مهمة جديدة ملقاة على عاتق الدبلوماسية الجزائرية وهى جمع الفرقاء الليبيين على مائدة واحدة لوضع حد للاقتتال الذي بات يهدد استقرار الجزائر بالنظر إلى اشتراكها في حدود تصل ل1000 كم مع الجارة الليبية مما استوجب ضرورة الوصول إلى حل سياسي لإنهاء الأزمة. مهمة شاقة ودعم دولي تنتظر الجزائر مهمة شاقة تتطلب جهدا مضنيا لجمع أطراف الاقتتال في ليبيا والذي أدى انقسامهم إلى ظهور حكومتين وبرلمانين وجيشين على مائدة واحدة وذلك في إطار النقاشات التي يجريها المجتمع الدولي من أجل إطلاق الحوار الليبي - الليبي سعيا للوصول إلى نقطة توافق مشتركة تمكن من تحقيق وقف إطلاق النار في ليبيا وتشكيل حكومة وحدة وطنية وإنهاء الأزمة التي تعصف بليبيا منذ مقتل العقيد معمر القذافي عام 2011. المهمة التي تنتظر الجزائر ليس بهينة، فجمع الأطراف الفاعلة والأكثر تأثيرا على الساحة العسكرية والسياسية في ليبيا في محاولة للوصول إلى نقطة التقاء سعيا لوقف حالة الفوضى التي تغرق فيها البلاد وتشكيل حكومة وحدة وطنية أمر شاق للغاية ويحتاج إلى جهد كبير . ويعقد المجتمع الدولي آمالا كبيرا على هذا الاجتماع الذي هو نتاج وساطات وعمل شاق بدأته الدبلوماسية الجزائرية منذ شهور عديدة حيث كشف الوزير المنتدب للشئون المغاربية والإفريقية، عبد القادر مساهل، النقاب عن استقبال الجزائر سرا لما يقرب من 200 شخصية ليبية لها دور كبير في الأزمة الليبية كلل بعضها بتوقيع بعض الوثائق التي لم يكشف عن طبيعتها كما لم يكشف عن أسماء الشخصيات التي زارت الجزائر سرا . كما أن رمطان لعمامرة وزير خارجية الجزائر كان قد أعرب في تصريح له عن استعداد الجزائر لتقديم إسهامها باعتماد سبيل المصالحة والسلم والاستقرار والبحث عن حلول مستدامة من اجل إحلال السلم فى ليبيا . فرص نجاح اللقاء و أبدت العديد من الأطراف الليبية استعدادها للمشاركة في مسار الحوار كحل أوحد للخروج من الأزمة التي تشهدها البلاد، إذ أكد المؤتمر الوطني العام الليبي مشاركته فى الجولة الجديدة من الحوار وطالب الأطراف الأخرى بألا تجعل من الظروف الأمنية عائقا أمام المشاركة فى هذا الحوار ، يضاف إلى ذلك أن بعثة الأممالمتحدة للدعم كانت قد توصلت إلى اتفاق مبدئي مع القادة العسكريين لعمليتي "فجر ليبيا" و"الشروق" لوقف إطلاق النار والدخول في الحوار الذي ترعاه الأممالمتحدة منذ عدة شهور. ومن السابق لأوانه التكهن بفرص نجاح هذا اللقاء في وضع حد لحالة الفوضى التي تغرق فيها ليبيا وما يمكن أن يفضى إليه هذا اللقاء، ولكن اجتماع الفرقاء الليبيين على مائدة واحدة هو نتاج لسعى دؤوب من جانب الجزائر خلال الشهور الأخيرة لإقناع المجتمع الدولي بأن الحل السياسي هو السبيل الوحيد لإنها الأزمة الليبية . وتملك الجزائر ورقة رابحة وهى أن الأطراف الليبية هي التي طلبت منها القيام بدور الوساطة في محاولة للوصول إلى نقطة تفاهم مما ينفى الشائعات التي سرت مؤخرا بأن الفرقاء في ليبيا يرفضون أية وساطة جزائرية . جدول أعمال محدد ومن هنا بات يتعين على الجزائر أن تحدد بدقة جدول أعمال هذا اللقاء تفاديا لأي تشتت في الآراء والمناقشات التي لا طائل منها، وعليه فإنها يجب أن ترسى أساسا لهذا اللقاء يتفق عليه المجتمعون والمتمثل في قبول مبدأ تشكيل حكومة وحدة وطنية تتيح لليبيين عبور المرحلة الانتقالية بسلام ووضع خارطة طريق لإعادة بناء بلدهم . ولعل القلق الذي يساور الجزائر مثل غيرها من دول جوار ليبيا هو المخاوف من أن يطال الإرهاب أراضيها لذا فإن عامل الوقت مهم للغاية من أجل ضمان استقرار وأمن منطقة الشرق الأوسط وتحييد الجماعات الإرهابية خاصة داعش ليبيا التي أصبحت تشكلا خطرا كبيرا على المنطقة بعد أن اتسع نطاق نشاطها وتفاقم خطورتها وارتباطها بصلات مع جماعات إرهابية في دول أخرى . يشارك في هذا اللقاء حسبما أعلن وزير الشئون الخارجية رمطان لعمامرة ما يقرب من 15 قائدا سياسيا بارزا ورؤساء أحزاب ومناضلين كبار معروفين على الساحة الليبية، كما أن تحديد المراحل المقبلة ستتحدد بناء على نتائج هذا اللقاء. ومن المقرر أن يعقد عقب انتهاء لقاء الجزائر لقاء آخر ببروكسل يجمع ممثلي بعض البلديات الليبية في حين دعت بعثة الأونسميل إلى عقد اجتماع ثالث يخص زعماء القبائل ومسؤولين آخرين عن المجتمع المدني الليبي وإلى وقف إطلاق النار و مباشرة مسار الحوار بشكل بناء .