دقائق من الرعب جنوب قنا.. 24 مصابًا بينهم أطفال في انقلاب ميكروباص بقفط    بالصور.. تشييع جثمان والد «أطفال دلجا الستة» في ليلة حزينة عنوانها: «لقاء الأحبة»    رغم هرولة الشرع للتطبيع، مروحيات إسرائيلية تستبيح مقر "الفرقة 15" بالسويداء    ليلة استمتع فيها الجمهور.. تامر حسنى يختتم حفل مهرجان العلمين بأغنية "قدها" وسط تصفيق حار    التنمية المحلية: بدء تنفيذ مشروع تطوير شارع إبراهيم بمنطقة الكوربة    وزير الخارجية يختتم جولته الأفريقية بشراكة اقتصادية تحقق التكامل بين مصر والقارة السمراء    "مستقبل وطن دولة مش حزب".. أمين الحزب يوضح التصريحات المثيرة للجدل    فلسطين.. جيش الاحتلال يقتحم بلدة المغير شرقي رام الله بالضفة الغربية    ترامب: لدينا فرصة للتوصل لاتفاق تجاري مع الاتحاد الأوروبي    "الجبهة الوطنية": دعوات التظاهر أمام السفارات المصرية تخدم أجندات مشبوهة    هآرتس: ميليشيات المستوطنين تقطع المياه عن 32 قرية فلسطينية    رد ساخر من كريم فؤاد على إصابته بالرباط الصليبي    تقرير يكشف موعد جراحة تير شتيجن في الظهر    رسميًا.. دي باول يزامل ميسي في إنتر ميامي الأمريكي    تردد قناة الأهلي الناقلة لمباريات الفريق بمعسكر تونس    "هما فين".. خالد الغندور يوجه رسالة لممدوح عباس    أسعار الذهب اليوم في السعودية وعيار 21 الآن ببداية تعاملات السبت 26 يوليو 2025    سعر المانجو والبطيخ والفاكهة في الأسواق اليوم السبت 26 يوليو 2025    24 مصابًا.. الدفع ب15 سيارة إسعاف لنقل مصابي «حادث ميكروباص قنا»    «الداخلية» تنفي «فيديو الإخوان» بشأن احتجاز ضابط.. وتؤكد: «مفبرك» والوثائق لا تمت بصلة للواقع    الحماية المدنية بالقليوبية تسيطر على حريق كابينة كهرباء بشبرا| صور    الإسماعيلية تكشف تفاصيل مهرجان المانجو 2025.. الموعد وطريقة الاحتفال -صور    "الذوق العالى" تُشعل مسرح مهرجان العلمين.. وتامر حسنى: أتشرف بالعمل مع منير    فلسطين.. شهيدة وعدة إصابات في قصف إسرائيلي على منزل وسط غزة    «مش عارف ليه بيعمل كده؟».. تامر حسني يهاجم فنانا بسبب صدارة يوتيوب .. والجمهور: قصده عمرو دياب    بعد «أزمة الحشيش».. 4 تصريحات ل سعاد صالح أثارت الجدل منها «رؤية المخطوبة»    مستشفى الناس تطلق خدمة القسطرة القلبية الطارئة بالتعاون مع وزارة الصحة    «لو شوكة السمك وقفت في حلقك».. جرب الحيلة رقم 3 للتخلص منها فورًا    محمد رياض يستعرض معايير التكريم بالمهرجان القومي للمسرح: لا تخضع للأهواء الشخصية    محافظ شمال سيناء: نجحنا في إدخال عدد كبير من الشاحنات لغزة بجهود مصرية وتضافر دولي    ترامب يحذر الأوروبيين من أمر مروع: نظموا أموركم وإلا لن تكون لديكم أوروبا بعد الآن    تامر حسني يهاجم عمرو دياب بعد تصنيف الهضبة لألبومه "لينا ميعاد": أنا تريند وأنت تحت    سعر الدولار اليوم أمام الجنيه والعملات العربية والأجنبية السبت 26 يوليو 2025    