في كل عام تمر علينا ذكرى ميلاد خير الخلق صل الله عليه وسلم، يُهلل لها المسلمون في كل مكان ويعلو ضجيجهم بالتسابق بالاحتفال الشكلي وشراء الحلوى وإقامة الموائد، في الوقت نفسه الذي يختلفون شيعا وأحزابًا متصارعة متنافرة في كل بقاع الأرض. فهل هناك شكل محدد للاحتفال بذكراه العطرة بحيث تكون وسيلة لتثبيت أخلاقه في نفوس الناس.. هذا ما يرد عليه: في البداية توضح د.آمنة نُصير أستاذ العقيدة والفلسفة الإسلامية بجامعة الأزهر، أن الاحتفال بذكرى رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما تكونُ بتذكر شمائله العظيمة وأنه جاء رحمةً للعالمين، وأنه لابد لكل أسرةٍ أن تحتفلَ بهذه الذكرى العطرة، خاصة إذا كان في البيت غلمان وأطفال، حتى يُحيي البيت المسلم ذكرى الرسول الكريم، وأن يجمع الوالد أسرته ويجلس معهم لإظهار خلال الرسول ومواقفه العظيمة كأنه في مهمة عمل، والأمر الآخر أنني أتمنى أن نتذكر اليتامى ونرأف بهم في هذا اليوم لأنه صلى الله عليه وسلم أوصى باليتامى خيرًا، ووعد من يعتني بهم بمرافقته في الجنة. وتضيف د. نصير: "أود من الذين يتنطعون في هذه المرحلة ويتاجرون باسم الدين أن يتنبهوا إلى أخلاقه ومواقفه ويتعلموا منه حُب الوطن، فعندما اضطر إلى الهجرة، نظر إلى مكة وقال: "والله إنك لأحب البلاد إلى نفسي ولولا أهلك أخرجوني منك ما خرجت" وأعطى درسًا باقيًا في حب الوطن لهؤلاء الأنطاع الذين يستهينون بحب الوطن ويتجرؤون على البشر والحجر.. عليهم أن يتعلموا منه يوم فتح مكة، حين قال سعد بن عبادة: اليوم يوم الملحمة، فقال له: لا يا سعد بل قل يوم المرحمة". وتمنت د. آمنة في هذه الذكرى العطرة أن نتوافق ونتراحم ونحب وطننا وشركاءنا فيه، بحيث نغسل أنفسنا من أدرانها، وهذا بُعدٌ ومعنى على الأنطاع أنْ يتعلموه، فلدينا من سيرته ما يجب أن نُحييه في هذه المرحلة. وقار الفرح ويقول د.عبد الحميد هنداوي أستاذ البلاغة الإسلامية بجامعة القاهرة إنه قد اختلف في يوم مولده صلى الله عليه وسلم على أقوال، واستقر الناس على الاحتفال به في يوم الثاني عشر من ربيع الأول - وهذا اليوم هو يوم وفاة النبي بيقين لحضوره من الآلاف من أصحاب النبي - وهذا مما يزيد القلوب شجنا وحزنا لغياب قمر الزمان، وسراج الأكوان، ورحيله عن هذه الدنيا إلى الرحيم الرحمن.. فيجتمع في القلب حالة عجيبة بين الفرح بمولده والحزن لرحيله، حالة تصبغ هذا الفرح بقدر من الوقار الواجب لشخصه، وتمزج هذا الحزن بما يخفف من حدته لكون أثر مولده غالبا أثر وفاته؛ حيث إن رحيله عنا إنما هو رحيل بالجسد والصورة وبقيت روحه صلى الله عليه وسلم عالقة بأرواحنا، وأخلاقه نبراسا هاديا لنا، وسنته هي الدستور الحاكم لشئون حياتنا كلها دقِّها وجلِّها، ولذا الواجب علينا في احتفالنا بالنبي أن يكون من جنس ما أمر به الشرع الحنيف في حق النبي لا نتجاوزه إلى غيره من البدع والمحدثات بدعوى محبة النبي؛ فصدق المحبة يقتضي صدق الإتباع؛ فلا يكون التعبير عن تلك المحبة