مدير تعليم القاهرة: لا تهاون في الصيانة واستعداد كامل لاستقبال الطلاب    خبير اقتصادي: السردية الوطنية ترسم رؤية مصر للتنمية حتى 2030    "الموقف العربي المُوحّد" .. مراقبون: التطبيع النشط وتجارب القمم السابقة لا تدفع للتفاؤل بوقت الردع    (حماس) توجّه رسالة مفتوحة إلى قمة الدوحة .. ماذا لو شارك أحد قادتها فعاليات الاجتماع الرئيسي؟!    " الدب الداشر" على خُطى "شيطان العرب" .. الرياض تُلاحق واشنطن في عقوبات على الإخوان بالسودان بدلا من مليشيا التمرد    الكرملين: اغتيال تشارلي كيرك نتيجة للاستقطاب في المجتمع الأمريكي    مشاهد مثيرة من مباراة الأهلى وإنبي.. فيديو    بيراميدز يضرب موعدا مع أهلي جدة في كأس الإنتركونتيننتال    "يكون نجم".. أبو تريكة يتغنى بعصام الحضري في ستديو بي إن سبورت    بلطجي المطرية في قبضة الشرطة بعد فيديو صادم على السوشيال    قبل المحاكمة.. التسلسل الزمني لجريمة "العيش المسموم" بالمنيا (صور)    "فستان شفاف".. أحدث جلسة تصوير جريئة ل هيفاء وهبي تخطف بها الأنظار    قطع الكهرباء عن عدد من المناطق بمدينة بنها.. لهذا السبب    وزير الزراعة: أزمة الأسمدة تعود لتوقف المصانع بسبب الحرب.. المخزون الاحتياطي أنقذ الموسم    آمال ماهر: أغنية «حاجة غير» شبهي.. وحب الجمهور غذاني    التطعيمات والفيتامينات: درع وقاية من الأمراض الموسمية في المدارس    شاهد ملخص فوز كروفورد على كانيلو في نزال القرن والأغلى بالملاكمة    بي إس جي ضد لانس.. باريس يتقدم في الشوط الأول وإصابة كفاراتسخيليا    وكيل «تموين الشرقية»: خطة عمل لتعزيز الرقابة على الأسواق والمخابز    مطرانية المنيا للأقباط الأرثوذكس تصلي على جثمان الكاتب الصحفي والمفكر الراحل سليمان شفيق    موقف نجم الهلال من اللحاق بمباراة الدحيل القطري    سيني جونة لدعم إنتاج الأفلام يكشف عن تفاصيل دورته الثامنة    إعلامى بحرينى: قمة الدوحة أمام مفترق طرق.. "إما بيانات شجب أو قرارات رادعة"    تفاصيل إصابة تامر حسني بكسر في القدم    ما تسكتلهمش.. 4 أبراج بيحبوا يحرجوا اللي حواليهم    موعد شهر رمضان 2026 وأول أيامه فلكيًا.. فاضل 156 يومًا    أخبار كفر الشيخ اليوم.. المحافظ يتفقد عددًا من المصانع بالمنطقة الصناعية بمطوبس    خبير سياسي: الرهان على واشنطن لتقويض السلوك الإسرائيلي العدواني بات غير واقعي    كيف تجد أرخص تذكرة طيران    الوطنية للصحافة تواصل الاستماع لمقترحات خارطة الطريق الإعلامية    ما حكم عمل المقالب في الناس؟.. أمين الفتوى يجيب    الداخلية تكشف ملابسات ادعاء سيدة باقتحام الشرطة لمنزلها بالمنوفية    محمود محيي الدين: «حياة كريمة» أفضل مبادرة في ال15 عامًا الأخيرة    5 مشروبات دافئة تقوي المناعة وتخفف أعراض البرد    جامعة قناة السويس تستقبل وفد منطقة الوعظ بالإسماعيلية لبحث التعاون    مدير تعليم المنوفية يناقش استعدادات العام الدراسي الجديد    مستشفيات سوهاج الجامعية تطلق