خذل الرئيس الأمريكي أوباما كل الأمريكيين الذين توقعوا بعد الإعلان عن قيامه بتوجيه خطاب للأمة قبل يومين أن يخرج عليهم أوباما بإجراءات وسياسات جديدة تحميهم من الإرهاب الذي بدأ يطل خطره عليهم بقوة في حادث كاليفورنيا!.. لكن الرئيس الأمريكي كرر كل ما سبق أن قاله من قبل حول أن الولاياتالمتحدة ليست في حرب مع الإسلام وإنما هي تحارب فقط الإرهاب، ودعا الدول الإسلامية، مثلما فعل من قبل، لمواجهة التطرف الذي يفرخ التنظيمات الإرهابية، وأعلن تمسكه بذات الاستراتيجية التي تبنتها الولاياتالمتحدة قبل شهور عديدة في حرب داعش، وهي الاستراتيجية التي تعتمد علي غارات جوية تقوم بها الطائرات الحربية الأمريكية مع حلفائها ضد قواعد داعش في كل من سورياوالعراق منبها أن واشنطن لن تتورط في حرب برية حتي تفوت الفرصة علي تنظيم داعش الذي يريد استدراج القوات الأمريكية برا للنيل منهم. وهكذا.. كل توقعات الصحف الأمريكية والخبراء الأمريكيين حول ذلك الخطاب الذي وجهه الرئيس أوباما إلي الشعب الأمريكي ذهبت أدراج الرياح.. بل ان الرئيس أوباما قال أن السلطات الأمريكية ليس لديها ما يؤكد أن حادث كاليفورنيا الإرهابي وراءه تنظيم إرهابي محدد، رغم إعلان داعش مسئوليته عن هذا الحادث، وان كان أوباما بالطبع لم ينكر ان الولاياتالمتحدة مهددة بخطر الإرهاب مثلما هو حال أوروبا والعديد من بلدان العالم، واكتفي الرئيس الأمريكي فقط بمطالبة الكونجرس بتشديد اقتناء الأسلحة داخل الولاياتالمتحدة، وتجاهل كل الإجراءات التي أشارت اليها صحف أمريكية أو توقعتها، وتستهدف حماية الأراضي الأمريكية من اختراق الارهابيين لها. لقد قال الرئيس أوباما ان استراتجيته لمواجهة داعش أو هزيمتها قد تم اعدادها بواسطة خبراء ويتم مراجعتها بشكل دائم، ومع ذلك لم يفصح عن أي تغيير في تلك الاستراتيجية قد طرأ عليها أو يمكن أن يطرأ عليها مستقبلا، في ظل تعرض الولاياتالمتحدة مثل دول أوروبية لحوادث إرهابية، وفي ظل التواجد العسكري الروسي في المنطقة وقيامها بشن غارات ضد داعش في سوريا.. الأمر الذي يشي بأن هذه الاستراتيجية لا تتغير وربما لن تتغير وحتي نهاية حكم الرئيس أوباما ذاته! بل حتي هذه الاستراتيجية التي يتمسك بها أوباما في مراجعة الإرهاب بصفة عامة وداعش بصفة بخاصة وإذا كانت واضحة في العراق، حيث تقوم علي غارات جوية لأمريكا وحلفائها مع دعم القوات البرية المحلية (العراقية) علي الأرض فإن الغموض يكتنفها بالنسبة لمواجهة داعش في سوريا.. فهي تقوم علي غارات من الجو ولا تشمل مساندة ودعما حقيقيا لقوات جوية علي الأرض، وهذا يعني أن التراجع الأمريكي الذي عبرت عنه تصريحات مؤخرة لوزير الخارجية الأمريكي كيري حول القبول بوجود بشار الأسد رئيسا خلال المرحلة الانتقالية لم يترجم لموقف عملا يتضمن اعتمادا علي الجيش السوري كما هو الحال بالنسبة للجيش العراقي في محاربة داعش علي الأرض، وهو الأمر الذي لا غني عنه لمن يريد هزيمة داعش كما يقول أوباما أو لسحقها كما يقول الرئيس الفرنسي. أما بالنسبة لوجود داعش في ليبيا فإن الرئيس الأمريكي أوباما تجاهل تماما، رغم أن نظيره الفرنسي الرئيس أولاند حذر قبل أيام قليلة مضت من أن مطاردة داعش في كل من سورياوالعراق سوف تدفع عناصره الإرهابية لأن تلوذ بليبيا، وتتمركز فيها وربما تحاول استبدال العراقوسوريا كقاعدة لها بليبيا.. ونبه الرئيس الفرنسي إلي أن من يحاربون داعش سيجدون أنفسهم مضطرين وقتها لحرب داعش في ليبيا أيضا إذا كانوا يريدون هزيمتها وسحقها والتخلص من شرورها وحماية أنفسهم من الإرهاب.. وهذه التحذيرات الفرنسية يشاركها فيها الليبيون أنفسهم ونحن في مصر، حيث نؤكد أن اختزال حرب الإرهاب بمواجهة داعش فقط خطأ فادح، فلابد من محاربة كل التنظيمات الإرهابية والتي تصنع الإرهاب.. اختزال الحرب ضد داعش في العراق أولا ثم معها سوريا حاليا خطأ أيضا، فلابد من محاربة داعش في كل مكان توجد فيه، خاصة في ليبيا حاليا.. لكن الرئيس الأمريكي تجاهل ذلك كله، وكأن داعش لا توجد سوي في العراقوسوريا فقط. باختصار.. ان الرئيس الأمريكي أوباما رغم الترقب الكبير الذي سبق كلمته للأمة، خاصة بعد الإعلان عن أنه سوف يقولها من مكتبه البيضاوي بالبيت الأبيض، لم يقل جديدا للشعب الأمريكي أو لحلفائه في محاربة داعش.. لم تسعفه قدراته الخطابية التي تمرس عليها في اقناع شعبه بأنه حتي يفكر أو يدرس شيئا جديدا في حرب الإرهاب.. بل لعله قال لمستمعيه: أنا عاجز عن المواجهة الحقيقية للإرهاب