وتلعب البرامج الرياضية التي يقدمها لاعبون سابقون جاءوا مباشرة من الملعب إلي الميكروفون بلا أي تأهيل، دوراً كارثياً في تعزيز وتكريس عيوب وأمراض الرياضة المصرية. الذين انتفضوا واحتشدوا لمعارضة مبادرة الرئيس السيسي للحوار مع الألتراس.. يرون الألتراس «إرهابيين مأجورين ويجب سحقهم دون رحمة كي نُطهِر مجتمعنا المثالي من شرورهم»!!.. ينصبون من أنفسهم أوصياء علي الأخلاق والآداب العامة وهم الكارهون لثورة 25 يناير ولكل مَن شاركوا فيها وخاصة الألتراس الذين لعبوا دوراً مشهوداً في حماية الميدان والجماهير المحتشدة فيه يوم «موقعة الجمل». ومعروف أن روابط الألتراس موجودة في معظم دول العالم ومصرٌ ليست بدعاً في ذلك..ومعظم أعضاء هذه الروابط مراهقون متعصبون لنواديهم ويشوب تشجيعهم الكثير من الشطط والتجاوز ولكن علاج ذلك لا يكون بشيطنتهم وتحريض المجتمع ورئيس وأجهزة الدولة ضدهم، وإنما بالحوار والاحتواء..وهذا هو ما طالب به الرئيس..علماً بأن شباب الألتراس المصريين، وخاصة «ألتراس أهلاوي» لديهم قضية ومظلمة وقصاص لم يتحقق..فقد قُتِلَ زملاؤهم وأصدقاؤهم أمام أعينهم وفي أحضانهم ولم يعرفوا الجناة حتي الآن..وتكرر ذلك في مأساة استاد الدفاع الجوي حيث قُتِلَ نحو 20 من ألتراس زملكاوي «وايت نايتس»..كما راح ضحية الأحداث كثير ٌ من أبناء بورسعيد..وحتي الآن لم يُقدم الجناة الحقيقيون إلي العدالة..ونحن هنا أمام قصاص لم يتحقق وجروح مفتوحة يجب ألا تُغلق إلا بعد تطهيرها تماماً..وهذا هو ما قصده الرئيس بحديثه عن تشكيل وفد من الألتراس ليطلع علي التحقيقات وكل الحقائق المتاحة بهذا الشأن..وهذا تصرف مسئول يُدرِك أن هؤلاء شباب أبرياء وأنقياء وأنهم أولادنا أولاً وأخيراً وعلينا الحفاظ عليهم وليس ذبحهم حتي لو بلغ بهم الشطط مداه..فلا يوجد أبُ يقتل ابنه المراهق لأنه أخطأ أو تجاوز أو صرخ في وجهه محتداً ومحتجاً، وخاصة إذا كان لديه ما يبرر ذلك!!.. وعلينا أن نعترف بأن المشكلة الكُبري ليست في الألتراس وإنما في منظومة رياضية مهترئة وتنطوي علي الكثير من الفساد والانتهازية والجهل وتضارب المصالح..وتلعب البرامج الرياضية التي يقدمها لاعبون سابقون جاءوا مباشرة من الملعب إلي الميكروفون بلا أي تأهيل، دوراً كارثياً في تعزيز وتكريس عيوب وأمراض الرياضة المصرية..والحل في رأيي يبدأ بالإسراع بإنشاء نقابة للإعلاميين تحدد الشروط والمؤهلات اللازمة لمن يُسمح لهم بالجلوس أمام الشاشة أو الميكرفون، وميثاق الشرف المهني الذي يحكم أداءهم حتي لا يتسرب إلي هذه المنابر دخلاء أو جهلاء ينشرون التخلف والتعصب والسطحية ويثيرون أزمات خطيرة مثلما حدث في مباراة مصر والجزائر الشهيرة وكذلك في السعي لتكريس الكراهية بين جماهير الأهلي والمصري البورسعيدي..والأخطر من كل ذلك محاولة الزج باسم القوات المسلحة في مشكلات الملاعب والصراع بين الأهلي والزمالك، وذلك لعب بالنار لا يجب السماح به لأن الجيش وملاعبه ملك للشعب. الإعلام عموماً في حاجة ماسة إلي التنظيم والضبط لأن تأثيره علي الرأي العام بلا حدود..والبداية تكون بالإعلام الرياضي لأنه يخاطب الفئة الأكثر حساسية واستثارة وأعني بهم الشباب..وأيضاً لأنه المسئول عن انهيار المنظومة الرياضية وتدهور الأداء والنتائج في معظم الألعاب!!..وذلك يحتم الإسراع بإصدار القانون الموحد للصحافة والإعلام قبل وقوع كوارث لا تُحمد عقباها.