ألقى شيخ الأزهر الشريف، الإمام الأكبر د. أحمد الطيب، كلمة مطولة في المؤتمر الدولي للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية بالأقصر اليوم السبت 14 نوفمبر. أكد الإمام الأكبر أن الحضارة المصرية القديمة هي بقايا بصمات من رسالات إلهية سابقة ، أو بقايا شعاع من مشكاة النبوة اقتبسها المصريون القدماء من رسالات التوحيد التي سبقت حضارتهم بآلاف السنين. وقال: إن ما حدث لهذه الأمة مؤخرًا ما كان ليحدث لو أن علماءها ومفكريها كانوا على يقظة لما يدبر لها من داخلها وخارجها، وعلينا أن نعلم أن سر بقاء هذه الأمة، رغم كل الضربات القاتلة التي تُسدَّد إليها، ليس مرده إلى أرباب العلم والفكر، وإنما مرده إلى الله القوي العزيز، الذي تعهد بحفظ القرآن الكريم من لدنه، وبقاء هذه الأمة على قيد الحياة مضيفًا أن وراثة العلماء للأنبياء ليست قاصرة على وراثة العلم والتشريع فحسب، بل تشمل أول ما تشمل وراثة رسالتِهم "عليهم الصلاة والسلام" في الإصلاح والتغيير، وبذل الجَهد والعرق والتعب من أجل إنقاذ الأمة وإسعادها. وأوضح الإمام الأكبر أن "التجديد" وضرورته للمسلمين في كل زمان ومكان لم يعد أمرًا قابلًا للأخذ والرد، فهو حقيقة شديدة الوضوح في الإسلام "نصًّا وشريعة وتاريخًا" ، وربما تفرد القرآن الكريم من بين سائر الكتب السماوية بالإشارة إليه، وألهمت إشاراته علماء المسلمين من المتكلمين والفلاسفة، وأمدتهم بأنظار فلسفية جديدة لم يُسبقوا إليها من قبل، مشيرا إلى أن أئمة الفقه والأصول منذ عهد الصحابة مارسوا الاجتهاد في تجديد أحكام الشريعة كلما مست حاجة التجديد إلى ذلك. وأضاف فضيلته : "آن الأوان لأن نتجه بمؤتمراتنا هذه وجهة أخرى عملية، تتعامل مع المشكلات والقضايا محل الخلاف، أو الصمت أو التهيب تحسبًا لمواقف بعض فقهائنا المتشددين الذين يرون كل تجديد خروجًا على الشريعة وتفريطًا في الدين". واقترح فضيلته اللجوء إلى "اجتهاد جماعي" يُدعى إليه كبار علماء المسلمين؛ لينظروا في قضايا الأمة الآن، وأخطرها على الإطلاق قضايا التكفير والهجرة وتحديد مفهوم دار الإسلام، والالتحاق بجماعات العنف المسلح، والخروج على المجتمع وكراهيته، ومفاصلته شعوريًا، واستباحة دم المواطنين بالقتل أو التفجير، وكذلك مسائل الحج وبخاصة الإحرام من جدة للقادم جوًا أو بحرًا، ورمي الجمرات في سائر الأوقات، وأيضًا استنهاض الأمة، لاستصدار فتاوى توجب العمل وتُحرِّم التقاعس والكسل، وقضايا أخرى يضيق المقام عن ذكرها، شريطة ألَّا يُفتى في هذه القضايا الدقيقة بفتاوى مجملة ونصوص عامَّة لا تحسم القضية ولا تغير الواقع.