تعبير »رجال الأعمال» في العنوان أخذ بالخطأ الشائع، وابتعاد عن الصواب المهجور، فليس لدينا باستثناءات قليلة رجال أعمال بالمعني المفهوم دوليا، بل رجال ثروات يعلم الله ويعلم الناس مصادرها، وهذه الثروات الفلكية بلا قاعدة اجتماعية منظورة ولا نشاط إنتاجي يذكر، فهم من فئة »رأسمالية الشيبس» وأخواتها، وحجم التوظيف في شركاتهم رنانة الأسماء لا يتجاوز عشرة بالمئة من القوة العاملة فعليا في مصر. ومن الظلم الفادح، أن نعامل هؤلاء باعتبارهم قادة للقطاع الخاص، فالقطاع الخاص واسع النطاق، وقاعدته الأكبر بمئات الآلاف من المنشآت الصغيرة والمتوسطة، والعاملون فيها بالملايين، ويعاني أصحابها من عنت البيروقراطية الفاسدة، والتي تدفعهم إلي الإفلاس وتقليص النشاط، بينما الحيتان الكبار يرفلون في النعيم، وأوامرهم لا ترد، وثرواتهم تزيد بإطراد، ودونما علاقة مرئية مع تزايد النشاط أو نقصه، فقد مر الاقتصاد المصري بأزمة ركود لسنوات، زادت خلالها ثروات المحظوظين انتفاخا، وصعد أغنياء مصر الكبار إلي أعلي السلم في ترتيب أغني أغنياء العالم، وعلي نحو ما أشار إليه تقرير »فوربس» السنوي المنشور قبل أسابيع، فقد تبين أن 13 شخصا مصريا فقط لاغير يملكون 27.12 مليار دولار، أي أنهم يملكون وحدهم قرابة 250 مليار جنيه مصري، وجاء أغنياء مصر في مرتبة أعلي من أغنياء دولة الإمارات، بينما مصر كدولة تتلقي المساعدات من الإمارات، وتشكر المانحين الإماراتيين، في الوقت الذي تشكر فيه الدولة سارقيها المصريين الأكثر غني بمراحل، وتحفظ لهم أموالهم دون اقتراب ولا شبهة مساس(!). نعم، من الظلم أن يحسب هؤلاء علي القطاع الخاص، ولا علي أي نشاط إنتاجي، يضيف إلي فرص العمل أو يزيد القيمة العينية للاقتصاد المصري، فهؤلاء ليسوا قطاعا خاصا، إنهم القطاع »الماص» بامتياز، والدنيا كلها تعرف كيف تكونت ثرواتهم، بتداخلات السلطة والثروة والإعلام، وبالخصخصة التي تحولت إلي »مصمصة»، وبمئات ملايين الأمتار من أراضي الدولة التي بيعت بتراب الفلوس، وبالإعفاءات الجمركية والضريبية التي لا نظير لها في أي دولة رأسمالية، وبمنح العائلة التي كانت تحكم البلد، والتي تكونت إلي جوارها عائلات البيزنس ورأسمالية المحاسيب، وفي أوسع عملية لشفط البلد ونهب ثروته وأصوله، وإفقار غالب أهله، بينما زادت عوائد القلة انتفاخا، وإلي حد أن أصبح عدد المليونيرات في مصر أكبر من عددهم في كندا، وعدد المليارديرات في مصر أكبر من عددهم في بريطانيا »العظمي»، ودون أن يتحول اقتصادنا إلي أي وجهة سوي الخراب الشامل، فقد تحول »الاستثمار» عندنا إلي »استحمار»، تحطمت به الركائز والقلاع الانتاجية، وآلت مصر اجتماعيا إلي وضع يشبه الجحيم، وحيث أغني طبقة تحكم مقابل أفقر شعب. وما لم يذكر في تقرير »فوربس»، أن الثلاثة عشر مليارديرا مصريا محظوظا مجرد عينة، فلدينا أضعاف أضعافهم