نظام الحجز الهاتفي للعيادات الخارجية لتخفيف الزحام    توزيع حقائب مدرسية وأدوات مكتبية على الأيتام والأسر غير القادرة بمطروح    شركة مياه الشرب تعلن عن وظائف جديدة بمحافظات القناة    "فيشر موجود وأسد مش صح".. شوبير يكشف تحركات الأهلي في الساعات الماضية    «صلاح من بينهم».. أبوتركية ينتقد لاعبي ليفربول: «لابسين بدلة وبيلعبوا بالشوكة والسكينة»    منال عوض تلتقي الجهات المنظمة لاحتفالية افتتاح المتحف المصري الكبير    تقديم الخدمات الطبية لأكثر من 284 ألف مواطن ضمن "100 يوم صحة" بالمنيا    البنك الأهلي يساهم ب 60 مليون جنيه لصالح وحدة "الايكمو" من خلال لجنة زكاة طوارئ قصر العيني    تشيلسي يرسل كشافة لمراقبة جناح يوفنتوس التركي كينان يلديز    حتى المساء.. أمطار غزيرة على هذه المناطق في السعودية    منظومة شرطية إنسانية.. الجوازات تقدم خدماتها للحالات الطارئة بكفاءة    شاعر غنائي يثير القلق حول الحالة الصحية ل«تامر حسني».. ما القصة؟    نور النبوي يستعد لتصوير «كان يا مكان».. ويواصل صعوده نحو نجومية مختلفة    الصحة: إيفاد كوادر تمريضية لليابان للتدريب على أحدث الأساليب في التمريض    تأجيل محاكمة «موظف» متهم بالاختلاس في المنيا لدور نوفمبر    تعطيل العمل بالقسم القنصلي للسفارة المصرية بالدوحة    السيسي يؤكد أهمية تعزيز الاستثمارات الأجنبية المباشرة وتوفير فرص العمل في قطاع الطاقة الجديدة    هل يجوز أن أنهى مُصليًا عَن الكلام أثناء الخُطبة؟.. الأزهر للفتوى يجيب    ترامب وإدارته يكثفون هجماتهم على المعارضين السياسيين بعد مقتل تشارلى كيرك    «الإفتاء» تواصل عقد مجالسها الإفتائية في المحافظات حول «صلاة الجماعة.. فضائل وأحكام»    الصين تحذر الفلبين من «الاستفزاز» في بحر الصين الجنوبي    د.حماد عبدالله يكتب: حينما نصف شخص بأنه "شيطان" !!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"المعانى فى الأغانى" أول كتاب يكشف خريطة الغناء فى مصر
نشر في مصر الجديدة يوم 21 - 12 - 2009

إنه دائما ما يبهر قارئه بكتاباته المتنوعة بين الأدب والسياسة والفن، يغوص فى عوالم ليسطر تاريخهم بإحساس مرهف فى مواضيع لم يطرقها أحد قبله ليجعلك تستمع لسيمفونية موسيقية وانت تقرأ أحد كتبه أنه حكيم الكتابة العربية "سليمان الحكيم" الذى أخرج لنا أروع طقطوقة غنائية واجمل سيمفونية موسيقية جعلنا نترحم بها على زمن الفن الجميل زمن عمالقة الغناء فى زمن الفيديو كليب عندما نفتح كتابه الجديد "المعانى فى الأغانى" الذى تفوح من بين سطور كلماته نسيم الماضى الجميل.
يأخذ الحكيم فى كتابه الجديد القارئ فى رحلة فى بحر الغناء حيث يتابع أمواجه وهى تعلو وتنخفض ويرسو زورقه على كل شاطئ بين الحين والآخر ليرى هذا البحر من بعيد هل تغير؟ هل اختفت من أعماقه اللآلئ والدرر والجواهر من كلمات وألحان كبار المطربين والشعراء والملحنين؟ كما وصفته نوال على رئيسة تحرير كتاب اليوم فى مقدمتها كتاب الحكيم.
