فى ميدان «كوشوت» زعيم ثوار المجر ضد حكم «آل هابسبورغ» النمساويين فى منتصف القرن التاسع عشر، جرت مراسم استقبال للرئيس عبدالفتاح السيسى قلما تحدث لرئيس دولة يزور المجر، وسط حضور لافت خلف الحواجز من جانب مجريين وسياح ومصريين مقيمين فى المجر، تجمعوا أمام قصر «أورساك هاز»، التحفة التاريخية التى أنشئت منذ 140 عاما، وتعد أحد أبرز معالم العاصمة «بودابست». عزفت الموسيقات العسكرية المجرية مارش «راكوتى» وهو زعيم آخر قاد انتفاضة ضد «آل هابسبورغ» فى مطلع القرن الثامن عشر، ترحيبا بوصول الرئيس السيسى إلى ساحة القصر. وبين تمثالى «كوشوت» و «راكوتى»، اصطف حرس الشرف مصحوبا بالخيالة، واستعرض السيسى ومضيفه رئيس الوزراء المجرى فيكتور أوربان الحرس، بينما عزفت الموسيقات العسكرية جزءا من مقطوعة «الدانوب الأزرق» التى أبدعها الموسيقار النمساوى يوهان شتراوس منذ 150 عاما مضت، تخليدا لنهر الدانوب أطول أنهار أوربا الذى يخترق فيينا وبودابست ومدناً أخرى فى عشر دول أوربية. نهر الدانوب الذى يطل عليه قصر «أورساك هاز» وهو مقر الحكومة والبرلمان، يفصل شطرى العاصمة بودابست، فتقع «بودا» وهى المدينة الأقدم والأغنى على ضفته الغربية، بينما تقع «بست» وتنطق (بشت) على ضفته الشرقية وهى المدينة الأحدث، وبها يوجد قصر «أورساك» ، وظلت «بودا» و «بست» مدينتين منفصلتين، حتى توحدتا عام 1873 بعد خمس سنوات من تأسيس الإمبراطورية النمساوية المجرية، وأصبحت المدينة الموحدة تجمع اسمى شطريها «بودابست».
استقبال السيسى الرسمى الحافل فى زيارته للمجر، وهى «زيارة دولة» تعد الأرفع شأنا فى زيارات رؤساء الدول، فسره أوربان رئيس وزراء المجر، فى المؤتمر الصحفى الذى عقده والسيسى عقب مباحثات القمة التى جمعت بينهما أمس، بأنه تعبير عن شعور المجر بالشرف العظيم لزيارة رئيس مميز لبلد مميز هو مصر، مهد الحضارة الإنسانية، التى نحترم تاريخها ونحترم حاضرها ونحترم قائدها. فيكتور أوربان رئيس وزراء المجر، هو أبرز الشخصيات فى التاريخ السياسى المجرى المعاصر. حينما كان فى الخامسة والعشرين من عمره أسس هذا المحامى الشاب حزب «الديمقراطيين الشبان» بعد تفكك الكتلة الشرقية وانهيار الحكم الشيوعى عام 1990، وبعدها بثمانى سنوات فاز حزبه بالأغلبية وأصبح رئيسا لوزراء المجر وعمره لم يتعد الثالثة والثلاثين، وبعد 4 سنوات، خسر الانتخابات وظل زعيما للمعارضة ثمانى سنوات فى ظل حكم الحزب الاشتراكى، ثم اكتسح انتخابات البرلمان عام 2010، وتسلم البلاد وهى على شفا انهيار اقتصادى، وفى غضون 4 سنوات، حقق معجزة لبلاده التى أصبحت الأعلى فى معدلات النمو فى الاتحاد الأوربى، ورغم الحملات الأوربية ضد أوربان نتيجة سياسته فى التقارب مع روسيا، استطاع أوربان أن يفوز مرة أخرى فى الانتخابات العام الماضى وأن يحتفظ بمنصبه كرئيس للوزراء بفضل الانجازات الاقتصادية الكبرى التى حققها.