من أغني الأغنياء، لكن »فوربس» لا تعلم عن ثرواتهم، ربما بسبب نقص الشفافية، وإخفاء هؤلاء لثرواتهم تهربا من حساب الضرائب، أو عزوف أغلبهم عن الاستثمارات الخارجية الكاشفة لحجم الثروات، وربما لا تحتاج إلي »فوربس» ولا إلي غيرها، يكفي أن تنظر حولك، وأن تري عينات من المتحكمين في مصائر المصريين، فكل ملياردير سارق لديه ما يشبه دولته الخاصة، كل واحد منهم لديه قناته أو قنواته التليفزيونية وصحفه ومواقعه الإلكترونية وحزبه أو أحزابه الخاصة، وقد سيطروا علي الإعلام كله تقريبا، وأنفقوا وينفقون من مالنا المسروق علي قوائم انتخابية للبرلمان المقبل، فوراء كل قائمة ملياردير، يصرف بلا حساب، ويريد أن يحول سلطته المالية والإعلامية إلي سلطة سياسية برلمانية، يحاصر بها خطط الرئيس السيسي لإنقاذ الاقتصاد، وقد سبق لهم أن عاندوا الرئيس ولايزالون، أفشلوا خطة الرئيس في »صندوق تحيا مصر»، وقد توقع السيسي أن يجمع الصندوق في أسبوع ما يفوق المئة مليار جنيه من الأثرياء، وقرر هؤلاء عدم الدفع، وخاضوا »حرب تكسير عظام» حتي بعد إنذار السيسي الشهير »هتدفعوا يعني هتدفعوا»، وخاضوا حروبا كسبوها مع الحكومة لتخفيض ضرائب الدخل وضرائب الشركات، ثم خاضوا »حرب البورصة» بعد يوم واحد من نجاح مؤتمر شرم الشيخ الاقتصادي، ونجحوا في إرغام النظام علي إلغاء وتأجيل قرار الرئيس بفرض ضريبة متواضعة علي أرباح البورصة، وذهب إليهم رئيس الوزراء مهنئا بالنصر وقرع جرس البورصة (!). وكاتب السطور ليس ضد تشجيع الاستثمار والمستثمرين، وبشرط أن يكون الاستثمار حقيقيا منتجا، ويضيف إلي طاقة الاقتصاد، ويمتص فوائض البطالة المقدرة الآن بما يزيد علي 12 مليون عاطل، وليس زيادة الهوس العقاري، وتنمية اقتصاد المضاربات، وفي سياق نظام ضرائب عادل، لا يتعامل مع مصر باعتبارها من »الأوف شورز»، أي فضاء يخلو من معني الدولة وضرائبها وضوابطها، تنزح منه الأموال بلا رقيب ولا حسيب، فقد وصل حجم الأموال المهربة من مصر إلي 300 مليار دولار، ووصل حجم النزح بالفساد من اقتصاد مصر إلي 250 مليار جنيه سنويا، وتقرير واحد لجهاز المحاسبات، يقول لنا ببساطة، إن حجم المخالفات في هيئة المجتمعات العمرانية وحدها يصل إلي 280 مليار جنيه، وهو ما يكشف بعضا من مصادر ثروات الحيتان، فقد جري نهب البلد كما لم يحدث في تاريخه الألفي، وجري دفع أغلب المصريين إلي العيش في فقرهم وبؤسهم وأكفانهم، وصارت مصر تحتل المركز الأول عالميا في أمراض الفشل الكلوي والتهاب الكبد الوبائي والموت بحوادث الأسفلت المشروخ، ودون أمل في فرصة علاج متاح، ولا في توزيع الشعور بالعدالة، وقد انتفض الشعب المصري في ثورتين عظيمتين، وحلم بدولة الكرامة والعدالة والمساواة والحرية، وباسترداد ثروات البلد المنهوب، لكن الحال ظل كما هو حتي إشعار آخر، فدولة الفساد ورجال الأعمال لاتزال تحكم