إذا كنا نقر أن في الصحافة أساتذة.. فإن الحق الذي لا يقبل تشكيكا أن مصطفي أمين هو أستاذ الأساتذة في مهنتا المقدسة شاء من شاء وأبي من أبي يظل العملاق عملاقا مهما حاول الأقزام القفز فوق ظهورهم.. يظل العملاق عملاقا والقزم قزما.. أقول هذا بمناسبة ما يتردد بين الحين والآخر عن اتهامات لعملاق الصحافة المصرية ومجددها أستاذنا مصطفي أمين.. كثيرون يعرفون القضية الشهيرة التي تم تلفيقها للراحل العظيم.. واتهامه بتهمة هو أبعد ما يكون عنها.. وأكرر ملفقة لأن المنصفين يدركون كيف كانت تدار الأمور في العصر الذي شهد القضية.. وكيف كانت تلفق الاتهامات وتصدر الأحكام بلا دليل أو سند.. سوي القرب والبعد عن النظام وقتها أو لوشايات المتربصين بالرموز. وفي وسطنا الصحفي يدرك الكثيرون سبب القضية التي زجت بالعملاق خلف القضبان.. والتنافس حول من يصبح الأقرب للزعيم جمال عبد الناصر ومن يسعي لأن يكون كبير الكهنة أو الكاهن الأوحد.. وفي جنازة مصطفي أمين اقترب مني عجوز وعندما علم أنني من أبناء الراحل في الأخبار أخبرني أنه كان مسئولا بالسجن الذي كان يقبع به مصطفي أمين.. وروي لي كيف كانت تصلهم الأوامر بإهانته وتعذيبه وسحله وكسر إرادته.. وكيف كان يحضر أحد كبار الكهنة للسجن ليتأكد بنفسه من تنفيذ تلك الأوامر.. بل وطلب منهم تسجيل حتي أنفاس مصطفي أمين وإطلاق بعض عتاولة السجن عليه لإجباره أن يعترف بالجاسوسية ودفعه دفعا من خلال تكثيف التعذيب لأن يسب عبد الناصر ونظامه.. الرجل أشهد الله علي كلامه هذا.. وأنا أشهد الله أنني أنقله دون زيادة بل ربما بنقصان. وعودة للقضية الملفقة..يكفي شهادة المستشار محمد عبد السلام الذي كان النائب العام وقت القضية والذي كتب في مذكراته « سنوات عصيبة.. مذكرات نائب عام « انه أبلغ صلاح نصر أن قضية مصطفي أمين لو جاءت أمامه بالكيفية المحال بها لأعطاه براءة من أول جلسة.. لكن من كان يجرؤ علي مخالفة صلاح نصر وإتهامه!! لكن ماذا نقول عمن يريد النبش في أمور ذهبت وتوارت وهدفه من هذا.. لا أقول هذا ردا علي ما نشر من كلام منسوب لنقيب الصحفيين الأستاذ يحيي قلاش.. فالرجل حضر أمس لمؤسستنا وشارك في اجتماع مجلس تحرير الأخبار ونفي هذا الكلام تماما وقال في الراحل العظيم ما يستحقه.. لكن أتعجب من بعض الفصائل السياسية والهائمين ولعا برموز صحفية فيهاجمون مصطفي أمين حبا وتيها في معشوقيهم !! وإذا كان نقر أن في الصحافة أساتذة.. فإن الحق الذي لا يقبل تشكيكا أن مصطفي أمين هو أستاذ الأساتذة في مهنتا المقدسة شاء من شاء وأبي من أبي.. وإذا كنا نقول ان الجماهير وبسطاء المصريين هما الحكم في أي لبس والقول الفصل في أي خلاف.. فجنازة أستاذنا ورمز مهنتنا خير رد علي المشككين والمتربصين.. ففي الوقت الذي امتنع فيه العامة عن جنازات رموز وقمم صحفية.. كان الأمر مختلفا مع فقيد الأمة مصطفي أمين.. فبمجرد خروجنا بجثمانه من باب مؤسستنا العريقة تخطف النعش منا الآلاف من محبيه الغلابة.. تعالت صرخاتهم في عفوية.. وانطلقت أدعيتهم بمصداقية طفل فقد أباه الحنون.. وهو ما لم يحدث مع غيره. لقد رحل مصطفي أمين ولم يترك لورثته عزبا ولا أطيانا ولا مليارات أو حتي ملايين.. لكنه ترك لهم ما هو أكبر.. ترك لهم ولنا مؤسسات خيرية ترعي البسطاء والمكروبين.. وترك لنا شعارا مازلنا نحفظه عن ظهر قلب.. ان الصحافة الوطنية الخالدة هي صحافة الشعب والمحكومين لا صحافة الحكام والمسئولين.. وأن الدفاع عن حرية وكرامة المواطن أكبر قدسية من تأليه الحكام وتضليل الناس عمن يغتالون تلك الحرية. أستاذنا ومعلمنا ومصدر فخرنا وعزنا في مؤسستنا أخبار اليوم.. نم واسترح.. فلن ينال منك أي جاحد أو متربص.. ولن تخلدك لافتة حتي ولو ذهبية علي باب قاعة أو مبني او حتي محافظة بأسرها.. فقد خلدك من هم أهم منا جميعا.. الغلابة الذين مازالوا وسيظلون يدعون لك بالرحمة والمغفرة.. اما نحن فسنظل لدروسك حافظين وتوجيهاتك منفذين وعنك وعن تاريخك مدافعين.