أبرزها وظائف بالمترو براتب 8000 جنيه.. «العمل» توفر 100 فرصة للشباب    يسر عبد الغني رئيسا لنادي السنطة الرياضي وسامي عبد المقصود نائبا (فيديو)    محمد التاجي: لولا تدخل السيسي ل"طبل" الجميع للانتخابات وينتهي الأمر دون كشف التجاوزات    صافي الأرباح يقفز 33%| بنك البركة – مصر يثبت قوته المالية    من 18 إلى 54 ألفًا.. زيادة تعجيزية تهدد مصدر رزق مزارعي بهادة بالقليوبية    ممداني: ناقشت مع الرئيس ترامب مسألة تدخل إدارة الهجرة في نيويورك    محمد موسى يهاجم الجولاني: سيطرتك بلا دور.. والسيادة السورية تنهار    بالأمر، ترامب يحدد الموعد النهائي لزيلينسكي لقبول خطة السلام في أوكرانيا    حدد الموعد، رئيس الاتحاد الفرنسي يتحدث عن اقتراب زيدان لتدريب منتخب الديوك    اختطاف واحتجاز أكثر من 200 تلميذ و12 معلما في هجوم مسلح على مدرسة كاثوليكية بنيجيريا    تطورات مثيرة في قضية سرقة عصام صاصا للحن أغنية شيرين    خبيرة اجتماعية: بعض النساء يهربن للعمل بحثًا عن ذاتهن لا بحثًا عن المال    التوقعات السامة| خبيرة أسرية توضح كيف تحول الزواج لعبء على المرأة    استشارية: خروج المرأة للعمل لا يعفي الرجل من مسؤولية الإنفاق أبدًا    عضو "الشؤون الإسلامية" يوضح حكم التعامل مع الدجالين والمشعوذين    الصورة الأولى لعروس المنوفية التي لقيت مصرعها داخل سيارة سيارة الزفاف    محلل سياسي عن لقاء السيسي ورئيس كوريا: مصر مركز جذب جديد للاستثمارات    فلسطين.. آليات الاحتلال تطلق نيرانها صوب المناطق الشرقية لمدينة خان يونس    «العشري» يدعو الحكومة للاجتماع بالمصنعين ومراجعة قرار فرض رسوم الإغراق على البليت    شيكو بانزا يوضح سبب تأخر عودته للزمالك    مداهمة مفاجئة تكشف الإهمال.. جمعية زراعية مغلقة وقرارات حاسمة من وكيل الوزارة    الجيزة: تعريفة ثابتة للسيارة بديلة التوك توك ولون موحد لكل حى ومدينة    تعرف على حالة الطقس اليوم السبت فى سوهاج    اتحاد الكرة يعلن حكام مباريات الأحد في الدوري الممتاز    مارسيليا يتصدر الدوري الفرنسي مؤقتا بفوز ساحق على نيس    مصطفى حجاج يكشف حقيقة الخلاف بينه وبين هاني محروس    وزير الثقافة يعلن ختام فعاليات الدورة السادسة والأربعين لمهرجان القاهرة السينمائي الدولي ويُكرم الفائزين بمسابقاته    مى عز الدين تنشر صورا جديدة تجمعها بزوجها أحمد تيمور    تعرف على أسعار اللحوم البلدي اليوم فى سوهاج    خطة السلام بأوكرانيا.. ماذا قال عنها ترامب وبوتين وزيلينسكي؟    مصرع شابين وإصابة 3 في حادث تصادم على طريق بنها–كفر شكر بالقليوبية    أخبار × 24 ساعة.. السياحة: 1.5 مليون سائح ألمانى زاروا مصر منذ بداية 2025    اكتشاف عجز 44 طن سكر داخل مضرب بكفر الشيخ.. وضبط أمين المخازن    رمضان صبحي أمام المحكمة في قضية التزوير| اليوم    بسبب ركن سيارة.. قرار هام في مشاجرة أكتوبر    مسئول إسرائيلى: سنحصل على الشرعية لنزع سلاح حماس إذا لم ينجح الأمريكيون    أحمد حسن يكشف أسباب عدم ضم حجازى والسعيد للمنتخب الثانى بكأس العرب    محلل أداء الأهلى السابق: الفريق استقبل أهدافا كثيرة بسبب طريقة لعب ريبيرو    قائمة بيراميدز - عودة جودة وغياب مصطفى