طالعت مقال الكاتب الصحفي ياسر رزق المنشور منذ عدة أيام بجريدة الأخبار بعنوان «دعم المصدرين وبدائل أنفع لمجتمع منهك» كما قرأت الردود والمناقشات التي دارت حول هذا الموضوع من قبل السيد المهندس طارق قبيل وزير التجارة والصناعة والدكتور هاني سري الدين الخبير الاقتصادي والقانوني والدكتور نادر نور الدين الأستاذ بكلية الزراعة جامعة القاهرة. وحول هذا الموضوع أود أن أقول أننا نتفق جميعاً علي أن زيادة الصادرات لتوفير العملة الصعبة يعتبر هدفاً قومياً حيث تستهدف استراتيجية التنمية في مصر 2030 زيادة الصادرات المصرية بنسبة 25 %. ولكن وفي نفس الوقت فإن زيادة الصادرات وتوفير العملة الصعبة لا تعتمد أساسا علي دعم الصادرات وإنما تعتمد زيادة الصادرات في المقام الأول علي زيادة الإنتاج وجودته سواء الإنتاج الزراعي أو الإنتاج الصناعي. كما أن زيادة الصادرات تعتمد بعد ذلك علي التسهيلات الإدارية واللوجستية اللازمة للتصدير والقضاء علي البيروقراطية. والدليل علي ذلك أنه رغم انخفاض سعر الجنيه بالنسبة للدولار عدة مرات والذي يجب أن يؤدي نظرياً ووفقا للنظرية الاقتصادية إلي زيادة الصادرات وذلك لانخفاض أسعار التصدير بالدولار وبالرغم من الاتفاقيات الدولية ( كمنظمة التجارة العالمية ) والاتفاقيات الإقليمية ( اتفاقية المشاركة المصرية الأوربية والكوميسا الإفريقية ومنطقة التجارة الحرة العربية ) والاتفاقيات الثنائية والتي تتيح كلها لمصر التصدير مع إلغاء أو خفض التعريفات الجمركية فإن الصادرات المصرية مازالت عند مستوي 22 مليار دولار بينما تبلغ قيمة الواردات حوالي 60 مليار دولار في عام 2015. وبالتالي فإنه إذا كانت الدولة قادرة علي زيادة الدعم فبدلاً من زيادة دعم التصدير في مشروع الموازنة العامة للدولة للعام 16/2017 والمعروض علي مجلس النواب إلي 5،1 مليار جنيه (ويطالب بعض المصدرين بزيادته إلي 6 مليارات جنيه) بدلاً من 3.5 مليار جنيه في العام السابق فالأولي أن يوجه الدعم إلي دعم الإنتاج الزراعي والصناعي بدلاً من دعم التصدير. إن أمريكا ودول الاتحاد الأوربي يوجهون دعماً للزراعة يبلغ حوالي 365 مليار دولار في السنة إي حوالي مليار دولار في اليوم وذلك لزيادة الإنتاج الزراعي وزيادة الصادرات.كما أن منظمة التجارة العالمية والتي تقضي بتقليل دعم الصادرات ودعم الإنتاج تسمح للدول النامية بدعم الإنتاج الزراعي في بعض المجالات. إن الدعم المشروط للإنتاج الزراعي والذي يشجع صغار المزارعين علي تجميع الاستغلال الزراعي واتباع الممارسات الزراعية الجيدة (التقاوي المحسنة،الري المرشد، التسميد المتوازن، المكافحة المتكاملة، معاملات ما بعد الحصاد) يمكن أن يسهم في زيادة الإنتاج الزراعي وجودته بما يسمح بتحسين نسب الأمن الغذائي وزيادة الصادرات وإحلال الواردات وتوفير العملة الصعبة في نفس الوقت. إننا ننتج سنوياً حوالي 31 مليون طن من المحاصيل البستانية ( خضر وفاكهة) وهناك فائض كبير للتصدير ورغم ذلك لا نصدر منها سوي 3.2 مليون طن بسبب عدم استيفائها لمواصفات التصدير ( الجلوبال جاب، اليوروجاب ) وخاصة عند صغار المزارعين والذين يمثلون الغالبية العظمي من المزارعين. إن الاقتصاد الإنتاجي (الزراعة والصناعة) وليس الاقتصاد الريعي هو أساس النمو والتقدم وتوفير فرص التشغيل وفرص العمل المنتجة وزيادة الإنتاج وتوفير الاحتياجات وزيادة الصادرات وإحلال الواردات وتحسين الميزان التجاري. وبالتالي فإنه إذا كان هناك دعم فليوجه هذا الدعم للإنتاج الزراعي والصناعي وخاصة صغار المزارعين والصناعات الصغيرة والمتوسطة ودعم برامج العدالة الاجتماعية وتحسين أحوال الفقراء ومحدودي الدخل. وإذا كانت هناك حاجة إلي دعم التصدير فلابد أن تقصر الدولة هذا الدعم علي السلع الجديدة وعلي فتح أسواق جديدة فقط دون السلع التقليدية والأسواق التقليدية. والجدير بالذكر أن المجلس التصديري للحاصلات الزراعية قد طلب بنفسه منذ عدة سنوات وقف دعم تصدير الموالح.