هكذا بدأت "أخبار اليوم" في سلسلة مقالات امتدت على مدى 17 أسبوعا شنت خلالها هجوما على حزب الوفد كان عنوانها "لماذا ساءت العلاقات بين القصر والوفد". أما سبب هذا الموقف من حزب الوفد وهو حزب الأغلبية فهو قبول قياداته ممثلة في الزعيم مصطفى النحاس باشا الوزارة بعد حصار الانجليز للقصر وطلبهم أن يشكل النحاس الوزارة.. وإلا يتنازل عن العرش فورا.. وذلك أثناء حادث فبراير الشهير.. ليس هذا فقط.. بل شهد الوفد خلال النصف الأول من الأربعينيات عدة انشقاقات بسبب سياسة النحاس باشا.. وانحراف بعض قيادات وخروجها على مبادئ الوفد.. وسعد باشا زغلول. وظن أعداء أخبار اليوم أن سبب المقالات هو وقوف الملك فاروق وراء أخبار اليوم.. ولكن الحقيقة أن الوفد قد تغير بالفعل.. وهو ما أكدته الأيام بعد ذلك.. إذ أن "أخبار اليوم" بدأت بعد سنوات قليلة من صدورها تأخذ موقف معاديا من الملك فاروق نفسه في مقالات نشرها على أمين.. ومن بعده مصطفي أمين. فقد نشر على أمين في 4 أكتوبر مقالا عن الملك قال فيه: "كنت أحبه عندما كان نظيفا وكنت أدافع عنه أمام أصدقائي الذين يكرهونه.. ثم ثبت لي انه لص.. فانهارت كل الصور التي رسمتها له في قلبي وعقلي. أما مصطفي أمين فقد اصدر كتاب "عمالقة وأقزام" وفيه هاجم الملك فاروق قبل قيام الثورة بعام واحد وقال عنه "يخطف كل شيء.. يخطف زوجة الرجل وبيت الرجل.. يخطف الغالي والرخيص". ليس هذا فقط بل ان أخبار اليوم كانت أول من كشف مخازي ومآسي حرب فلسطين وحقيقة تسليح الجيش المصري وطالبت بجيش وطني مسلح بأحدث الأسلحة.. بل وفتحت صفحاتها للواء فؤاد صادق قائد الجيش المصري في فلسطين ليكتب في أخبار اليوم.. بل وأصبح محررا عسكريا بعد ذلك كما انها نشرت مذكرات قادة حرب 1948.. وعلى رأسهم البطل احمد عبد العزيز. وفي 29 يوليو 1949.. احتفلت مصر كلها بذكرى الجلوس الملكي.. وكانت أخبار اليوم هى الوحيدة التي امتنعت عن المشاركة في الاحتفال واعتبرت الحكومة ذلك تحديا من أخبار اليوم للقصر الملكي وعاد مصطفى أمين من رحلة له في أوروبا ليكتب سلسلة مقالات عنوانها "زفت وقطران" يوم 2 سبتمبر 1950 هاجم فيها سياسة الحكومة وأثر مراكز القوى في التخلف الذي حدث في مصر.. قامت ثورة يوليو 1952 وكانت "أخبار اليوم" هى أول جريدة مصرية تعلن الوقوف بجانب الثورة وذلك قبل خروج الملك من مصر.. إذ صدرت صباح السبت وقبل خروجه في السادسة من مساء نفس اليوم.. وكانت مانشيتاتها تقول: استقالات رجال الحاشية تقبل فورا.. الفريق محمد نجيب يتحدث إلى أخبار اليوم. وفي هذا العدد.. أكدت "أخبار اليوم" على صفحاتها نجاح ثورة يوليو بقولها: الجيش يسيطر على الإسكندرية فجر أمس. "أخبار اليوم" تحمل رسالة إلى الشعب المصري رسالتين بخط الفريق محمد نجيب. وكان الفريق محمد نجيب قد اختار "أخبار