على البعد.. هناك تقدير شخصى يكنه السيسى لأوربان، الذى كان أول زعيم أوربى يعترف بثورة 30 يونيو وبيان 3 يوليو فى مصر، وهناك تقدير شخصى مماثل يكنه أوربان للسيسى، الذى أنقذ بلاده من مصير كان يتهددها وتحمل المسئولية واتخذ أصعب القرارات لتحقيق الاستقرار لبلاده.. وهذه كلمات أوربان التى ألقاها على مسامع رجال الأعمال المصريين والمجريين فى المنتدى الذى عقد عصر أمس بمشاركته والرئيس المصرى. قال أوربان أيضا أمام المنتدى: فكروا ماذا كان سيحصل لو لم يأت السيسى من بعد مرسى؟!.. ماذا لو لم يكن هناك جيش فى مصر؟! ... ماذا لو لم يكن هناك رئيس شجاع؟!.. ماذا لو عمت الفوضى العالم العربى، وكيف سيصير حينئذ حال أوربا؟! .. وأضاف أوربان ان عبارة «ماذا لو» لانتعامل بها فى السياسة، لكن تلك الأسئلة تحتم علينا التفكير ثم تقييم ماجرى.
«الكيمياء» أعملت تفاعلاتها، بين السيسى وأوربان منذ اللحظة الأولى للقائهما فى الساعة العاشرة من صباح أمس، والذى امتد فى جلسة مباحثات ثنائية، ثم جلسة موسعة بحضور أعضاء الوفدين المصرى والمجرى، ثم على مأدبة غداء تواصل خلالها الحوار والمناقشات بين الزعيمين، ثم خلال حضورهما جلسة افتتاح منتدى الأعمال المصرى المجرى، ليستغرق اللقاء قرابة ست ساعات كاملة. لايبدو أوربان مجاملا وينظرون إليه فى المجر كزعيم قوى صريح، وفى أوربا كزعيم مثير للجدل، ومع ذلك كال المديح للرئيس السيسى وقيادته لمصر إلى درجة أخجلت الرئيس، فقال له: «المرة القادمة أرجو أن أسبقك فى الحديث». بدا السيسى أيضا معجبا بشخصية أوربان، ووصفها بأنها رائعة وساحرة، والرئيس كما تعلمون يقول ما يعنى ويشعر. واضح أن الصراحة سمة تجمع السيسى وأوربان فما قالاه لبعضهما البعض فى جلسة المباحثات الثنائية والموسعة، أعلناه أمام الصحفيين فى المؤتمر الصحفى، وفى منتدى الأعمال.
لخص أوربان نظرة بلاده لمصر فى عبارة موجزة: «لا استقرار فى العالم العربى بدون مصر، ولا استقرار فى أوربا بدون مصر مستقرة»، وقال: «إن المجر ستسهم فى عملية إعادة بناء الاقتصاد المصرى التى يقودها السيسى ونتمنى لمصر أن تنجح فى ثقافتها كبلد من العالم الاسلامى، ونحن فى المجر اصدقاء للإسلام الدين الذى نعتبره انجازا كبيرا للبشرية، ونتمنى أن تنجح فى معركتها لتحقيق التنمية،ولقد فتحنا اليوم ابوابا جديدة لتعاون فى علاقات اقتصادية عريقة، ونسعى لتعاون عسكرى نضع آلياته، وتعاون علمى وتعليمى وسوف نقدم مائة منحة للطلاب المصريين للدراسة فى المجر». أما السيسى فقد عرض أوجه التعاون بين البلدين فى مجالات مختلفة منها السكك الحديدية ومعالجة وإدارة المياه، قائلاً إن تقارب الشخصيتين المصرية والمجرية يهيئ فرصاً واسعة للتعاون، موضحاً ماجرى فى مصر من إجراءات وتشريعات لتيسير الاستثمار . وقال السيسى لرجال الأعمال المجريين إننى مواطن مصرى أمد يدى لكل من يريد ان يساعد بلدى، ومكتبى مفتوح لكم. الرئيس شرح رؤيته للعمل الجارى فى اعادة بناء الاقتصاد واقامة المشروعات الكبرى، قائلاً: اننا نريد الاتفاق بأقل تكلفة مادية، وفى أقصر زمن، فليس عندنا وقت نضيعه. إن أمامنا فترة من 3 إلى 4 سنوات لإضاءة أمل حقيقى لن يتحقق إلا بحجم ضخم من الاستثمارات. وأضاف: «إن لدينا إرادة حقيقية لكى تقوم بلادنا وتنهض، وتأخذ مكانها الذى تستحق، وإن شاء الله ستنهض وسوف ترون».
