علي الخطاة وجلس بجوارهم وحادثهم ليردهم لحضن الله ابرارا مطهرين لذلك لقبوه بأنه محب للخطاة والعشارين ( لو34:7 )..
اختلاف
وعن الاختلاف حول موعد الاحتفال بعيد الميلاد يقول الأنبا إبرآم أسقف الفيوم :يحتفل الأقباط بعيد الميلاد يوم 29 كيهك حسب التقويم القبطي. وكان هذا اليوم يوافق 25 ديسمبر من كل عام حسب التقويم الروماني الذي سمي بعد ذلك بالميلادي، ولقد تحدد عيد ميلاد المسيح يوم 29 كيهك الموافق 25 ديسمبر وذلك في مجمع نيقية عام 325م حيث يكون عيد ميلاد المسيح في أطول ليلة وأقصر نهارًا (فلكياً) والتي يبدأ بعدها الليل القصير والنهار في الزيادة , إذ بميلاد المسيح (نور العالم) يبدأ الليل في النقصان والنهار (النور) في الزيادة. هذا ما قاله القديس يوحنا المعمدان عن السيد المسيح "ينبغي أن ذلك (المسيح أو النور) يزيد وإني أنا أنقص" (يو30:3). ولذلك يقع عيد ميلاد يوحنا المعمدان (المولود قبل الميلاد الجسدي للسيد المسيح بستة شهور) في 25 يونيو وهو أطول نهارًا وأقصر ليلاً يبدأ بعدها النهار في النقصان والليل في الزيادة.
لكن في عام 1582م أيام البابا جريجوري بابا روما، لاحظ العلماء أن يوم 25 ديسمبر (عيد الميلاد) ليس في موضعه أي أنه لا يقع في أطول ليلة وأقصر نهار، بل وجدوا الفرق عشرة أيام. أي يجب تقديم 25 ديسمبر بمقدار عشرة أيام حتي يقع في أطول ليل وأقصر نهار، وعرف العلماء أن سبب ذلك هو الخطأ في حساب طول السنة (السنة= دورة كاملة للأرض حول الشمس) إذ كانت السنة في التقويم اليولياني تحسب علي أنها 365 يومًا و 6 ساعات. ولكن العلماء لاحظوا أن الأرض تكمل دورتها حول الشمس مرة كل 365 يومًا و5 ساعات و48 دقيقة و46 ثانية أي أقل من طول السنة السابق حسابها (حسب التقويم اليولياني) بفارق 11 دقيقة و14 ثانية ومجموع هذا الفرق منذ مجمع نيقية عام 325م حتي عام 1582 كان حوالي عشرة أيام، فأمر البابا جريجوري بحذف عشرة أيام من التقويم الميلادي (اليولياني) حتي يقع 25 ديسمبر في موقعه كما كان أيام مجمع نيقية، وسمي هذا التعديل بالتقويم الجريجوري, إذ أصبح يوم 5 أكتوبر 1582 هو يوم 15 أكتوبر في جميع أنحاء إيطاليا. ووضع البابا جريجوريوس قاعدة تضمن وقوع عيد الميلاد (25 ديسمبر) في موقعه الفلكي (أطول ليلة و أقصر نهارًا) وذلك بحذف ثلاثة أيام كل 400 سنة (لأن تجميع فرق ال11 دقيقة و 14 ثانية يساوي ثلاثة أيام كل حوالي 400 سنة)، ثم بدأت بعد ذلك بقية دول أوروبا تعمل بهذا التعديل الذي وصل إلي حوالي 13 يومًا. ولكن لم يعمل بهذا التعديل في مصر إلا بعد دخول الإنجليز إليها في أوائل القرن الماضي (13 يوما من التقويم الميلادي) فأصبح 11 أغسطس هو 24 أغسطس. وفي تلك السنة أصبح 29 كيهك (عيد الميلاد) يوافق يوم 7 يناير (بدلا من 25 ديسمبر كما كان قبل دخول الإنجليز إلي مصر أي قبل طرح هذا الفرق) لأن هذا الفرق 13 يوما لم يطرح من التقويم القبطي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.