رئيس ضمان جودة التعليم: الجامعات التكنولوجية ركيزة جديدة فى تنمية المجتمع    إتاحة الاستعلام عن نتيجة امتحان المتقدمين لوظيفة عامل بالأوقاف لعام 2023    قطع المياه عن نجع حمادي.. وشركة المياه توجه رسالة هامة للمواطنين    الحكومة: نرصد ردود فعل المواطنين على رفع سعر الخبز.. ولامسنا تفهما من البعض    «حماس» تصدر بيانًا رسميًا ترد به على خطاب بايدن.. «ننظر بإيجابية»    محامي الشحات: هذه هي الخطوة المقبلة.. ولا صحة لإيقاف اللاعب عن المشاركة مع الأهلي    رونالدو يدخل في نوبة بكاء عقب خسارة كأس الملك| فيديو    أحمد فتوح: تمنيت فوز الاهلي بدوري أبطال أفريقيا من للثأر في السوبر الأفريقي"    هل يصمد نجم برشلونة أمام عروض الدوري السعودي ؟    حسام عبدالمجيد: فرجانى ساسى سبب اسم "ماتيب" وفيريرا الأب الروحى لى    هل الحكم على الشحات في قضية الشيبي ينهي مسيرته الكروية؟.. ناقد رياضي يوضح    محامي الشحات: الاستئناف على الحكم الأسبوع المقبل.. وما يحدث في المستقبل سنفعله أولًا    مصارعة - كيشو غاضبا: لم أحصل على مستحقات الأولمبياد الماضي.. من يرضى بذلك؟    اليوم.. بدء التقديم لرياض الأطفال والصف الأول الابتدائي على مستوى الجمهورية    32 لجنة بكفر الشيخ تستقبل 9 آلاف و948 طالبا وطالبة بالشهادة الثانوية الأزهرية    استمرار الموجة الحارة.. تعرف على درجة الحرارة المتوقعة اليوم السبت    اعرف ترتيب المواد.. جدول امتحانات الشهادة الثانوية الأزهرية    صحة قنا تحذر من تناول سمكة الأرنب السامة    أحمد عبد الوهاب وأحمد غزي يفوزان بجائزة أفضل ممثل مساعد وصاعد عن الحشاشين من إنرجي    دانا حلبي تكشف عن حقيقة زواجها من محمد رجب    الرئيس الأمريكي: إسرائيل تريد ضمان عدم قدرة حماس على تنفيذ أى هجوم آخر    "هالة" تطلب خلع زوجها المدرس: "الكراسة كشفت خيانته مع الجاره"    حدث بالفن| طلاق نيللي كريم وهشام عاشور وبكاء محمود الليثي وحقيقة انفصال وفاء الكيلاني    أبرزهم «إياد نصار وهدى الإتربي».. نجوم الفن يتوافدون على حفل كأس إنرجي للدراما    مراسل القاهرة الإخبارية من خان يونس: الشارع الفلسطينى يراهن على موقف الفصائل    عباس أبو الحسن يرد على رفضه سداد فواتير المستشفى لعلاج مصابة بحادث سيارته    "صحة الإسماعيلية" تختتم دورة تدريبية للتعريف بعلم اقتصاديات الدواء    ثواب عشر ذي الحجة.. صيام وزكاة وأعمال صالحة وأجر من الله    أسعار شرائح الكهرباء 2024.. وموعد وقف العمل بخطة تخفيف الأحمال في مصر    العثور على جثة سائق ببورسعيد    الأمين العام لحلف الناتو: بوتين يهدد فقط    سر تفقد وزير الرى ومحافظ السويس كوبرى السنوسي بعد إزالته    نقيب الإعلاميين: الإعلام المصري شكل فكر ووجدان إمتد تأثيره للبلاد العربية والإفريقية    كيف رفع سفاح التجمع تأثير "الآيس" في أجساد ضحاياه؟    "حجية السنة النبوية" ندوة تثقيفية بنادى النيابة الإدارية    ضبط متهمين اثنين بالتنقيب عن الآثار في سوهاج    «الصحة»: المبادرات الرئاسية قدمت خدماتها ل39 مليون سيدة وفتاة ضمن «100 مليون صحة»    وكيل الصحة بمطروح يتفقد ختام المعسكر الثقافى الرياضى لتلاميذ المدارس    وصايا مهمة من خطيب المسجد النبوي للحجاج والمعتمرين: لا تتبركوا بجدار أو باب ولا منبر ولا محراب    الكنيسة تحتفل بعيد دخول العائلة المقدسة أرض مصر    للحصول على معاش المتوفي.. المفتي: عدم توثيق الأرملة لزواجها الجديد أكل للأموال بالباطل    القاهرة الإخبارية: قوات الاحتلال تقتحم عددا من المدن في الضفة الغربية    «القاهرة الإخبارية»: أصابع الاتهام تشير إلى عرقلة نتنياهو صفقة تبادل المحتجزين    «ديك أو بط أو أرانب».. أحد علماء الأزهر: الأضحية من بهمية الأنعام ولا يمكن أن تكون طيور    الداخلية توجه قافلة مساعدات إنسانية وطبية للأكثر احتياجًا بسوهاج    ارتفاع الطلب على السفر الجوي بنسبة 11% في أبريل    «صحة الشرقية»: رفع درجة الاستعداد القصوى لاستقبال عيد الأضحى    وزير الصحة يستقبل السفير الكوبي لتعزيز سبل التعاون بين البلدين في المجال الصحي    مفتي الجمهورية ينعى والدة وزيرة الثقافة    الأونروا: منع تنفيذ برامج الوكالة الإغاثية يعنى الحكم بالإعدام على الفلسطينيين    الماء والبطاطا.. أبرز الأطعمة التي تساعد على صحة وتقوية النظر    «الهجرة» تعلن توفير صكوك الأضاحي للجاليات المصرية في الخارج    رئيس الوزراء الهنغاري: أوروبا دخلت مرحلة التحضير للحرب مع روسيا    «حق الله في المال» موضوع خطبة الجمعة اليوم    بمناسبة عيد الأضحى.. رئيس جامعة المنوفية يعلن صرف مكافأة 1500 جنيه للعاملين    السيسي من الصين: حريصون على توطين الصناعات والتكنولوجيا وتوفير فرص عمل جديدة    الحوثيون: مقتل 14 في ضربات أمريكية بريطانية على اليمن    أسعار الفراخ اليوم 31 مايو "تاريخية".. وارتفاع قياسي للبانيه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اكتشاف مبيدات محرمة دوليا بالأسواق

«الفياجرا» لإنضاج الثمار قبل أوانها والبعض يستخدم أنواعاً شديدة السمية
الفلاحون: وزارة الزراعة «شالت إيديها» وتركتنا فريسة لجشع التجار
لم يتوقف الحديث عن تهريب المبيدات المسرطنة المحرمة دوليا الي مصر.. البعض ينفي والبعض الآخر لايستبعد وجودها.. لكن أحدا لم يجزم بحدوث ذلك.. «الاخبار» في هذا الملف تبحث عن الحقيقة.. تحدثنا مع الفلاحين والخبراء والمسئولين.. والتقطت كاميراتنا صورًا لبعض عبوات المبيدات المحظورة.. توصلنا الي حقائق صادمة واكتشفنا ان الحكومة ممثلة في وزارة الزراعة تركت الحبل علي الغارب، وعندما اكتشفت الحقائق المرة تسعي لإنقاذ مايمكن انقاذه.
المبيدات الزراعية كغيرها من المواد الكيميائية والأدوية هي مواد خطرة، أي عند التعرض المباشر لأي جرعة زائدة بشكل متواصل سيؤثر حتما علي صحة الانسان، لذلك يركز العلماء والباحثون علي أن يكون استخدام تلك المواد عند أقل قدر ممكن ويحقق تقليل المخاطر الصحية والبيئية إلي أدني حد يمكن قبوله عندما يتحتم استخدامها لعلاج مرض أو لإنقاذ وزيادة الانتاج الزراعي.. ويسيرون علي مبدأ كلما صغرت الكميات التي يسمح بتداولها من المبيدات زادت درجة الأمان وانخفضت الخطورة في تناول الغذاء أو الماء فيها.
