لعل أثمن وأغلى ما يملك الإنسان هو طفله، فأجمل شعور يراود الأب دائمًا هو أن يجد أيادي صغيرة تمسك بأطراف أصابعه، تتعلق فيه وهي تنطق كلمة «بابا».. هو إحساس الأبوة والأمومة الجميل، والذي قد يتحول إلى شعور مرعب؛ إذا اقترن بخوف على مصير تلك النعمة التي وهبها الله لنا وهي الأطفال، في مجتمعات غير آمنة، يملأها حالات عدم الاستقرار الأمني والسياسي، مثل دول الربيع العربي .. والحال في مصر قد يكون أشبه ب«كابوس مزعج» في منام الآباء والأمهات، وخاصة بعد عودة حوادث اختطاف الأطفال في الشارع المصري، وتحرير عشرات المحاضر منذ بداية الثورة وحتى الآن ضد غياب عدد من الأطفال وتغيبهم عن منازلهم من فترة، بما ألقى بالرعب في نفوس الآباء والأمهات .
وتثبت في جداول محاضر الشرطة المصرية وجود العشرات من الأطفال المتغيبين عن منازلهم، وعلى الرغم من أنه لا توجد أرقام رسمية صادرة حتى الآن بعدد هؤلاء الأطفال، إلا أن وزارة الداخلية استطاعت خلال الفترة الأخيرة أن تسقط عددًا من العصابات المتخصصة في خطف الأطفال، والتي تباينت أسباب لجوئها إلى اختطاف هؤلاء الأطفال الأبرياء، ما بين هدف سرقة الأعضاء وبيعها، أو ابتزاز الأهالي، وطلب فدية مقابل رد الطفل لأهله مجددًا، تتراوح من 100 ألف حتى مليون جنيه، على حسب الأسرة والمناطق التي يتم اختطاف الأطفال فيها .
حادثة حقيقية
تروي عنايات محمد، وهي ربة منزل حادث اختطاف طفلتها منذ شهور قليلة قائلة «غابت ابنتي عن المنزل لساعات طويلة عقب انتهائها من اليوم الدراسي، وعندما تسرب القلق لصدورنا ذهبنا لنبحث عنها في كل مكان، سألنا الأهل والأصدقاء فلم نجدها، فاضطررنا إلى اللجوء إلى جهاز الشرطة، على الرغم من علمنا أنه لم يكتمل عودته بكامل قوته عقب الثورة، إلا أننا استخدمنا الأسباب؛ كي لا يعتصرنا الألم في فقدان فلذة كبدنا ..
وعقب أيام قليلة تلقينا اتصالاً تليفونيًا من ابنتي تخبرنا فيه بأنها محتجزة لدى عدد من الأشخاص، يعاملونها معاملة طبيعية، لكنهم يطلبون فدية 100 ألف جنيه لردها، وفي حالة ما إن أبلغنا الشرطة فسنخسر ابنتنا للأبد، مهددين بقتلها، فقمنا بجمع ما تيسر لنا من مال، وبعنا ما لدينا من ذهب، واستدنا من الأهل والأقارب كي نجمع المبلغ، وطلبوا منا أن نتقابل أعلى أحد الكباري في مصر ومعنا المبلغ المطلوب، وفور أن وصلنا للكوبري كانوا هم بالأسفل، طلبوا أن نقذف لهم حقيبة المال، فقذفناها فتركوا البنت وفروا بالدراجة البخارية التي كانوا يستقلونها ».
من جانبه، قال اللواء عادل العبودي، مساعد وزير الداخلية الأسبق، إن حالات اختطاف الأطفال كانت موجودة بشكل محدود من قبل إلا أنها نشطت خلال الفترة الأخيرة في ظل انتشار الفوضى الأمنية، الناتجة في الأساس عن حالة الانفلات الأمني وعدم الاستقرار السياسي الذي تشهده الساحة في مصر خلال المرحلة الحالية، بما يؤدي إلى إحداث تأثيرات خطيرة على الأمن الاجتماعي في مصر، مطالبًا قوات الجيش والشرطة بالتنسيق معًا لحفظ الأمن وأمان الأطفال والأسر .
عقوبات مشددة
وكان المجلس الأعلى للقوات المسلحة، الذي يدير شؤون البلاد في مصر، قد عمل على تشديد عقوبات خطف الأطفال بعد أن تم إجراء تعديلات على قانون العقوبات لمواجهة جرائم اختطاف الأطفال وذلك في شهر مارس الماضي في المادتين 296 و289، تنص تلك التعديلات على أنه في حال اختطاف طفل لم يبلغ عمره 12 عامًا يعاقب بالسجن المشدد مدة لا تقل عن 5 سنوات، وإذا كانت المخطوفة أنثى، تكون العقوبة السجن المشدد مدة لا تقل عن 10 سنوات، وتصل العقوبة إلى الإعدام إذا اقترنت جريمة الاختطاف بالاعتداء الجنسي على الأطفال .