ليكيب: برشلونة يتوصل لاتفاق مع كوندي على تجديد عقده    خبر في الجول - اتفاق مبدئي بين بيراميدز وبانيك لضم إيفرتون.. ومدة التعاقد    رد فعل مفاجئ من كريم فؤاد بعد أنباء إصابته بالصليبي (صورة)    إحباط تهريب دقيق مدعم ومواد غذائية منتهية الصلاحية وسجائر مجهولة المصدر فى حملات تموينية ب الإسكندرية    أحمد السقا: «لما الكل بيهاجمني بسكت.. ومبشوفش نفسي بطل أكشن»    هاكل كشري بعد الحفلة.. المطرب الشامي يداعب جمهوره في مهرجان العلمين    روعوا المصطافين.. حبس 9 متهمين في واقعة مشاجرة شاطئ النخيل في الإسكندرية (صور)    وزير الأوقاف: الحشيش حرام كحرمة الخمر سواء بسواء والادعاء بحِلِّه خطأ فادح    أخبار كفر الشيخ اليوم.. شاب ينهي حياة آخر بسبب خلاف على درجة سلم    6 أبراج «الحظ هيبتسم لهم» في أغسطس: مكاسب مالية دون عناء والأحلام تتحول لواقع ملموس    تنسيق الثانوية العامة 2025.. التعليم العالي: هؤلاء الطلاب ممنوعون من تسجيل الرغبات    باحثة في قضايا المرأة: الفتيات المراهقات الأكثر عرضة للعنف الرقمي    عقود عمل لذوي الهمم بالشرقية لاستيفاء نسبة ال5% بالمنشآت الخاصة    مشروبات طبيعية تخفض ارتفاع ضغط الدم    الجلوكوما أو المياه الزرقاء: سارق البصر الصامت.. والكشف المبكر قد يساهم في تجنب العمى الدائم    يسرى جبر: حديث السقاية يكشف عن تكريم المرأة وإثبات حقها فى التصرف ببيتها    عالم أزهري: خمس فرص ثمينة لا تعوض ونصائح للشباب لبناء المستقبل    برلماني: الدولة المصرية تُدرك التحديات التي تواجهها وتتعامل معها بحكمة    رددها الآن.. أفضل أدعية لاستقبال شهر صفر 1447 هجريًا    جامعة دمنهور الأهلية تعلن فتح باب التسجيل لإبداء الرغبة المبدئية للعام الجديد    وزير الاستثمار والتجارة الخارجية يلتقي مسؤولي 4 شركات يابانية لاستعراض مشروعاتها وخططها الاستثمارية بالسوق المصري    أسعار الأرز في الأسواق اليوم الجمعة 25-7-2025    الحكومية والأهلية والخاصة.. قائمة الجامعات والمعاهد المعتمدة في مصر    متحف الفن المعاصر بجامعة حلوان يستعد لاستقبال الزوار    شائعات كذّبها الواقع    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نخل والحسنة.. "عشش" وبيوت غابت عنها مقومات الحياة
"الأخبار" في وسط سيناء..

رحلة طويلة وشاقة قطعتها بعثة "الأخبار" لمسافة زادت عن 500 كيلو متر من مدينة القاهرة إلى الإسماعيلية إلى وسط سيناء مرورا بالمشروع العملاق لحفر قناة السويس الجديدة.
على امتداد الطريق الذي بدأناه من معدية نمرة 6 مرورا بقناة السويس الجديدة ومشروع وادي التكنولوجيا.. المشهد رمال صفراء لا تنتهى.. لا يقطعها سوى بعض "العشش" البدائية المتناثرة بطول الطريق والتي يسكنها عدد غير قليل من أهالي وسط سيناء في تجمعات سكنية تفتقر لأقل الخدمات ومقومات الحياة البشرية وبعد حوالي ساعتين في الطريق وصلت سيارتنا إلى قرية الجفجافة بمركز الحسنة بمنطقة الوسط.