فتحي أمام ريفرز    أهم الأخبار العالمية والعربية حتى منتصف الليل.. ترامب: ممدانى رجل عقلانى جدا ونتفق فى الغاية وهو ليس جهاديا.. طوارئ فى فرنسا استعدادا لحرب محتملة مع روسيا.. وزيلينسكى عن الخطة الأمريكية للسلام: نواجه لحظة حاسمة    أحمديات: برنامج دولة التلاوة رحلة روحانية مع كلمات الله    محمد أبو سعدة ل العاشرة: تجميل الطريق الدائري يرتقى بجودة حياة السكان    صلاح بيصار ل العاشرة: أحمد مرسي علامة كبرى في الفن والأدب السريالي    تباطؤ إنفاق المستهلكين فى كندا خلال الربع الثالث بسبب الرسوم الأمريكية    إعدام كميات كبيرة من الأغذية والمشروبات غير الصالحة بالمنوفية    القاهرة الإخبارية تكشف تفاصيل العملية الانتخابية في الرياض وجدة    11727 مستفيدًا في أسبوع سلامة الدواء بالمنوفية    رئيس جامعة المنيا يناقش إعداد الخطة الاستراتيجية للجامعة 2026–2030    الترسانة يتعادل مع المنصورة في ختام الأسبوع ال13 بدورى المحترفين    جعجع: لبنان يعيش لحظة خطيرة والبلاد تقف على مفترق طرق    عالم بالأوقاف: الإمام الحسين هو النور المكتمل بين الإمامة والنبوة    بسبب رسامة فتيات كشمامسة.. الأنبا بولس يطلب من البابا تواضروس خلوة بدير العذراء البراموس    شوقي علام حول التعاملات البنكية: الفتوى الصحيحة تبدأ بفهم الواقع قبل الحكم    إقبال كثيف وانتظام لافت.. «القاهرة الإخبارية» ترصد سير انتخابات النواب فى الأردن    كيف يؤثر تناول السكر على مرضى السكري وما الكمية المسموح بها؟    «الزراعة» تواصل حملاتها لحماية الثروة الداجنة    جامعة بنها ومؤسسة حياة كريمة ينظمان قافلة بيطرية بمنشاة القناطر    الجالية المصرية بالأردن تدلي بأصواتها في المرحلة الثانية لانتخابات النواب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المسجد الأقصى بين التاريخ الديني وعلم التاريخ
نشر في شباب مصر يوم 16 - 05 - 2015

لم اقرأ موضوعا في الفكر الديني ملئ بالتناقضات مثلما هو الإسراء بالنبي صلي الله
عليه وسلم إلى القدس والصلاة بالأنبياء في المسجد الأقصى
تحدث القرآن كثيرا عن معجزات الأنبياء السابقين وعلى الأخص موسى وعيسى ، وكان من الطبيعي لعقلاء قريش ان يسألوه بالتالي عن معجزة خاصة به حتى يؤمنوا له
فاجتمع عدد من سادتهم واشرافهم (عتبة وشيبة ابني ربيعة ، وأبا سفيان بن حرب ، ورجلا من بني عبد الدار ، وأبا البختري أخا بني أسد ، والأسود بن المطلب بن أسد وزمعة بن الأسود ، والوليد بن المغيرة ، وأبا جهل بن هشام وعبد الله بن أبي أمية ، وأمية بن خلف ، والعاص بن وائل ، ونبيها ومنبها ابني الحجاج السهميين ) وأرسلوا إليه ، فلما جاء سألوه ( وقالوا لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الأرض ينبوعا ( 90 ) أو تكون لك جنة من نخيل وعنب فتفجر الأنهار خلالها تفجيرا ( 91 ) أو تسقط السماء كما زعمت علينا كسفا أو تأتي بالله والملائكة قبيلا ( 92 ) أو يكون لك بيت من زخرف أو ترقى في السماء ولن نؤمن لرقيك حتى تنزل علينا كتابا نقرؤه قل سبحان ربي هل كنت إلا بشرا رسولا ( 93 ) سورة الإسراء
وفى الآية 59 من نفس السورة قال لهم ( وما منعنا أن نرسل بالآيات إلا أن كذب بها الأولون )
