معرض «معا» للحرف اليدوية والفنون التراثية يحتفي بإبداعات ذوي الهمم ببيت السناري    وزير الطيران يشارك في الاجتماع الوزاري للمفوضية الأفريقية للطيران المدني على هامش مؤتمر الإيكاو    إسرائيل تتسلم جثمان أحد المحتجزين المتبقين في غزة    سويسرا تدين عنف المستوطنين ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية    باحث عراقي: نسبة المشاركة بانتخابات البرلمان غير مسبوقة.. رغبة في تشكيل حكومة مستقرة    إنجلترا ضد صربيا.. ساكا يتقدم للأسود الثلاثة بالشوط الأول بتصفيات المونديال    حكما تونسيا لمباراة الأهلي وشبيبة القبائل في دوري أبطال إفريقيا    مصرع طفلتين في انهيار منزل قديم بمركز قوص بقنا    يسري نصر الله عن «ضايل عنا عرض»: الفيلم كشف حقيقة أن الفن شرط أساسي للبقاء على قيد الحياة    تزامنا مع التقلبات الجوية تعرف علي أفضل الأدعية عند نزول المطر والبرق والرعد وفوائد الدعاء المستجاب وقت الأمطار    خبير: رون ديرمر أحد مهندسي اتفاقات إبراهام.. جيش اسرائيل مرهق للغاية    نائب محافظ الأقصر والسكرتير المساعد يزوران مصابي حادث طريق إسنا الصحراوي الغربي    بتهمة التزوير.. المشدد 10 سنوات لثلاثة محامين وعاطل بالإسكندرية    الصين ترفض بيان مجموعة السبع بسبب «التحريفات والتدخلات»    جواهر تعود لجمهورها بأغنية مفاجأة.. «فارس أحلامي» | شاهد    عيار 21 الآن.. سعر الذهب اليوم الخميس 13-11-2025 بالصاغة بعد ارتفاعه الكبير ( تحديث رسمي)    إسلام عفيفى يكتب: نتنياهو.. الخروج الأمريكى الآمن    مصطفى بكري: «البرلمان الجاي لازم يكون عين الشعب وسيفه مش صدى صوت للحكومة»    الأمين العام لحزب الجبهة: موقف مصر تجاه القضية الفلسطينية مصدر فخر    الاتحاد الأوروبي يعتزم فرض ضرائب على الطرود الصغيرة المستوردة بدءًا من مطلع 2026    احتفالية مركز أبحاث طب عين شمس بمرور خمس سنوات علي إنشاءه    كيف تدعم وزارة التعليم العالي وبنك المعرفة الأئمة والدعاة لنشر القيم الصحيحة؟    مساعد وزير الخارجية للشئون الأوروبية يستقبل وزير الدولة بالخارجية الألمانية    المشدد 10 سنوات ل3 محامين وعاطل فى تزوير محررات رسمية بالإسكندرية    احذر.. جريمة الغش للحصول على بطاقة الائتمان تعرضك للحبس وغرامة مليون جنيه    خناقة بعد مباراة أبو قير للأسمدة وبروكسى فى دورى القسم الثانى    خبير اقتصادي: افتتاح المتحف الكبير وجولة السيسي وماكرون رسائل طمأنة للعالم    «بيستخبوا زي الفيران».. 5 أبراج لا تستطيع المواجهة    كرة سلة - الأهلي يفوز على سبورتنج ويتوج بدوري المرتبط للسيدات    مسئول أممي: لا أحد بمنأى عن مخاطر تغير المناخ.. والشرق الأوسط من أكثر المناطق تأثرا    استقبله بالزي الصعيدي، شيخ الأزهر يلتقي بالمفكر العالمي جيفري ساكس بمنزله في الأقصر    وزيرة التنمية المحلية: ندعم جميع المبادرات لوضع الإنسان والإبداع فى صميم الاهتمام    مش هننساك.. أسرة إسماعيل الليثى تعلق صورته مع ابنه ضاضا أمام سرادق العزاء    المصري يحدد ملعبه الثاني لمباريات كأس الكونفدرالية    خالد الجندي: الله يباهي الملائكة بعباده المجتهدين في الطاعات(فيديو)    الإيجار القديم بالجيزة: اعرف تصنيف شقتك قبل تطبيق زيادات الإيجار    وزير الصحة يبحث مع نظيره العراقي تدريب الكوادر الطبية العراقية في مصر    مناقشة تطوير أداء وحدات الرعاية الأولية