«إذا حاربنا حرب القادة في المكاتب بالقاهرة.. فالهزيمة تصبح لنا محققة.. إن مكان القادة الصحيح .. هو وسط جنودهم .. وفي مقدمة الصفوف الأمامية»، واحدة من أبرز المأثورات للشهيد البطل الفريق عبد المنعم رياض، الذي يصادف اليوم ذكرى استشهاده. المحارب ويوم الشهيد عبد المنعم رياض، المحارب الذهبي، توجه صباح مثل هذا اليوم 9 مارس 1969عام، ثاني أيام حرب الاستنزاف، إلى الجبهة ليكون وسط الجنود، ويشاهد بنفسه نتائج قتال اليوم السابق، ويكون بين القوات في فترة جديدة، تتسم بطابع قتالي عنيف ومستمر لاستنزاف العدو، وأثناء مروره، ومعه اللواء عدلي حسن سعيد قائد الجيش الثاني، على القوات في الخطوط الأمامية شمال الإسماعيلية، أصيب الفريق رياض إصابة قاتلة بنيران مدفعية العدو أثناء الاشتباك بالنيران، وأثناء نقله إلى مستشفى الإسماعيلية، كان الفريق عبد المنعم رياض، فارق الحياة وكانت خسارة القوات ومصر كلها باستشهاده كبيرة. ومنذ ذلك اليوم أصبح يوم 9 مارس، هو يوم الشهداء تعبيرا صادقا عن الروح العسكرية المصرية، والتي تتطلب من كل قائد مهما كانت رتبته، أن يضرب القدوة والمثل حتى الاستشهاد بين جنوده. وكان هذا المبدأ وهذه الروح واضحة بأجلى معانيها وصورها في حرب أكتوبر 1973، حيث كان القادة قدوة لجنودهم. ابن طنطا ولد الفريق محمد عبد المنعم محمد رياض عبد الله في قرية سبرباي، إحدى ضواحي مدينة طنطا محافظة الغربية في 22 أكتوبر 1919، ونزحت أسرته من الفيوم، وكان جده عبد الله طه على الرزيقي من أعيان الفيوم، وكان والده القائم مقام "رتبة عقيد حاليًا"، محمد رياض عبد الله، قائد بلوكات الطلبة بالكلية الحربية، والتي تخرج على يديه الكثيرين من قادة المؤسسة العسكرية. درس في كتاب القرية وتدرج في التعليم حتى حصوله على الثانوية العامة من مدرسة الخديوي إسماعيل، والتحق بكلية الطب بناء على رغبة أسرته، ولكنه بعد عامين من الدراسة فضل الالتحاق بالكلية الحربية التي كان متعلقا بها علي غرار الأب. انتهى من دراسته بالكلية الحربية في عام 1938 برتبة ملازم ثان، وحصل علي شهادة الماجستير في العلوم العسكرية عام 1944 وكان ترتيبه الأول، وأتم دراسته كمعلم مدفعية مضادة للطائرات بامتياز في إنجلترا عامي 1945 و 1946. أجاد عدة لغات منها الإنجليزية والفرنسية والألمانية والروسية، وانتسب أيضا لكلية العلوم لدراسة الرياضيات البحتة، ثم التحق وهو برتبة فريق إلى كلية التجارة، لإيمانه بأن الإستراتيجية هي الاقتصاد. أتم دراسته بأكاديمية ناصر العسكرية العليا، وحصل على زمالة كلية الحرب العليا عام 1966، في عامي 1962 و1963 اشترك وهو برتبة لواء في دورة خاصة بالصواريخ بمدرسة المدفعية المضادة للطائرات حصل في نهايتها على تقدير الامتياز. صديق فلسطين يعتبر واحدًا من أشهر العسكريين العرب في النصف الثاني من القرن العشرين، حيث شارك في الحرب العالمية الثانية ضد الألمان والإيطاليين بين عامي 1941 و 1942، وشارك في حرب فلسطين عام 1948، والعدوان الثلاثي عام 1956، وحرب 1967 وحرب الاستنزاف. وفي عام 1941 عين بعد تخرجه في سلاح المدفعية، وألحق بإحدى البطاريات المضادة للطائرات في المنطقة الغربية، واشترك في الحرب العالمية الثانية ضد ألمانيا وإيطاليا. خلال عامي 1947 – 1948 عمل في إدارة العمليات والخطط في القاهرة، وكان همزة الوصل والتنسيق بينها وبين