من الواضح ان السؤال منطقي ولكن الرد لم يكن على مستوى السؤال ،
ونلاحظ ان هذه الآيات كانت ضمن سورة الإسراء الذي كان مطلعها ( سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ-;- بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا ۚ-;- إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ)
وهنا نجد التعارض بين الرد الأول ( قل سبحان ربي هل كنت إلا بشرا رسولا ) وبين الإسراء إلى المسجد الأقصى ، وهى ردا على ( ان ترقى في السماء ) ، ولكن بدون (تنزل علينا كتابا نقرؤه )
ونلاحظ ان السورة فيما يخص هذا الموضوع لا تسير على نسق واحد ، فبعد نفى المعجزات حيث لم يصدق بها احد ، وبعد انه مجرد بشر رسول نفاجأ برحلة الإسراء المعجزة ، بل ان رحلة الإسراء تأتى في البداية والنفي ياتى في النهاية
وبغض النظر على ما أثارة حديث الإسراء من جدل من أصحاب النبي نفسه والتي ادت إلى ارتداد بعضهم والذي توضحه الآية 62 من نفس السورة (وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً لِّلنَّاسِ ) وما تشير إليه أول الآية من انه كان إسراء بالروح وليس بالجسد ( وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ ) والذي يؤكده ما روي عن عائشة أنها كانت تقول : (ما فقد جسد النبي صلى الله عليه وسلم ، ولكن الله أسرى بروحه )
ولكن .... ولان الجمهور على ان الإسراء كان بالجسد إلى مسجد أطلق عليه المسجد الأقصى ( الذي باركنا حوله ) والذي نفهم منه انه كان موجودا بالفعل كبناء ومبارك ما حوله ، فعلينا ان نناقش وجود هذا المسجد بهذه الصفة عند إسراء النبي إليه ، وبالتالي نعود إلى إحداثية مدينة القدس في هذا التاريخ
بالطبع لن نتتبع تاريخها من منذ البداية والتي كان أول ذكر لها في رسائل تل العمارنة باسم (أورسالم ) في العام1330 ق.م ، ثم أصبحت
وفقًا لسفر الملوك الثاني، أن أخذت اسم "يبوس" نسبة إلى اليبوسيون، وقد بنوا قلعتها والتي تعني بالكنعانية مرتفع. تذكر مصادر تاريخية عن الملك اليبوسي "ملكي صادق" أنه هو أول من بنى يبوس أو القدس، وكان محبًا للسلام، حتى أُطلق عليه "ملك السلام" ومن هنا جاء اسم المدينة وقد قيل أنه هو من سماها بأورسالم أي "مدينة سالم"
وجاء الملك سليمان (970 ق.م – 931 ق.م ) حاكما على مملكة كل إسرائيل ( قبل انقسامها ) خلفا لأبوه داوود الذي اتخذ ( حسب التوراة ) من أورشليم عاصمة لملكة ، وبني سليمان ( حسب التراث اليهودي ) هيكل المدينة على جبل موريا، بالإضافة إلى هيكل سليمان الشهير الذي يقال انه حُفظ فيه تابوت العهد وفقًا للمعتقد اليهودي وسميت بالمدينة المقدسة وأصبحت عاصمة لمملكة إسرائيل الموحدة
( وان كان وجود سليمان من الناحية التاريخية محل خلاف بين علماء الآثار والأنثروبولجيا فلا يوجد له ولا لهيكله أي أثر في أورشليم كما لا يأتي أي ذكر له في حوليات الحضارات المفترض أنها جاورته في مصر القديمة وآشور وفينيقيا )
وبعده انقسمت المملكة إلى قسمين شمالي وجنوبي وسُمي القسم الجنوبي بمملكة يهوذا وأصبحت القدس عاصمة لها تحت قيادة رحبعام بن سليمان إلا أننا سرنا مع التاريخ الديني
وألان نبدأ مسيرتنا مع علم التاريخ :