اليوم" ليوجه على صفحاتها تحية منه إلى شعب مصر وتحية منه إلى جنود من رجال الجيش في كل المواقع. وفي الموقف السياسي: أعلنت أخبار اليوم تأييدها الكامل للثورة بقولها: إذا كان هناك من يرحب بأية خطوة تهدف إلى القضاء على هذا الفساد فهى هذه الدار التي جعلت التطهير رسالة لها. أما محمد التابعي: فكتب يؤيد الثورة ويقول:" وقع ما كان لابد أن يقع".. رحب فيه بالثورة ..وقال واجب على كل مصرى ان يقف اليوم وراء جيش مصر يؤيده في حملة التطهير ويدعو له ولقيادته بالعون من الله. وطوال فترة الخمسينيات وقفت "أخبار اليوم" بجانب ثورة يوليو. ويقول مصطفي أمين: إن الذي جعل عبد الناصر يطمئن لي أكثر وأكثر هو انه اتصل بى أثناء أزمة مارس الشهيرة عام 1954.. وطلب منى مقابلته ثم قال لي: انتم تقصدوني أنا وعلي أمين أيدتما الثورة في البداية.. والثورة الآن مهددة ومن رأيي تشوفوا مصلحتكم! قلت له: لقد أيدنا الثورة في بدايتها وسنؤيدها الآن وفي المستقبل لأننا آمنا بها ودعونا إليها قبل قيامها. قال عبدا لناصر: حتى لو رجعنا إلى الثكنات العسكرية قلت: حتى لو رجعتم إلى الثكنات العسكرية. ضحك عبد الناصر وقال لي: إذن أحب أن أقول لك أن الكلام عن عودتنا إلى الثكنات العسكرية مجرد خدعة ولكن والله لن تنتهي الثورة أبدا.. ولن اقبل رجوع مصر إلى ما قبل الثورة أبدا والى فساد الأحزاب مرة أخرى.. فعلا وقفت أخبار اليوم بجانب عبد الناصر وكانت إحدى الصحف التي انحازت له. العدوان الثلاثي أما موقف أخبار اليوم من العدوان الثلاثي فهو من المواقف الوطنية التي دائما ما يذكرها خبراء الصحافة كأحد أهم المواقف الوطنية. ويحكى مصطفى أمين: جاءني مراسل أخبار اليوم في بورسعيد.. ومعه صورة تظهر بشاعة العدوان الثلاثي.. وكانت الصورة هى الوحيدة التي تم التقاطها.. وعرضتها على الرئيس عبدا لناصر.. وقمنا بنشرها بالكامل في أخبار اليوم ولكن عبد الناصر طلب منى السفر إلى الخارج بها لعرضها أمام الرأي العالمي. وفعلا سافرت.. واعد لي عبد الناصر طائرة خاصة وخرجت من مكتبه في مجلس قيادة الثورة في سيارة الرئاسة.. وفي الخارج.. تم عرض صور العدوان على مصر. ولعبت أخبار اليوم دورا كبيرا في حرب 56.. كما يقول مصطفى أمين.. قبل الحرب استدعاني عبدا لناصر وكلفني بالسفر إلى أمريكا.. وهناك التقيت بجون فوستردلاس وزير خارجية أمريكا وأكد لي انه لا عدوان على مصر وان فكرة العدوان أصبحت تاريخا.. ولن يحدث. وأضاف: ولكن مستر هارى كيرن رئيس تحرير النيوزويك كان صديقا لى اخبرنى أن هناك استعدادات عسكرية قائمة للعدوان على مصر. وعدت وقلت لعبد الناصر.. ما قاله رئيس تحرير النيوزويك وعلمت بعد ذلك أن رئيس تحرير النيوزويك علم بهذا الخبر من مستر سلوين لويد وزير خارجية بريطانيا. وقال لي عبد الناصر: هل تريدني أن اصدق رئيس تحرير