البداية كانت عندما اتصلنا باثنين من بدو الوسط واتفقنا على لقائهم بمنطقة الجفجافة التي تعتبر أكبر قرى مركز الحسنة وفعلا عند وصولنا بسيارة "الأخبار" إلى مدخل القرية من اتجاه طريق الإسماعيلية وجدنا بعض الصبية الصغار من أبناء قبيلة العيايدة وعلى وجوههم براءة الطفولة وقسوة الحياة الصحراوية يقفون على جانب الطريق
كان في انتظارنا عند مقعد قبيلة العيايدة بقرية الوفاء بالكيلو 64 شقيق الشيخ محيسن العيادي فى مقعد متواضع ولكن كرم القبيلة كان على مستوى عال كعادة أهل البادية وبعدها قمنا بجولة داخل القرية لنرى ملامح حياة فقيرة ومعدمة للغاية ومواطنين بسطاء ولسان حالهم يقول نعيش تحت خط الفقر لكن لا حول لهم ولاقوة.. فلا وجود لمركز للشباب ولا وحدة صحية ولا وحدة اجتماعية ولايوجد سوى مدرسة ابتدائية باسم صلاح عطية بها 3 فصول تستوعب 60 طالبا.
"بشرة خير"
في بداية الحديث قال لنا أبناء المنطقة إن قناة السويس الجديدة تعد "بشرة خير" لأبناء المنطقة حيث يعمل بها أكثر من 70% من شباب قرى بوسط سيناء سواء في أعمال الحفر أو قيامهم بإنشاء مشاريع صغيرة لخدمة العمال المتواجدين ليل نهار بالقناة الجديدة.. مؤكدين أن القناة تعد بارقة أمل جديدة لهم نظراً لكونها أقرب المناطق المأهولة الآن إليهم.
وقال نور سلمان أحد أبناء القرية أنه يعمل الآن في المقاولات بالقناة الجديدة وهناك العديد من الشباب الذين يقومون بالعمل كسائقي "لوادر" أو سيارات نقل أو ميكانيكي لتلك العربات.. والبعض يقوم بتوصيل المياه إلى العاملين بالمشروع، وآخرين قرروا إقامة "مقاهي" صغيرة بالمنطقة لخدمة العمال لحين الانتهاء من حفر القناة الجديدة.
طوال رحلتنا عبر صحراء وسط سيناء اكتشفنا ثراء المنطقة بأنواع عديدة من الأعشاب الطبية وبسؤال شيخ القبيلة عنها وعن استخداماتها الطبية أكد أن هناك أنواعا شائعة الاستخدام منها مثل الشيح والحنظل والمرمرية والزعتر والجرجير الجبلي والسموا وكلها نباتات يستخدمها البدوي في علاج العديد من الأمراض، وقد استفادت منها العديد من المراكز البحثية بأخذ عينات منها وإخضاعها للتحليل واستخراج المادة الفعالة منها لعمل العقاقير والأدوية.
الصحراء المقفرة جعلتنا نسأل أبناء القبيلة عن مصدر المياه التي تنمو عليها هذه النباتات فأشار إلى أن مياه الأمطار والسيول هى التي تتسبب نمو هذه الأعشاب الطبية واقترح الأهالي توصيل مأخذ من ترعة الإسماعيلية باستخدام ماكينات الرفع لزراعة القرى وتنميتها فهي لا تعتمد سوى على تربية الأغنام والإبل.
وقال نور محمد 26 عاما أن القرية تعتمد على الأمطار في زراعة محاصيل القمح والشعير والبطيخ ولكن مع وجود مياه نستطيع زراعة أنواع أخرى متعددة تكفى استهلاكنا ونستطيع أن نقوم بتصدير الباقي إلى المحافظات المجاورة وبالتالي توفير فرص عمل لأبنائنا.
وأضاف سليم حسان 31عاما مزارع أن حفر الآبار العميقة بمنطقة وسط سيناء كفيل بإحداث تنمية حقيقية وتوطين السكان المحليين وإقامة تجمعات زراعية حول الآبار وهى الوسيلة الرئيسية لإقامة هذه التجمعات وتوفير فرص العمل وهى بديلة عن عدم وصول مياه ترعة السلام إلى مناطق وسط سيناء.
العملية التعليمية بالمنطقة تكاد تنعدم في ظل وجود مدرسة ابتدائي تضم المراحل الابتدائية الستة فقط وعلى من يريد استكمال دراسته فعليه أن يذهب سيرا على الأقدام 6 كيلو يوميا ذهابا وإيابا إلى المدرسة الإعدادية بقرية الجفجافة المجاورة.