على صعيد الوضع الدولى والتطورات بالشرق الأوسط.. كانت رؤية الزعيمين متفقة بل - على حد قول السيسى- متطابقة فى غالبية القضايا. أوربان حرص - كما قال - على أن يستمع إلى تقييم الرئيس السيسى للوضع فى الشرق الأوسط. وبنص كلماته: تحدثنا عن مستقبل العالم العربى.. عن داعش.. عما تفعله أوربا.. هل هى جزء من الحل أم سبب المشكلة؟!.. هل كان الطريق إلى جهنم محفوفاً بنوايا حسنة أم لا؟! السيسى شرح بالتفصيل رؤيته لمجريات الأمور فى سوريا وليبيا والعراق، وحرب مصر ضد الارهاب. وأكد له أوربان دعم المجر لمصر فى سعيها للسلام والاستقرار، واستمرار دعمها لها داخل الاتحاد الأوربى.
قبيل المؤتمر الصحفى.. شهد السيسى وأوربان توقيع مذكرة تفاهم بين البلدين فى المجال الأمنى، واتفاقية لتوريد 700 عربة قطار إلى مصر بتمويل من بنك اكزام المجرى. ثم وقع الزعيمان على بيان مشترك يلخص نتائج المباحثات ويضع اطاراً اوسع للتشاور السياسى والتعاون الاقتصادى بين مصر والمجر. وإسراعاً بفتح مجالات التعاون.. اتفق السيسى وأوربان على عقد اجتماع للجنة المشتركة بين البلدين فى بودابست الأسبوع المقبل لمناقشة تفاصيل اتفاقات اخرى للتعاون فى مجالات متعددة. واتفقا ايضا على التواصل وتبادل الزيارات. نتائج المباحثات كانت ناجحة للغاية، وهو مابدا فى كلمات السيسى وأوربان، وماعبر عنه أعضاء الوفد الرسمى المرافق للرئيس الذى ضم سامح شكرى وزير الخارجية، د. محمد شاكر وزير الكهرباء، د. أشرف سالمان وزير الاستثمار، اللواء مصطفى شريف رئيس الديوان، اللواء عباس كامل مدير مكتب الرئيس، السفير علاء يوسف المتحدث الرسمى باسم رئاسة الجمهورية. كانت النتائج تفوق المتوقع، وكانت الحفاوة بالغة، فقد نال السيسى الدكتوراة الفخرية من الجامعة الوطنية للخدمة العامة، وهى المرة الأولى التى تمنح فيها هذه الجامعة ذلك التكريم لرئيس دولة منذ تأسيسها قبل 103 سنوات مضت.
على أن أهم ماقاله أوربان، هو نصيحته، التى لم يشأ أن يعتبرها نصيحة، لأنها تأتى ممن هو أصغر سناً ومن هو أدنى درجة - على حد قوله - ومن دولة صغيرة بالقياس لمصر، لايتعدى سكانها نصف سكان القاهرة - على حد قوله أيضاً -. قال أوربان: «لقد حصلنا على نصائح كثيرة من خارجنا ومن جهات مرموقة، ولو اتبعناها لما حدث نمو وماتحسن اقتصادنا. ولو لم نبحث عن طريقنا بأنفسنا لما حققنا شيئاً. وإننى أثق أن مصر لها مستقبل باهر إذا مضت على طريقها الذى اختارته لنفسها، وأعدكم أنكم ستجدون فى المجريين شركاء حقيقيين. .. يغادر الرئيس السيسى «بودابست» اليوم بعد زيارة النصب التذكارى لأبطال المجر التاريخيين، مختتماً جولة ناجحة، نجح فيها مع المستشارة الألمانية انجيلا ميركل التى كانت أكثر من لم يتفهما ثورة 30 يونيو، فى تدشين صفحة جديدة فى علاقة استراتيجية تحترم الخلاف فى الرأى، ونجح أيضاً مع الزعيم المجرى فيكتور أوربان أول من أدرك حقيقة الثورة واحترم ارادة الشعب المصرى، فى فتح