"أخبار اليوم" لم تتفوق محليا فقط بل نافست أكبر المطبوعات العالمية في التوزيع مثل التايمز اللندنية والنيويورك تايمز الأمريكية ولوموند الأمريكية الفرنسية وكان نجاحها موثقا بالأرقام وبشهادة معتمدة من المكتب الدولي لمراجعة وتوزيع الصحف في لندن. وظلت "أخبار اليوم" تسير بخطى ثابتة تحطم الأرقام لتصبح أول صحيفة عربية تدخل نادى المليون نسخة وظلت أحد أعضائه الدائمين لسنوات طويلة. منذ صدور العدد الأول من صحيفة "أخبار اليوم" تربعت على عرش الصحافة العربية وأصبحت أوسع الصحف اليومية انتشارا في مصر والشرق الأوسط، وذلك برقم للعدد الأول 110 آلاف نسخة بشهادة التوزيع الرسمية وهو رقم لم تحقق جريدة في تاريخ المجلات الأسبوعية، ولا الصحف اليومية أو الأسبوعية في مصر استطاعت صحيفة أن تسجل فوزها بهذا التوزيع الضخم. وهذا الرقم يعد أكبر 12 مرة من توزيع جريدة "المصري" في الأيام العادية في حينها وقفت "أخبار اليوم" بجانب الأهرام أكثر الصحف شهرة ولم ينتبه "المصري" إلى أن الجريدة الأسبوعية الجديدة تمثل خطرا عليه. أما الأهرام فكانت توزع يوميا حوالي مائة ألف نسخة تحتجب عن الصدور يوم السبت من كل أسبوع، فكان توزيع المصري يرتفع يوم السبت من ثمانية آلاف نسخة إلى 90 ألف نسخة وعندها تقريبا صدر العدد الأول من "أخبار اليوم" في 11 نوفمبر 1944 فوجئت إدارة "المصري" بانخفاض التوزيع إلى خمسين ألف نسخة.. وكان الأمر كالصاعقة على إدارة توزيعها بدأت المفاوضات بين "المصري" و "أخبار اليوم" وعرضت جريدة "المصري" أن تصف حروف "أخبار اليوم" موعد صدورها على أن تصدر يوم الجمعة بدلا من السبت وبذلك تنافس "الأهرام" بدلا من منافستها.. ولكن " أخبار اليوم" رفضت الاقتراح، إذ خشيت- لو غيرت موعد صدورها أن يعتبر دليلا على الإخفاق، ثم إن شركة التوزيع التي تملكها "الأهرام" هى التي ستتولى توزيع "أخبار اليوم" عارضت فكرة تغيير " أخبار اليوم" لموعد صدورها. هزيمة الكبار وذات يوم "أخبار اليوم" نجحت في الوصول لرقم توزيع ضخم لأنها تصدر في اليوم الذي لا يصدر فيه "الأهرام" وكان نجاح "أخبار اليوم" انتصارا على مقولة أن جريدة تصدر مع "الأهرام" في يوم واحد يتضاءل توزيعها إلى واحد على عشرة من توزيع "الأهرام" وكان النظام المتبع حينها أن تصدر الجرائد اليومية ستة أيام في الأسبوع في فترة الحرب العالمية الثانية توفيرا للورق وكانت "المصري" إلى ما قبل صدور "أخبار اليوم" يرتفع توزيعها عشر مرات في يوم السبت بينما كان توزيع "الأهرام" لا يزيد سوى عشرة آلاف نسخة في يوم الجمعة الأسبوعية لجريدة المصري. واستطاعت الأهرام أن تحصل على إذن من الحكومة بأن تصدر يوم السبت 16 فبراير سنة 1946 وبعد أن خلا الجو في يوم السبت لصحيفة "أخبار اليوم" 66 أسبوعا تدخل منافسة جديدة في مواجهة الجريدة الكبرى وتقف أمامها وجها لوجه، كان صدور الأهرام" لأول مرة منذ وقت طويل يوم السبت يعتبر حدثا ضخما وكتب " الأهرام" يبرر هذا الصدور المخالف لتقاليده بقوله كان أمس الجمعة موعد عطلة الأهرام الأسبوعية على ألا تصدر الجريدة صباح السبت كالمعتاد، ولكن سير الحوادث وتطورات الموقف، اضطرتنا إلى الصدور وستحجب الأهرام في يوم آخر من هذا الأسبوع.. تزامن ذلك مع تقديم وزارة النقراشي استقالتها والجو السياسي المشحون.. وهى لم تشأ أن تترك يوما كهذا لجريدة " أخبار اليوم" . قبلت " أخبار اليوم" التحدي ورفضت الاقتراح الذي عرضه "الأهرام" عليها بأن تغير موعد صدورها في ذلك الأسبوع وتصدر في يوم آخر، وقالت " أخبار اليوم" إنها ستصدر في موعدها. وجاء الصباح لتظهر نتيجة المعركة بين " الأهرام وأخبار اليوم" حيث خلت الصفحة الأولى من عدد "الأهرام" من أية أنباء عن الأحداث المهمة التي وقعت في مصر، ليس فيها كلمة واحدة عن استقالة وزارة النقراشي، ولا عن قبول الاستقالة، ولا عن أن إسماعيل صدقي ألف الوزارة، بل ان أهم خبر وقع لم يجيء له أي ذكر في الصفحة الأولى.. وهو إخراج لورد كيلرن السفير البريطاني في مصر من منصبه، وتأمل القراء العدد الصادر من " أخبار اليوم" في اليوم نفسه، فالصفحة الأولى بها عنوان أحمر ضخم " احيل اللورد كيان إلى المعاش وصدقي باشا يؤلف الوزارة الجديدة" وهكذا شعر القارئ بالفارق المهني والسبق الصحفي الواضح بين الجريدتين. كان سبقا صحفيا كبيرا حققته الجريدة الأسبوعية الصغيرة لتسبق به جريدة الأهرام نتيجة ذلك أن زاد توزيع " أخبار اليوم" تسعة آلاف نسخة عن الأيام التي كانت تصدر فيها وحدها، في أثناء احتجاب "الأهرام" يوم السبت ونقص توزيع الأهرام 12 ألف نسخة عما اعتادت أن توزعه كل يوم. وهكذا انتصرت " أخبار اليوم" في منافسة الأهرام والمصري وظلت كما كانت منذ صدور العدد الأول منها أوسع الصحف اليومية والأسبوعية انتشارا في مصر أو الشرق الأوسط وباعت في العراقولبنان وسوريا والأردن وفلسطين وشمال إفريقيا.. أكثر من الجرايد المحلية. واهتمت "أخبار اليوم" بتوزيعها خارج حدود مصر والعالم العربي وزحفت إلى الهند وباكستان ووصلت إلى أمريكا الجنوبية، وكانت تباع في باريسولندن وروما، وفي سبيل ذلك اقترحت الصحيفة أن تتقاضى شركة الطيران الوطنية أسعارا رمزية لنقلها إلى أنحاء العالم. بعد أن وزعت " أخبار اليوم" في أول عدد منها 110 آلاف نسخة حدث ثبات نسبى في التوزيع بدرجة ملحوظة في سنة 1957 وصل إلى ما يقرب 143 ألف نسخة ثم 217 ألفا بعده بعام ثم 233 ألف نسخة عام 1959 بما يعنى أن " أخبار اليوم" تضاعف توزيعها خلال عامين.. ويزيد أهمية الرقم القياسي في التوزيع أنها حققته في وقت كانت ممنوعة فيه من دخول لبنان والسعودية والعراق والأردن كانت تصادر في عدد من بلاد شمال إفريقيا.. وظلت معدلات الزيادة في التوزيع حتى عاودت "أخبار اليوم" نشر شهادة بأرقام توزيعها وكان ذلك بمناسبة وصول توزيع المليون نسخة وهو انجاز تحقق لأول مرة في تاريخ الصحافة المصرية والعربية يصل توزيع