نعم عندنا فساد مثلنا مثل كل العالم.. ولكن ونتيجة لضغوط الظروف الاجتماعية وانتشار ثقافة استخدام الانحراف كوسيلة سهلة للحصول علي المال وتحقيق التطلعات القائمة علي عدم الاجتهاد والعمل والانتاج.. فإن نسبة هذا الفساد تتخذ شكلا زائدا ومتجاوزا في مجتمعنا. هذه الظاهرة التي أصبحت تسيطر علي سلوكيات فئات غير قليلة من كبار وصغار المسئولين في اجهزة الدولة تحولت الي خطر يعوق تقدمنا في جميع المجالات خاصة الاقتصادية وهو ما انعكست آثاره سلبا علي أداء العناصر غير المنحرفة من العاملين في اجهزة الدولة. مع تفشي هذا الفساد لم تعد هناك أي فرصة لانهاء التعاملات سواء في الأجهزة المركزية أو المحلية الا بعد دفع المعلوم الذي يتم تقديره حسب حجم ما هو مطلوب . كان من الطبيعي أن تؤدي تأثيرات هذه الاجواء الفاسدة الي تفاقم الشعور بالاحباط التي كانت محصلته ارتفاع الاصوات المتشائمة مرددة «مفيش فايدة». زاد من الطين بلة لجوء الانتهازيين الي الامساك بهذه الفرصة لتحقيق المنافع غير المشروعة علي حساب الصالح العام وبالتالي تضخيم حالات ومظاهر الفساد. من ناحية أخري وجد الموتورون والحاقدون والساعون الي تصفية الحسابات والانتقام ومعظمهم من البلطجة والمرضي نفسيا ومعدومي الضمير وكذلك الباحثين عن دور أي دور.. فرصتهم لممارسة هواياتهم في توجيه الاتهامات للصالح والطالح دون تفرقة. كانت وسيلتهم في ذلك الخوف والفوضي اللتين سادتا الساحة خاصة بعد ثورة ٢٥ يناير الي جانب تسلط نفوذ جماعة الارهاب الإخواني الفاقدة للقدرة علي الاداء والمشغولة بتعميم الاخونة. ساهم في تصاعد شكاوي الاتهامات - التي قد يكون بعضها صحيحا وغالبيتها كيدية- تعطيل مواد القوانين التي تحاسب علي تقديم بلاغات الاتهام الباطلة. من المؤكد انه لو تم تفعيل هذه القوانين ضد من يثبت كذب ادعائه لما كنا قد وصلنا الي هذا الوضع المأساوي الذي اتسم بوقف الحال. ترتب علي هذا الذي حدث سيطرة حالة من الهلع علي كل المسئولين ومنهم غير الفاسدين وهو الامر الذي دفعهم الي تعطيل كل المعاملات استسلاما لظاهرة «الايدي المرتعشة». شجعهم وزاد من حماسهم لتبني هذا التوجه ان القيادة السياسية في الدولة وقفت متفرجة عاجزة عن اتخاذ أي اجراء لطمأنتهم أو حمايتهم. هذا الموقف جاء نتيجة عدم التصدي لتيار توجيه الاتهامات الوهمية. يضاف إلي ذلك فقدان القدرة علي المواجهة السريعة لتحديد الفاسد وغير الفاسد تاركين ذلك بحسن أو سوء نية للمحاسبة القضائية بإجراءاتها البطيئة. في هذا الشأن استبشرت خيرا ليقظة الرئيس عبدالفتاح السيسي - الذي جاءت به ثورة الشعب يوم 30 يونيو رئيسا منتخبا للدولة المصرية- تجاه خطر ظاهرة الايدي المرتعشة في أجهزة الدولة. جاء ذلك عندما أشار إلي الدور السلبي لهذه الظاهرة في تعطيل مشروعات التنمية التي تعد ركيزة لتحقيق آمالنا وأحلامنا في مستقبل افضل. لا أحد يمكن أن يعترض علي فضح وكشف العناصر الفاسدة من خلال أي متابعة يتبناها الشرفاء الذين تتسم سلوكياتهم بالأمانة والشفافية والذين يستحقون أن تكافئهم الدولة اذا ما تأكدت معلوماتهم. في نفس الوقت وحتي تكون هناك مصداقية وثقة في خطوات الأخذ بهذه الشكاوي فإنه يتحتم عدم النظر إليها اذا ما كانت مجهلة. كما أنه لابد من وقفة قانونية وقضائية حاسمة وحازمة تجاه كل الشكاوي التي يثبت كذبها وكيديتها . أتوقع إذا ما حدث هذا ولو لمرة واحدة فإن النتيجة سوف تكون إيجابية 100٪ لصالح هذا الوطن من كل النواحي.