أبواب جديدة لتعاون واسع بين بلدين صديقين. فى ميدان «كوشوت» زعيم ثوار المجر ضد حكم «آل هابسبورغ» النمساويين فى منتصف القرن التاسع عشر، جرت مراسم استقبال للرئيس عبدالفتاح السيسى قلما تحدث لرئيس دولة يزور المجر، وسط حضور لافت خلف الحواجز من جانب مجريين وسياح ومصريين مقيمين فى المجر، تجمعوا أمام قصر «أورساك هاز»، التحفة التاريخية التى أنشئت منذ 140 عاما، وتعد أحد أبرز معالم العاصمة «بودابست». عزفت الموسيقات العسكرية المجرية مارش «راكوتى» وهو زعيم آخر قاد انتفاضة ضد «آل هابسبورغ» فى مطلع القرن الثامن عشر، ترحيبا بوصول الرئيس السيسى إلى ساحة القصر. وبين تمثالى «كوشوت» و «راكوتى»، اصطف حرس الشرف مصحوبا بالخيالة، واستعرض السيسى ومضيفه رئيس الوزراء المجرى فيكتور أوربان الحرس، بينما عزفت الموسيقات العسكرية جزءا من مقطوعة «الدانوب الأزرق» التى أبدعها الموسيقار النمساوى يوهان شتراوس منذ 150 عاما مضت، تخليدا لنهر الدانوب أطول أنهار أوربا الذى يخترق فيينا وبودابست ومدناً أخرى فى عشر دول أوربية. نهر الدانوب الذى يطل عليه قصر «أورساك هاز» وهو مقر الحكومة والبرلمان، يفصل شطرى العاصمة بودابست، فتقع «بودا» وهى المدينة الأقدم والأغنى على ضفته الغربية، بينما تقع «بست» وتنطق (بشت) على ضفته الشرقية وهى المدينة الأحدث، وبها يوجد قصر «أورساك» ، وظلت «بودا» و «بست» مدينتين منفصلتين، حتى توحدتا عام 1873 بعد خمس سنوات من تأسيس الإمبراطورية النمساوية المجرية، وأصبحت المدينة الموحدة تجمع اسمى شطريها «بودابست».
استقبال السيسى الرسمى الحافل فى زيارته للمجر، وهى «زيارة دولة» تعد الأرفع شأنا فى زيارات رؤساء الدول، فسره أوربان رئيس وزراء المجر، فى المؤتمر الصحفى الذى عقده والسيسى عقب مباحثات القمة التى جمعت بينهما أمس، بأنه تعبير عن شعور المجر بالشرف العظيم لزيارة رئيس مميز لبلد مميز هو مصر، مهد الحضارة الإنسانية، التى نحترم تاريخها ونحترم حاضرها ونحترم قائدها. فيكتور أوربان رئيس وزراء المجر، هو أبرز الشخصيات فى التاريخ السياسى المجرى المعاصر. حينما كان فى الخامسة والعشرين من عمره أسس هذا المحامى الشاب حزب «الديمقراطيين الشبان» بعد تفكك الكتلة الشرقية وانهيار الحكم الشيوعى عام 1990، وبعدها بثمانى سنوات فاز حزبه بالأغلبية وأصبح رئيسا لوزراء المجر وعمره لم يتعد الثالثة والثلاثين، وبعد 4 سنوات، خسر الانتخابات وظل زعيما للمعارضة ثمانى سنوات فى ظل حكم الحزب الاشتراكى، ثم اكتسح انتخابات البرلمان عام 2010، وتسلم البلاد وهى على شفا انهيار اقتصادى، وفى غضون 4 سنوات، حقق معجزة لبلاده التى أصبحت الأعلى فى معدلات النمو فى الاتحاد الأوربى، ورغم الحملات الأوربية ضد أوربان نتيجة سياسته فى التقارب مع روسيا، استطاع أوربان أن يفوز مرة أخرى فى الانتخابات العام الماضى وأن يحتفظ بمنصبه كرئيس للوزراء بفضل الانجازات الاقتصادية الكبرى التى حققها.
