منذ 64 عاما شهدت مدينة الاسماعيلية معركة بين الشرطة المصرية وقوات الاحتلال البريطاني، لتمثل تلك المعركة إحدى فصول النضال الوطني ضد الاحتلال، حينما رفضوا تسليم مبنى المحافظة للبريطانيين ، وعلى الرغم من قلة أعداد الشرطة وضعف أسلحتهم ، إلا أنهم أثبتوا شجاعتهم، ليكون هذا اليوم عيدا لمحافظة الاسماعيلية والشرطة ، ليصدر قرار في عام 2009 باعتبار هذا اليوم عيدا للشرطة . وكانت البداية عام 1951 عندما أعلن رئيس الوزراء مصطفي النحاس باشا إلغاء معاهدة 1936 أمام مجلس النواب ، ووصلت قمة التوتر بين مصر وبريطانيا الى حد مرتفع عندما اشتدت أعمال التخريب والأنشطة الفدائية ضد معسكراتهم وجنودهم وضباطهم فى منطقة القنال ، فقد كانت الخسائر البريطانية نتيجة العمليات الفدائية فادحة ، كما أدى انسحاب العمال من العمل في معسكرات الإنجليز إلى وضع القوات البريطانية في منطقة القناة في حرج شديد . وأعلنت الحكومة فتح مكاتبا لتسجيل أسماء عمال المعسكرات الراغبين في ترك عملهم مساهمة في الكفاح الوطني سجل 91572 عاملاً أسماءهم ، كما توقف المتعهدون عن توريد الخضراوات واللحوم والمستلزمات الضرورية لإعاشة القوات البريطانية ، فأدي ذلك إلي قيام القوات البريطانية بمجزر. وفي صباح يوم الجمعة 25 يناير 1952 استدعى القائد البريطاني بمنطقة القناة " البريجادير أكسهام " ضابط الاتصال المصري ، وسلمه إنذارًا بأن تسلم قوات البوليس بالإسماعيلية ، أسلحتها للقوات البريطانية ، وتجلو عن منبي المحافظة والثكنات ، وترحل عن منطقة القناة كلها ، والانسحاب إلى القاهرة بدعوى أنها مركز إختفاء الفدائيين المصريين المكافحين ضد قواته فى منطقة القنال . ورفضت المحافظة الإنذار البريطاني وأبلغته إلى وزير الداخلية " فؤاد سراج الدين باشا " الذي أقر موقفها ، وطلب منها الصمود والمقاومة وعدم الاستسلام ، فقامت القوات البريطانية بمحاصرة قسم بوليس الاسماعيلية لنفس الدعوى بعد أن أرسل إنذارا لمأمور قسم الشرطة يطلب فيه منه تسليم أسلحة جنوده وعساكره ، غير أن ضباط وجنود البوليس رفضوا قبول هذا الانذار . ووجهت دباباتهم ومدافعهم وأطلق البريطانيون نيران قنابلهم بشكل مركز وبشع بدون توقف ولمدة زادت عن الساعة الكاملة ، ولم تكن قوات البوليس مسلحة بشىء سوى البنادق العادية القديمة ، و حاصر سبعة آلاف جندي بريطاني مزودين بالأسلحة مبنى قسم البوليس ، بينما كان عدد الجنود المصريين المحاصرين لا يزيد على ثمانمائة في الثكنات وثمانين في المحافظة. وعلي الرغم من ذلك الجحيم ظل ابطال الشرطة صامدين في مواقعهم يقاومون القوات البريطانية حتي نفدت ذخيرتهم وسقط منهم في المعركة 50 شهيدا و 80 جريحا , بينما سقط من الضباط البريطانيين13 قتيلا و12 جريحا واسر البريطانيون من بقي منهم علي قيد الحياة من الضباط والجنود وعلي رأسهم قائدهم اللواء أحمد رائف ولم يفرج عنهم الا في فبراير 1952 . وانتشرت أخبار المعركة في مصر كلها ، وخرجت المظاهرات العارمة في القاهرة ، واشترك جنود الشرطة مع طلاب الجامعة في مظاهراتهم في صباح السبت 26 من يناير 1952 ، ولم يستطع الجنرال اكسهام أن يخفي اعجابه بشجاعة المصريين فقال للمقدم شريف العبد ضابط الاتصال : "لقد قاتل رجال الشرطه المصريون بشرف واستسلموا بشرف ولذا فان من واجبنا احترامهم جميعا ضباطا وجنودا ". وقام جنود فصيلة بريطانية بامر من الجنرال اكسهام بأداء التحية العسكرية لطابور رجال الشرطة المصريين عند خروجهم من دار المحافظة ومرورهم امامهم تكريما لهم وتقديرا لشجاعتهم . وانطلقت المظاهرات تشق شوارع القاهرة التي امتلأت بالجماهير الغاضبة ، حتى غصت الشوارع بالجماهير الذين راحوا ينادون بحمل السلاح ومحاربة الإنجليز .