وعلي الرغم من وجود عمليات تهريب للمبيدات المحظور تداولها الي داخل البلاد واستخدامها من قبل قلة قليلة من المزارعين بهدف زيادة الإنتاج والمحاصيل، إلا أنه لا يوجد دراسة بحثية عملية واحدة في كل الدوريات العلمية كما اشار خبراء السُميات إلي وجود علاقة بين استخدام المبيدات أو حتي التعرض المهني لها وتناول المتبقيات المتوقعة عملياً منها في الغذاء وبين الإصابة بأمراض السرطان في الإنسان.
الغريب في الأمر انه حين قيامنا بالبحث والمقارنة عن المبيدات المتداولة في الأسواق المصرية والاخري الموضوعة علي قائمة المبيدات المحظورة، اكتشفنا ان هناك بالفعل مبيدات محرمة دوليا وفي نفس الوقت يسمح بدخولها البلاد واستخدامها ومنها مبيد «الكابتان» ومكون من المادة الفعالة التي تحمل نفس الاسم، كما اكتشفنا خلال التحقيق وجود مبيدات تحرمها مصر ولكنها مازالت متواجدة في الاسواق وتدخل البلاد بطريقة رسمية منها مبيد «التيمك» المحظور عالميا.
الحقيقة المرة
بدأنا رحلة البحث عن الحقيقة بجولة في بعض قري المنوفية، ذهبنا الي قرية كفر منصور التابعة لمركز اشمون منوفية وكذا قرية أبو يوسف، تحدثنا مع عدد من الفلاحين قال شريف عبد الرءوف والذي يملك مساحة من الأراضي الزراعية إن الفلاحين الذين يشاركونه في الارض يعانون أشد المعاناة عند شراء المبيدات والاسمدة، لكون أغلبها مغشوشة، نتيجة تحايل أصحاب محلات بيع المبيدات عليها، فعلي سبيل المثال سعر مبيد «كوراجين» والذي يكافح الحشرات القارضة والندوة المبكرة بثمار البطاطس يبلغ 80 جنيها للكيس الواحد، بينما يبلغ سعر الكيس المقلد عشرين جنيها وبالطبع ليس له نفس مفعول المبيد الأصلي، فحين يذهب الفلاح لصاحب محل مبيدات ويطلب منه هذا المبيد يخدع الفلاح ويعطيه المبيد المقلد بسعر الأصلي، ولا يعرف الفلاح ذلك إلا بعد رش المحصول ويعلم ان هذا المبيد لم يؤثر علي الآفة او الحشرات، واضاف شريف انه من المفترض علي الفلاح حين يعلم ان بائع المبيدات خدعه ألا يذهب اليه مرة اخري، ولكن هناك اساليب كثيرة يمارسها اصحاب محلات المبيدات علي الفلاح تجبره بان يشتري من عندهم مرة اخري، منها علي سبيل المثال ان الفلاح يشتري المبيد «شكك» علي ان يدفع ثمنه بعد جمع المحصول، لأنه لا يملك المال لشراء المبيد قبل ذلك الوقت، لذلك رغم ان عدد محلات المبيدات كبير في مركز اشمون إلا اننا لا نجد سوي محل او اثنين يثق فيهما الفلاح عند تعامله معهما، اما الباقي فيستغلون جهل الفلاح بالمبيدات ويعطونه أي شيء بهدف التجارة وجني المال.
معاناة لا تنتهي
ويحكي عوض السيد عبدالله مزارع معاناته مع المبيدات قائلا: عانيت وخدعت كثيرا من محلات المبيدات، حيث قمت بشراء شيكارة سماد البوتاسيوم وسعرها 200 جنيه، وفوجئت بأنها لم تكن المستوردة رغم ان شكلها الخارجي نفس شكل الشيكارة الاصلية، حيث كانت مخلوطة ببودرة صفراء اللون وجير وبالتالي لم يؤثر علي الآفات بالمحصول بل تسبب في إتلافة بسبب كمية الجير المخلوطة به، مشيرا الي ان هذا حال جميع الفلاحين، سألته وماذا عن المبيدات الاكثر سمية، فقال انه يستخدم مبيدات اكثر سمية مثل مبيد «اللانيت» والذي يقضي علي آَفة «الحمرة» بنبات الباذنجان ولكنه يضع في اعتباره موعد جمع المحصول بعد رش هذا المبيد، مؤكدا انه لا يجني الباذنجان الا بعد اسبوع من رشه حتي يختفي أثر المبيد لانه بيأكل من هذا الباذنجان قبل ان يبيعه للناس مضيفا: «حرام علي أرش مبيد عارف انه سام وأجمعه قبل اختفاء اثره في المحصول وأبيعه للناس وأشيل ذنبهم».