على البعد.. هناك تقدير شخصى يكنه السيسى لأوربان، الذى كان أول زعيم أوربى يعترف بثورة 30 يونيو وبيان 3 يوليو فى مصر، وهناك تقدير شخصى مماثل يكنه أوربان للسيسى، الذى أنقذ بلاده من مصير كان يتهددها وتحمل المسئولية واتخذ أصعب القرارات لتحقيق الاستقرار لبلاده.. وهذه كلمات أوربان التى ألقاها على مسامع رجال الأعمال المصريين والمجريين فى المنتدى الذى عقد عصر أمس بمشاركته والرئيس المصرى. قال أوربان أيضا أمام المنتدى: فكروا ماذا كان سيحصل لو لم يأت السيسى من بعد مرسى؟!.. ماذا لو لم يكن هناك جيش فى مصر؟! ... ماذا لو لم يكن هناك رئيس شجاع؟!.. ماذا لو عمت الفوضى العالم العربى، وكيف سيصير حينئذ حال أوربا؟! .. وأضاف أوربان ان عبارة «ماذا لو» لانتعامل بها فى السياسة، لكن تلك الأسئلة تحتم علينا التفكير ثم تقييم ماجرى.
«الكيمياء» أعملت تفاعلاتها، بين السيسى وأوربان منذ اللحظة الأولى للقائهما فى الساعة العاشرة من صباح أمس، والذى امتد فى جلسة مباحثات ثنائية، ثم جلسة موسعة بحضور أعضاء الوفدين المصرى والمجرى، ثم على مأدبة غداء تواصل خلالها الحوار والمناقشات بين الزعيمين، ثم خلال حضورهما جلسة افتتاح منتدى الأعمال المصرى المجرى، ليستغرق اللقاء قرابة ست ساعات كاملة. لايبدو أوربان مجاملا وينظرون إليه فى المجر كزعيم قوى صريح، وفى أوربا كزعيم مثير للجدل، ومع ذلك كال المديح للرئيس السيسى وقيادته لمصر إلى درجة أخجلت الرئيس، فقال له: «المرة القادمة أرجو أن أسبقك فى الحديث». بدا السيسى أيضا معجبا بشخصية أوربان، ووصفها بأنها رائعة وساحرة، والرئيس كما تعلمون يقول ما يعنى ويشعر. واضح أن الصراحة سمة تجمع السيسى وأوربان فما قالاه لبعضهما البعض فى جلسة المباحثات الثنائية والموسعة، أعلناه أمام الصحفيين فى المؤتمر الصحفى، وفى منتدى الأعمال.
لخص أوربان نظرة بلاده لمصر فى عبارة موجزة: «لا استقرار فى العالم العربى بدون مصر، ولا استقرار فى أوربا بدون مصر مستقرة»، وقال: «إن المجر ستسهم فى عملية إعادة بناء الاقتصاد المصرى التى يقودها السيسى ونتمنى لمصر أن تنجح فى ثقافتها كبلد من العالم الاسلامى، ونحن فى المجر اصدقاء للإسلام الدين الذى نعتبره انجازا كبيرا للبشرية، ونتمنى أن تنجح فى معركتها لتحقيق التنمية،ولقد فتحنا اليوم ابوابا جديدة لتعاون فى علاقات اقتصادية عريقة، ونسعى لتعاون عسكرى نضع آلياته، وتعاون علمى وتعليمى وسوف نقدم مائة منحة للطلاب المصريين للدراسة فى المجر». أما السيسى فقد عرض أوجه التعاون بين البلدين فى مجالات مختلفة منها السكك الحديدية ومعالجة وإدارة المياه، قائلاً إن تقارب الشخصيتين المصرية والمجرية يهيئ فرصاً واسعة للتعاون، موضحاً ماجرى فى مصر من إجراءات وتشريعات لتيسير الاستثمار . وقال السيسى لرجال الأعمال المجريين إننى مواطن مصرى أمد يدى لكل من يريد ان يساعد بلدى، ومكتبى مفتوح لكم. الرئيس شرح رؤيته للعمل الجارى فى اعادة بناء الاقتصاد واقامة المشروعات الكبرى، قائلاً: اننا نريد الاتفاق بأقل تكلفة مادية، وفى أقصر زمن، فليس عندنا وقت نضيعه. إن أمامنا فترة من 3 إلى 4 سنوات لإضاءة أمل حقيقى لن يتحقق إلا بحجم ضخم من الاستثمارات. وأضاف: «إن لدينا إرادة حقيقية لكى تقوم بلادنا وتنهض، وتأخذ مكانها الذى تستحق، وإن شاء الله ستنهض وسوف ترون».
