ألقى رئيس وزراء دولة الكونغو الديمقراطية ماتاتا بونيو مابون، السبت 6 فبراير، محاضرة بجامعة القاهرة. وجاء في نص كلمته: تعود دراستي لمصر - بلدكم الغالية والخالدة الذكر- إلى السبعينيات منذ أن كنت طالبا شابا يدرس التاريخ. وأنتم تعلمون يقينا - أيها السادة الحضور- أن اسم إفريقيا يقترن بعظمة مصر وحضاراتها وشعبها وشبابها. لذلك فإنه من دواعي سعادتي أن أتشرف بالتحدث اليوم إليكم من قاعة الاحتفالات الكبرى بجامعة القاهرة العظيمة، الجامعة الأعرق والأكبر والأشهر بجمهورية مصر العربية. الطلبة والطالبات ، الأعزاء ، لكم أن تفخروا بالالتقاء بعلماء هذه الجامعة، فكما قال برنار دي شارتر في عبارته المأثورة: "إنكم أقزام تجلسون على أكتاف العمالقة حتى يتسنى لكم أن تروا أبعد منهم، ليس بفضل قوة نظركم أو طول قامتكم ولكن لأنكم مرفوعون فوق قامات هؤلاء العلماء". وكم تمنى العديد من الطلبة الأفارقة - خلال دراستهم الأكاديمية - لقاء هذه القمم الفذة التي تعمل لخدمة الإنسانية. إن الإنسان والعقل في قلب الاقتصاد والتنمية. فأنتم، أيها الشباب، من أهم محركيها، لذلك فإننا ننتظر منكم أن تحولوا أفريقيا من قارة واعدة إلى قارة ثرية ومزدهرة. ولهذا فنحن معنيون بنقطتين أساسيتين : الأولى : صحوة الشباب الضرورية لدعم صحوة أفريقيا. الثانية : القيادة القوية والمتجددة من أجل أفريقيا المتطورة والتي لابد أن تتبني مسار التنمية الدائمة -كما نتمنى . 1. إن الشباب هم مهد الإنسانية في قارة المستقبل . ولكم أن تعلموا أن إفريقيا هي قارة الشباب ، وهي بالفعل القارة الأكثر شباباً حيث إن نصف الأفارقة يبلغون ثمانية عشر عاما أو أقل ، ومن المتوقع أن يتضاعف عدد سكان القارة حتى عام 2050 بحيث يتجاوز الملياري نسمة . حينئذ سوف تمثل إفريقيا خمس سكان العالم ، كما كان الحال حتى عام 1500ميلادية ، قبل أن يتسبب الرق والأوبئة ثم الاستعمار في تقليل عدد سكانها. إنني مازلت أذكر هذه العبارة التي تجد صدى في أذهان العديد من الناس ومفادها أن أفريقيا أصبحت قارة الفرص، أفريقيا التي بعثت على يد الشيخ "انتا ديوب" . نعم ، إن إفريقيا تطرح فرصاً كبيرة ولدينا سببان لتصديق ذلك ولنجعل منه موضوعًا في غاية الأهمية خلال السنوات القادمة. يعود السبب الأول للتاريخ : فإفريقيا التي كانت مهد الإنسانية ، هذه القارة الأساسية للإنسان والتي نشأ فيها المؤسسون الأوائل والتي شهدت تطور وازدهار الحضارات والممالك والإمبراطوريات كما شهدت تطور الفنون والعلوم والثقافات الشفهية والكتابية . وللأسف ، فقدنا اليوم السيطرة عليها في العديد من المجالات. ولا يمنع ذلك أن يصف "ريزار كابوشيسكى" الصحفي البولندي الشهير إفريقيا في تقاريره عن هذه القارة بتلك العبارة : «إن هذه القارة كبيرة لدرجة أنه يصعب وصفها، فهي بمثابة محيط وكوكب مستقل وعالم مختلط وفى غاية الثراء» . وهكذا فإن ثراء إفريقيا متعدد الأبعاد. يعد ذلك صحيحاً ، نظراً لأن أكثر من عشرين دولة ذات تنوع عرقي موجودة في إفريقيا ، فلا قارة تحتوى على ديانات ولغات عديدة كإفريقيا، ويعيش السكان في المدن أكثر فأكثر. فنحن حقاً على صواب حين نقول : إن إفريقيا لم تكن أبداً حضرية كما