وفي سنة 587 ق.م، احتل الملك البابلي "نبوخذ نصّر الثاني" مدينة القدس بعد أن هزم آخر ملوكها ، ونقل من بقي فيها من اليهود أسرى إلى بابل بمن فيهم الملك صدقيا نفسه، وعاث في المدينة دمارًا وخرابًا وأقدم على تدمير هيكل سليمان
ويستمر بنا التاريخ بعودة اليهود إلى القدس مرة أخرى في عهد الملك الفارسي قورش وقاموا ببناء الهيكل الثاني وإعادة بناء أسوارها ، حتى جاء الاسكندر وهزم الفرس واستولى على القدس 333 ق.م
حتى جاء الرومان واستولوا على القدس 63 ق.م وشهدت الفترة من 66 م إلى 70 م ثورات كبرى من اليهود ضد الحكم الروماني حتى قام الحاكم الروماني ( تيطس ) بحرق مدينة القدس ودمر المعبد للمرة الثانية ، وعادت الثورة مرة أخرى حتى عام 132 م حتى قام الإمبراطور الروماني هارديان بقمع الثورة بمنتهى العنف وتدمير القدس مرة أخرى وطرد اليهود منها نهائيا
وبعد ان أعلن الإمبراطور الروماني قسطنطين الأول نقل عاصمة الإمبراطورية الرومانية من روما إلى بيزنطية، وأعلن المسيحية ديانة رسمية للدولة، أمر بتشييد عدد من المعالم المسيحية بالقدس، فبنيت كنيسة القيامة عام 326م مع استمرا حظر دخولها على اليهود حتى القرن السابع الميلادي
وعاد الاحتلال الفارسي لسوريا وتم استخلاص القدس من ايدى الروم بمعاونة اليهود فى فلسطين الذين كانوا ناقمين على بيزنطة عام 614 وتم فيها الاعتداء على كنيسة القيامة وتخريب أجزاء منها واستمرت خاضعة لهم حتى استعادتها بيزنطة تحت قيادة الإمبراطور هرقل مرة أخرى في العام 629 وظلت بأيديهم حتى جاء العرب 636 م
وحسب التاريخ العربي فان إسراء النبي محمد صلي الله عليه وسلم إلى القدس كان في العام 621 وهى تحت الحكم البيزنطي .
من هذا السرد التاريخي نعرف ان القدس عند حادثة الإسراء لم يكن بها اى مسجد يسمى المسجد الأقصى ولا اى بنايات عبادة مقدسة لليهود ولا حتى للمسيحيين سوى ما تبقى من كنيسة القيامة
فأين صلى النبي محمد بالأنبياء في المسجد الأقصى المبارك حوله ؟ والتي تعنى كلمة
( حوله ) حسب ما جاء بتفسير بن كثير : ( الذي باركنا حوله ) أي : في الزروع والثمار )
إذن فهو بيت عبادة معلوم وموجود وله معالم وحوله الزروع والثمار وهو ما يخالف احداثيات مدينة القدس في هذا الوقت
ويقول لنا التراثيين أيضا ان عمر بن الخطاب عندما فتح القدس ( ايلياء)
عرض صفرونيوس عليه أن يؤدي الصلاة في كنيسة القيامة بعد أن حان موعدها أثناء زيارته لها، فخرج من الكنيسة وصلى على مبعدة منها وعاد. ولمّا سأله البطريرك صفرونيوس عن السبب أجابه أنه يخاف من أن يتخذ المسلمون من فعله ذريعة فيما بعد للسيطرة على الكنيسة فيقولون من بعده "ها هنا صلّى عمر" وبالتالي يحولون الكنيسة إلى مسجد للمسلمين
فلماذا لم يصلى في المسجد الأقصى إذا كان موجودا بالفعل ؟ علما بأن الوقت بين إسراء النبي محمد وزيارة عمر بن الخطاب لا يتجاوز العشرين عاما
ورغم هذا نجد المفسرين يتحدثون طويلا عن الحوار الذي دار بين النبي محمد والقرشيين جوال سؤالهم ان يصف لهم المسجد والذي قام النبي بوصفة وأمنوا على كلامه على أساس أنهم يعرفونه من زيارتهم المتكررة للقدس فى طريق تجارتهم من اليمن إلى الشام في رحلتي الشتاء والصيف
النبي يصف مسجد غير موجود والقرشيين يصدقوا أوصاف هذا المسجد الغير موجود ......!!!!!!