وأكد عيد سلمان أن أعدادا قليلة جدا تعد على أصابع اليد الواحدة من الطلاب الذين يستكملون دراستهم بالثانوية التجارية الموجودة بالقرية ولا يجدون أي فرص للعمل لينضموا لإخوانهم العاطلين.. فيما فجر أبناء القبيلة أثناء حديثنا معهم مفاجأة من العيار الثقيل تعد بمثابة فضحية تعليمية كبيرة وهى أن القرية يخرج منها كل 30 عاما 4 طلاب يدرسون في الجامعات المصرية المختلفة !!
"ثروات مهدرة"
وبعد انتهاء الحديث أخبرنا الشيخ يوسف الاحيوى أنه يحضر لنا مفاجأة كبرى وانفرادا صحفيا بقيامه باصطحابنا إلى أحد محاجر الرخام التي تقع في أرضه.. وبالفعل فبعد طريق طويل ومسافة أكثر من 35 كيلو مترا بعيدا عن منزله اصطحبنا الشيخ يوسف في سيارته ذات الدفع الرباعي عبر طريق طويل في الجبل أخبرنا أنه قام بتمهيده خصيصا لتسهيل نقل بلوكات الرخام من المحجر وانفق أكثر من 300 ألف جنيه لهذا الغرض ولتجهيز الماكينات التي تقوم بتكسير الجبل لفصل الرخام منه.. ولكن بعد عدة أيام تم إغلاق المحجر بدون أسباب.
وقال الشيخ يوسف أنه لا يعرف سببا وراء عدم منح تصاريح لاستغلال محجر الرخام والذي استخرج منه بالفعل 3 بلوكات كبيرة ليعرضها على مصانع الرخام بمنطقة "شق التعبان" ليندهش أصحابها بجودة الخامة ويتسابقون للتعاقد على توريد كميات من الخامة بعد أن أكدوا أن المتر المكعب يتم استيراده بمبلغ 8 آلاف جنية من إيطاليا.
"دواع أمنية"
وانتقد صاحب المحجر أسلوب استغلال الخطأ لمحاجر الرمل الذي يستخدم في صناعة الزجاج بمنطقة وسط سيناء بتصديره عن طريق ميناء العريش البحري بأسعار زهيدة بينما يتم استيراده بأسعار باهظة بينما يمكننا أن تقوم بعمل مصنع للزجاج هنا لتصنيعه وتصديره للخارج بدلا من تلك الخسارة.. مطالباً بإتاحة الفرصة أمام أبناء وسط سيناء بتخصيص المحاجر لهم لاستغلالها وإنتاج الثروات المطلوبة بإقامة مصانع صغيرة ومصانع عملاقة لتوفير فرص عمل.
"محافظة ثالثة"
وأكد أهالي المنطقة أن قرية الجفجافة كان مخططا لها أن تتحول إلى مدينة إضافة إلى 3 قرى أخرى هى نخل والقسيمة وبغداد ولكن مللنا من كثرة الحديث والمطالبة بالارتقاء بمستوى القرى لتتحول لمدن تكون نواة لإنشاء محافظة ثالثة حتى يتحقق الاهتمام المطلوب لمنطقة وسط سيناء.
"مشكلة المياه"
واقترح عيد سليمان 42 سنة من مدينة ومركز نخل أن يتم توصيل خط الألف ملم من ترعة الإسماعيلية حتى قرية الجفجافة بوسط سيناء وأن يكون خط سيره الرئيسي من الإسماعيلية والجفجافة وحتى قرية بغداد.. مضيفا أن وجود الخط سيمثل شريان الحياة لسكان الوسط وأنه سيخدم الصناعات القائمة مطالبا باستكمال منظومة حفر الآبار العميقة لتشمل مركزي الحسنة ونخل لتطبيق سياسة توطين السكان المحليين بالمنطقة بالإضافة إلى تكوين مجمعات سكنية جديدة بطول هذا الخط للمساهمة في تعمير وتنمية وسط سيناء.. وطالب أيضا جهاز التعمير بعمل محميات طبيعية لزراعة المحاصيل العلفية مما يسهم في عملية تنمية الثروة الحيوانية في وسط سيناء من الماعز والماشية.