وتعظ. تعبير »رجال الأعمال» في العنوان أخذ بالخطأ الشائع، وابتعاد عن الصواب المهجور، فليس لدينا باستثناءات قليلة رجال أعمال بالمعني المفهوم دوليا، بل رجال ثروات يعلم الله ويعلم الناس مصادرها، وهذه الثروات الفلكية بلا قاعدة اجتماعية منظورة ولا نشاط إنتاجي يذكر، فهم من فئة »رأسمالية الشيبس» وأخواتها، وحجم التوظيف في شركاتهم رنانة الأسماء لا يتجاوز عشرة بالمئة من القوة العاملة فعليا في مصر. ومن الظلم الفادح، أن نعامل هؤلاء باعتبارهم قادة للقطاع الخاص، فالقطاع الخاص واسع النطاق، وقاعدته الأكبر بمئات الآلاف من المنشآت الصغيرة والمتوسطة، والعاملون فيها بالملايين، ويعاني أصحابها من عنت البيروقراطية الفاسدة، والتي تدفعهم إلي الإفلاس وتقليص النشاط، بينما الحيتان الكبار يرفلون في النعيم، وأوامرهم لا ترد، وثرواتهم تزيد بإطراد، ودونما علاقة مرئية مع تزايد النشاط أو نقصه، فقد مر الاقتصاد المصري بأزمة ركود لسنوات، زادت خلالها ثروات المحظوظين انتفاخا، وصعد أغنياء مصر الكبار إلي أعلي السلم في ترتيب أغني أغنياء العالم، وعلي نحو ما أشار إليه تقرير »فوربس» السنوي المنشور قبل أسابيع، فقد تبين أن 13 شخصا مصريا فقط لاغير يملكون 27.12 مليار دولار، أي أنهم يملكون وحدهم قرابة 250 مليار جنيه مصري، وجاء أغنياء مصر في مرتبة أعلي من أغنياء دولة الإمارات، بينما مصر كدولة تتلقي المساعدات من الإمارات، وتشكر المانحين الإماراتيين، في الوقت الذي تشكر فيه الدولة سارقيها المصريين الأكثر غني بمراحل، وتحفظ لهم أموالهم دون اقتراب ولا شبهة مساس(!). نعم، من الظلم أن يحسب هؤلاء علي القطاع الخاص، ولا علي أي نشاط إنتاجي، يضيف إلي فرص العمل أو يزيد القيمة العينية للاقتصاد المصري، فهؤلاء ليسوا قطاعا خاصا، إنهم القطاع »الماص» بامتياز، والدنيا كلها تعرف كيف تكونت ثرواتهم، بتداخلات السلطة والثروة والإعلام، وبالخصخصة التي تحولت إلي »مصمصة»، وبمئات ملايين الأمتار من أراضي الدولة التي بيعت بتراب الفلوس، وبالإعفاءات الجمركية والضريبية التي لا نظير لها في أي دولة رأسمالية، وبمنح العائلة التي كانت تحكم البلد، والتي تكونت إلي جوارها عائلات البيزنس ورأسمالية المحاسيب، وفي أوسع عملية لشفط البلد ونهب ثروته وأصوله، وإفقار غالب أهله، بينما زادت عوائد القلة انتفاخا، وإلي حد أن أصبح عدد المليونيرات في مصر أكبر من عددهم في كندا، وعدد المليارديرات في مصر أكبر من عددهم في بريطانيا »العظمي»، ودون أن يتحول اقتصادنا إلي أي وجهة سوي الخراب الشامل، فقد تحول »الاستثمار» عندنا إلي »استحمار»، تحطمت به الركائز والقلاع الانتاجية، وآلت مصر اجتماعيا إلي وضع يشبه الجحيم، وحيث أغني طبقة تحكم مقابل أفقر شعب. وما لم يذكر في تقرير »فوربس»، أن الثلاثة عشر مليارديرا مصريا محظوظا مجرد عينة، فلدينا أضعاف أضعافهم