بأمور ظاهرية غير جوهرية؛ بل يكون بالإتباع الحقيقي لهديه وسنته، ويكون التعبير عن تلك المحبة بإحياء أخلاقه الفاضلة بإشاعتها والتأسي بها فيما بيننا، وحث بعضنا بعضا على الاقتداء بها، وقد كان صلى الله عليه وسلم داعية محبة وسلام ووئام بين الناس كان همه الأعظم هداية البشر والأخذ بأيديهم إلى النجاة، ولم يدر بخلده أبدا يوما من الأيام أن ينتقم لنفسه، ولا أن يثأر ممن آذوه.. هذا رسول الله الذي نحبه ونحتفل به، وهذه هي أخلاقه وشمائله، فأين نحن منها؟ فإذا أردنا أن نحتفل بالنبي فالتأسي بتلك المكارم والأخلاق هو الاحتفال الحق وليس تلك المظاهر الجوفاء التي عليها عامة الناس وإن كنا لا نشكك في محبتهم للنبي إلا إذا فرغوا تلك المحبة من مضمونها الحقيقي وهو صدق الإتباع للنبي، والتأسي به في أخلاقه وسنته، كما يكون الاحتفال به بالتعبير عن تلك المحبة بالأمور المشروعة وأولها وأعظمها الصلاة على النبي، والاحتفال به بمثل ما ذكرنا سائغ ومشروع ومستحب لا في يوم مولده فقط ؛ بل في كل وقت وحين ما دام في المرء نفس يتردد بداخله. مع أسرته ويقول د. يسري زيدان أستاذ التاريخ الإسلامي، إنه علينا التحلي بصفات النبي صلى الله عليه وسلم، في معاملة المسلمين مع بعضهم البعض، ومع معاملتهم مع غيرهم، وكذلك التحلي بأخلاقه في بيته، فقد كان صلى الله عليه وسلم يضعُ قدمه على الأرض لتضع السيدةُ صفية قدمها على فخذه وتصعد على الدابة، لو أخذنا به ما رأينا كل هذه المشكلات الأسرية، وأيضًا لدينا التعامل مع الأقل في العمل والمال والمهنة، ونحن نُعاني من ذلك، وعندما سُئل: كم يعفو السيد عن الخادم، قال: في كل يومٍ سبعين مرةً، ومن هنا يبدأ التأسي بالأخلاق الحسنة لرسول الله، كما أن هذه الذكرى العطرة توجب علينا الأخذ بكل جديدٍ نافعٍ في الحياة، فقد اتخذ صلى الله عليه وسلم خاتمًا من فضةٍ لإمضاء رسائله إلى الملوك، كما أمر زيد بن ثابت بتعلم السريانية فتعلمها في عشرة أيام، ثم تعلم العبرية. ويقول د. عبد الناصر الجعفري أستاذ الشريعة الإسلامية إن يوم المولد النبوي نور أضاء وسعد أتى ورحمة عمت وبركة حلت وخير انتشر وشر اندحر، فمحب الحبيب حبيب ومحب النبي في فرح وسعادة ومحب النبي في نور وهدى وسلام وقرب ومحب النبي ليله في قيام وطاعة مغفورة ذنوبه محمودة عاقبته بإذن ربه، ومحب النبي في عمل وجهاد، فقد كانت خطواته فتية كأنما ينزل من علٍ وأعماله قوية، في قلبه حنان ورأفة حتى على أعدائه، في أخلاقه السماحة والتواضع، الصادق الأمين في بيعه وشرائه وفي كل فعله وقوله، ألطف الناس مع زوجاته أعطف الناس على المساكين.. فالمحب يجب أن يعلم من هو محمد صلى الله عليه وسلم ويجب أن يعمل ما استطاع من عمل النبي صلى الله عليه وسلم وتتجلى فيه أخلاق محمد، نحتفل به بمظاهر الفرح، نحتفل بتعليم الناس سيرته العطرة وصلاته الخاشعة وقراءته للقرآن المجودة وأذكاره بعد صلواته وفي صباحه ومسائه وقيامه في ليله ببذله للمعروف وإطعامه الطعام وإفشاء السلام. في كل عام تمر علينا ذكرى ميلاد خير الخلق صل الله عليه وسلم، يُهلل لها المسلمون في كل مكان ويعلو ضجيجهم بالتسابق بالاحتفال الشكلي وشراء الحلوى وإقامة الموائد، في الوقت نفسه الذي يختلفون شيعا وأحزابًا متصارعة متنافرة في كل بقاع الأرض. فهل هناك شكل محدد للاحتفال بذكراه العطرة بحيث تكون وسيلة لتثبيت أخلاقه في نفوس الناس.. هذا ما يرد عليه: في البداية توضح د.