أكدت دراسة حديثة للمركز الإقليمي للدراسات الاستراتيجية بالقاهرة أن استطلاعات الرأي العام التي أجريت في المنطقة خلال الفترة الماضية تُشير إلى اختلاف ترتيب أولويات الشارع العربي حاليًّا عن تلك الأولويات التي حركت الرأي العام العربي خلال الثورات والاحتجاجات العربية التي اندلعت في بداية عام 2011. وقالت الدراسة، إن هذه الاستطلاعات تكشف بوضوح عن تراجع ثقة الرأي العام العربي في تداعيات هذه التطورات، وما يُمكن أن تُحققه من أهداف، لا سيما في ظل وجود عدد كبير من العقبات التي عرقلت -ولا تزال- جهود الإصلاح، خاصة في ظل الاضطرابات السياسية التي تشهدها كثير من الدول، فضلا عن اتساع نطاق حالة عدم الاستقرار وانعدام الأمن في بعضها، الأمر الذي ساهم في تعزيز الهاجس الأمني لدى الشارع العربي، فيما باتت الأزمات الاقتصادية من أهم القضايا التي تحظى باهتمام خاص من جانبه، حيث تأتي متقدمة على تحقيق الإصلاح الديمقراطي الذي خرج من أجله الشباب في العديد من دول المنطقة. وعن أولويات الأمن والاقتصاد، قالت الدراسة، أن نتائج الاستطلاع السنوي الثامن لرأى الشباب العربي الذي أجرته شركة "بين شوين بيرلاند" لصالح شركة "أصداء بيرسون- مارستيلر" بهدف رصد آراء الشباب العربي حول أهم قضايا المنطقة في 16 دولة، هي: الإمارات، والبحرين، والسعودية، وعمان، وقطر، والكويت، والأردن، والعراق، والأراضي الفلسطينية، ولبنان، واليمن، وتونس، والجزائر، وليبيا، ومصر، والمغرب، خلال الفترة بين 11 يناير و22 فبراير 2016، من خلال 3,500 مقابلة شخصية، هذه النتائج أظهرت أن الهاجس الأمني والاقتصادي أصبح مسيطرًا على أولويات الشارع العربي؛ حيث أشار المستطلعة آراؤهم إلى أن ظهور تنظيم "داعش" هو أول العقبات التي تشهدها المنطقة العربية بنسبة 50%، مقابل 37% في الاستطلاع الذي أُجري في 2015، وجاءت التهديدات الإرهابية في المرتبة الثانية بنسبة 38%، والبطالة في المرتبة الثالثة بنسبة 36%، فيما جاءت عقبة الافتقار للديمقراطية في المرتبة التاسعة بنسبة 22%. كما برز العامل الاقتصادي أيضًا في توجهات الشباب العربي إزاء الأسباب التي تدفع الشباب إلى الانضمام إلى تنظيم "داعش"؛ حيث أشارت نسبة 24% من المستطلعة آراؤهم إلى أن ضعف الوظائف والفرص المتاحة للشباب هي أول دوافع الالتحاق بالتنظيم، فيما يأتي في المرتبة الثانية بنسبة 18% الاعتقاد بأن تفسير هؤلاء الشباب للإسلام هو الصحيح. وطبقًا للاستطلاع، كما تؤكد الدراسة، فإن مشكلة البطالة تبرز بشكل كبير في 6 دول على وجه التحديد هي على الترتيب: اليمن، وليبيا، والأراضي الفلسطينية، وتونس، ولبنان، والعراق؛ حيث عبر المستطلعة آراؤهم عن عدم توفر فرص عمل جيدة لهم في بلادهم، ويتراوح ذلك بين 82% و49%. فيما تجدر الإشارة إلى أن هذه الدول تشهد تجنيدًا للشباب حتى يتم إلحاقهم بالتنظيم.