خلال مؤتمر السكان العالمي    الشيخ الجندي يكشف فضل انتظار الصلاة والتحضير لها(فيديو)    المتهم في جريمة تلميذ الإسماعيلية استخدم الذكاء الاصطناعي للتخطيط وإخفاء الأدلة    تعليم القاهرة تعلن عن مقترح جداول امتحانات شهر نوفمبر    بتهمة قتل مسنة.. السجن المشدد لعامل بقنا    مصطفى حسني: تجربتي في لجنة تحكيم دولة التلاوة لا تُنسى.. ودوّر على النبي في حياتك    بعد القبض على قاتل مهندس الكيمياء النووية.. مصطفى بكري: وزير الداخلية يعمل في صمت    بروتوكول بين الهيئة المصرية البترول ومصر الخير عضو التحالف الوطني لدعم القرى بمطروح    بسبب فشل الأجهزة التنفيذية فى كسح تجمعات المياه…الأمطار تغرق شوارع بورسعيد وتعطل مصالح المواطنين    أرسنال يقترب من تجديد عقد بوكايو ساكا براتب ضخم    مدير تعليم الشرابية يشيد بمبادرة "بقِيمِنا تحلو أيّامُنا"    الدقيقة الأخيرة قبل الانتحار    جراديشار يصدم النادي الأهلي.. ما القصة؟    عاجل- أشرف صبحي: عائد الطرح الاستثماري في مجال الشباب والرياضة 34 مليار جنيه بين 2018 و2025    4 ديسمبر.. بدء تلقي طلبات الترشح لانتخابات نقابة الأطباء البيطريين وفرعية قنا لعام 2026    وزير الصحة يُطلق الاستراتيجية الوطنية للأمراض النادرة    إجراء 1161 عملية جراحية متنوعة خلال شهر أكتوبر بالمنيا    البورصة المصرية تعلن بدء التداول على أسهم شركة توسع للتخصيم في سوق    موعد شهر رمضان 2026.. وأول أيامه فلكيًا    إسعاد يونس: أتمنى استضافة عادل إمام وعبلة كامل وإنعام سالوسة «لكنهم يرفضون الظهور إعلاميا»    كرة يد - تألق الخماسي المصري بفوز باريس سان جيرمان وفيزبريم في أبطال أوروبا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أحمد عكاشة: المصريون لم يجتمعوا على شئ مثل صوت أم كلثوم
نشر في بوابة أخبار اليوم يوم 05 - 02 - 2015

"شخصية قوية صلبة امتلكت شجاعة الحلم والقوة والإخلاص لتحقيق حلمها، أنها "كوكب الشرق"، أم كلثوم، هكذا عرفها الملايين في العالم العربي على مدى نصف قرن من العطاء المتواصل والنجاح الباهر بصوتها الجميل وأدائها الرائع،
من فلاحة بسيطة في إحدى القرى إلى "سيدة الغناء العربي"، رحلة مليئة بالكفاح والإصرار على التفوق حتى أخر العمر، وفى وسط الحروب والصراعات والملوك والبسطاء غنت أم كلثوم لمجد الجميع ولرفعتهم وأنشدت ما اهتزت له مشاعر العرب شرقا وغربا على مدى عشرات السنين"، هكذا بدأ الدكتور أحمد عكاشة رئيس الجمعية المصرية للطب النفسي وأستاذ الطب النفسي كلية الطب جامعة عين شمس حديثه عن - الغائب الحاضر- أم كلثوم.
تأثير المصريون وتوحدهم على أغاني أم كلثوم التي كانت تقدمها مساء الخميس والجمعة من كل شهر وتوحدهم اجتماعيا عن هذا التاريخ يقول عكاشة: "الخلود دائما للكلمة أو النغم فلا يوجد خلود للإنسان في جسد، لكن يوجد الخلود عادة في فكر وإنتاج الإنسان والسبب في أم كلثوم بأنها ظاهرة حيث أنها جمعت بين فئات الشعب كما نقول دائما في الطب النفسي، واستطاعت تحقيق ذاتها عبر الالتصاق بأصولها، وأم كلثوم كانت امرأة مصرية تتسم بالحميميه حيث تربت بطريقة معينة، تلك الفلاحة التي أتت للقاهرة للغناء بعد سنوات من الإنشاد في الأرياف والانتقال سيرا على الأقدام من قرية لقرية، تلك المرحلة التي أسمتها أم كلثوم سنوات السير على الأقدام وهى الفترة التي أكسبتها صلابة الشخصية.
