قرَّر الأزهرُ الشَّريفُ عَقْدَ مؤتمرٍ سنويٍّ عالميٍّ مُوسَّعٍ عن التجديدِ في الفِكرِ والعلومِ الإسلاميَّةِ، تُطْرَحُ فيه كلُّ قضايا الاجتهادِ والتجديدِ في العلوم الإسلاميَّة والإنسانية. وذلك برؤيةٍ واقعيةٍ واستيعابٍ شاملٍ لمستجداتِ العصر بشكلٍ علميٍّ وموضوعيٍّ، واقترح أنْ يكونَ موضوعُ المؤتمرِ الأول هو : " التَّجديد وقضايا العصر". جاء ذلك في توصيات الندوةِ التحضيريَّةِ لمؤتمر "التجديد في الفكرِ والعلومِ الإسلاميَّة" التي عقدت أمس ودعت لها هيئة كبار العلماء. أعلن التوصيات وكيل الأزهر وقال إن الندوة انتهت إلى أن التجديد هو خاصَّةٌ لازمةٌ من لوازم دِينِ الإسلامِ، نبَّه عليها النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - في قوله: "إنَّ الله يَبعَثُ لهذه الأُمَّةِ على رأس كلِّ مائةِ سنةٍ مَن يُجدِّدُ لها دِينَها".و إنَّ التجديدَ الرشيدَ هو ما يَتآخَى فيه العقلُ والنقلُ، ويتفاعل مع المُتطلَّبات المجتمعيَّةِ والدوليَّةِ،وهولا يعني الإلغاءَ ولا التبديلَ ولا التبديدَ، ولا المساسَ بالثوابتِ والمُسلَّمات، ولا إهدار ما بذَلَه المجتهدون عبرَ القُرون، فاجتهادُهم يُمثِّلُ ثروةً فكريَّةً معرفيَّةً لا يجبُ تَجاهُلها. أضاف أنَّ التجديدَ هو الفَهمُ الجديدُ لنصوصِ الوحي الخالدةِ المعصومة في ضوء اختلاف الزمان والمكان والأحوال ومُشكلات العصر وقَضاياه؛ لما للشريعةِ الإسلاميَّةِ من مُرُونةٍ وسَعةٍ تُمكِّنها من استيعاب كلِّ المُستجدَّات. أوصت الندوة بضرورة تحديد القضايا الكُبرى الكليَّة، والعناية بدِراستها ووضع استراتيجيَّات مُحدَّدة وخُطوات واضحة قابلة للتنفيذ، و دعت علماء الأمَّة وفُقَهائها ومُؤسَّساتها ومَجامعها الفقهيَّة إلى ضرورة التنسيق فيما بينهم من أجل اجتهادٍ جماعيٍّ راشدٍ، يَفقَهُ النصَّ، ويَفهَم الواقعَ ومُعطيات العصر، مع الإفادة مِن التَّقنياتِ الحديثة. وقال إن الأزهر يدعو– باعتباره الضميرَ الحيَّ للأمَّةِ الإسلاميَّةِ، الذي يحافظ على ثوابتِها وهُويَّتِها- كلَّ المؤسساتِ المعنيةِ بقضيةِ تجديدِ الفكر الدينيِّ، أنْ تقدِّم مقترحاتِها ورُؤَاها في هذا الشَّأنِ؛ تمهيدًا لدراستِها في المؤتمر مِن أجلِ بناءِ إستراتيجيةٍ مُوحَّدةٍ تضعُ موضعَ التَّنفيذِ المنهجَ الوسطيَّ الذي يقي الأمَّةَ مخاطرَ الإفراطِ والتَّفريط.