جريدة تصدر باللغة العربية إلى رقم المليون ووصل توزيع أخبار اليوم إلى 1.032.872 نسخة عام 1973 وأكثر من ذلك فمنذ عام 1972 كانت " أخبار اليوم" توزع بلا مرتجعات، ووصل متوسط التوزيع عام 1974 إلى مليون وربع المليون نسخة وكان هذا الرقم وقتها يزيد على توزيع بعض الصحف العالمية مثل " التايمز اللندنية والنيويورك تايمز الأمريكية والديلي ميل البريطانية ولوموند الفرنسية" . واستمرت " أخبار اليوم" برقم المليون نسخة فما فوق حتى عام 1994 وهو تاريخ انتهاء الدراسة المقدمة من د. شريف اللبان. ورغم ما واجهته الصحيفة من مشكلات خاصة فيما يتعلق بأزمات ورق الصحف المستحكمة والتزايد المستمر في سعر بيع النسخة من الصحيفة إلا أن متوسط توزيع " أخبار اليوم" ظل متخطيا حاجز المليون نسخة في فترات السبعينيات والثمانينات والتسعينات، وهو ما جعل متوسط عدد قراء الصحيفة يتراوح فيما بين خمسة ملايين وستة ملايين قارئ، وذلك باعتبار أن متوسط عدد قراء النسخة الواحدة من الصحيفة يصل إلى خمسة قراء. نشر أرقام التوزيع كانت "أخبار اليوم" هى الوحيدة في مصر التي تنش شهادة توزيع منتظمة ومعتمدة من "المكتب الدولي لمراجعة توزيع الصحف" ومقره لنده AUDIT BUکEAU ( AB«) CIRCULATION ظلت دور الصحف في أوروبا والولايات المتحدةالأمريكية فترة طويلة من الوقت تعتبر أرقام التوزيع سرا من أسرار المهنة، اعترفت الدور الصحفية أن المعلن كالناشر من حقه أن يعرف أرقام لتوزيع وزاد من أهمية هذا الاعتقاد بزيادة الإنفاق الإعلاني، وبازدياد المنافسة بين الوسائل الإعلانية المختلفة وبين المتنافسين في الوسيلة الواحدة. مما أدى إلى ضرورة التحقق من أرقام التوزيع بطريقة محايدة حتى يقف المعلن بطريقة مؤكدة على ما يدفعه مقابل إعلاناته وكان هذا الاتجاه نواة لقيام ABC مكتب التحقق من أرقام التوزيع وبقيام هذه الهيئة في لندن تغير اتجاه الناشرين الى النقيض، فقد أصبحوا يتسابقون في نشر أرقام التوزيع وتفاصيلها لكل من يعنيه الأمر وعلى القراء أيضا. ومن هذا المنطلق بدأت " أخبار اليوم" في نشر شهادة توزيع معتمدة من أحد مكاتب المراجعة وذلك ابتداء من 1985 واستمرت الصحيفة منذ ذلك الحين في نشر هذه الشهادة كل ستة أشهر، وبهذه الطريقة كان القراء يقفون على ارقام توزيع " أخبار اليوم" . مما أدى إلى ارتباطهم بالصحيفة والصحيفة عدلت عن نشر هذه الشهادات الدورية عام 1966 لاضطراب أحوالها التحريرية والإخراجية بعد صدور قانون تنظيم الصحافة وإقصاء مصطفي أمين وعلي أمين من رئاسة تحريرها، مما أدى لانخفاض توزيعها في هذه الفترة وعادت "أخبار اليوم" إلى نشر شهادة بأرقام توزيعها عام 1974 وذلك بعد ارتفاع توزيعها وصلت به إلى المليون نسخة.. وذلك بفضل التطورات التي ادخلها عليها إحسان عبد القدوس، وأصبحت الوحيدة في مصر التي تنشر شهادة توزيع منتظمة ومعتمدة من المكتب الدولي لمراجعة الصحف بلندن ابتداء من عام 1982 حتى عام 1988.