ويستطرد عكاشة قائلا: "أم كلثوم أجادت الكلمة واللغة لتعلمها القرآن في عمر صغيرة وثقفت نفسها بنفسها كمعظم أساطير الثقافة في تلك الفترة لذلك كانت تتمتع بجاذبية جماهيرية ومصداقية وتحمل المسئولية فالإتقان والانضباط جعلها تحترم مهنتها ، نعم كان لحضور حفلات أم كلثوم تذوق جمالي حيث أن كل رجل وسيدة ترتدي أفضل الملابس مع الاحترام الشديد في المسرح أثناء حضورهم للحفل، ومن وجهة نظري الشخصية لا يوجد من أتقن الغناء بالشعر والأدب مثلها، كان هناك من أتقن الغناء مثلها باللغة العربية الفصحى من الرجال مثل الفنان محمد عبد الوهاب، لكن من الإناث لا يوجد مثلها، حيث كانت درة عصرها بالإضافة أنها كانت قيمة أخلاقية وفنية وصوت لا يموت، ورغم مرور قرابة أربعة قرون على رحيل "الست " مازلنا نستمع إلى أغانيها، وستظل معانا بصوتها وشخصيتها، لكن لا ننسى أن الشباب والجيل الجديد ومع تغير الزمن وقيمة التذوق الجمالي لا يتمتع بأم كلثوم مثل الأزمنة السابقة".
وحول التفاف الأسر المصرية على نغمات حفلاتها ومدى الترابط الاجتماعى الذي نراه في تلك الفترة يقول عكاشة: "يجب أن نعترف أن الزمن تغير، قديما كان لا يوجد تليفزيون أو فيديو أو إنترنت لذلك كانت الحياة تقتصر على الإذاعة والجرائد فقط، والفرصة الوحيدة التي تجمع العائلات هي الحفلات التي كانت تقام كل أربعاء وخميس من كل شهر، أما الآن تنوعت الثقافات الفنون بحيث لا يجتمع الكل على رأى واحد.. لاشك أن العولمة جعلت الأشخاص متفرقة وليس هناك حالة من الاجتماع كما سبق".
ويضيف عكاشة قائلا: "شخصية أم كلثوم على المسرح لها القبول والحضور والذكاء العاطفي مما يجعل الجمهور والمستمعين في حالة من التوافق النفسي الذي نادرا ما يوهبه الله سبحانه وتعالى إلا لأفراد بسيطة، وعندما يجتمع الذكاء الاجتماعي والعاطفي فأن الجمهور ينجذب لتلك الشخصية بلا شك، ونلاحظ أيضا أن جمالها متواضع إلا أن شخصيتها وصوتها القوى وفنها جعل الجمهور لا ينظرون إلى الشكل بل يركزون مع فنها".
ويتناول عكاشة في حديثه الكتاب والمثقفين ممن التفوا حول السيدة أم كلثوم قائلا: "استفادت أم كلثوم من التفاف الكثيرين من حولها من الكتاب والمثقفين وحولتهم إلى تلاميذ لها، وهم كانوا سعداء بذلك، أعتقد أنهم كانوا يشعرون أنهم بمساعدتهم لها وتعليمها لهم يشاركون في صناعة مشروع كبير، وأن كل واحد منهم ساهم في صنع شخصية قوية صلبة تتعامل مع كبار الملحنين والشعراء والصحفيين والشخصيات العامة والسياسيين من مختلف النظم وفى مختلف العصور وبمهارة وقدرات اجتماعية عالية وأن تدير حياتها الفنية بكفاءة وتدير فرقة موسيقية ضخمة بها عشرات الموسيقيين بمهارة، لذلك طالما كان يؤكدون أنها "ست ب100 راجل"، كل هذه العوامل جعلتها "الست" وهو اللقب الذي أطلقه عليها المصريون، وهو لقب يعبر عن الاحترام ومكانتها الكبيرة لدى المصريين".
