أشعر بقلق شديد كلما يصفع أذنى تصريح جديد لوزير خارجية أمريكا وغيره من المسئولين الأمريكيين والأوروبيين بأنه «مع احتمال فشل الحل السياسى فى سوريا يصير من الضرورى التدخل العسكرى البرى»! «من إذن يتدخل برياً يا أخ «كيرى»؟!) «البركة فى العرب طبعاً.. هم من يدفعون قواتهم إلى سوريا لفرض الحل العسكرى، أما نحن فى أمريكا وبريطانيا وفرنسا وبقية حلفائنا فسوف نكتفى بأن نحارب من الجو فتقذف طائراتنا بقنابلها وصواريخها، وكفى الله (GOD) الغربيين شر القتال البرى!!» يدور هذا الحوار المستفز، وما أكاد أستجمع أعصابى، حتى تصفع أذنى وقلبى تصريحات من دول عربية شقيقة نحبها ونعتز بها ولا نشك لحظة واحدة فى وطنية وعروبة قادتها، بأن ثمة قبولاً لما تشير به أمريكا واستعداداً للتدخل البرى فى سوريا تحت مظلة إنقاذها من حكم بشار الأسد. إننى - والقلق يعتصرنى - أناشد السعودية والإمارات والبحرين وكل الدول العربية «باستثناء قطر» وأقول لهم: «أرجوكم.. ويرجوكم كل عربى ألا تنزلقوا فى تلك الحرب القذرة» كما وصفها خبراء وكتاب من قلب أمريكا وأوروبا، وكما سأسجل ما يؤكد ملامحها القذرة.. أما لماذا استثنى «قطر» من مناشدتى بعدم الانزلاق إلى هذه الحرب، فذلك لأنها تجاوزت مفهوم الانزلاق حيث إنها ضليعة بالفعل فى إشعال هذه الحرب، وشريكة بالفعل فى «مخطط الشرق الأوسط الأمريكى الصهيونى» الذى يرى أن الدور جاء على سوريا لتلحق بمصير العراق وتتمزق وتتحول إلى أربع دويلات أو كنتونات طائفية متصارعة لا تملك كل منها إلا الركوع تحت أقدام إسرائيل وأمريكا، ويؤكد ذلك أكثر من تصريح مثلما جاء فى مذكرة «كولن باول» وزير الخارجية الأمريكى أثناء حكم «بوش الابن» حيث قال: «إن النجاح ضد العراق سيحقق نجاحات أخرى فى المنطقة!!» وقد أكدت قطر التزامها وإخلاصها المخزى لذلك المخطط فقامت بالتمويل والتمهيد للإرهابيين من القاعدة وداعش والنصرة لينطلقوا إلى داخل سوريا ويعيثوا فيها رعباً وإجراماً حتى يسقط الجيش، وتسقط الدولة، هذا والمعروف للقاصى والدانى أن قطر وتركيا متورطتان فيما يحدث فى سوريا وليبيا والعراق، وحتى اليمن، التى تدعى قطر أنها تساند قوات التحالف العربى «علشان سواد عيون السعودية» يتضح ويتأكد أن ما يجرى على الأرض اليمنية «هو واستنزاف لقوات وإمكانيات السعودية والدول الخليجية». أعود فأقول لقادتنا وزعمائنا العرب - باستثناء من شارك فى التخطيط والتنفيذ للحرب السورية القذرة، أرجوكم ان تتذكروا ما أعلنته أمريكا وحلفاؤها عن أهداف هذه الحرب، وان كانت الذاكرة لا تسعفكم فاسمحوا لى أن أضع أمامكم هذه الحقائق والاعترافات والشهادات التى تجسد نوايا ومخططات أعداء أمتنا العربية: ١- ما أشرت إليه آنفا عن حديث وزير خارجية أمريكا الأسبق «كولن باول» عن أهمية إسقاط العراق لتسقط بعدها دول عربية أخرى. ٢- السيد «هنرى كيسنجر» كمسئول أمريكى سابق فى أعلى المستويات عن الأمن القومى، وكخبير ومفكر تراكمت لديه المعلومات والأفكار على مدى عمره الذى يمتد إلى «التسعين»، قال مؤخراً إن أمريكا فى سبيلها للقضاء على الشرق الأوسط واخضاعه بقوة السلاح بعد أن تكون جيوش دوله «العربية طبعاً» قد خارت قواها وتفككت وتحللت كما حدث للجيش العراقى بخطة «بريمر» خلال الغزو الذى أطاح بالدولة العراقية الشقيقة، هكذا قالها الثعلب الأمريكى العليم بأمورهم، ولعله كله يتجه بنظره وفكره صوب سوريا وهو يطلق ذلك التصريح ويراها جاهزة لتدمير ما يمكن تدميره من جيوش عربية!! ٣- الكاتب والبروفيسور الأمريكى «تيم أندرسون» قال فى كتابه: إن ما يجرى فى سوريا هو «حرب قذرة» بكل ما فى الكلمة من معنى، أسلحتها الحملات الإعلامية الممنهجة لتشويه النظام السورى الحاكم، والغارات الجوية بدعوى ضرب الإرهاب، واستقطاب بعض قوى المعارضة، والاستعانة بقطر وتركيا فى تمويل داعش وغيرها حتى بتوفير «غاز السارين» لتستخدمه المعارضة ويتم إلصاق التهمة بالجيش السورى!!. ٤- السيد «جو بايدن» نائب الرئيس الأمريكى قال: «وكأنه يقدم الشكر للدوحة وأنقرة» انهما يقومان بدورهما فى الحرب السورية خير قيام من تدعيم للتنظيمات الإرهابية والمعارضة المسلحة!. ٥- الجنرال «مارتن ديمبسى» قائد القوات الأمريكية أكد هو الآخر منذ شهور ما يجسد جوانب وأبعاد الحرب السورية القذرة وتسليح قطر وتركيا للجماعات المتطرفة بما فيها داعش والقاعدة والنصرة ووضعهم فى سلة واحدة مع «السنة المعتدلين» من أجل التضليل وإخفاء الدور الذى ترتكبه هذه الجماعات!! وبالتالى الإجهاز على النظام والدولة السورية. تلك بعض الحقائق - كما جاءت على ألسنة من هم وراء مخطط الشرق الأوسط الجديد ومرحلته الحالية المسماة - حسب تعبيرهم - بالحرب السورية القذرة، فهل أعيد رجائى ومناشدتى بألا تنزلق جيوش عربية محترمة فى هذه الحرب مهما كانت سبل الإغراء والإقناع والتضليل من محترفى هذه السبل الذين لا يحملون لدولنا العربية أى خير؟!