يتحدث الحكيم فى كتابه عن العلاقة بين موسيقار الشعر محمد عبد الوهاب وشاعر الموسيقى أحمد شوقى فيقول: إنه لو لم يكن "شوقي" لما كان "عبد الوهاب" والعكس فلقد وضعت الاقدار أحدهما فى طريق الآخر ليأخذ كل منها بيد الآخر عبر دروب لا يسلكها سوى العباقرة مستعرضًا كيف جعل عبد الوهاب شعر شوقى على السنة العامة بعد أن كان مقصورًا على الملوك والامراء وكيف أوصل "شوقى" "عبد الوهاب" إلى مكانة لم يصل غيره من المطربين فكلاهما أمير فى مملكته فشوقى أمير الشعراء وعبد الوهاب أمير النغم.
يرسو بنا فى المحطة الثانية مع "الست" التى يقول عنها: إن المرأة فى الاغنية العربية هى موضوع الحب وكانت هى المفعول به والمضاف إليه فى جملة الغناء غير المفيدة، ولكن جاءت ام كلثوم لتجعلها الفاعل المرفوع الرأس بالضمة الظاهرة، فهى أتت للغناء فى زمن "الهنك والرنك" فسَمتْ به درجات العظمة.
وراح الحكيم يعرض ثورة أم كلثوم فى الغناء حتى وصل به المدى أن قال إنه عندما ماتت أم كلثوم مات الغناء والطرب ومات قبله الشموخ والعظمة.
بل راح إلى أقصى من ذلك ليعرض ما سماه ب"الدولة الكلثومية" فى الغناء فهى دولة مستقلة لها حدود معترف بها وسيادة لا ينازعها أحد ولها لغتها التى يجب أن يكون من يدخلها ملم بأبجدياتها.
يقول سليمان أن عشرات الشعراء كتبوا لأم كلثوم بالعامية والفصحى ولكن بكلمات لا يستطيع أحد سوى الست ان ينطقها، فهم عندما يكتبون لها يتكلمون وكذلك الألحان، فانظر لأشعار مرسى جميل عزيز وألحان السنباطى وبليغ حمدى والموجى والقصبجى الخاصة بالست وأشعارهم وألحانهم التى كانت لمطربين آخرين وأنت تجد الفرق.
ويتوقف بنا الحكيم فى منتصف الطريق ليطرح سؤالا سأله له الكاتب الكبير جمال الغيطانى: لو أن أم كلثوم على قيد الحياة الى اليوم هل كانت تغنى بطريقة الفيديو كليب السائدة هذه الأيام وتستمر فى الغناء؟
وقبل ان نرهق أنفسنا بالإجابة قال الحكيم: إنها ستختار الطريق الثالث التواقف عن الغناء وترك الساحة، فالذهب لا يباع فى البلاستيك وكانت ستكتفى بالفرجة الممزوجة بالحسرة على ما وصل إليه حال الغناء اليوم، فعندما ماتت أم كلثوم مات الطرب وتجرأ على الغناء كل مغامر وطالب شهرة وبموت أم كلثوم مات كل عباقرة الزمن الجميل من حليم والأطرش وشادية ونجاة وفايزة أحمد وبليغ حمدى وعبد الوهاب والموجى ولم تتبقى سوى وردة التى تجاوبت مع الفيديو كليب.
ويتساءل الحكيم تلك المرة: لماذا ظهر كل العباقرة فى وقت واحد واختفوا فى آن واحد؟
ويستطرد: إنه ظهر فى الوقت الحالى عشرات الأمثال لأم كلثوم وعبد الوهاب وغيرهم من عظماء الطرب والتلحين والشعر ولكن انجرفوا للشهرة والانتشار وتركوا الأصالة فاندثروا عكس زمن العمالقة الذين برعوا بسبب وجود أم كلثوم اسم الأصالة فى الغناء.