ويستكمل عكاشة حديثه: "لا ننسى أيضا تنافس دول الحلفاء والمحور في الخفاء أثناء الحرب العالمية الثانية في محاولة كسبها في صف أحد المعسكرين، كما لا ننسى أنها كانت أول مصرية من أصول ريفية تحصل على وسام "الكمال" ولقب "صاحبة العصمة" وهو ما دفع بعض الأميرات وكبار زوجات السياسيين والأغنياء بإعادة الوسام لأنهم أصبحوا على نفس درجة المساواة مع فلاحة مصرية، وفى عهد ثورة يوليو لم تهدأ المعارك ضدها حيث اعتبرت من رموز العهد الملكي وهددت هي باعتزال الفن بعد أن بلغت المضايقات ضدها حد يفوق التحمل لم يراع مكانتها قبل أن ينقلب الحال إلى نقيضه، وأصبحت صوت ثورة يوليو وعبد الناصر، وفى عهد السادات كان عليها أن تخوض صراعا شرسا مع سيدة مصر الأولى السيدة جيهان السادات، إلا أنها لم تكن مجرد صوت خارق بل كانت ظاهرة أقوى من كل البدلاء وكانت معاركها بحجم تأثيرها الاجتماعي والسياسي والفني في عصرها وما بعده، كل هذه الأمور التي مرت بها لم تؤثر عليها بل جعلتها مثل الصخر على المسرح وهذا يدل على قوة شخصيتها".
ويختتم عكاشة حديثه قائلا: "قيل في أم كلثوم أنه لم يجتمع العرب على شئ مثلما اجتمعوا على صوت أم كلثوم، وهذا يدل على أنها استطاعت أن تثبت نفسها فنيا في الوطن العربي، وهى تتمتع ببعض الصفات أهمها القدرة الشجاعة والقوة والتحدي، ويظل صوتها رمزا للعروبة إذا كانت تتأنى كثيرا في اختيار ما تغنيه، كذلك لم تكن تقبل إلا شعر كبار الشعراء قديمهم وحديثهم، وقد كانت أم كلثوم بأغنيتها فرعا هاما من فروع القومية العربية باستطاعتها توحيد الوجدان العربي وتعبيرها عن المشاعر العربية الأصلية كلاما وغناء وأداء كذلك أهم ما يميز أم كلثوم شخصيتها واحترامها لنفسها وهذا كان يظهر على شخصيتها أثناء وقوفها على المسرح، فاحترامها من الملوك والزعماء كما احترامها عامة الشعب وأحبها الناس في كل مكان وانفردت بمكانة عالية في الفن لم تصل إليها في الشرق أي مطربة، والنموذج الذي قدمته أم كلثوم يصب في خدمة الفن في عدة أوجه أهمها: اختيارها الراقي من الكلمات وتفضيلها لشعراء العربية الفصحى، اختيارها لأبرز الملحنين أهمهم محمد القصبجى وزكريا أحمد ورياض السنباطى ومحمد عبد الوهاب، حفاظها على الصورة المحترمة للفن، تطويعها للفن في خدمة قضايا أمتها العربية، كذلك احترامها لجمهورها بتقديم الجيد والجديد وأعتقد إذا التزمت أي فنانة بهذه الأمور ستصل إلى المكانة التي وصلت إليها أم كلثوم".
"شخصية قوية صلبة امتلكت شجاعة الحلم والقوة والإخلاص لتحقيق حلمها، أنها "كوكب الشرق"، أم كلثوم، هكذا عرفها الملايين في العالم العربي على مدى نصف قرن من العطاء المتواصل والنجاح الباهر بصوتها الجميل وأدائها الرائع،
من فلاحة بسيطة في إحدى القرى إلى "سيدة الغناء العربي"، رحلة مليئة بالكفاح والإصرار على التفوق حتى أخر العمر، وفى وسط الحروب والصراعات والملوك والبسطاء غنت أم كلثوم لمجد الجميع ولرفعتهم وأنشدت ما اهتزت له مشاعر العرب شرقا وغربا على مدى عشرات السنين"، هكذا بدأ الدكتور أحمد عكاشة رئيس الجمعية المصرية للطب النفسي وأستاذ الطب النفسي كلية الطب جامعة عين شمس حديثه عن - الغائب الحاضر- أم كلثوم.