مجلة واكذب وزير خارجية أمريكا. ولم يصدقني عبد الناصر وذهب علي أمين إلى انجلترا.. وهناك علم من أصدقائه أن هناك بالفعل تدريبات عسكرية بين بريطانيا وفرنسا.. وانه يجرى الاستعداد للعدوان على مصر. وعاد علي أمين وبلغ عبد الناصر بهذه المعلومات ولكن عبد الناصر قال إن تقارير المخابرات الروسية أبلغته انه لا يوجد استعدادات للعدوان على مصر. فقال له علي أمين: سيادة الرئيس اننى حصلت على هذه المعلومات بصفتي الصحفية وهى معلومات خاصة وشديدة السرية. وفي حرب 67 ما أن أعلن عبد الناصر إغلاق خليج العقبة أمام الملاحة الإسرائيلية.. وانتهاء وجود قوات الطوارئ الدولية بسيناء.. حتى بدأت أخبار اليوم الاستجابة لدعوة الرئيس جمال عبد الناصر بالاستعداد للحرب.. فكتبت أخبار اليوم تقول: إن قرار القاهرة بسحب القوات الدولية يثير ضجة في الغرب.. وان إسرائيل تشعر بقلق بالغ إزاء التطورات الأخيرة.. بل واعدات أخبار اليوم تحقيقا صحفيا من المقر الرسمي لقيادة العمليات في الجبهة.. أعده مراسل أخبار اليوم الحربي صلاح قبضايا حيث التقى مع الفريق أول عبد المحسن مرتجى قائد الجبهة والذي أكد أن أي هجوم إسرائيلي سواء على سوريا أو أي ارض عربية معناه بالنسبة لنا بداية المعركة المقدسة. وفي العدد الصادر يوم 27 مايو قبل الحرب بأسبوع كان المانشيت الرئيسى لأخبار اليوم :"عبد الناصر ينذر".. قال : اننا على استعداد لدخول حرب شاملة مع إسرائيل.. واننا لن نتنازل عن حقنا في خليج العقبة. وقبل الحرب بيومين فقط قالت أخبار اليوم في مانشيتها الرئيسي: بدأ تنفيذ المؤامرة وفيه قالت: انه بدأ تنفيذ المؤامرة التي وضعتها أمريكاوبريطانيا لمحاولة إعادة فتح خليج العقبة أمام سفن إسرائيل. وشرحت أخبار اليوم جميع الاستعدادات التي تجرى لضرب مصر ومنها أن هناك 10 قطع حربية لتدعيم الأسطول السادس الأمريكي في البحر المتوسط. ثم أعدت أخبار اليوم ملحقا كاملا أعلنت فيه الوقوف بجانب عبد الناصر، ونشرت تقول: بالدم يكتبون للرئيس ونشرت وثيقة باللون الاحمر.. وكان المصريين قد كتبوا وثائق تأييد لعبد الناصر بالدم.. فنشرت أخبار اليوم رجاء.. تقول فيه ان مكتب الرئيس عبد الناصر يرجو من المواطنين عدم كتابة وسائل التأييد وطلبات التطوع بالدم لان الوطن في حاجة لكل قطرة دم. وفي كاريكاتير رسمه الفنان مصطفي حسين قال فيه "كلنا جاهزين.. كلنا جاهزين". حرب أكتوبر وفي حرب أكتوبر.. نجح المراسل الحربي جمال الغيطاني في تقديم تغطية شاملة عن حرب أكتوبر كانت أروع ما تم كتابته عنها.. فتحت عنوان العبور العظيم.. كتب الغيطانى يقول: لم يحدث في تاريخ الحروب أن عبرت جيوش موانع مائية في قلب النهار.. وكان عنصر المفاجأة كاملا وساحقا.. أقمنا الكباري والمعابر في 15 دقيقة.. وكانت خسائرنا طفيفة جدا. وفي 20 أكتوبر كتب الغيطانى