وحول استخدامهم للمبيدات الأكثر تأثيرا علي صحة المواطنين من غيرها من المبيدات الآمنة نسبيا مثل مبيد «الملاثيون، اكتابتون، دايمثويت، كلوروبيروفوس، فينتروثيون» قال حسين ناجي - فلاح يعمل باليومية - ان مثل هذه المبيدات ندرك جيدا انها سامة وتؤثر علي الانسان اذا ما تناول الفاكهة او الخضار، لذلك نقوم برشها علي الزراعات قبل حصدها لفترة لا تقل عن 3 اسابيع إلي 3 اشهر علي حسب نوع المبيد، مشيرا إلي ان الفلاح هو اول شخص يأكل ما يجنيه، مضيفا: لكن هذا لا يمنع ان هناك فلاحين معدومي الضمير، حيث يقوم بعضهم عندما يكون زارعا لفاكهة معينة ويري ان سعرها مرتفع في السوق برشها بمبيد نطلق عليه في الفلاحين «الفياجرا» في ظلام الليل وتكون في الصباح قد نضجت فيحصدها ويبيعها في السوق وتباع مثل هذه المبيدات في السوق السوداء، وأكد حسين ان ثقافة الفلاحين محدودة فيما يتعلق بالمبيدات لذلك يتمنون ان تعود وزارة الزراعة مرة اخري لتكون مسئولة علي توزيع المبيدات للفلاحين عن طريق جمعيات التعاون الزراعي كما يحدث في الاسمدة، وبذلك يكون الفلاحون علي ثقة بأي نوع مبيد توفره بدلا من ان يكونوا تحت رحمة أباطرة المبيدات من القطاع الخاص الذي لا يهدف الا لتحقيق الربح الوفير بصرف النظر عن صحة الفلاح.
الفلاح الفصيح
التقينا بالحاج عاطف خريص ويمتلك عدة افدنة ويؤجر بعضها مزروعة بانواع مختلفة من الفاكهة والخضراوات، و يطلق عليه الفلاحون في القرية الفلاح الفصيح، لخبرته الكبيرة في مجال المبيدات والاسمدة المصرح منها بالاستخدام والمحظورة، قال إنه يتمني ان تصبح وزارة الزراعة مسئولة مرة اخري عن بيع المبيدات عن طريق جمعيات التعاون الزراعي بكل قرية اسوة بالاسمدة، لأن هذا الأمر فتح الباب للإتجار بصحة المواطنين وفي مقدمتهم الفلاح المظلوم، فالمبيدات الاصلية والمستوردة والتي لها نتيجة فعالة علي الآفات والحشرات، مشيرا إلي أن أسعارها مرتفعة مقارنة بما يجنيه الفلاح من كل زرعة، واذا وجد فلاح يمتلك أرضا وسط أراض كثيرة يقوم بشراء مبيدات عالية الثمن فجيرانه لا يستطيعون ذلك، وبالتالي اذا قام الفلاح برش هذا المبيد عالي السعر في زراعته لمقاومة الآَفات، لا تمر أيام قليلة إلا وتعود هذه الآفات مرة اخري لسبب بسيط هي أن زراعات جيرانه الفلاحين لا يتم رشها بنفس المبيد الذي يستخدمه وبالتالي تظل تلك الآفات موجودة بل وتنتقل مرة اخري الي ارض هذا الفلاح «كأنك يا أبوزيد ماغزيت».
وأضاف ان الفلاح ليس لديه الوعي الكافي بالمبيدات وماهو مفيد او ضار منها، ويقع تحت رحمة اصحاب محلات المبيدات الذين يقنعونه بالحجج والاساليب الفارغة بشراء مبيد عن آخر وفي النهاية يكتشف انه خدع لان المبيدات التي اشتراها لم تؤثر علي الآفات ليس هذا فقط وانما ايضا ضرت بمحصوله.