( ويروى لنا احمد بن حنبل فى مسنده (ج 43 / ص 418)
عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ
قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ مَسْجِدٍ وُضِعَ فِي الْأَرْضِ أَوَّلُ قَالَ الْمَسْجِدُ الْحَرَامُ قَالَ قُلْتُ ثُمَّ أَيُّ قَالَ ثُمَّ الْمَسْجِدُ الْأَقْصَى قَالَ أَبُو مُعَاوِيَةَ يَعْنِي بَيْتَ الْمَقْدِسِ قَالَ قُلْتُ كَمْ بَيْنَهُمَا قَالَ أَرْبَعُونَ سَنَةً وَأَيْنَمَا أَدْرَكَتْكَ الصَّلَاةُ فَصَلِّ فَإِنَّهُ مَسْجِدٌ )
اذن فحسب كلام بن حنبل المسجد موجود ، وهو مسجد اسلامى بني بعد الكعبة باربعون سنه ومازال قائما حتى إسراء النبي إليه والى من بعده ......!!!!! فكيف لم يصلى فيه عمر بن الخطاب ؟ وكيف لم تروى لنا كل ما ذكرناه من أحداث مدينة القدس شيئا عن هذا المسجد ؟
وكيف ان عمر بن الخطاب في زيارته لايليا ( القدس ) ظل يبحث عنه في الخرائب ويطلب من مرافقيه ان يساعدوه ويسترجع مع نفسه وصف النبي صلي الله عليه وسلم للمكان حيث تقول لنا الرواية الإسلامية :
(قام عمر بن الخطاب بعد فتح المدينة بالبحث عن مكان المسجد الأقصى المذكور في القرآن والصخرة المقدسة التي قبل ان النبي وقف عليها للعروج إلى السماء ، واضعًا نصب عينيه الرواية التي سمعها من النبي محمد صلي الله عليه وسلم ليلة الإسراء، وسأل الصحابة وكعب الأحبار، وهو من اليهود الذين أسلموا، والبطريرك صفرنيوس، وكان عمر بن الخطاب يراجع المرافقين له حين يدلونه على مكان لا يجد أوصافه تنطبق على ما لديه قائلاً: "لقد وصف لي رسول الله صلّى الله عليه وسلم المسجد بصفة ما هي عليه هذه". وقد عثر الخليفة على مكان المسجد الأقصى والصخرة المقدسة في وقت قصير، وكان المكان مطموراً بالأتربة التي تكاد تخفي معالمه. وأمر عمر بن الخطاب بإقامة مسجد موضع المسجد الأول، وإقامة ظلة من الخشب فوق الصخرة المقدسة ) انتهى
فهل هذا هو المسجد الأقصى المبارك حوله بالأشجار والأنهار والثمار والتي اسري إليه الرسول ؟
القصة الحقيقية :
المعروف لغويا ان القصى هو البعيد ، والأقصى هو الأكثر بعدا ، فيكون إسراء النبي هو إلى مسجد أكثرا بعدا في القدس ، حيث يقول مجاهد ( إلى المسجد الأقصى ) يعني : بيت المقدس ، وسمي أقصى لأنه أبعد المساجد التي تزار . وقيل : لبعده من المسجد الحرام ، ( الذي باركنا حوله ) تعنى بالأنهار والأشجار والثمار ، وقال مجاهد : سماه مباركا لأنه مقر الأنبياء ومهبط الملائكة والوحي ، ومنه يحشر الناس يوم القيامة )
كتبت من قبل في دراسة من خمسة مقالات ( تزوير التاريخ : دور الأمويين فئ الإسلام ) موضحا أن بداية الإسلام الحقيقي من خلال مسكوكات العملة كانت فى منتصف ولاية الخليفة عبد الملك بن مروان ، الذي انقلب على الامبراطوية البيزنطية وأعلن الدولة الإسلامية وتم في عهده تنقيط المصحف وضرب اول عملة نقدية ودون اسمه عليها ( عبد الملك خليفة الله ) وعملات أخرى تحمل اسم ولكن مرسوم عليها بيت الإله العبري أل El الذي يُرمز إليه بعمود حجري في وسط العملة ومكتوب حوله "لا إله إلا الله وحده، محمد رسول الله"
وأسس مسجد قبة الصخرة في دمشق ودون عليها سور من القرآن وهو هيكل عظيم من ثمانية إضلاع يحمله اثني عشر عاموا ولكن الملاحظ ان هذا المسجد ليس به محراب يتجه نحو الكعبة ، ثم ان الاثنى عشر عامودا تمثل أسباط بني إسرائيل
وفى نفس الوقت بني قبة الصخرة فى القدس فوق الصخرة المقدسة عام 691، ثم بنى الخليفة الوليد بن عبد الملك المسجد الأقصى عام 709 وأمر أيضا بهدم جزء من كنيسة يوحنا بدمشق وبني فيه المسجد الأموي.
