«وزير الخارجية الذي لم يتقيد بالأطر الدبلوماسية.. وخرج بقرارات وتصريحات غير مألوفة أثارت الجدل تارة، وأثارت الدهشة تارة أخرى».. إنه السفير أحمد أبو الغيط، الذي تولى حقيبة وزارة الخارجية منذ يوليو 2004 حتى مارس 2011، والذي ترجح مصادر بأنه الاسم الذي قامت مصر بتقديم أوراق ترشحه الأحد 28 فبراير، لمنصب الأمين العام لجامعة الدول العربية خلفا ل د.نبيل العربي. أبو الغيط.. مواقف شجاعة «بوابة أخبار اليوم» تحاول في السطور القادمة طرح مجموعة من المواقف التي قد تكون دفعت الحكومة المصرية، لترشيح أحمد أبو الغيط لمنصب الأمين العام لجامعة الدول العربية ، والتي ربما يكون أحد أركانها الأساسية أن الوضع الراهن لمصر والمنطقة العربية، يحتاج شخصية تمتلك قدر كبير من الشجاعة والقوة التي تمكنها التصدي للأزمات التي تشهدها بلداننا العربية. وأحمد أبو الغيط، ظل متنقلا في دروب سلك الدبلوماسية المصرية زهاء أربعة عقود، مثل فيها القاهرة في عواصم ومحافل كبيرة، ومنذ عام 1965، بدأ التدرج في رحلة وظيفية طويلة تنقل أثناءها بين سفارات بلاده في نيقوسيا وموسكو وروما ونيويورك، وبين الدواوين والسكرتاريات الخاصة بالوزارة ورئاسة الحكومة، قبل ينتهي به المطاف ممثلا لبلاده لدى الأممالمتحدة في 1999 ليظل في ذلك المنصب خمس سنوات، إلى أن طفا اسمه إلى السطح مع تكليفه برئاسة دبلوماسية بلاده عام 2004، حيث أصبح واجهة للنظام المصري ومواقفه. وفي زهاء أربعة عقود في ردهات الدبلوماسية، كان لأبو الغيط - الذي لم يعرف له ولاء حزبي أو انتماء فكري أو سياسي – العديد من المواقف التي قد يصفها البعض بأنها خروج عن الدبلوماسية، نحاول أن نستعرض أبرزها في السطور القادمة: أبو الغيط الصادم في يونيو 2007، أعلن وزير الخارجية، عن وجود إيراني في غزة في أعقاب انقلاب حماس على السلطة، وفي اليوم التالي تدخل رئيس البلاد في حينها حسني مبارك لضبط الإيقاع والانفعالات لنفى وجود إيراني في غزة. في يناير 2008 أعلن أبو الغيط إلغاء اجتماعات اللجنة السياسية للمشاركة المصرية الأوروبية احتجاجاً على تقرير للبرلمان الأوروبي بشأن حالة حقوق الإنسان في مصر غير مكتف برد فعل مجلس الشعب «برلمان يرد على برلمان» بمقاطعة الاجتماعات البرلمانية الأورومتوسطية، وذلك على الرغم من أن حل الخلافات بالوسائل السلمية وعبر الحوار - وليس المقاطعة - مبدأ ثابت من مبادئ السياسة الخارجية المصرية قبل أبو الغيط. وما لبثت وزارة الخارجية ومجلس الشعب أن تراجعا عن المقاطعة وشارك رئيس المجلس في الاجتماعات البرلمانية في أثينا في شهر مارس، وشارك وزير الخارجية في اجتماعات المشاركة المصرية الأوروبية ببروكسيل في شهر أبريل من نفس العام. في أبريل 2008 وردا على اقتحام عناصر فلسطينية من حركة حماس الحدود أعلن وزير الخارجية، أن مصر «ستقطع رجل» كل من يحاول اقتحام الحدود في تصريح أبعد ما يكون عن الدبلوماسية. في يوليو 2008 احتجت وزارة الخارجية على فيلم تسجيلي إيراني عن الرئيس الراحل أنور السادات