مبيدات مقلدة
وخلال الحديث عرضت علي الحاج عاطف قائمة بأنواع المبيدات الأشهر والاكثر استخداما من قبل الفلاحين والمزارعين والتي اعدها اساتذة الزراعة، وتحمل اسماء المبيدات التقليدية واخري قليلة المخاطر وبدائل مبيدات فسفورية، ليخبرنا بأي الانواع الاكثر استخداما، حيث شرح لنا: ان المبيدات التقليدية والاكثر سمية منها «الملاثيون، اكتابتون، دايمثويت، ميثوميل، كلوروبيروفوس، فينتروثيون» يستخدمها لمكافحة الحشرات القارضة والذبابة البيضاء وصانعات الانفاق والمن والتربس، وانه يراعي فترة رش هذه المبيدات قبل جمع المحصول.
وأكد أنها تؤثر بشكل كبير علي الانسان اذا تناول الثمار بعد رشه بهذه المبيدات في ايام قليلة، مشيرا إلي أن اسعار بعض هذه المبيدات مرتفعة جدا علي الفلاح حيث ان الكثيرين لا يستطيعون شراءها ويعتمدون علي مبيدات بديلة بأسعار اقل وتكون عبارة عن مجموعة من المبيدات مخلوطة مع بعضها البعض ولكن مفعولها ليس بنفس تأثير هذه المبيدات بعضها يأتي من الصين والآخر ينتج في مصانع بير السلم، كما ان هناك اسماء لمبيدات كانت تستورد من الخارج ولم تعد كذلك في الوقت الحالي وأصبح تصنيعها محليا وبالطبع ليست بنفس قوة المبيد المستورد رغم انها تحمل نفس الاسم منها علي سبيل المثال «مبيد سباركل» ويطلق عليه في السوق المحلية اسم «سايبركل» كما ان بعضها مكتوب علي اللاصق الموجود عليها فترة الأمان التي تحدد موعد جني الثمار بعد رشه بهذا المبيد، وبعضها الآخر لا يوجد عليه، وايضا مبيد «لانيت» - وهو محظور دوليا - من المبيدات التقليدية شديدة السمية ويصل ثمنه إلي 300 جنيه.. اصبح منه مقلد موجود في السوق والمثير ان سعره بنفس سعر المبيد الأصلي، وبالطبع لا يستطيع الفلاح التفريق بين النوعين لأن الكيس المقلد الذي تم انتاجه في مصانع بير السلم يكون بنفس شكل الكيس الاصلي.
وفيما يتعلق بمبيد «التيمك» والمحرم دوليا ايضا، قال الحاج عاطف إن تجار المبيدات يستوردونه.. وأضاف الحاج عاطف أنه يزرع فاكهة الكمثري وهذا النبات تهاجمه آفة تسمي «اللفحة النارية» وهي بمثابة مرض السرطان للانسان وتبدأ في الظهور من 20 مارس الي 20 ابريل من كل عام حيث تتسبب هذه الآفة في حرق الزهور وفروع الشجرة التي قد يصل عمرها الي 10 سنوات ، وهذا الآفة لا يقضي عليها سوي مبيد يسمي «استارنر 20%» ومادته الفعالة به تسمي «اوكسلينك اسيد» وكانت تنتجه احدي شركات الاسمدة والكيماويات الزراعية المملوكة للقطاع العام منذ عام 1998 وبعد أن تم خصخصتها واغلاق بعضها توقف انتاج هذا المبيد منذ عام2011، حتي الشركات الخاصة أوقفت استيراده من الخارج أو انتاجه في مصر، والسبب هو أن هذا المبيد ينتج لثمار الكمثري فقط، لذلك اوقفت الشركات الخاصة التعامل معه «لأنها مش بتكسب منه»، وهذه معاناة كبيرة بالنسبة لنا رغم محاولاتي مع وزارة الزراعة لتوفيره الا انها في النهاية كانت تحيلني الي التعامل مع نفس الشركات الخاصة وتضعني تحت رحمتهم ، فلم يعد امامي سوي استخدام بديل وهو عبارة عن مضادات حيوية بيطرية منها «استربروك» ولكن نتيجة مكافحته ضعيفة وليس امامي شيء آخر، وأكد ان هناك مبيدات محظور استخدامها ومحرمة دوليا موجودة ويلجأ اليها بعض الفلاحين لعدم وجود بديل عنها واذا توافر فانه مكلف جدا.