كما طالب بتوصيل مياه الشرب النقية إلى القرية والقرى المجاورة من محافظة الإسماعيلية بعد إصابة العديد من أبناء القرية بالعديد من الأمراض وخاصة الفشل الكلوي بسبب تلوث مياه الشرب.
"مسميات بلا خدمات"
كما لاحظت الأخبار خلال جولتها بقرية الجفجافة أن هناك نقطة شرطة قائمة ولكنها لا تعمل منذ أحداث ثورة 25 يناير.. بالإضافة إلى مستشفى ضخم تم تحويله إلى وحدة صحية صغيرة نظراً لعدم وجود التجهيزات اللازمة له سواء من العنصر البشرى "الأطباء" أو الأجهزة الطبية والسرائر.. كما يتواجد مبنى الوحدة الاجتماعية تابعة لوزارة التضامن الاجتماعي لا تعمل ويسكنها الرمال.. ويطالب أهالي المنطقة بتشغيل هذه الخدمات وخاصة مبنى المستشفى، لخدمة أبنائهم حتى لا يضطروا إلى السفر إلى مدينتي العريش أو الإسماعيلية لتلقي العلاج والتي تبعد مئات الكيلومترات.. خاصة أن المباني مشيدة بالفعل ولكن ينقص تدعيمها بالموظفين والأطباء والأمن لخدمة أهالي المنطقة.
رحلة طويلة وشاقة قطعتها بعثة "الأخبار" لمسافة زادت عن 500 كيلو متر من مدينة القاهرة إلى الإسماعيلية إلى وسط سيناء مرورا بالمشروع العملاق لحفر قناة السويس الجديدة.
على امتداد الطريق الذي بدأناه من معدية نمرة 6 مرورا بقناة السويس الجديدة ومشروع وادي التكنولوجيا.. المشهد رمال صفراء لا تنتهى.. لا يقطعها سوى بعض "العشش" البدائية المتناثرة بطول الطريق والتي يسكنها عدد غير قليل من أهالي وسط سيناء في تجمعات سكنية تفتقر لأقل الخدمات ومقومات الحياة البشرية وبعد حوالي ساعتين في الطريق وصلت سيارتنا إلى قرية الجفجافة بمركز الحسنة بمنطقة الوسط.
البداية كانت عندما اتصلنا باثنين من بدو الوسط واتفقنا على لقائهم بمنطقة الجفجافة التي تعتبر أكبر قرى مركز الحسنة وفعلا عند وصولنا بسيارة "الأخبار" إلى مدخل القرية من اتجاه طريق الإسماعيلية وجدنا بعض الصبية الصغار من أبناء قبيلة العيايدة وعلى وجوههم براءة الطفولة وقسوة الحياة الصحراوية يقفون على جانب الطريق
كان في انتظارنا عند مقعد قبيلة العيايدة بقرية الوفاء بالكيلو 64 شقيق الشيخ محيسن العيادي فى مقعد متواضع ولكن كرم القبيلة كان على مستوى عال كعادة أهل البادية وبعدها قمنا بجولة داخل القرية لنرى ملامح حياة فقيرة ومعدمة للغاية ومواطنين بسطاء ولسان حالهم يقول نعيش تحت خط الفقر لكن لا حول لهم ولاقوة.. فلا وجود لمركز للشباب ولا وحدة صحية ولا وحدة اجتماعية ولايوجد سوى مدرسة ابتدائية باسم صلاح عطية بها 3 فصول تستوعب 60 طالبا.
"بشرة خير"
في بداية الحديث قال لنا أبناء المنطقة إن قناة السويس الجديدة تعد "بشرة خير" لأبناء المنطقة حيث يعمل بها أكثر من 70% من شباب قرى بوسط سيناء سواء في أعمال الحفر أو قيامهم بإنشاء مشاريع صغيرة لخدمة العمال المتواجدين ليل نهار بالقناة الجديدة.. مؤكدين أن القناة تعد بارقة أمل جديدة لهم نظراً لكونها أقرب المناطق المأهولة الآن إليهم.