آمنة نُصير أستاذ العقيدة والفلسفة الإسلامية بجامعة الأزهر، أن الاحتفال بذكرى رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما تكونُ بتذكر شمائله العظيمة وأنه جاء رحمةً للعالمين، وأنه لابد لكل أسرةٍ أن تحتفلَ بهذه الذكرى العطرة، خاصة إذا كان في البيت غلمان وأطفال، حتى يُحيي البيت المسلم ذكرى الرسول الكريم، وأن يجمع الوالد أسرته ويجلس معهم لإظهار خلال الرسول ومواقفه العظيمة كأنه في مهمة عمل، والأمر الآخر أنني أتمنى أن نتذكر اليتامى ونرأف بهم في هذا اليوم لأنه صلى الله عليه وسلم أوصى باليتامى خيرًا، ووعد من يعتني بهم بمرافقته في الجنة. وتضيف د. نصير: "أود من الذين يتنطعون في هذه المرحلة ويتاجرون باسم الدين أن يتنبهوا إلى أخلاقه ومواقفه ويتعلموا منه حُب الوطن، فعندما اضطر إلى الهجرة، نظر إلى مكة وقال: "والله إنك لأحب البلاد إلى نفسي ولولا أهلك أخرجوني منك ما خرجت" وأعطى درسًا باقيًا في حب الوطن لهؤلاء الأنطاع الذين يستهينون بحب الوطن ويتجرؤون على البشر والحجر.. عليهم أن يتعلموا منه يوم فتح مكة، حين قال سعد بن عبادة: اليوم يوم الملحمة، فقال له: لا يا سعد بل قل يوم المرحمة". وتمنت د. آمنة في هذه الذكرى العطرة أن نتوافق ونتراحم ونحب وطننا وشركاءنا فيه، بحيث نغسل أنفسنا من أدرانها، وهذا بُعدٌ ومعنى على الأنطاع أنْ يتعلموه، فلدينا من سيرته ما يجب أن نُحييه في هذه المرحلة. وقار الفرح ويقول د.عبد الحميد هنداوي أستاذ البلاغة الإسلامية بجامعة القاهرة إنه قد اختلف في يوم مولده صلى الله عليه وسلم على أقوال، واستقر الناس على الاحتفال به في يوم الثاني عشر من ربيع الأول - وهذا اليوم هو يوم وفاة النبي بيقين لحضوره من الآلاف من أصحاب النبي - وهذا مما يزيد القلوب شجنا وحزنا لغياب قمر الزمان، وسراج الأكوان، ورحيله عن هذه الدنيا إلى الرحيم الرحمن.. فيجتمع في القلب حالة عجيبة بين الفرح بمولده والحزن لرحيله، حالة تصبغ هذا الفرح بقدر من الوقار الواجب لشخصه، وتمزج هذا الحزن بما يخفف من حدته لكون أثر مولده غالبا أثر وفاته؛ حيث إن رحيله عنا إنما هو رحيل بالجسد والصورة وبقيت روحه صلى الله عليه وسلم عالقة بأرواحنا، وأخلاقه نبراسا هاديا لنا، وسنته هي الدستور الحاكم لشئون حياتنا كلها دقِّها وجلِّها، ولذا الواجب علينا في احتفالنا بالنبي أن يكون من جنس ما أمر به الشرع الحنيف في حق النبي لا نتجاوزه إلى غيره من البدع والمحدثات بدعوى محبة النبي؛ فصدق المحبة يقتضي صدق الإتباع؛ فلا يكون التعبير عن تلك المحبة