محرم دولياً
التقت «الأخبار» بفلاح - رفض ذكر اسمه - قال إنه يزرع العنب في ارضه ودائما يصاب «بدودة النيماتودا أو الثعبانية» وهي تسبب عفن بجذور نبات العنب، واضاف انه يستخدم مبيدات ويعلم جديا انها تسبب مرض الفشل الكلوي ورغم ذلك يضطر الي استخدامها كمبيد «التيمك» - وهو محرم دوليا - والذي يحتوي علي المادة الفعالة «ديكارب20%»، واكد انه لا يوجد بديل أمامه من مبيدات اخري لاستخدامها في مكافحة هذه الآفات، فيضطر الي شرائها من السوق السوداء واستخدامها وتأتي بنتيجة سريعة في المكافحة، موضحا انه يتم تهريب هذا المبيد في براميل زنة الواحد منها25 كيلو جراما ولأنه محظور يصعب علينا ايجاده في السوق ولكن هناك تجارا يوفرونه للمزارعين بطرق غير شرعية، حيث يقوموا بإدخالة الي مصر علي انه مادة تستخدم في دباغة الجلود، وتستخدم هذه المادة كمبيد زراعي.
وأكد ان التجار يوزعونها علي المزارع الكبيرة ذات التربة الصفراء لمكافحة «دودة النيماتودا» التي تظهر اكثر في هذه المزارع بسبب تربتها، علي عكس التربة الطينية التي نادرا ما تظهر هذه الدودة فيها.. الخطير في الأمر ان هذا المبيد تبقي آثاره في التربة لعدة اعوام وكذلك في النباتات.
وأكد ان هناك بدائل من المبيدات لمكافحة هذا النوع من الاَفات ولكن سعرها مرتفع جدا حيث يصل الي 1500 جنيه للعبوة الواحدة، قائلا: هو أنا معايا كام ألف ونصف علشان اشتري الدواء ده، وهو العنب بيجيب كام أصلا علشان اشتري مبيد بهذا السعر».. واكد عدم وجود رقابة من قبل وزارة الزراعة المتمثلة في المرشدين الزراعيين علي الفلاحين فيما يتعلق بأنواع المبيدات التي نستخدمها، وكان اكبر خطأ من الدولة هو «شيل» وزارة الزراعة يدها من موضوع المبيدات ليصبح الفلاح فريسة للتجار الجشعين.
وأكد ان هناك مبيدات مغشوشة يستخدمها الفلاح دون دراية، وللأسف هذه المبيدات لا تفيد في مكافحة الآفات ليس هذا فقط، انما للأسف تضر الحشرات النافعة صديقة الفلاح وتقضي عليها ومنها «أسد المن، حشرة أبو العيد» وهي تقضي علي الذبابة البيضاء، مؤكدا انه بسبب هذه المبيدات المغشوشة والمقلدة ودخول انواع غريبة من بذور الفاكهة والخضراوات الي مصر، فلن نجد بعد عشر سنوات أي نوع من الفاكهة او خضار له طعم او ريحة او لون، واكبر مثال علي كلامي هذا اختفاء نبات «الكانتلوب» الذي كنا نطلق عليه قبل 15 عاما «الشهد» بسبب مذاقه الجيد ورائحته التي كانت تنبعث منه حتي قبل حصاده، والذي اصبح الآن قد يمر العام ولا احد يرغب في شراء ولو كيلو واحد منه .
