رجال أبطال عاهدوا الله فصدقوا.. وضعوا أرواحهم بين أيديهم وانتزع الخوف من قلوبهم، لم يترددوا لحظة في حماية وطنهم، تركوا أبنائهم صغارًا، أنهم شهداء راحوا ضحايا حادث إرهابي غشيم، أسفر عن استشهاد 8 من رجال الشرطة غدرًا. قامت "بوابة أخبار اليوم" بجولة على منازل شهداء الحادث الإرهابي، حيث اتشحت حلوان والمعصرة بالسواد حزنًا على فراق 3 من أبطال الشرطة، الشهيد الأول أحمد مرزوق معروف عنه أخلاقه العالية وبارا بوالديه، أما الشهيد الثاني أحمد غريب ملقب بالأمين الجاد، أما الطيبة والاحترام فكان يتحلى بها الأمين صابر موسى. الجميع بعزبة الهجانة في المعصرة، تحاكوا بسيرتهم العطرة وأخلاقهم الطيبة، خاصة شارع عبد الرحمن الذي يقطن به أهالي شهيدي الحادث الإرهابي، وتعالت الهتافات المنددة بالإرهاب. "بوابة أخبار اليوم"، رصدت بالكلمة والصورة حالة الحزن التي اتشحت بها أسرة الأمين أحمد إبراهيم غريب، حيث توافد المئات من الأهل والجيران لتقديم واجب العزاء. وقف الرجال أمام منزل الشهيد بالطوابير والنساء شاركن زوجته أحزانها، أطفاله أخذوا يبحثون عن والدهم وسط الحضور ولسان حالهم "بابا فين.. عاوزين بابا"، تحدثنا إلى ابنته الصغيرة مايا 8 سنوات، وقالت ودموعها تنهمر من أعينها "أنا مستنية بابا يرجع من الشغل علشان يفسحني أنا وكريم اخويا"، وأخذت تردد تلك الكلمات. كما التقينا بزوجته نعمة محمد، وأكدت أن زوجها الشهيد "ابن موت"، وكان مخلصًا لعمله محبًا لوطنه، وتعرض للموت أكثر من مرة، الأولى عندما أصيب برصاصة في قدمه خلال القبض على تاجر مخدرات بحلوان، وبعدها بشهور تعرضت قدمه للكسر خلال مداهمة وكر بلطجي، ركب على إثرها شرائح ومسامير. وأثناء حديثها معنا، سقطت مغشية عليها، فيما استنكر محمد شقيق الشهيد حالة الاستهجان التي تتبنها وزارة الداخلية تجاه أفراد الأمن وحمايتهم، قائلا: "أتذكر آخر حوار دار بيني وبين الشهيد، وقال لي خلي بالك من مايا وكريم وخليهم يذاكروا كويس فقولت له مالك يا أحمد، قال أنا ماشي في رعاية الله". انتقلنا فيما بعد إلى منزل الشهيد أمين شرطة أحمد مرزوق الذي يقع على بعد أمتار قليلة من منزل الشهيد غريب، حالة من الحزن الغضب امتلأت المسافة الفاصلة بين المنزلين، النساء اتشحن بالسواد، كما أغلقت المحال التجارية لمشاركة أقارب الشهيدين في حادثهم الجلل. دخلنا منزل الشهيد مرزوق.. الوضع مأساويًا فالدموع والصرخات العالية تملأ المكان من جهة، بالإضافة إلى وضع غير إنساني في منزل يفتقد سبل العيشة الكريمة لأي أسرة. دلفنا إلى داخل المنزل في حجرة متواضعة جلس عليها والد الشهيد الحاج مرزوق وبجواره أبناء الشهيد محمد ومنة وحبيبة وحسام لم يتعد أكبرهم ١٦ عاما، قال والد الشهيد والدموع تنهمر من عينيه "طوب الأرض بيحبه ..حسبي الله ونعم الوكيل حرموني من ابني"، مؤكدًا أن نجله الشهيد كان يعمل "مكوجي"، مفضلا أن يأكل لقمته من حلال ولا يمد يده إلى الحرام، مضيفًا: "كان يعولني ووالدته ولم يكن يتأخر في أي مطلب لنا". كما قالت أم محمد زوجة الشهيد "ربنا ينتقم من الخونة اللي يتموا أولادي"، وروت زوجة الشهيد تفاصيل اللحظات الأخيرة قبل استشهاده، موضحة أنه خرج في الحادية عشر مساءً كما هو معتاد، وقبل ابنته حبيبة، وفي الثانية عشر مساء الليلة الموعودة اتصل تليفونيا ليطمئن على أولاده، وبعدها بساعة جاء الخبر باستشهاده. وأضافت: "كان يعمل في جهاز أمن الدولة ثم انتقل عقب ثورة يناير إلى قسم شرطة حلوان، ومعروف عنه حسن خلقه"، مطالبة وزارة الداخلية بالقصاص من القتلة الذين حرموها من زوجها ويُتم أولادها. وفي حلوان ساد الحزن بين قاطني المنطقة بعد فراق الأمين صابر موسى، وخرج العشرات من الأهالي لتشييع جثمان جارهم، وأكدوا أنه كان دمث الخلق وكان يساعد جيرانه في إنهاء مصالحهم دون مقابل. وقال محمد هاني أحد جيران الشهيد، أن صابر لم يكن يتباهى ببدلته الميري كأقرانه من الأمناء وكان يحسن الحديث مع الكبير والصغير.