عشرات السنين من الاحتلال الصهيوني لفلسطين، محاولات هنا وهناك لمحو عربية وإسلامية «القدس» لكن من بين هذا الظلام يحل «8 يناير» من كل عام حاملا ذكرى مقدسة لدى العرب والمسلمين، يوم تحرير هذه المدينة من البيزنطيين، وتحديدًا قبل 1379 عامًا. في العام 3000 قبل الميلاد أنشأ العرب «القدس» أي قبل خمسة آلاف سنة، واختارها اليبوسيون لتكون عاصمتهم؛ بسبب موقعها المتوسط بين البحر والنهر؛ فحصنوها بالسور من جميع الجهات، ومرت مئات السنين، إلى أصبحت تلك المدينة قبل ظهور الإسلام في القرن السابع، شاهدة على تمازج متصل بين المسيحيين في فلسطين والسكان العرب (الذين كان العديد منهم من المسيحيين أيضًا) القاطنين إلى الجنوب والشرق من فلسطين. آنذاك ظل المسلمون يتجهون إلى القدس كقبلة للصلاة، كما كانت حادثة الإسراء والمعراج التي تروي إسراء النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) من مكة إلى القدس وعروجه منها إلى السماوات السبع، وكانت حينها القدس تحت سيطرة البيزنطيين، لكن هذا الحكم لم يستمر طويلاً، إذ التقت القوّات العربيّة الإسلاميّة مع البيزنطيّة في معركة اليرموك عام 636، وكانت نتيجتها هزيمة القوّات البيزنطيّة. وبالفعل صارت «القدس» مدينة عربية إسلامية بعد استلام الخليفة عمر بن الخطاب مفاتيحها عام 637 ميلادية، معلنًا انتهاء الحقبة البيزنطية بفلسطين، وحينها أعرب «بن الخطاب» عن احترامه للمدينة بأن تقبل بنفسه استسلامها، وكتب لهم وثيقة أمان عرفت فيما بعد ب«العهدة العمرية»، أعطاهم فيها أمانا لأنفسهم وأموالهم وكنائسهم وصلبانهم، فمن خرج منها فهو آمن ومن أقام فهو آمن، وشهد على ذلك خالد بن الوليد وعبد الرحمن بن عوف وعمرو بن العاص، ومعاوية ابن أبي سفيان.