رئيس لجنة مبيدات الآَفات الزراعية يؤكد ما كشفته «الأخبار»: «التيمك» محرم دولياً ويدخل البلاد كصبغة في دباغة الجلود
د. محمد عبد المجيد يتحدث إلي محرر "الأخبار"
تساؤلات كثيرة حملناها إلي د. محمد عبد المجيد رئيس لجنة مبيدات الآَفات الزراعية بوزارة الزراعة ووكيل كلية الزراعة جامعة عين شمس، ليجيب عليها بحثاً عن مواضع الخلل في منظومة المبيدات ومحاولة ايجاد الحلول لها، وقبل ان يبدأ د. عبد المجيد بالحديث معنا احضر لنا كتابا يحمل اسم «التوصيات المعتمدة لمكافحة الآَفات الزراعية» وقال ان هذا الكتاب من اهم انجازات لجنة المبيدات ويعتبر اصداراً منفردا علي مستوي الشرق الأوسط، وهو عبارة عن مجمل التوصيات التي توصي بها لجنة المبيدات الزراعية حول كل ما يتعلق بأسماء وانواع المبيدات المسجلة والاَفات الزراعية المختلفة والنباتات ومواعيد وطريقة الاستخدام لكل مبيد، مع شرح مفصل لكل ذلك ونتاج كل تجربة عملية اجريت في الجامعات والمعامل المختصة بوزارة الزراعة.
خطة لخفض استيراد «الملاثيون» بنسبة من 5 إلي 10% سنوياً.. وتوفير البديل
نستهلك 8600 طن من المبيدات سنوياً في 15مليون فدان محصولي
وقال: «لا تصدق أحداً حين يقول لك ان هناك مبيدات ليست سامة او ضارة ولكن للسُمية درجات وما يحكمها هو نوع التعرض لها، إن ما يحدد مدي تأثير أي مبيد علي الانسان هو الاستخدام المسئول من قبل المزارعين والفلاحين، والاستخدام المقنن، والاستخدام وفقا للتوصيات مشيرا انه بتحقيق 4 شروط مهمة وهي، توقيت مناسب للاستخدام، وتركيز مناسب، ومبيد مناسب، واَلة تطبيق مناسبة فلن تكون هناك أي مشكلة في المبيدات بنسبة كبيرة، وهذه معايير لابد ان يدركها الانسان، ولهذه الأسباب تقوم لجنة المبيدات بعمل دورات تدريبية لكل العاملين في منظومة ادارة المبيدات بدءا من مهندسي المكافحة ورجال الارشاد الزراعي وتجار المبيدات والمزارعين، مضيفا انه خلال العام الاخير قمنا بتدريب ما يقرب من 2000 عامل من هؤلاء، ولا يوجد تاجر من تجار المبيدات يصرح له بمزاولة المهنة إلا بعد اجتيازه هذه الدورة وتقدم له اللجنة ترخيصا بالاتجار علي ان يتم تجديد هذا الترخيص كل اربع سنوات، بعدها لا يجدد له الترخيص إلا بعد اجتياز الدورة مرة اخري وهكذا، مؤكدا ان قواعد تسجيل المبيدات في مصر تحاكي اكثر الدول تقدماً.
تداول المحظور
وردا علي سؤال حول وجود مبيدات محرمة دوليا مازالت تستخدم في مصر رغم تحريمها دوليا منها مبيد «التيمك، اللانيت، الكابتان» والذي يدخل البلاد بطريقة شرعية علي شكل «مادة صبغة» تستخدم في عمليات دباغة الجلود؟ قال د. محمد عبد المجيد إن مبيد «التيمك» محظور استخدامه داخل البلاد وخارجها، ولكن للأسف مازالت عمليات تهريب مثل تلك المبيدات مستمرة وان كانت قد انخفضت بنسبة كبيرة في وقتنا الحالي «ثم أشار بيده تجاه مكتبته التي يتواجد علي احد الأرفف بها علبة مبيد وقال ان هذا المبيد تم تهريبه عن طريق قطاع غزة ومكتوب عليه باللغة العبرية».
وأكد انه توصل لمعلومة منذ اسبوعين تؤكد ماكشفته «الأخبار» خلال لقائها باحد الفلاحين حول طريقة تهريب هذا المبيد الي مصر قائلا: «كلامك مية المية صح»، وأنه قام بالفعل بتوجيه خطاب الي رئيس هيئة التنمية الصناعية شرح فيه خطورة دخول هذه المادة الي البلاد وتحايل التجار بإدخالها كمادة صبغة، وقال: «بصراحة بعد ما عرفت بالموضوع ده، شعرت بأنه رغم الشغل والجهد اللي بنعمله والقواعد اللي بنحطها لضبط ايقاع منظومة التعامل مع المبيدات، إلا انه مازال هناك ثقوب تحول دون استكمال هذه المنظومة واحكام السيطرة عليها، ولكن أؤكد لك «هقفلها ولو قفلناها هنحل مشكلة كبيرة».