من أغني الأغنياء، لكن »فوربس» لا تعلم عن ثرواتهم، ربما بسبب نقص الشفافية، وإخفاء هؤلاء لثرواتهم تهربا من حساب الضرائب، أو عزوف أغلبهم عن الاستثمارات الخارجية الكاشفة لحجم الثروات، وربما لا تحتاج إلي »فوربس» ولا إلي غيرها، يكفي أن تنظر حولك، وأن تري عينات من المتحكمين في مصائر المصريين، فكل ملياردير سارق لديه ما يشبه دولته الخاصة، كل واحد منهم لديه قناته أو قنواته التليفزيونية وصحفه ومواقعه الإلكترونية وحزبه أو أحزابه الخاصة، وقد سيطروا علي الإعلام كله تقريبا، وأنفقوا وينفقون من مالنا المسروق علي قوائم انتخابية للبرلمان المقبل، فوراء كل قائمة ملياردير، يصرف بلا حساب، ويريد أن يحول سلطته المالية والإعلامية إلي سلطة سياسية برلمانية، يحاصر بها خطط الرئيس السيسي لإنقاذ الاقتصاد، وقد سبق لهم أن عاندوا الرئيس ولايزالون، أفشلوا خطة الرئيس في »صندوق تحيا مصر»، وقد توقع السيسي أن يجمع الصندوق في أسبوع ما يفوق المئة مليار جنيه من الأثرياء، وقرر هؤلاء عدم الدفع، وخاضوا »حرب تكسير عظام» حتي بعد إنذار السيسي الشهير »هتدفعوا يعني هتدفعوا»، وخاضوا حروبا كسبوها مع الحكومة لتخفيض ضرائب الدخل وضرائب الشركات، ثم خاضوا »حرب البورصة» بعد يوم واحد من نجاح مؤتمر شرم الشيخ الاقتصادي، ونجحوا في إرغام النظام علي إلغاء وتأجيل قرار الرئيس بفرض ضريبة متواضعة علي أرباح البورصة، وذهب إليهم رئيس الوزراء مهنئا بالنصر وقرع جرس البورصة (!). وكاتب السطور ليس ضد تشجيع الاستثمار والمستثمرين، وبشرط أن يكون الاستثمار حقيقيا منتجا، ويضيف إلي طاقة الاقتصاد، ويمتص فوائض البطالة المقدرة الآن بما يزيد علي 12 مليون عاطل، وليس زيادة الهوس العقاري، وتنمية اقتصاد المضاربات، وفي سياق نظام ضرائب عادل، لا يتعامل مع مصر باعتبارها من »الأوف شورز»، أي فضاء يخلو من معني الدولة وضرائبها وضوابطها، تنزح منه الأموال بلا رقيب ولا حسيب، فقد وصل حجم الأموال المهربة من مصر إلي 300 مليار دولار، ووصل حجم النزح بالفساد من اقتصاد مصر إلي 250 مليار جنيه سنويا، وتقرير واحد لجهاز المحاسبات، يقول لنا ببساطة، إن حجم المخالفات في هيئة المجتمعات العمرانية وحدها يصل إلي 280 مليار جنيه، وهو ما يكشف بعضا من مصادر ثروات الحيتان، فقد جري نهب البلد كما لم يحدث في تاريخه الألفي، وجري دفع أغلب المصريين إلي العيش في فقرهم وبؤسهم وأكفانهم، وصارت مصر تحتل المركز الأول عالميا في أمراض الفشل الكلوي والتهاب الكبد الوبائي والموت بحوادث الأسفلت المشروخ، ودون أمل في فرصة علاج متاح، ولا في توزيع الشعور بالعدالة، وقد انتفض الشعب المصري في ثورتين عظيمتين، وحلم بدولة الكرامة والعدالة والمساواة والحرية، وباسترداد ثروات البلد المنهوب، لكن الحال ظل كما هو حتي إشعار آخر، فدولة الفساد ورجال الأعمال لاتزال تحكم وتعظ.