كان المرحوم زكى بدر هو وزير الداخلية، وكان قد أثار أزمة مع الصحفيين كنت عضواً فى مجلس النقابة وكان النقيب هو الزميل إبراهيم نافع. تم الاتفاق على اجتماع لمجلس النقابة يستقبل فيه الوزير ليقدم اعتذاره وينهى الأزمة. جاءالوزير رحمة الله وانعقد الاجتماع لكن الازمة تفاقمت حين أفلت لسان الوزير وكال الاتهامات الشنيعة التى نالت من زملاء أعزاء ورموز للمهنة.. بدءا من مصطفى شردى إلى احسان عبدالقدوس رحمهما الله. كان لابد أن أرد على الوزير، ثم انسحبت من الاجتماع احتجاجاً، لأفاجأ بعد ذلك بتخصيص كبرى الصحف المصرية فى ذلك الوقت لصفحتين كاملتين لمحضر اجتماع المجلس بعد تزويره لصالح الوزير. كنت قد التزمت بعد اجتماع المجلس بالصمت حتى لا تتفاقم الأزمة، لكن بعد هذا النشر المزور الذى لم يحدث من قبل فى الصحافة المصرية كان عليّ أن أرد، وكان على الجمعية العمومية للصحفيين أن تقول كلمتها، ثم كانت النهاية بخروج الوزير من موقعه بعد أن كرر الخروج على النص وبعد دور مقدر للصحافة فى كشف ذلك. قبل أكثر من عشر سنوات ووسط أجواء سادها التوتر السياسى والاجتماعي. شهدت سلالم نقابة الصحفيين التى كانت رمزا للحراك الشعبى كله، عدواناً آثماً على وقفة للصحفيات المصريات. تم الاعتداء بإشراف قيادات من الحزب الوطنى والأمن، وباستخدام المسجلات خطر من صاحبات السوابق!! على الفور اجتمع مجلس النقابة ليصدر بياناً يدين الجريمة الخرقاء، ويطلب عزل وزير الداخلية، ويقرر التقدم ببلاغات رسمية ضد قيادات الحزب الوطنى والمسئولين الأمنيين الذين أشرفوا على الواقعة!!.. وكالعادة خرجت فرق التطبيل والشرشحة الإعلامية تهاجم النقابة وتطالب بهدم السلم الذى يستخدم للتظاهر بل إن الإخوان يومها انضموا للحزب الوطنى فى مهاجمة موقف النقابة، والانحياز لمن ارتكبوا الجريمة من أطراف الحكم أو جهلاء الأمن!! ماحدث بعد ذلك أن أطرافا عاقلة كانت حاضرة فى الموقف. وأننا استجبنا لنداء التهدئة وشرحنا ما حدث من عدوان أثيم أساء للنظام بأكثر مما أضر بالصحفيين أو الصحفيات. وكانت تهدئة الموقف هى محل الاتفاق دون أدنى تنازل عن حق الصحفيين و الصحفيات. بعد شهور من الصمود ووحدة الصحفيين خلف نقابتهم كان التفاوض حول تنفيذ قرار إلغاء الحبس فى قضايا النشر. حققنا يومها مرحلة على الطريق.. وبقى الكثير لنحققه من أجل صحافة حرة.. وإعلام مستنير. تذكرت ذلك بالأمس، وأنا أرى اجتماع بعض الصحفيين وغير الصحفيين فى إحدى المؤسسات الصحفية لكى يعلنوا الحرب على مجلس النقابة ولكى يحاولوا شق صفوف الصحفيين وهم يدافعون عن كرامتهم وكرامة المهنة. لا أريد أن أسىء لأحد. فقط يكفى أن نسألهم أين ذهب كل من وقف ضد كرامة الصحافة وإرادة الصحفيين هم يدافعون عن الوطن، ويبذلون أغلى التضحيات من أجل أن تبقى نقابتهم منارة للحرية وقلعة للاستنارة؟!