وقال نور سلمان أحد أبناء القرية أنه يعمل الآن في المقاولات بالقناة الجديدة وهناك العديد من الشباب الذين يقومون بالعمل كسائقي "لوادر" أو سيارات نقل أو ميكانيكي لتلك العربات.. والبعض يقوم بتوصيل المياه إلى العاملين بالمشروع، وآخرين قرروا إقامة "مقاهي" صغيرة بالمنطقة لخدمة العمال لحين الانتهاء من حفر القناة الجديدة.
طوال رحلتنا عبر صحراء وسط سيناء اكتشفنا ثراء المنطقة بأنواع عديدة من الأعشاب الطبية وبسؤال شيخ القبيلة عنها وعن استخداماتها الطبية أكد أن هناك أنواعا شائعة الاستخدام منها مثل الشيح والحنظل والمرمرية والزعتر والجرجير الجبلي والسموا وكلها نباتات يستخدمها البدوي في علاج العديد من الأمراض، وقد استفادت منها العديد من المراكز البحثية بأخذ عينات منها وإخضاعها للتحليل واستخراج المادة الفعالة منها لعمل العقاقير والأدوية.
الصحراء المقفرة جعلتنا نسأل أبناء القبيلة عن مصدر المياه التي تنمو عليها هذه النباتات فأشار إلى أن مياه الأمطار والسيول هى التي تتسبب نمو هذه الأعشاب الطبية واقترح الأهالي توصيل مأخذ من ترعة الإسماعيلية باستخدام ماكينات الرفع لزراعة القرى وتنميتها فهي لا تعتمد سوى على تربية الأغنام والإبل.
وقال نور محمد 26 عاما أن القرية تعتمد على الأمطار في زراعة محاصيل القمح والشعير والبطيخ ولكن مع وجود مياه نستطيع زراعة أنواع أخرى متعددة تكفى استهلاكنا ونستطيع أن نقوم بتصدير الباقي إلى المحافظات المجاورة وبالتالي توفير فرص عمل لأبنائنا.
وأضاف سليم حسان 31عاما مزارع أن حفر الآبار العميقة بمنطقة وسط سيناء كفيل بإحداث تنمية حقيقية وتوطين السكان المحليين وإقامة تجمعات زراعية حول الآبار وهى الوسيلة الرئيسية لإقامة هذه التجمعات وتوفير فرص العمل وهى بديلة عن عدم وصول مياه ترعة السلام إلى مناطق وسط سيناء.
العملية التعليمية بالمنطقة تكاد تنعدم في ظل وجود مدرسة ابتدائي تضم المراحل الابتدائية الستة فقط وعلى من يريد استكمال دراسته فعليه أن يذهب سيرا على الأقدام 6 كيلو يوميا ذهابا وإيابا إلى المدرسة الإعدادية بقرية الجفجافة المجاورة.
وأكد عيد سلمان أن أعدادا قليلة جدا تعد على أصابع اليد الواحدة من الطلاب الذين يستكملون دراستهم بالثانوية التجارية الموجودة بالقرية ولا يجدون أي فرص للعمل لينضموا لإخوانهم العاطلين.. فيما فجر أبناء القبيلة أثناء حديثنا معهم مفاجأة من العيار الثقيل تعد بمثابة فضحية تعليمية كبيرة وهى أن القرية يخرج منها كل 30 عاما 4 طلاب يدرسون في الجامعات المصرية المختلفة !!
"ثروات مهدرة"
وبعد انتهاء الحديث أخبرنا الشيخ يوسف الاحيوى أنه يحضر لنا مفاجأة كبرى وانفرادا صحفيا بقيامه باصطحابنا إلى أحد محاجر الرخام التي تقع في أرضه.. وبالفعل فبعد طريق طويل ومسافة أكثر من 35 كيلو مترا بعيدا عن منزله اصطحبنا الشيخ يوسف في سيارته ذات الدفع الرباعي عبر طريق طويل في الجبل أخبرنا أنه قام بتمهيده خصيصا لتسهيل نقل بلوكات الرخام من المحجر وانفق أكثر من 300 ألف جنيه لهذا الغرض ولتجهيز الماكينات التي تقوم بتكسير الجبل لفصل الرخام منه.. ولكن بعد عدة أيام تم إغلاق المحجر بدون أسباب.