هي الآن ، حيث يتزايد سكان المدن مرتين أسرع من سكان القرى ، تشمل قائمة المدن التي يسكنها أكثر من مليون نسمة في أوربا اثنان وثلاثون مدينة ، أما في أفريقيا فتصل إلى ست وأربعين مدينة . أما السبب الثاني في فخرنا بكوننا إفريقيين أصحاب المستوى التنموي الأقل في العالم على الرغم من سبقنا ، فلا يمكن أن تظل التمنية هى التي تدفعنا ، فنحن القادة يجب علينا أن نتخطاها ونعطى أفضل ما عندنا لدفع إفريقيا نحو أفضل مكانة بين الأمم المتحضرة. 2. ولكن لماذا أفريقيا اليوم قارة للمستقبل ؟ حتى الآن وحين يتحدث الإعلام عن إفريقيا، يتبادر إلى أذهان البعض في كثير من الأحيان وفى البداية كلمات مثل : أزمات، صراعات، كوارث، فساد، دون أن ننسى الحروب والأمراض. لحسن الحظ ، منذ عدة سنوات ، يحتل تعبير "قارة الفرص" الفضاء السياسي والإعلامي ويدفع إلى نسيان طمس الصورة السلبية لقارة الأزمات. بالطبع فإنه ليس من الخطأ إطلاقاً أن نتحدث اليوم عن إفريقيا بصفتها المنطقة الجديدة في مجال التنمية في العالم ، وسرد تاريخ قارة الفرص ، والحديث عن الأفيال الأفريقية والمعجزة الأفريقية. فيجب علينا أن نقول هنا – والآن - "انتهت إفريقيا التي كانت على حافة العالم" فبعد إفريقيا التي تحررت من الاستعمار ، واستراتيجيات التنمية ، وخمسة أجيال منذ بداية الحروب والأزمات ، فها هي إفريقيا التغير وانطلاق البلاد الإفريقية ، وبصفة خاصة بلاد الصحراء الغربية ، على المدى الطويل ، وتبني البلاد للاستراتيجيات فهذه هي إفريقيا التغير ، إفريقيا الثورة ، إفريقيا التي يجب أن تستبدل الآن الضوابط الاقتصادية المجردة بضوابط سياسية أكثر طموحاً تهاجم كل أبعاد الفقر. توضح الأرقام ذلك ، فبعد جنوب شرق آسيا ، تأتى أفريقيا من أكثر المناطق نشاطاً في العالم خلال الفترة من 2004 إلى 2014 ، ولكن للأسف فإن نموها مرتبط أساساً بقطاعات ذو قيمة منخفضة إلا أنه في نمو مستمر ، فقد مثل متوسط معدل النمو 1,2 خلال التسعينيات ، و1,4 في العقد الأول من القرن الواحد والعشرين ، وأخيراً فقد بلغ معدل النمو في عام 2014 نحو 2,2. 3- القيادة والحوكمة في إفريقيا : الطالبات والطلاب الأعزاء .. مستقبل أفريقيا شأنه شأن مستقبل العالم ، تمليه قواعد العولمة ، فهو هذا السباق نحو الثراء الذي تدخله الأمم والذي يمكن أن تكسبه بشرط أن تتكيف قيادة كل دولة مع شروط المنافسة العالمية ، ومن وجهة نظرنا فكلما سيطر القادة الأفارقة على السياسات الاستغلالية فيما يخص التنظيم الاجتماعي ومعوقات حرية المؤسسات والمواطن ، تجلت التنمية بالمزيد من الازدهار لشعوبنا. إن صورة أفريقيا بصفتها قارة تم استعمارها ستظل مستمرة ، طالما أن القيادة ترفض التخلي عن البقايا المؤسسية للاستعمار ، فيجب إذن إثراء بلادنا وشعوبنا في - عالم مفتوح . في أفريقيا تواجه قادة الإدارات العامة وإدارات القطاع الخاص والمؤسسات تحديات التنمية الاقتصادية والاجتماعية ، فالمسألة تكمن في التحدي المستمر الذي يواجه النخبة الإفريقية التي لم تتمكن بعد من إخراج أفريقيا من دائرة الفقر ومن والوصول ببلادها وشعوبها نحو الثراء. إن البلاد الإفريقية في منافسة علمية واقتصادية وتكنولوجيا ومالية