الإعلان عن قيام التحالف الاسلامي العسكري، هو ابلغ دليل علي توافر الإرادة السياسية لدي الدول المشاركة، علي مواجهة كل التنظيمات الارهابية تنوعت ردود الأفعال مابين مؤيد للتحالف الاسلامي العسكري، الذي أعلنه ولي ولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان في منتصف الشهر الماضي، باعتبار خطوة مهمة وعلامة فارقة في التوحد الإسلامي لمحاربة الجماعات الإرهابية، وبين معارض للفكرة من الأساس، او متحفظ علي الآلية المتبعة في الإعلان عن هكذا تحالف، وغموض أهدافه كما يدعي البعض، وقد آثرت التأني في المشاركه في هذا الجدل، والبحث في الموضوع قبل تحديد موقف ما منه، بالإيجاب أو السلب، وحتي تتضح الحقيقة. المعلومات الأساسية تشير إلي ان هذا هو التحالف الثالث، الذي تشارك فيه السعودية خلال عام ونصف. الاول انطلق من مدينة جدة السعودية في سبتمبر قبل الماضي، ودعت إليه الولاياتالمتحدةالامريكية لهدف محدد، وهو مكافحه تنظيم داعش الإرهابي، وفي حيز مكاني معين هو الأراضي السورية، والتحالف الثاني في مارس الماضي بمشاركة عشر دول عربية، وهو كذلك محدد المعالم وواضح الأهداف، لمواجهة محدودة ضد ميلشيا عسكرية هي جماعه الحوثي وأنصار صالح، ارتضت لنفسها ان تعتدي علي الشرعية، وتستولي علي الدولة من منظور طائفي، وارتضت لنفسها ان تكون جزءا من مخطط ايراني، للهيمنة علي العالم العربي، والتدخل في شئونه الداخلية. ومن هنا جاء التمايز في التحالف الاسلامي، حيث يشارك فيه ٣٤ دولة اسلامية، ويستهدف محاربة كل الجماعات الإرهابية، وتأسيس مركز عمليات مشتركة بمدينة الرياض. ولعل القراءة المتأنية للإعلان، يمكن ان تفيد في الرد علي التحفظات والانتقادات التي تم توجيها إلي فكرة التحالف، ومنها «المفاجأة» وحقيقة الامر ان المشاورات والمباحثات تمت بعيدا عن الإعلام، وهو امر طبيعي تماماً في مثل هذه الأمور ذات الطبيعية الاستراتيجية، فالعالم فوجئ بالإعلان عن التحالف الدولي ضد داعش، وكذلك التحالف العربي في عاصفه الحزم، كما ان الارتباك الذي ساد بعض الدول، ومنها باكستان وماليزيا، التي غيرت موقفها خلال ساعات، من التحفظ إلي تأكيد المشاركه، يفيد في التأكيد علي ان المشاورات تمت مع بعض الأجهزة المعنية وعلي مستوي رفيع داخل كل دولة، منع اطلاع جهات أخري علي تفاصيله، علي الاقل في مرحلة المشاورات. يضاف إلي ذلك ان الحديث عن ان الدول المشاركة فوجئت بالتحالف، يمثل إهانة ل٣٤ دولة، ومنها دول محورية ومهمة وكبيرة، ولن تقبل في المشاركه في تحالف لم تدع له، او علمت به من الاعلام، أو لم يتم مناقشة ابعاده وتفاصيله معها مسبقا، والامر هنا يستهدف توسيع نطاق المواجهة، لتشمل كل المنظمات الارهابية، كما أن الحديث عن انه «تحالف سني» مما يهدد بتحالف شيعي هو نوع من الافتئات علي الواقع، خاصة وأن هناك دولة وحيدة في العالم، هي التي تعلن انها شيعية المذهب، وهي بالطبع ايران، كما ان الشيعة مكون هام من نسيج مجتمعات مسلمة عديدة، ومنها دول خليجية، وهم يمثلون ستة بالمائة من تعداد مسلمي العالم. كما ان استبعاد ايران من التحالف يبدو أمرا مفهوما ومنطقيا، خاصة أنها متورطة بالتدخل سلبا، في العديد من الملفات والقضايا العربية. ولعل الانتقاد الخاص بأن مجموعة الدول ال٣٤ لاتملك رؤية موحدة تجاه الارهاب، هو كلمة حق يراد بها باطل، فهناك حوارات سوف تتم بين دول التحالف للاتفاق حول قائمة موحدة للجماعات الإرهابية، وهي تجربة قابلة للنجاح وفقا لما حدث في الازمة السورية، والساحة هناك تعج بالعشرات من الجماعات المسلحة، وكان من المهم التعرف علي نوعية الإرهابية منها والمعارضة للنظام، وهي التجربة التي أشرفت عليها الأردن، بتكليف من الدول المعنية بالملف السوري، كما ان القرارات ستأخذ وفق كل حالة، كما أن المشاركة اختيارية وليست إلزامية، دون استبعاد اي خيار، بما في ذلك إرسال قوات بمواقفة وطلب الحكومة الشرعية. ومن الظلم البين للتحالف الإشارة إلي انه استجابة سعودية لمطلب امريكي، بدور إسلامي اكبر بالقوات في مواجهة داعش، استنادا إلي مطالبات وتصريحات السيناتور جون ماكين رئيس لجنة القوات المسلحه وليندس جراهام المرشح الرئاسي، ودعوتهما لتشكيل قوة عسكرية قوامها ١٠٠ ألف جندي مع ١٠ آلالف آخرين تقدمهم واشنطن، لمواجهة والقضاء علي داعش، نفس السيناتور ماكين هو من قال «إن إعلان السعودية عن التحالف الجديد، دون ان تكون أمريكا علي علم به، يدل علي تراجع النفوذ الأمريكي في الدول الإسلامية، وزعزعة ثقتها في واشنطن، إنه مثال واضح علي غياب الزعامة الأمريكية، وهو مادفع بالآخرين إلي الشروع في وضع استراتيجية خاصة بهم، لمواجهه داعش وكل الجماعات الارهابية»، كما ان المتحدث باسم الخارجية الأمريكية جون كيربي، نفي في تصريحات له ان تكون السعودية قد أخطرت واشنطن بتأسيس التحالف الدولي قبل الإعلان عنه. التحالف فكرة متميزة، تملك مقومات النجاح اذا توافرت الإرادة السياسية للدول المشاركة فيه.