ويتطرق إلى مسمى الأغنية الشبابية ويتساءل: هل هى تختلف عن أغانى العواجيز ويأخذنا إلى أن الأغنية هى دليل تقدم المجتمع وتقدم المجتمع مؤشر على تقدم الأغنية، فالأغنية تتأثر بالمناخ الاجتماعى للمجتمع فنجد لكل عصر أغنيته فهناك أغاني الاستقلال عن الدولة التركية وأغانى الكباريهات والخلاعة فى عهد الاحتلال الانجليزى والأغنية الوطنية عام 1919 والأغنية الثورية عام 1952 والأغنية الاستهلاكية السائدة حتى اليوم بعد حرب 1973.
فالأغنية هى "ترمومتر" المجتمع أو جهاز السونار الذى يكشف أعماقه ويكشف أغواره فإذا أردت أن تعرف مجتمعًا فاستمع إلى أغانيه يقول الحكيم ذلك وهو يستوقف أغانى الرومانسية والحب مع تطور المجتمع منذ عبد الوهاب "مريت على بيت الحبايب" حتى بلغ التصريح والدخول فى مجالات أخرى للتعبير عن المشاعر والأحاسيس فى وقتنا الحالى.
ويستعرض كيف أن كل ثورة سياسية تصاحبها ثورة فنية واقتصادية واجتماعية؟ فكيف ظهر سعد زغلول مع ظهور سيد درويش وتوفيق الحكيم ومحمود مختار وطلعت حرب؟ وكيف ظهر عبد الناصر وظهر معه عبد الحليم وعبد الوهاب وأم كلثوم ونجيب محفوظ.
ويخوض بنا الحكيم إلى بداية ظهور الغناء فى لبنان على يد شجرة الأرز اللبنانية فيروز وظهور الرحبانية فقبلهم لم تكن موسيقى للعرب إلا فى مصر وبعدهم أصبحت الموسيقى مصرية لبنانية.
ويتطرق إلى أصالة الاغنية كيف توجد أغاني مشهورة اكثر من مطربيها ومطربين أشهر من أغانيهم بسبب عصر الاستهلاك الغنائى وانتشار الغناء السوقى والكلمات المنحطة والاصوات المتدنية فى سلم الغناء والطرب، ولهذا نعرف السبب فى انتشار مطربات لبنان لتحررهن وتقليدهن للغرب، فكان الغلبة لمطربات لبنان فى عصر الغناء بالجسد وليس بالحنجرة.
ويجعلنا الحكيم نترحم على زمن الفن الجميل عندما يتحدث عن الشخصيات التى "ملهاش زى" كيف نشعر بهم فى كلماتهم عكس حال اليوم الذى لا تعرف فيه المطرب من المطربة.
ويتوقف بنا عند كيفية قيام الغناء بتحقيق القومية العربية وكيف وحد الغناء الوجدان والشعور العربى؟ وكيف صارت الأغنية المصرية هى الطريق لأن تصبح اللهجة المصرية لهجة كل العرب ومثقفيها فلقد ساهمت الأغنية المصرية فى توحيد العرب أكثر من اللغة العربية الفصحى.
ويشرح لنا كيف أن الأغنية هى مرآة واقعها إذا هبط هبطت واذا صعد صعدت؟ وكيف طفت على السطح اغانى اتسمت بالعبثيه بعد نكسة 1967 مباشرة ولكن أعادت حرب 1973 الأغنية الى قضبانها إلا أنها لم تستطع ان تستعيد رونقها ولمعانها الى اليوم فهى مازالت فى غرفة الانعاش.
وتحت عنوان "الأغنية ترتدى الكاكي" يختتم الحكيم كتابه فيقول: إن النكسة أثرت على كل شيء فى مصر كما أثرت على الأغنية وقد فقد الكثير من المطربين والشعراء والملحنين وعيهم وسارعوا بالانسحاب من القيادة إلى ميدان الركاكة والتفاهة وتحولت الأغنية إلى نقد واحتجاج ورفض ووصلت للشماتة والتشفى فى قيادة الثورة ولكن لم تختفِ الأصوات الجيدة فى أحلك الظروف، وجاء النور مع فرقة "أولاد الأرض" لتعيد الأمل وتحمل بشارة النصر وبعدت نفسها عن الإسفاف الذى مازال يسيطر على الغناء حتى اليوم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.