على صعيد الوضع الدولى والتطورات بالشرق الأوسط.. كانت رؤية الزعيمين متفقة بل - على حد قول السيسى- متطابقة فى غالبية القضايا. أوربان حرص - كما قال - على أن يستمع إلى تقييم الرئيس السيسى للوضع فى الشرق الأوسط. وبنص كلماته: تحدثنا عن مستقبل العالم العربى.. عن داعش.. عما تفعله أوربا.. هل هى جزء من الحل أم سبب المشكلة؟!.. هل كان الطريق إلى جهنم محفوفاً بنوايا حسنة أم لا؟! السيسى شرح بالتفصيل رؤيته لمجريات الأمور فى سوريا وليبيا والعراق، وحرب مصر ضد الارهاب. وأكد له أوربان دعم المجر لمصر فى سعيها للسلام والاستقرار، واستمرار دعمها لها داخل الاتحاد الأوربى.
قبيل المؤتمر الصحفى.. شهد السيسى وأوربان توقيع مذكرة تفاهم بين البلدين فى المجال الأمنى، واتفاقية لتوريد 700 عربة قطار إلى مصر بتمويل من بنك اكزام المجرى. ثم وقع الزعيمان على بيان مشترك يلخص نتائج المباحثات ويضع اطاراً اوسع للتشاور السياسى والتعاون الاقتصادى بين مصر والمجر. وإسراعاً بفتح مجالات التعاون.. اتفق السيسى وأوربان على عقد اجتماع للجنة المشتركة بين البلدين فى بودابست الأسبوع المقبل لمناقشة تفاصيل اتفاقات اخرى للتعاون فى مجالات متعددة. واتفقا ايضا على التواصل وتبادل الزيارات. نتائج المباحثات كانت ناجحة للغاية، وهو مابدا فى كلمات السيسى وأوربان، وماعبر عنه أعضاء الوفد الرسمى المرافق للرئيس الذى ضم سامح شكرى وزير الخارجية، د. محمد شاكر وزير الكهرباء، د. أشرف سالمان وزير الاستثمار، اللواء مصطفى شريف رئيس الديوان، اللواء عباس كامل مدير مكتب الرئيس، السفير علاء يوسف المتحدث الرسمى باسم رئاسة الجمهورية. كانت النتائج تفوق المتوقع، وكانت الحفاوة بالغة، فقد نال السيسى الدكتوراة الفخرية من الجامعة الوطنية للخدمة العامة، وهى المرة الأولى التى تمنح فيها هذه الجامعة ذلك التكريم لرئيس دولة منذ تأسيسها قبل 103 سنوات مضت.
على أن أهم ماقاله أوربان، هو نصيحته، التى لم يشأ أن يعتبرها نصيحة، لأنها تأتى ممن هو أصغر سناً ومن هو أدنى درجة - على حد قوله - ومن دولة صغيرة بالقياس لمصر، لايتعدى سكانها نصف سكان القاهرة - على حد قوله أيضاً -. قال أوربان: «لقد حصلنا على نصائح كثيرة من خارجنا ومن جهات مرموقة، ولو اتبعناها لما حدث نمو وماتحسن اقتصادنا. ولو لم نبحث عن طريقنا بأنفسنا لما حققنا شيئاً. وإننى أثق أن مصر لها مستقبل باهر إذا مضت على طريقها الذى اختارته لنفسها، وأعدكم أنكم ستجدون فى المجريين شركاء حقيقيين. .. يغادر الرئيس السيسى «بودابست» اليوم بعد زيارة النصب التذكارى لأبطال المجر التاريخيين، مختتماً جولة ناجحة، نجح فيها مع المستشارة الألمانية انجيلا ميركل التى كانت أكثر من لم يتفهما ثورة 30 يونيو، فى تدشين صفحة جديدة فى علاقة استراتيجية تحترم الخلاف فى الرأى، ونجح أيضاً مع الزعيم المجرى فيكتور أوربان أول من أدرك حقيقة الثورة واحترم ارادة الشعب المصرى، فى فتح أبواب جديدة لتعاون واسع بين بلدين صديقين.