تأثير المصريون وتوحدهم على أغاني أم كلثوم التي كانت تقدمها مساء الخميس والجمعة من كل شهر وتوحدهم اجتماعيا عن هذا التاريخ يقول عكاشة: "الخلود دائما للكلمة أو النغم فلا يوجد خلود للإنسان في جسد، لكن يوجد الخلود عادة في فكر وإنتاج الإنسان والسبب في أم كلثوم بأنها ظاهرة حيث أنها جمعت بين فئات الشعب كما نقول دائما في الطب النفسي، واستطاعت تحقيق ذاتها عبر الالتصاق بأصولها، وأم كلثوم كانت امرأة مصرية تتسم بالحميميه حيث تربت بطريقة معينة، تلك الفلاحة التي أتت للقاهرة للغناء بعد سنوات من الإنشاد في الأرياف والانتقال سيرا على الأقدام من قرية لقرية، تلك المرحلة التي أسمتها أم كلثوم سنوات السير على الأقدام وهى الفترة التي أكسبتها صلابة الشخصية.
ويستطرد عكاشة قائلا: "أم كلثوم أجادت الكلمة واللغة لتعلمها القرآن في عمر صغيرة وثقفت نفسها بنفسها كمعظم أساطير الثقافة في تلك الفترة لذلك كانت تتمتع بجاذبية جماهيرية ومصداقية وتحمل المسئولية فالإتقان والانضباط جعلها تحترم مهنتها ، نعم كان لحضور حفلات أم كلثوم تذوق جمالي حيث أن كل رجل وسيدة ترتدي أفضل الملابس مع الاحترام الشديد في المسرح أثناء حضورهم للحفل، ومن وجهة نظري الشخصية لا يوجد من أتقن الغناء بالشعر والأدب مثلها، كان هناك من أتقن الغناء مثلها باللغة العربية الفصحى من الرجال مثل الفنان محمد عبد الوهاب، لكن من الإناث لا يوجد مثلها، حيث كانت درة عصرها بالإضافة أنها كانت قيمة أخلاقية وفنية وصوت لا يموت، ورغم مرور قرابة أربعة قرون على رحيل "الست " مازلنا نستمع إلى أغانيها، وستظل معانا بصوتها وشخصيتها، لكن لا ننسى أن الشباب والجيل الجديد ومع تغير الزمن وقيمة التذوق الجمالي لا يتمتع بأم كلثوم مثل الأزمنة السابقة".
وحول التفاف الأسر المصرية على نغمات حفلاتها ومدى الترابط الاجتماعى الذي نراه في تلك الفترة يقول عكاشة: "يجب أن نعترف أن الزمن تغير، قديما كان لا يوجد تليفزيون أو فيديو أو إنترنت لذلك كانت الحياة تقتصر على الإذاعة والجرائد فقط، والفرصة الوحيدة التي تجمع العائلات هي الحفلات التي كانت تقام كل أربعاء وخميس من كل شهر، أما الآن تنوعت الثقافات الفنون بحيث لا يجتمع الكل على رأى واحد.. لاشك أن العولمة جعلت الأشخاص متفرقة وليس هناك حالة من الاجتماع كما سبق".
ويضيف عكاشة قائلا: "شخصية أم كلثوم على المسرح لها القبول والحضور والذكاء العاطفي مما يجعل الجمهور والمستمعين في حالة من التوافق النفسي الذي نادرا ما يوهبه الله سبحانه وتعالى إلا لأفراد بسيطة، وعندما يجتمع الذكاء الاجتماعي والعاطفي فأن الجمهور ينجذب لتلك الشخصية بلا شك، ونلاحظ أيضا أن جمالها متواضع إلا أن شخصيتها وصوتها القوى وفنها جعل الجمهور لا ينظرون إلى الشكل بل يركزون مع فنها".
