قضيتان مهمتان نتوقف عندهما من بين القضايا الكثيرة التي طرحها الرئيس السيسي في خطابه الشامل في ذكري المولد النبوي الشريف. القضية الأولي.. هي إعادة التأكيد علي القضية التي يلح عليها منذ تولي الحكم. وفي ظل مواجهة صعبة ضد إرهاب منحط.. وهي قضية تجديد الخطاب الديني. وهو ما يعني أن الجهود المطلوبة في هذا المجال مازالت قاصرة. والحقيقة ان المشكلة لا تتعلق بتجديد الخطاب الديني بالشكل الذي يفهمه الكثيرون.. علي أنه مراجعة لبعض الكتب المدرسية، أو تعديل لخطبة الجمعة، أو اصدار بيانات الإدانة للتطرف، أو ابعاد المتطرفين عن مراكز القرار والتوجيه في المؤسسات الدينية. كل ذلك مطلوب وجيد، ولكنه ليس علاجا لاساس المشكلة. والمطلوب ليس فقط تجديد الخطاب الديني، بل تجديد الفكر الديني من أساسه، ليتعامل مع العصر ويفتح آفاق التقدم بعد ان أغلقها الوقوف عندما كان صالحا للمسلمين من قرون عدة، واتخاذه سبيلا للتمسك بالقشور والانهماك في القضايا الفرعية، لينتهي الأمر بالوقوع في بئر التطرف الذي يستغل أفكارا عفا عليها الزمن، ويخدع شباب المسلمين بدعوات لا تؤدي الا إلي تدمير الاوطان والاساءة لدين الله الحنيف. تجديد الفكر الاسلامي هو المطلوب. واطلاق حرية التفكير هي الاساس مع الالتزام بثوابت الدين الحنيف. والبداية أشار اليها الرئيس السيسي في خطابه بالحديث عن الحاجة الي تعليم لا يعتمد علي الحفظ وحشو الرءوس، بل علي تعليم يدعو للفكر والتدبر في شئون الخلق وفي إسعاد البشر. والقضية الثانية التي أثارت كثيرا من التعليقات هي إشارة الرئيس السيسي الي انه لن يبقي لحظة في الحكم بغير ارادة الشعب الذي جاء به.. وذلك في معرض تعليقه علي دعوات «البعض» للخروج لثورة جديدة في 25 يناير القادم!! والملاحظة الأولي هنا ان ثورة 25 يناير 2011 كانت ثورة الشعب كله، وليست ثورة فصيل أو جماعة، وكانت جماعة «الإخوان» بالذات هي آخر من التحق بميدان الثورة، وأول من غادره.. لكي تتآمر للوثوب علي السلطة، وهو ما حدث بالفعل ليستدعي شعب مصر كل مخزونه الحضاري والثوري في وجه حكم الإخوان الظلامي وليقتلع الفاشية الدينية في 30 يونيو، ويستعيد الثورة لاصحابها (وهم شعب مصر بأكمله) وذلك بعد ان انحاز جيش مصر الوطني لإرادة الشعب. جاء السيسي للحكم بإرادة شعبية طاغية.. ليواجه ميراثا ثقيلا من المشاكل الاقتصادية والاجتماعية، وليواجه الاخطر وهو الحرب ضد إرهاب دعمه «الإخوان» والقوي الاقليمية والدولية التي تقف وراءهم، لكي تلحق مصر لاقدر الله بالدول المجاورة التي تم تدميرها علي يد عصابات الإرهاب الإخواني الداعشي. نمضي في الطريق.. نقاتل الإرهاب ونبني الوطن، تقع أخطاء اثناء المسيرة وهذا طبيعي، لكن غير الطبيعي ان نترك حزب الفساد القديم يعود ليعبث، وليضرب وحدة قوي الثورة التي اسقطت الفاشية في 30 يونيو واستعادت ثورة يناير من إخوان الإرهاب وأعادت الكلمة للشعب وليس للجماعة. الحرب ضد حزب الفساد لا تقل أهمية عن الحرب ضد الإرهاب، السماح لهذا الحزب بمواصلة الحملة علي ثورة يناير هو ضرب في شرعية الدولة، وحدة يناير ويونيو هي أساس انتصارنا في معارك الحاضر والمستقبل. أما دعوات «بواقي» الإخوان وحلفائهم لحمل السلاح ضد الوطن، فهي ليست إلا دعوة للانتحار يعرف أصحابها انها ليست إلا صيحة في الهواء لا قيمة لها أمام شعب يتمسك بثورته، وأمام دولة لا تحكمها إلا ارادة شعبها التي يحميها جيش وطني.. كما كان الأمر عبر تاريخه الطويل.