فماذا قصد عبد الملك وابنه الوليد من ذلك ؟
قلنا في الدراسة المشار إليها إن الأمويين في الشام كانوا هم الأساس في انتشار الإسلام وان النبي محمد صلي الله عليه وسلم كان نبيا في جزيرة العرب تحالف مع معاوية الذي كان أميرا لإحدى ولايات الشام تحت الحكم الساسانى ثم الحكم البيزنطى كما هو واضح من سكات العملة الخاصة به والتي وضحتاها فى الدراسة / وان عبد الملك بن مروان كان يدفع في بداية حكمة الجزية السنوية إلى بيزنطة ، ثم انقلب عليها نتيجة ضعفها بعد الحروب التي خاضتها مع الفرس الساسانيين ، وأسس الدولة الإسلامية وأعلن عنها في مسجد الصخرة في الشام ثم قبة الصخرة في القدس ليستكمل ابنه الوليد المهمة فيقوم ببناء المسجد الأقصى
والهدف واضح وهو أن الأمويين تلقفوا حادثة الإسراء والمعراج ليكون للشام نصيبا من التقديس مع مكة والمدينة ، كما كان لها النصيب الأوفر فى نشر الإسلام .
وحتى اذا كانت دراستي المشار إليها غير صحيحة فإننا نعلم من التاريخ الاسلامى أن عبد الملك بن مروان هو من بني مسجد الصخرة في دمشق ثم قبة الصخرة في القدس ليأتي بعده ابنه الوليد لبناء المسجد الأقصى حتى يؤسس للدولة الأموية مكانا مقدسا يضارع مكة والمدينة
ويؤكد لنا المؤرخ اليعقوبى ( توفى 897 ) فى كتابه تاريخ اليعقوبى ان أن سبب بناء قبة الصخرة كان لأسباب سياسية، فعبد الملك بن مروان عندما أمر ببناء قبة الصخرة كان ينوي تحويل رحلة الحج من مكة إلى القدس، ويستشهد بذلك على الخلاف الذي وقع بين عبد الملك وابن الزبير الذي كان أمير مكة في ذلك الوقت، حيث تؤكد بعض المراجع أن عبد الملك منع الناس في الشام من الحج أثناء خلافه وابن الزبير، ومما يؤكد ذلك ان بناء قبة الصخرة كمسجد، او مكان للصلاة، لماذا صمم بشكل دائري، وليس كما هو دارج في تصميم المساجد إذ غالباً ما تكون مستطيلة الشكل أو مربعة، لماذا بناء قبة الصخرة الدائري يوحي بإحدى طقوس الحج وهو الطواف؟
وفى كتاب النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة : ( وفى سنة 17 ه من ولاية عبد العزيز على مصر كانت الخلافة مقسومة بين خليفتين‏ :‏ عبد الله بن الزبير وعبد الملك بن مروان‏:‏ أما الحرمان والعراق كله فبيد عبد الله بن الزبير والشام ومصر وما يليهما بيد عبد الملك بن مروان والفتن قائمة بينهما والحروب واقعة في كل سنة‏.‏
وسبب بناء عبد الملك أن عبد الله بن الزبير لما دعا لنفسه بمكة فكان يخطب في أيام منى وعرفة وينال من عبد الملك ويذكر مثالب بني أمية ويذكر أن جده الحكم كان طريد رسول الله صلى الله عليه وسلم ولعينه فمال أكثر أهل الشام إلى ابن الزبير فمنع عبد الملك الناس من الحج فضجوا فبني لهم القبة على الصخرة والجامع الأقصى ليصرفهم بذلك عن الحج والعمرة فصاروا يطوفون حول الصخرة كما يطوفون حول الكعبة وينحرون يوم العيد ضحاياهم وصار أخوه عبد العزيز بن مروان صاحب مصر يعرف بالناس بمصر ويقف بهم يوم عرفة‏.‏ "
ولكنى اعتقد أن يناء مسجد الصخرة وقبة الصخرة والمسجد الأقصى لم يكن أبدا لأسباب سياسية ولكنه كان لأسباب دينية لوضع الشام على خريطة القداسة الإسلامية وتأكيدا على زعامتها الدينية ، ولهذا رأينا الخلط الواضح في موضوع الإسراء
ورغم انتهاء محنة عبد الله بن الزبير وانتهاء دولة الأمويين إلا انه مازال لا تشد الرحال إلا لثلاثة مساجد ( المسجد الحرام ، المسجد النبوي ، المسجد الأقصى ) ومازال المسجد الأقصى حتى ألان هو العقبة الكأداء بين المسلمين واليهود
أراكم على خير
هشام حتاتة
كاتب وباحث مصري


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.