ويتناول عكاشة في حديثه الكتاب والمثقفين ممن التفوا حول السيدة أم كلثوم قائلا: "استفادت أم كلثوم من التفاف الكثيرين من حولها من الكتاب والمثقفين وحولتهم إلى تلاميذ لها، وهم كانوا سعداء بذلك، أعتقد أنهم كانوا يشعرون أنهم بمساعدتهم لها وتعليمها لهم يشاركون في صناعة مشروع كبير، وأن كل واحد منهم ساهم في صنع شخصية قوية صلبة تتعامل مع كبار الملحنين والشعراء والصحفيين والشخصيات العامة والسياسيين من مختلف النظم وفى مختلف العصور وبمهارة وقدرات اجتماعية عالية وأن تدير حياتها الفنية بكفاءة وتدير فرقة موسيقية ضخمة بها عشرات الموسيقيين بمهارة، لذلك طالما كان يؤكدون أنها "ست ب100 راجل"، كل هذه العوامل جعلتها "الست" وهو اللقب الذي أطلقه عليها المصريون، وهو لقب يعبر عن الاحترام ومكانتها الكبيرة لدى المصريين".
ويستكمل عكاشة حديثه: "لا ننسى أيضا تنافس دول الحلفاء والمحور في الخفاء أثناء الحرب العالمية الثانية في محاولة كسبها في صف أحد المعسكرين، كما لا ننسى أنها كانت أول مصرية من أصول ريفية تحصل على وسام "الكمال" ولقب "صاحبة العصمة" وهو ما دفع بعض الأميرات وكبار زوجات السياسيين والأغنياء بإعادة الوسام لأنهم أصبحوا على نفس درجة المساواة مع فلاحة مصرية، وفى عهد ثورة يوليو لم تهدأ المعارك ضدها حيث اعتبرت من رموز العهد الملكي وهددت هي باعتزال الفن بعد أن بلغت المضايقات ضدها حد يفوق التحمل لم يراع مكانتها قبل أن ينقلب الحال إلى نقيضه، وأصبحت صوت ثورة يوليو وعبد الناصر، وفى عهد السادات كان عليها أن تخوض صراعا شرسا مع سيدة مصر الأولى السيدة جيهان السادات، إلا أنها لم تكن مجرد صوت خارق بل كانت ظاهرة أقوى من كل البدلاء وكانت معاركها بحجم تأثيرها الاجتماعي والسياسي والفني في عصرها وما بعده، كل هذه الأمور التي مرت بها لم تؤثر عليها بل جعلتها مثل الصخر على المسرح وهذا يدل على قوة شخصيتها".
ويختتم عكاشة حديثه قائلا: "قيل في أم كلثوم أنه لم يجتمع العرب على شئ مثلما اجتمعوا على صوت أم كلثوم، وهذا يدل على أنها استطاعت أن تثبت نفسها فنيا في الوطن العربي، وهى تتمتع ببعض الصفات أهمها القدرة الشجاعة والقوة والتحدي، ويظل صوتها رمزا للعروبة إذا كانت تتأنى كثيرا في اختيار ما تغنيه، كذلك لم تكن تقبل إلا شعر كبار الشعراء قديمهم وحديثهم، وقد كانت أم كلثوم بأغنيتها فرعا هاما من فروع القومية العربية باستطاعتها توحيد الوجدان العربي وتعبيرها عن المشاعر العربية الأصلية كلاما وغناء وأداء كذلك أهم ما يميز أم كلثوم شخصيتها واحترامها لنفسها وهذا كان يظهر على شخصيتها أثناء وقوفها على المسرح، فاحترامها من الملوك والزعماء كما احترامها عامة الشعب وأحبها الناس في كل مكان وانفردت بمكانة عالية في الفن لم تصل إليها في الشرق أي مطربة، والنموذج الذي قدمته أم كلثوم يصب في خدمة الفن في عدة أوجه أهمها: اختيارها الراقي من الكلمات وتفضيلها لشعراء العربية الفصحى، اختيارها لأبرز الملحنين أهمهم محمد القصبجى وزكريا أحمد ورياض السنباطى ومحمد عبد الوهاب، حفاظها على الصورة المحترمة للفن، تطويعها للفن في خدمة قضايا أمتها العربية، كذلك احترامها لجمهورها بتقديم الجيد والجديد وأعتقد إذا التزمت أي فنانة بهذه الأمور ستصل إلى المكانة التي وصلت إليها أم كلثوم".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.