قيادة الميدان في فلسطين، ومنح وسام الجدارة الذهبي لقدراته العسكرية التي ظهرت آنذاك، في عام 1951 تولى قيادة مدرسة المدفعية المضادة للطائرات وكان وقتها برتبة مقدم. وفي عام 1953 عين قائدا للواء الأول المضاد للطائرات في الإسكندرية، ومن يوليو 1954 وحتى أبريل 1958 تولى قيادة الدفاع المضاد للطائرات في سلاح المدفعية. وسافر في 9 أبريل 1958 في بعثة تعليمية إلى الاتحاد السوفيتي لإتمام دورة تكتيكية في الأكاديمية العسكرية العليا، وأتمها في عام 1959 بتقدير امتياز وقد لقب هناك بالجنرال الذهبي. وفي عام 1960 بعد عودته شغل منصب رئيس أركان سلاح المدفعية، وأصبح نائب رئيس شعبة العمليات برئاسة أركان حرب القوات المسلحة عام 1961 وأسند إليه منصب مستشار قيادة القوات الجوية لشؤون الدفاع الجوي. وعين رئيسا لأركان القيادة العربية الموحدة في عام 1964، ورقي في عام 1966 إلى رتبة فريق. وفي مايو 1967، وبعد سفر الملك حسين للقاهرة للتوقيع على اتفاقية الدفاع المشترك، عين الفريق قائدا لمركز القيادة المتقدم في عمان، فوصل إليها في الأول من يونيو 1967 مع هيئة أركان صغيرة من الضباط العرب لتأسيس مركز القيادة، وحينما اندلعت حرب 1967 عين الفريق قائدا عاما للجبهة الأردنية. وفي 11 يونيو 1967 اختير رئيسا لأركان حرب القوات المسلحة المصرية فبدأ مع وزير الحربية والقائد العام للقوات المسلحة الجديد الفريق أول محمد فوزي إعادة بنائها وتنظيمها. وفي عام 1968 عين أمينا عاما مساعدا لجامعة الدول العربية. حكيم العسكرية حقق الفريق، انتصارات عسكرية في المعارك التي خاضتها القوات المسلحة المصرية خلال حرب الاستنزاف، مثل معركة رأس العش، التي منعت فيها قوة صغيرة من المشاة سيطرة القوات الإسرائيلية على مدينة بور فؤاد المصرية، الواقعة على قناة السويس، وذلك في آخر يونيو 1967، وتدمير المدمرة الإسرائيلية إيلات في 21 أكتوبر 1967 وإسقاط بعض الطائرات الحربية الإسرائيلية خلال عامي 1967 و 1968 وتدمير 60% من تحصينات خط برليف، الذي تحول من خط دفاعي إلى مجرد إنذار مبكر. صمم الخطة 200 الحربية التي كانت الأصل في الخطة جرانيت، التي طُورت بعد ذلك لتصبح خطة العمليات في حرب أكتوبر تحت مسمى بدر. الأوسمة والميداليات حصل على العديد من الأنواط والأوسمة، منها ميدالية الخدمة الطويلة والقدوة الحسنة، وسام نجمة الشرف، وسام الجدارة الذهبي، وسام الأرز الوطني بدرجة ضابط كبير من لبنان، وسام الكوكب الأردني طبقة أولى. مأثورات الراهب «لن نستطيع أن نحفظ شرف هذا البلد بغير معركة.. عندما أقول شرف البلد، فلا أعني التجريد، وإنما أعني شرف كل فرد.. شرف كل رجل وكل امرأة». «أنا لست أقل من أي جندي يدافع عن الجبهة، ولابد أن أكون بينهم في كل لحظة من لحظات البطولة». «إذا وفرنا للمعركة القدرات القتالية المناسبة، وأتحنا لها الوقت الكافي للإعداد والتجهيز، وهيئنا لها الظروف المواتية، فليس ثمة شك في النصر الذي وعدنا الله إياه». «لا أصدق أن القادة يولدون، إن الذي يولد قائدا هو فلتة من الفلتات التي لا يقاس عليها كخالد بن الوليد مثلا، ولكن العسكريين يصنعون، يصنعهم العلم والتجربة والفرصة والثقة.. إن ما نحتاج إليه هو بناء القادة وصنعهم، والقائد الذي يقود هو الذي يملك القدرة على إصدار القرار في الوقت المناسب، وليس مجرد القائد الذي يملك سلطة إصدار القرار».