لايزعجني الهجوم علي ثورة يناير العظيمة، كما لم تزعجني الحرب علي 30 يونيو. هكذا الامر دائما مع ثورات مصر. ثورة 23 يوليو لم تنقطع الحرب عليها، ولم يتوقف الهجوم الموجه لها من الداخل والخارج.. حتي بعد ان وجهوا لها الضربة التي ظنوها قاتلة في 67 والتي رد عليها الشعب بالصمود وإعادة بناء جيش العبور الذي حقق النصر في 73. وحتي بعد ان فقدت زعيمها عبدالناصر، وحتي بعد الانقلاب علي اهدافها وفتح الباب لأعدائها من إخوان الداخل ومن أمريكا وعملائها.. ورغم ذلك كله ظلت الثورة صامدة في ضمير الشعب، وظلت أهدافها الوطنية قائمة، وأعلامها القومية مرفوعة وصور قائدها ترتفع في أيدي الملايين كلما خرجت في طول الوطن العربي طلبا للعدل والحرية واستقلال الوطن وكرامة العروبة. نتذكر في ثورة يناير.. كيف سارع الجميع في الداخل للالتحاق بحركة الشعب حين ايقنوا بسقوط النظام وانتصار الثورة. وكيف حول العالم ماحدث الي اسطورة في تاريخ الشعوب.. لم يكن ذلك إلا بداية للصراع علي «الجائزة الكبري» التي هي مصر، وليتكرر نفس السيناريو «مع بعض الخلافات في التفاصيل» الذي حدث مع ثورة يوليو. وماحدث بعد ذلك معروف.. انقض الاخوان علي السلطة باتفاق مسبق مع الأمريكان. بدأ تطبيق السيناريو المعد لوضع المنطقة تحت حكم يرفع راية الاسلام، وينفذ مخططات واشنطون، ويعيد تقسيم الاوطان العربية الي امارات تحكمها عصابات تعيد العرب الي القرون الوسطي باسم الدين الحنيف، وتحت اشراف أمريكا الفعلي!! لكنهم أثبتوا مرة أخري انهم لايعرفون مصر، ولايفهمون شعبها، ولايقرأون تاريخ جيشها في الولاء لأهداف الوطن وإرادة الشعب. ولو كانت روح ثورة يناير قد انطفأت لضاع كل شيء. لكن روح الثورة كانت باقية، وأهدافها واهداف الوطن لم يكن ممكنا اسقاطها بهذه السهولة، ولهذا كانت 30 يونيو استكمالا للثورة وإنقاذا لها وللوطن من المصير الذي كانت تسير اليه علي يد عصابات الاخوان المدعومة بالقرار الامريكي. الآن .. ونحن نحتفل بثورة 25 يناير العظيمة التي استردها الشعب والجيش في 30 يونيو، نعرف جيدا ان الحرب ستستمر علي الثورة.. ولكننا نعرف ان الاخوان وباقي عصابات الارهاب يكتبون نهايتهم بأيديهم بعد ان سقطت كل اوراق التوت التي كانوا يخفون بها عوراتهم، فانكشفوا امام الجميع مجرد عملاء خونة يتاجرون بالدين ويبيعون الاوطان ويذهبون مهما فعلوا الي مزبلة التاريخ. ويذهب معهم هؤلاء الذين رقصوا علي كل السلالم، وشاركوا في كل زفة، والذين طردهم الثوار من ميادين التحرير حين حاولوا اللحاق بالثورة، والذين يتوهمون أن ماقبل الثورة يمكن ان يعود والذين يستغلون ان شباب الثورة كان بلا تجربة وبلا قيادة.. وينسون ان شبابنا قد استوعب الدرس وأن شعبنا قد دفع أغلي الأثمان من دماء شهدائه وأن خمس سنوات كانت كافية لتسقط كل الاقنعة، وتبقي ثورة الشعب وانحياز الجيش لإرادة الأمة، وتبقي مصر هي «الجائزة الكبري» كما قالوا.. ولكن لشعبها، وأمتها، وللثورة التي تمضي رغم التحديات علي الطريق الصحيح لتحقيق أهدافها. كل عام ومصر الثورة بألف خير.