وقال الشيخ يوسف أنه لا يعرف سببا وراء عدم منح تصاريح لاستغلال محجر الرخام والذي استخرج منه بالفعل 3 بلوكات كبيرة ليعرضها على مصانع الرخام بمنطقة "شق التعبان" ليندهش أصحابها بجودة الخامة ويتسابقون للتعاقد على توريد كميات من الخامة بعد أن أكدوا أن المتر المكعب يتم استيراده بمبلغ 8 آلاف جنية من إيطاليا.
"دواع أمنية"
وانتقد صاحب المحجر أسلوب استغلال الخطأ لمحاجر الرمل الذي يستخدم في صناعة الزجاج بمنطقة وسط سيناء بتصديره عن طريق ميناء العريش البحري بأسعار زهيدة بينما يتم استيراده بأسعار باهظة بينما يمكننا أن تقوم بعمل مصنع للزجاج هنا لتصنيعه وتصديره للخارج بدلا من تلك الخسارة.. مطالباً بإتاحة الفرصة أمام أبناء وسط سيناء بتخصيص المحاجر لهم لاستغلالها وإنتاج الثروات المطلوبة بإقامة مصانع صغيرة ومصانع عملاقة لتوفير فرص عمل.
"محافظة ثالثة"
وأكد أهالي المنطقة أن قرية الجفجافة كان مخططا لها أن تتحول إلى مدينة إضافة إلى 3 قرى أخرى هى نخل والقسيمة وبغداد ولكن مللنا من كثرة الحديث والمطالبة بالارتقاء بمستوى القرى لتتحول لمدن تكون نواة لإنشاء محافظة ثالثة حتى يتحقق الاهتمام المطلوب لمنطقة وسط سيناء.
"مشكلة المياه"
واقترح عيد سليمان 42 سنة من مدينة ومركز نخل أن يتم توصيل خط الألف ملم من ترعة الإسماعيلية حتى قرية الجفجافة بوسط سيناء وأن يكون خط سيره الرئيسي من الإسماعيلية والجفجافة وحتى قرية بغداد.. مضيفا أن وجود الخط سيمثل شريان الحياة لسكان الوسط وأنه سيخدم الصناعات القائمة مطالبا باستكمال منظومة حفر الآبار العميقة لتشمل مركزي الحسنة ونخل لتطبيق سياسة توطين السكان المحليين بالمنطقة بالإضافة إلى تكوين مجمعات سكنية جديدة بطول هذا الخط للمساهمة في تعمير وتنمية وسط سيناء.. وطالب أيضا جهاز التعمير بعمل محميات طبيعية لزراعة المحاصيل العلفية مما يسهم في عملية تنمية الثروة الحيوانية في وسط سيناء من الماعز والماشية.
كما طالب بتوصيل مياه الشرب النقية إلى القرية والقرى المجاورة من محافظة الإسماعيلية بعد إصابة العديد من أبناء القرية بالعديد من الأمراض وخاصة الفشل الكلوي بسبب تلوث مياه الشرب.
"مسميات بلا خدمات"
كما لاحظت الأخبار خلال جولتها بقرية الجفجافة أن هناك نقطة شرطة قائمة ولكنها لا تعمل منذ أحداث ثورة 25 يناير.. بالإضافة إلى مستشفى ضخم تم تحويله إلى وحدة صحية صغيرة نظراً لعدم وجود التجهيزات اللازمة له سواء من العنصر البشرى "الأطباء" أو الأجهزة الطبية والسرائر.. كما يتواجد مبنى الوحدة الاجتماعية تابعة لوزارة التضامن الاجتماعي لا تعمل ويسكنها الرمال.. ويطالب أهالي المنطقة بتشغيل هذه الخدمات وخاصة مبنى المستشفى، لخدمة أبنائهم حتى لا يضطروا إلى السفر إلى مدينتي العريش أو الإسماعيلية لتلقي العلاج والتي تبعد مئات الكيلومترات.. خاصة أن المباني مشيدة بالفعل ولكن ينقص تدعيمها بالموظفين والأطباء والأمن لخدمة أهالي المنطقة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.