وفيما يتعلق بمبيد «الكابتان» اكد رئيس لجنة المبيدات ان هذا المبيد ايضا ممنوع تداوله واستخدامه لكونه مبيد شديد السمية وله خطورة علي صحة الانسان، وبالنسبة لمبيد «الملاثيون» شديد السمية والمصرح باستخدامه قال د. عبد المجيد ان اللجنة بصدد اعداد خطة توفيق الأوضاع للخروج من استخدام هذا المركب تدريجيا وايجاد بديل آخر له، حيث من الصعب منع استخدام هذا المبيد فجأة دون سابق انذار، حيث سيتسبب ذلك في احداث ضجة بالأسوق، مضيفا ان هذه الخطة هي عبارة عن خطة استيرادية لتقليل استيراد هذا المبيد بنسبة تتراوح مابين 5 الي 10% كل عام والبحث عن بديل له، وقال لدينا فريق في لجنة المبيدات يتابع يوما بيوم كل جديد وماتصل إليه الهيئات والمنظمات العالمية من تغيرات.
تجارة المبيدات
واستطرد: «للأسف الناس مش بتسمعنا كويس، عندها استعداد انها تسمع الغث ولا تسمع السمين، علشان كده احنا بنواجه مشاكل، ومحتاجين ان الاعلام يساعدنا وينقل للرأي العام الجهد الذي يتم في هذا التوجه، ودورنا هو ان نولد ثقافة جديدة للتعامل مع المبيدات».
وأوضح رئيس لجنة المبيدات انه يوجد مايزيد علي 1100 مستحضر تجاري من المبيدات في مصر مكون من 250 مادة فعالة، كما ان حجم الاستهلاك العالمي من المبيدات يبلغ 5٫2 مليون طن، ويقدر حجم هذه التجارة علي مستوي العالم ب60 مليار دولار، وفي مصر نستهلك حوالي 8600 طن من المبيدات سنويا، أي ان نسبة استخدام مصر للمبيدات مقارنة بالنسبة العالمية لا يتعدي 0٫5%، موضحا ان العبرة ليست بكمية المبيد المستخدم لكن العبرة تكمن في الاستخدام المسئول وهو العامل الأهم في منظومة المبيدات ويأتي بعدها عامل مهم هو ان مصر أقل دولة في العالم استخداما للمبيدات، حيث يتلقي الفدان الواحد حوالي 600 جرام من المبيدات في العام، علما بان المساحة المحصولية في مصر تبلغ 15 مليون فدان محصولي، مؤكدا ان لجنة المبيدات تعتمد علي مرجعيات عالمية منها الاتحاد الأوروبي وهيئة حماية البيئة الامريكية ودول اليابان وكندا وأستراليا، مضيفا أن مصر من أولي الدول التي تقوم بتجريب المبيدات واختبارها في مناطق مختلفة داخل البلاد قبل السماح باستخدامها رغم موافقة هذه الهيئات الدولية عليها.
وحول امكانية عودة وزارة الزراعة مرة أخري لتوزيع المبيدات وتوفيرها للمزارعين من خلال جميعات التعاون الزراعية؟ قال: هذا الأمر كان يتم بالفعل منذ عدة سنوات، ولكن اطالب بأن تقوم وزارة الزراعة بتبني إنشاء مراكز تميز أسوة بالدول المتقدمة في كافة محافظات مصر، تباع فيها كل مستلزمات الانتاج الزراعي الأصلية من مبيدات وأسمدة ومعدات وآَلات، واذا تم هذا فسوف تتساقط المبيدات والمركبات المغشوشة والمشبوهة المنتشرة في الأسواق، لأن الفلاح الذي سيتعامل مع هذه المراكز ستكون ثقته كبيرة فيها، مشيراً إلي ان هذا المشروع هو أحد الأفكار التي طرحتها لجنة مبيدات الآفات الزراعية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.