اتهم المجلس الخاص بمجلس الدولة، برئاسة المستشار الدكتور جمال ندا، الاثنين 1 فبراير، وزير العدل المستشار أحمد الزند، ب«التدخل الصارخ» في أعمال إحدى الهيئات القضائية المنصوص عليها بالدستور، بعد اتهام الوزير قسم التشريع ب«ترقيع القوانين». وقال رئيس قسم التشريع نائب رئيس مجلس الدولة، المستشار محمود رسلان، في بيان رسمي بشأن تصريحات وزير العدل للإعلامي أحمد موسى حول اختصاصات ، إن تصريحات الوزير فيما يتعلق لقسم التشريع ب«ترقيع القوانين» لا ترقى للحوار بين القضاة وتهين السلطة القضائية بأكملها. وأضاف «رسلان» أنه «إذ صادفت تلك التصريحات انزعاجًا شديدًا لدى أعضاء مجلس الدولة بحسبانها تمثل تدخلًا صارخًا في أعمال إحدى الجهات القضائية وتُنبئ بذاتها عن عدم الإحاطة بما وُسد له من استقلال وتعيين دقيق لاختصاصاته طبقًا لما نصت عليه المادة (190) من الدستور». وأكد المجلس أن تصريحات المستشار الزند جعلت من الضروري التدخل للرد على هذا الانتهاك، عبر إيضاح حقائق قانونية أهمها أن المادة (190) من الدستور تنص على أن «مجلس الدولة جهة قضائية مستقلة، يختص دون غيره بالفصل في المنازعات الإدارية ومراجعة، وصياغة مشروعات القوانين والقرارات ذات الصفة التشريعية»، ومعنى ذلك أن قسم التشريع لا يُجرى «مراجعة الصياغة» وحدها، وإنما يمتد اختصاصه لإجراء مراجعة مشروعات القوانين على ضوء أحكام الدستور والقوانين ذات الصلة كمرحلة أولى تسبق المرحلة المتممة لعملية المراجعة، وهي ضبط الصياغة التشريعية. وأضاف البيان أن «الغاية من التشريع أو الباعث عليه مما يستقل به المشرع، إلا أن سلطة المشرع التقديرية في هذا الشأن تحددها المقتضيات الدستورية، فلا يسارع بإعداد مشروع قانون لم يقم بشأنه موازنة دقيقة بين أحكامه والمبادئ المستقر عليها دستوريًا، خاصة إذا اتصل الأمر بمجال متطلبات المحاكمة العادلة والمنصفة». وذكر: «كما لا يجوز التعجيل باستصدار نص قانوني تحيط به شبهات جدية بعدم الدستورية إذا كان بالإمكان تجنب تلك الشبهات برد النصوص محل المراجعة إلى دائرة الشرعية الدستورية وهي ضمانة مستحدثة اختص الدستور مجلس الدولة بتحقيقها، فيمد يد العون للسلطة القائمة على إعداد مشروعات القوانين و إقرارها، فإن أخذت بما خلصت إليه مراجعته اعتصمت بأحكام الدستور، وإن هي أغفلت ملاحظاته غدا التشريع مزعزعًا في استقراره، ومنبئًا عن رغبة من أعده في تجاوز أحكام الدستور وإهدار ضماناته، ومن ثم فلا يبقى أمام الرأي العام سوى استدعاء المسئولية السياسية لتبرير هذا التجاوز». وأشار البيان إلى أن تصريحات «الزند» التي يعلق فيها على ملاحظات قسم التشريع بمجلس الدولة على مشروع قانون بتعديل قانون الإجراءات الجنائية بشأن سماع الشهود تمثل «تدخلا غير مبرر في أعمال إحدى الجهات القضائية بما ينال من استقلالها المصون دستوريًا، على الرغم من أنها صدرت ممن يفترض أنه الأحرص على صيانة استقلال الجهات والهيئات القضائية». وشدد البيان على أنه «مما لا شك فيه أن هذه التصريحات أغفلت الواقع الثابت بمكاتبات قسم التشريع الذي رفض بوجه قاطع مخالفة أحكام الدستور بعدم تمكين المتهم من الاستماع للشهود الذين يرى في شهادتهم منجاة له من الإدانة، ولا يغير من هذا المبدأ قولا بأن هذا الأمر يخضع لتقدير محكمة الموضوع، ذلك أن التعديلات المشار إليها جعلت التقدير في هذا الشأن بلا معقب عليه من محكمة الطعن، فيتحصن تقدير محكمة الموضوع في هذا الشأن من أي نقض، وهو ما يتنافى مع كافة المبادئ المستقرة قضائيا ودستوريا في شأن المحاكمة الجنائية المنصفة» وأنهى مجلس الدولة بيانه بالتأكيد على حقه في الرد لتصحيح الأمور ووضعها في نصابها، حتى لا يتخذ من جهود قسم التشريع وقراراته المستمدة من صحيح تفسير أحكام الدستور والقوانين والاتفاقيات الدولية لدفع المسئولية السياسية، أو إيهام الرأي العام بآراء تتجاهل المبادئ المستقرة في شأن مبادئ العدالة والمحاكمة المنصفة. كان وزير العدل قد علق على ما أبداه قسم التشريع من ملاحظات بشأن التعديلات الواردة على قانون الإجراءات الجنائية لجعل أمر الاستماع للشهود جوازيا لمحكمة الموضوع، ما تسبب في غضب مجلس الدولة.