بأمور ظاهرية غير جوهرية؛ بل يكون بالإتباع الحقيقي لهديه وسنته، ويكون التعبير عن تلك المحبة بإحياء أخلاقه الفاضلة بإشاعتها والتأسي بها فيما بيننا، وحث بعضنا بعضا على الاقتداء بها، وقد كان صلى الله عليه وسلم داعية محبة وسلام ووئام بين الناس كان همه الأعظم هداية البشر والأخذ بأيديهم إلى النجاة، ولم يدر بخلده أبدا يوما من الأيام أن ينتقم لنفسه، ولا أن يثأر ممن آذوه.. هذا رسول الله الذي نحبه ونحتفل به، وهذه هي أخلاقه وشمائله، فأين نحن منها؟ فإذا أردنا أن نحتفل بالنبي فالتأسي بتلك المكارم والأخلاق هو الاحتفال الحق وليس تلك المظاهر الجوفاء التي عليها عامة الناس وإن كنا لا نشكك في محبتهم للنبي إلا إذا فرغوا تلك المحبة من مضمونها الحقيقي وهو صدق الإتباع للنبي، والتأسي به في أخلاقه وسنته، كما يكون الاحتفال به بالتعبير عن تلك المحبة بالأمور المشروعة وأولها وأعظمها الصلاة على النبي، والاحتفال به بمثل ما ذكرنا سائغ ومشروع ومستحب لا في يوم مولده فقط ؛ بل في كل وقت وحين ما دام في المرء نفس يتردد بداخله. مع أسرته ويقول د. يسري زيدان أستاذ التاريخ الإسلامي، إنه علينا التحلي بصفات النبي صلى الله عليه وسلم، في معاملة المسلمين مع بعضهم البعض، ومع معاملتهم مع غيرهم، وكذلك التحلي بأخلاقه في بيته، فقد كان صلى الله عليه وسلم يضعُ قدمه على الأرض لتضع السيدةُ صفية قدمها على فخذه وتصعد على الدابة، لو أخذنا به ما رأينا كل هذه المشكلات الأسرية، وأيضًا لدينا التعامل مع الأقل في العمل والمال والمهنة، ونحن نُعاني من ذلك، وعندما سُئل: كم يعفو السيد عن الخادم، قال: في كل يومٍ سبعين مرةً، ومن هنا يبدأ التأسي بالأخلاق الحسنة لرسول الله، كما أن هذه الذكرى العطرة توجب علينا الأخذ بكل جديدٍ نافعٍ في الحياة، فقد اتخذ صلى الله عليه وسلم خاتمًا من فضةٍ لإمضاء رسائله إلى الملوك، كما أمر زيد بن ثابت بتعلم السريانية فتعلمها في عشرة أيام، ثم تعلم العبرية. ويقول د. عبد الناصر الجعفري أستاذ الشريعة الإسلامية إن يوم المولد النبوي نور أضاء وسعد أتى ورحمة عمت وبركة حلت وخير انتشر وشر اندحر، فمحب الحبيب حبيب ومحب النبي في فرح وسعادة ومحب النبي في نور وهدى وسلام وقرب ومحب النبي ليله في قيام وطاعة مغفورة ذنوبه محمودة عاقبته بإذن ربه، ومحب النبي في عمل وجهاد، فقد كانت خطواته فتية كأنما ينزل من علٍ وأعماله قوية، في قلبه حنان ورأفة حتى على أعدائه، في أخلاقه السماحة والتواضع، الصادق الأمين في بيعه وشرائه وفي كل فعله وقوله، ألطف الناس مع زوجاته أعطف الناس على المساكين.. فالمحب يجب أن يعلم من هو محمد صلى الله عليه وسلم ويجب أن يعمل ما استطاع من عمل النبي صلى الله عليه وسلم وتتجلى فيه أخلاق محمد، نحتفل به بمظاهر الفرح، نحتفل بتعليم الناس سيرته العطرة وصلاته الخاشعة وقراءته للقرآن المجودة وأذكاره بعد صلواته وفي صباحه ومسائه وقيامه في ليله ببذله للمعروف وإطعامه الطعام وإفشاء السلام.