ومؤسسية وقضائية واجتماعية وسياسية مع باقي دول العالم فيجب علينا - على سبيل المثال- أن نُوجد مستويات عالية من الادخار لأفريقيا ، ونسب فوائد منخفضة من أجل تشجيع الاستثمار . إن تقدم ونجاح البلاد ينتجان أولاً من أعمال قادتها التي تتمثل في مواجه التحديات بشكل صحيح وبكفاءة، ومن ثم يمكن وصف فشلها وتأخيرها باعتباره نقصًا أو نقاط ضعف في القيادة . يوضح التاريخ الحديث أن مكانة أفريقيا في الاقتصاد العالمي قد تحسنت بشكل واضح نتيجة تحسن القيادة الإفريقية ، وهكذا فإن تطوير أفريقيا لا يعود إلى تتابع الأجيال تلقائياً ، ولكنه ثمرة وعى تدريجي لنخبتها فيما يتعلق بمقاومة المعوقات والأزمات . فإن التحدي الذي ينتظر القائد يتمثل في كونه جريئاً وقادراً على الدخول في إصلاحات حاسمة من شأنها أن ترفع من شأن المؤسسات . وأشارك معكم ذلك التحليل الذي قام به "مامادو كوليبالى" عام 2008 ومفاده أن القيادة مزيج بين الشجاعة والتواضع والجرأة ، وأضيف إلى ذلك الشغف بالإصلاح. تتطلب قيادة الأعمال العامة والخاصة من القادة القدرة على التأثير على كثير من الناس ، وذلك عن طريق اقتراح هدف مشترك عليهم أن يسعوا نحوه ، واتجاهاً يسلكونه سوياً ، وأسباباً قوية ذات حجج صلبة تشجعهم على التمسك به بثقة تامة على التمسك به حين يتولى هذه المهمة ، حيث يجب عليه العمل على تحسين الوضع العام لمنشآت الأعمال أو البلاد . يجب على القائد لكي يكون أكثر فاعلية، أي لكي يكون له تأثير ؛ أن يكون واثقاً من نفسه ، وأن يجعل الآخرين واثقين فيه ، فهؤلاء الذين يقودهم يجب عليهم أن يثقوا فيه ويثقوا في قدرته كليةً وفي أخلاقياته التي ينبع منها التزامه . وتتجسد هذه القيادة في تنظيم أفضل للدولة عن طريق إصلاحات هيكلية هامة في النظم النقدية والسياسات المالية والضريبية وإدارة أفضل للمالية العامة وشفافية في الحسابات المالية للدولة والنواحي الضريبية والجمركية. وقد تم ذلك بالفعل في بلدان عديدة ، ولابد من استكمال ما بدأ وتنميته ، لضمان إدارة تكنوقراطية للشؤون العامة قادرة علي تحقيق سياسات صالحة وآمنة تتعلق بالاقتصاد الكلي. وهذه السياسات سيكون من شأنها تقليص الفقر بالقارة الإفريقية والخروج بها من أسفل القائمة . وينبغي أن تتجه هذه الإصلاحات نحو أربع واتجاهات : ١) تمكين الفقراء. ٢) تنمية وتحسين الخدمات الأساسية والبنية التحتية. 3) توفير وإتاحة فرص اقتصادية تنموية للفقراء بجعل السوق أكثر انفتاحاً لهم. ٤) حمايتهم في مواجهة الفساد والجريمة والهزات الاقتصادية. تلك هي لغة الحكم الرشيد وأسلوبه الذي يعني في المقام الأول: ١) زيادة حق الفقراء في الملكية وتشجيعهم عَلِي تكوين رأس المال. ٢) السعي لزيادة الثروات باتخاذ إجراءات تتسم بعدم التمييز في سوق العمل. ٣) تخصيص موارد أكثر للخدمات العامة كالصحة والتعليم ، مما يخفف العبء عن كاهل الفقراء ويسهم مع سياسات اجتماعية مواكبة في إتاحة فرص أكبر لبناء الديمقراطية ، الأمر الذي يسهم بدوره في إبعاد السياسة عن إشكالية إعادة توزيع الثروات . وبتوطيد القيادة السياسية، تطورت وتحسنت بصورة ملحوظة الإدارة في أفريقيا . وهو ما يعبر عنه بوضوح الأداء الاقتصادي والاجتماعي