بعنوان «إعدام فرعون»، وبرغم إدانة وزير الثقافة الإيراني «الحكومة» للفيلم، إلا أن الخارجية كان لها رد فعل شديد اللهجة، وبعدها ألغى رئيس اتحاد كرة القدم مباراة دولية ودية بين المنتخبين المصري والإيراني. في ديسمبر 2008 الهجوم الإسرائيلي على قطاع غزة من الفترة 27 ديسمبر 2008 إلى 18 يناير 2009، وهي عملية عسكرية ممتدة شنها الجيش الإسرائيلي على قطاع غزة في فلسطين. وجاءت العملية بعد انتهاء تهدئة دامت ستة أشهر كان قد تم التوصل إليها بين حركة حماس من جهة، وإسرائيل من جهة أخرى، برعاية مصرية في يونيو 2008، وخرقت التهدئة من قبل الجانب الإسرائيلي وعدم التزامه باستحقاقاته من التهدئة من حيث رفع الحصار الذي يفرضه على القطاع وبالتالي عدم قبول حماس لتمديد التهدئة وزير الخارجية في حينها، أحمد أبو الغيط، قام بلوم حماس، وحملها مسؤولية ما يحدث في غزة، وقال في تصريح له: إن «مصر قامت بتحذير حماس منذ فترة طويلة بأن إسرائيل ستقوم بالرد بهذا الأسلوب» مضيفا: «فليتحمل اللوم هؤلاء الذين لم يولوا هذا التنبيه أهمية»، في إشارة إلى حركة حماس. ثورة 25 يناير 2011 قبيل اندلاع ثورة 25 يناير، وصف أبو الغيط، المخاوف من انتقال ما أطلق عليه العدوى التونسية إلى دول عربية أخرى بأنه «كلام فارغ»، لافتا إلى أن لكل مجتمع ظروفه التي لا تتشابه مع المجتمع التونسي. وأثناء الثورة ظهر أبو الغيط، في لقاء على قناة العربية، وذكر، أن أسباب اندلاع الثورة هي نتائج انتخابات مجلس الشعب التي أجريت في 28 نوفمبر 2010، والتي اتهمها معارضو النظام بأنها انتخابات مزورة، وأيضًا تقدم سن الرئيس مبارك وعدم معرفة خليفته في الحكم والحديث عن التوريث أو عدمه كان من الأسباب الضاغطة لاندلاعها، حسب ما صرح وقتها. وعلى جانب أخر، رد على المطالبات الأمريكية للنظام المصري، بتطبيق إصلاحات فورية، قائلا: إن «ذلك يعني فرض الإرادة الأمريكية على مصر». ولوح بأن القوات المسلحة المصرية قد تضطر إلى التدخل في حال حدوث فوضى وذلك لاستعادة زمام الأمور. أبو الغيط، رد أيضا، على المرشد الأعلى للثورة الإسلامية في إيران، علي خامنئي، الذي قال: إن «أسباب اندلاع الثورة هي سياسة الرئيس مبارك الموالية للولايات المتحدة وإسرائيل»، وجاء رد أبو الغيط: «بأن كلامه يكشف عن مكنون ما يعتمل في صدر النظام الإيراني من أحقاد تجاه مصر ومواقفها السياسية، وأنه لم يتفاجئ بما تضمنته خطبة خامنئي من تطاول على مصر» وأعيد تعيينه وزيرًا للخارجية في الحكومة الأخيرة لعهد مبارك برئاسة أحمد شفيق، والتي شكلت أثناء اندلاع الثورة، والتي أصبحت حكومة تسيير أعمال بعد تنحي الرئيس مبارك. ربما المواقف التي تجرد فيها الوزير أحمد أبو الغيط، من رداءه الدبلوماسي في العديد من المواقف والأزمات، أحد الأسباب الرئيسية لترشيح الحكومة المصرية لأحمد أبو الغيط لمنصب الأمين العام لجامعة الدول العربية، في ظل جملة الملفات والأزمات التي تعاني منها المنطقة العربية، والتي تستدعي خلع رداء الدبلوماسية لبعض الوقت.