شهدت الأغنية الرومانسية عديد من التغيرات عبر الزمن، فكانت الرومانسية مفعمة بالمشاعر الجياشة، فى زمن "أم كلثوم" و"حليم"، حتى بدأت الأغناى الشعبية، تطفو على السطح بقوة وتسيطر على السوق الغنائى. "ملامح الأغنية الرومانسية اختفت"، هكذا قال الموسيقار حلمى بكر، مضيفًا: "ظهر جيل غير فاهم للأغنية يتبع التقليد الأعمى للأغانى الأجنبية، فهو يسمع ويقلد بلا إحساس وبلا فهم ووعى، وهذه مشكلة الأغنية، فلا يوجد تطور أو تنوع حتى تعطيك ملامح، فالأغنية الرومانسية الآن أصبحت عبارة عن رأس بلا تفاصيل وباتت منسوخة ومكررة". يستكمل: "الأغنية الرومانسية ما زالت موجودة، ولكن فئة "ضالة"هيمنت عليها، وفرضت علينا نوعية معينة من الأغانى الهابطة، وما هو موجود الآن لا يطلق عليه كلمة أغنية شعبية، لأن الشعبية أكثر شاعرية". وفيما يخص الأغنية الرومانسية وعودتها إلى مكانتها، يرى "بكر" أن ذلك يحدث عندما يستقر المجتمع وينمو إقتصاديآ وسياسيآ وإجتماعيآ وينمو فكريآ، قائلا: "نعود لقيمنا وأخلاقنا لأننا ما زلنا نسمع عبد الحليم وأم كلثوم وعبد الوهاب، ولا يمكن مقارنه هذا الجيل بأى جيل، وعمرو دياب هو مطرب هذا الجيل، ولكن لا يمكن مقارنته بجيل عبد الحليم لإختلاف الزمن، وإختلاف ما يقدمه الزمن ويعتبر زمن عبد الحليم أرقى زمن وأحسن أغنية رومانسية صدرت فيه، لأنه ملك الرومانسية، حيث كان ينقل الاحساس والمشاعر، وما يقصده الشاعر، وعندما كان يغنى أغنية حزينة، الكل يبكى لأنها كانت أغنية حسية، أما الآن، فأصبحت الأغنيه لفظية، ولذلك لا بد أن نرتقى أخلاقيآ ولا نسمع كل ما نقابله". "جريمة" أما الموسيقار هانى شنوده فيقول: "قامت "فرقة المصريين" على فكرة رفض "الحب المرضى"، وأعلت من قيمة الحب الذى يبنى الأسرة، لأنها نواة المجتمع، لكن الناس اخذت هذا الرفض بطريقة سيئة وبذيئة، وكان لا بد أن نرصد الحب المرضى بمعنى أنه لا يمكن أن تتخيل أن أحد يتمنى أن يكون "شبشب حببته" أو "منديلها"،هذا سيئ". يضيف "شنودة: "معظم الأغانى الحالية كلامها مرفوض، وأنا أتعجب كيف لدينا رقابة على المصنفات الفنية، ويتم السماح لأغانى على شاكلة "أديك فى الجركن تركن"، فهذا جريمة، يجب محاسبة كل من شارك فيها". "إندثار" بينما يرى الموسيقار صلاح الشرنوبى أن معنى الحب عند الشباب اليوم، لم يكن بنفس قوته وتفوقه فى الزمن السابق، قائلا: "كانت الدنيا لسه بخير فى كل المعانى وكل القيم، والمشكلة الآن أن الرومانسية عند الشباب قلت، ومعانى الحب إندثرت، وأصبح الحب أيضا مختلف وله طقوس مختلفة عن الأزمنة السابقة ومفاهيم الشباب إختلفت وصناعة المزيكا إختلفت، فالكلمة تأثرت وإختلفت مفرداتها، وبالتالى المشاعر اختلفت وأصبحت الأغنيه لا كلام ولا لحن ولا قالب التوزيع الموسيقى يصل إلى وجدان الشباب أو وجدان المستمع". "سرعة الحياة" الشاعر هانى عبد الكريم يقول: "نتيجة كثرة القنوات لم تقدم الأغنية الرومانسية بشكلها الرومانسى، ولم تظهر تناغم كلماتها الملموسة الشاعرية، ويجب أن يتوافر فى المتلقى قدر من الرومانسية التى تأهله لكى يتلقاها، ولكن سرعة الحياة والتطور لم يعطيها حقها، وذلك بخلاف زمن عبد الحليم وأم كلثوم وفترة شعرائنا الكبار "مرسى جميل "وعزيز حسين السيد" هذه الفترة التى تعتبر أرقى، وقت ظهرت فيها الأغنية الرومانسيه، لأنه كانت طبيعة الناس تسمح أن تتلقى موضوع أو أغنية رومانسية، وكان ذلك يعطى للشاعر مساحة فى أن يقدم شيئًا عظيمًا ، ولكن الآن لم تتواجد هذه المساحة، وأيضا الأداة التى توصل هذا العمل للجمهور كانت مقتصرة على السينما والراديو، لكن الأن أصبحت الرومانسية لم نسمعها إلا فقط فى الرقصة الهادئة والسبب يرجع إلى تغيير ظروف المجتمع لأن الفن يعكس هذه الظروف". يضيف عبد الكريم: "لك أن تتخيل منتج الأغنية أو المطرب يميل أكثر إلى الأغنية الشعبية أو ذات الرتم السريع، وأوقات كثيرة يطلبها بالاسم فالموضوع أصبح كسب مادى وليس تقديم عمل فنى راق، وأصبحت غير حقيقية، ولكن عند نجاح الأغنية الرومانسة، وتنال إعجاب الجمهور هذا يرجع إلى أن الموضوع يكون من القلب وليس من الجيب، وهذا الذى نعيشه الآن". بينما يرى الشاعر أمير طعيمة أنه يوجد تطور فى بعض الأغانى وتدهور فى البعض الأخر، فالتطور كبير جدا وملحوظ فى الأغنية الرومانسية مثل ما يقدمه "أنغام وحماقى وشيرين"، وإذا لم يوجد تطور كانت اختفت ولم تستمر وتعيش مع الجمهور حتى مائة عام. وعن سبب انتشار الأغانى الشعبية، يضيف "طعيمة: "إنتشار الأغنية الشعبية يرجع إلى كثرة العشوائيات فى مجتمعنا والجهل وأصبحت لها جمهورها ولا يمكن أن نلقى اللوم عليه، لأنك لم تؤهله ثقافيا وإجتماعيا، ومع ذلك لم تختف الأغنية الرومانسية وعلى كل شاعر أن يقدم أفضل ما لديه ولا يمكن أن نجبر أحد على عدم سماعه للأغانى الهابطة، هذه حرية والفن الهادف يستمر ويبقى".