في السنوات الأخيرة. فهناك على سبيل المثال ما يقرب من 387 مليون مواطن أفريقي بجنوب الصحراء الكبرى يعيشون في بلدان ديمقراطية ، مقابل2.5 مليون في عام 1970، مما يعني بوضوح أن نظماً سياسية أكثر انفتاحاً وتفاعلاً وارتباطاً بمبادئ الشفافية والمسئولية والمشاركة ساهمت في ترجمة النمو لتنمية بشرية. ومعظم البلدان الأكثر تقدماً من حيث الناتج القومي الإجمالي منذ 2009 تمثل أحد النموذجين التاليين في الإدارة: - البلاد التي تحدد معاييراً للإدارة مثل غانا وليسوتو والمغرب ونامبيا وسان تومي وبرنسيبي وسيشال وزامبيا. - وتلك التي حصلت على مكاسب إدارية بعد صراعات سياسية واستتباب السلام بأراضيها كما هو الحال في ساحل العاج وليبيريا وموزمبيق والنيجر وأوغندا وجمهورية الكونغو الديمقراطية وسيراليون ورواندا (وفقاً لتقرير مصرف التنمية الأفريقي 2015) . 4. مسيرة التنمية فى جمهورية الكونغو الديمقراطية الطلاب والطالبات الأعزاء .. لا يسعني هنا أن أنهي حديثي دون أن أذكر بلادي جمهورية الكونغو الديمقراطية . وفقاً لما نعرفه تاريخياً، عقد مؤتمر برلين في نوفمبر 1884 أي منذ 132 عاماً وكان قد نظمه "بسمارك" لوضع قواعد لتقسيم المستعمرات في أفريقيا ، ومنح بموجبه ملك بلجيكا آنذاك وفقاً لرغبته الكونغو، وأراضِ شاسعة تبلغ مساحتها حوالي 2,345 مليون متر مربع . ولم يتخلْ منذ ذلك الحين هذا البلد – وقد صار حالياَ جمهورية الكونغو الديمقراطية – عن رغبته في النهوض، رغبةَ تعكسها وتعبر عنها الآن إرادة سياسية صلبة وقوية للرئيس "جوزيف كابيلا" الذي يقود البلاد منذ عام 2000. ومنذ ذلك الحين وفي ظل قيادته الرشيدة وبتطور دائم ومستمر في الإدارة السياسية والاقتصادية حققت البلاد نتائج اقتصادية مذهلة خلال الخمسة عشر عاماً الماضية، إنها بمثابة صحوة اقتصادية لهذا المارد بقلب أفريقيا، باقتصاد مرن قادر على مقاومة الصدمات والهزات الخارجية، اقتصادٍ متنامٍ وأكثر شمولاً ، قائم على التنوع ، مستمد من قطاع زراعي نسعى جاهدين لربطه بالتصنيع في أسرع وقت. ويتم هذا النمو ويتحقق في إطار إصلاح ضريبي واسع النطاق يحقق الاستقرار للاقتصاد الكلى. وتجدر هنا الإشارة إلى أننا قد نجحنا في خفض معدلات التضخم من 10,000% إلى 0,891% في عام 2015. كما ارتفعت معدلات الإنتاج القومي من -14% إلى 9,5%، مما أدى إلى صعود جمهورية الكونغو الديمقراطية للمرتبة الثالثة بين البلدان ذات الاقتصاد الأكثر نشاطاً في العالم ، فهل كان لنا أن نتخيل ذلك في التسعينيات؟ إن دخل الفرد قد ارتفع بشكل ملحوظ، فقد زاد من 149,4 دولار عام 2001 إلى ما يقرب من 600 دولار عام 2015 ، فقد زاد متوسط دخل الفرد إلى أربعة أمثال ، وانخفضت نسبة الفقر إلى 80% عام 1990 واستمرت في الانخفاض فبلغت 63,4% عام 2012، ومن المنتظر أن تبلغ 40%عام 2020. بالإضافة إلى ذلك فقد ارتفعت جمهورية الكونغو الديمقراطية أحد عشر مؤشراً فيما يخص التنمية البشرية حسب التقرير الذي نشرته الأممالمتحدة عام 2015. وبالمثل فقد ارتفعت نسب الالتحاق بالتعليم الابتدائي حيث بلغت معدلاته ما يفوق 90,5% عام 2012 ، ويشهد هذا التقدم علي تحسن ملحوظ في نظام التعليم فى الكونغو. هذا