عن تفاصيل حرب الدبابات كيف استخدم المصريون أساليب وتكتيكات جديدة استخدمتها الدبابات المصرية في اعنف المعارك في سيناء.. اغتيال السادات وعندما وقع اغتيال السادات.. نجح مصور أخبار اليوم، أن يصور الحدث كاملا.. وكان هو الوحيد الذي نجح بالخروج من ارض العرض العسكري بالأفلام التي تم تصويرها ونشرت أخبار اليوم " تحت عنوان" قصة الدقيقة التي هزت العالم 45 مشهداً ينفرد بها مصور أخبار اليوم لحادث اغتيال السادات. ونشرت أخبار اليوم تحقيقا صحفيا مع المصور مكرم جاد الكريم والذي روى التفاصيل الكاملة كما رآها في العرض العسكري.. وقال: لقد تصورت الكاميرا في يدي.. مدفعا. وكان هذا التحقيق.. وهذه الصور.. هى الأولى في الصحافة العالمية.. والتي سبقت بها أخبار اليوم صحافة العالم كله. ثورة يناير ومن أول يوم.. لثورة يناير انحازت أخبار اليوم للشعب في ثورته، ففي يوم 29 يناير وقبل رحيل مبارك.. كتبت أخبار اليوم: إقالة حكومة نظيف ونشرت أخبار اليوم كلمة لمبارك قال فيها: لن أتهاون في اتخاذ اى قرارات تحفظ للمصريين أمنهم وأمانهم.. وان السيادة للشعب. وأبرزت أخبار اليوم الحرص على شباب مصر بقولها: ان شباب مصر هم أغلى ما لديها ونربأ أن يندس بينهم من يسعى لنشر الفوضى ونهب الممتلكات. وقال: إن القوات المسلحة تشارك في تأمين المواطنين والمرافق والمنشآت الحيوية. وفي العدد الصادر يوم 5 فبراير.. وبعد أن زاد السلب والنهب ونزل الإخوان المسلمون في الشارع.. كانت أخبار اليوم أول من نشر في صفحتها الأولى تقول: دموع في عيون مصر.. ونشرت صورة غلاف رسمه الفنان مصطفى حسين لامرأة ترمز إلى مصر وهى تبكى الحال الذي وصلت إليه وأبرزت أخبار اليوم في صفحاتها الداخلية نص الحديث التليفزيوني الذي أذاعه التليفزيون المصري للواء عمر سليمان وفيه أكد أن قواتنا المسلحة خرجت لحماية الشعب والشرعية الدستورية وان مصر دولة قوية.. وان استمرار الاعتصام يؤدى إلى من مزيد من شلل الدولة. وتحت عناوين: الناس بتقول ايه.. وأنا الشعب.. أعلنت أخبار اليوم وقوفها بجانب الثوار وذلك قبل رحيل مبارك بأسبوع.. بل ونشرت أخبار اليوم صفحات كاملة مصورة عن التدمير والخراب الذى حدث في الشارع المصري. ويوم 12 فبراير.. خرجت أخبار اليوم تقول: ورحل مبارك.. وقواتنا المسلحة.. تقول انا الشعب.. وتكليف المجلس الأعلى للقوات المسلحة بإدارة شئون البلاد. كما نشرت صفحات داخلية عنوانها: وانتصرت إرادة الشعب.. حيث نشرت الأفراح التي عمت كل أنحاء البلاد بعد تنحى مبارك. وقبل ثورة 30 يونيو كانت صفحات أخبار اليوم تفضح نوايا الإخوان ومحاولاتهم لتفتيت مصر بل أن كثيرا من الموضوعات والعنوان حرضت الشعب على أن يثور ضد المصير الأسود الذي ينتظره إذا ظل الإخوان في الحكم، حتى اندلعت ثورة 30 يونيو وتم أزاحتهم بثورة شعبية.