هذه المرة لم تكن القضية الفلسطينية هي المحور الرئيسي للاجتماع الطارئ الذي عقده وزراء الخارجية العرب الاخير، فلم تحمل الديباجة الاولي للبيان الصادر عن الاجتماع تلك العبارات التي اعتدنا ان نطالعها في كل بيان، من تنديد ورفض للسياسات والممارسات الاسرائيلية في الاراضي الفلسطينية المحتلة، ومطالبة المجتمع الدولي بالتدخل لرفع المعاناة عن الشعب الفلسطيني والعمل علي حل القضية المزمنة بإنشاء الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس. تبدلت اسرائيل وتبدل الشعب الفلسطيني فأصبحت تركيا في موقع المغتصب والشعب العراقي في موقع الشعب الفلسطيني. وجاءت مطالبة وزراء الخارجية العرب بالاجماع لتركيا بالانسحاب الفوري من العراق، في تحول جذري يكشف حقيقة ما آلت إليه الأوضاع في المنطقة من مشهد مأساوي ينذر بكل الخطر، فها هي تركيا التي تحسب علي الدول الاسلامية تنتهك سيادة دولة عربية اسلامية بكل الفجور السياسي، مما يدفع وزراء الخارجية العرب إلي مطالبتها بالانسحاب الفوري من دولة العراق. هكذا كشفت السياسة التركية وجهها الحقيقي ومخططها القبيح الهادف إلي انشاء دولة الخلافة الاسلامية، لترجع عجلة الزمان الي الخلف، وتكشف ايضا سر مساندتها للجماعات الارهابية والمتطرفة والتي تستخدمها كأداة لتنفيذ مخططها، فليست الخلافة الاسلامية التي تنشدها تركيا، سوي سعي لتحقيق مصالح سياسية تتعلق بها، مهما كان الثمن، ولو كان ازهاق أرواح الابرياء في سورياوالعراق وأي مكان علي وجه الأرض، فالمهم تركيا والخلافة الاسلامية التي تسعي اليها! ولكن السؤال الذي يفرض نفسه، كيف يكون هذا هو موقف وزراء الخارجية العرب من تلك الدولة المعتدية علي سيادة دولة عربية اسلامية وفي نفس الوقت تكون تركيا واحدة من دول التحالف الاسلامي المشكل لمواجهة الإرهاب. أليست معضلة يصعب فهمها، خاصة وان ما فعلته تركيا في العراق، فعلت أكثر منه في دول عربية واسلامية اخري وما زالت تفعل في الخفاء والظلام بمساندتها للارهاب وللجماعات الارهابية والمتطرفة. ألم تصبح تركيا المقر الرئيسي لهذه الجماعات تستضيفهم علي أرضها، وتوفر اليهم الملاذ والحماية من ملاحقة العالم لهم. ففي الوقت الذي تتعرض له كل دول العالم للضربات الارهابية من الجماعات المتطرفة، تنشق تركيا عن كل العالم وتنفرد هي ودويلة أخري عربية اسلامية لايواء تلك الجماعات! المخطط التركي لا يتوقف علي سورياوالعراق، فهو يمتد ليشمل غيرهما، ويبدأ بهدم ركائز الدول، وبث الفوضي والخراب لتصبح فريسة سهلة للالتهام. أفيقوا يا عرب.