التقدم هو في الحقيقة انعكاس لزيادة دعم الموازنة لصالح قطاعي التعليم والصحة اللذين ارتفعا بين عامي 2010 و2014 على التوالي من 9% إلى 16,4% ومن 1,4% إلى 7,3%. ولا شك أن السلام والأمن كانا مكسباً كبيراً وبدونهما لم يكن ليتحقق شيء مما سبق. وفى النهاية، فإن النجاح في تنفيذ السياسات الاقتصادية يعتمد على مصداقية المؤسسات والقائمين عليها وكذلك على جودة القيادة وحسن إدارتها الذي يتجلى في إدارة الشئون العامة للبلاد. إن القيادة كما يمارسها رئيس الجمهورية وتنفيذ الحكومة بدقة لرؤيته ولبرنامج العمل الذي يطرحه المتعلق بالسعي المستمر نحو الحوكمة الجيدة والفاعلية الناجزة قد سمحا بالوصول لهذا المستوى من الكفاءة. 5.الخاتمة : سيداتى وسادتي أعضاء مجلس وزراء جمهورية مصر العربية أصحاب المعالي سفراء ورؤساء البعثات الدبلوماسية السيد الأستاذ الدكتور رئيس جامعة القاهرة السادة الضيوف الكرام الطالبات والطلاب الأعزاء يتمثل دورنا التاريخي في استثمار هؤلاء الشباب من أجل أفريقيا موحدة، أكثر ازدهارا وتمكنا. لقد ثبت أن الرصيد الإنساني يتحسن مع زيادة الإمكانات الإنتاجية للاقتصاد التي تتأثر بدورها بالنفقات المخصصة للتعليم كما وكيفا بالتدريب والتعلم المستمر والاستثمار في قطاعي الصحة والتغذية، إن الاستثمار البشرى في البلاد الأفريقية له مردود ملحوظ لأن مردود التعليم يعتبر أعلى في البلاد ذات الدخول الضعيفة من نظيراتها الأكثر ثراء (بساشارو بولوس وباترينوس ، 2004 ). وهكذا، فإن جمهورية الكونغو الديمقراطية (على سبيل المثال) علي وعي كامل بأهمية الحفاظ على المكتسبات التي تمت خلال السنوات الماضية ، وبناء عليه فقد قررت الحكومة الاستثمار في مجال تدريب شباب الكونغو على تحديث الإدارة العامة بهدف التأكيد على مبدأ تحديث المؤسسات التي يتولاها القائمون على مهام الدولة. فقد بدأت الحكومة منذ عام 2010 في ترسيخ برنامج للشباب الجامعيين يطمح في تدريب عدد كبير منهم ليصبحوا ذوى كفاءة عالية. وتم بالفعل اختيار حوالي خمسمائة شاب جامعي من خلال مسابقة تنافسية لإدماجهم بعد ذلك في الإدارة العامة. وأخيراً ، أثناء القمة العالمية الخاصة بالجاليات الإفريقية التي عقدت في مايو عام 2012 بجوهانسبرج، كان هدف اللقاء يتبلور حول فكرة "العمل معا" فاتحا بذلك المجال للتعاون الفعال بين العديد من مجالات الاهتمام المشترك، وكان تسليط الضوء علي الطبقة المتوسطة أحد العناصر الأساسية في سبيل التنمية الاقتصادية وخلق فرص عمل مرتبطة بمفهوم التنمية. وعن طريق جالية فعالة وذات موهبة منتشرة في مختلف بلاد العالم وذات قدرة على المساهمة بصورة فعالة في الاستثمار ببلادها وتشجيع الأنشطة الاجتماعية، ستتمكن القارة الأم (أفريقيا) من الاستفادة من شراكة شبابها. هكذا فإنني اعتقد أنه، مع هذه التضحيات وبالعمل الجاد والمثمر، يمكننا أن نقدم للشباب قارة لها احترامها وعزتها، هكذا يمكن أن تتحول كلمات الشاعر "هينسلي" إلى واقع حينما قال : "أنا سيد مصيري وقائد روحي"، اسمحوا لي أن أختم كلمتي بالتأكيد أن عطاء القادة الأفارقة الحقيقي سيتجلى إن هم منحوا فرصة للشباب الآن . الآن وليس غدا. أشكركم على حسن الاستماع