موعد مباراة الدنمارك وسلوفينيا في أمم أوروبا يورو 2024 والقنوات الناقلة    جدول ترتيب الدوري المصري قبل مباراة المقاولون العرب وطلائع الجيش    توافد الآلاف من المواطنين لأداء صلاة عيد الأضحى بمسجد الحسين.. فيديو    لإنقاذ فرنسا، هولاند "يفاجئ" الرأي العام بترشحه للانتخابات البرلمانية في سابقة تاريخية    الرئيس السيسي يشيد بحسن تنظيم السلطات السعودية لمناسك الحج    حماس: نتنياهو يراكم كل يوم العجز والفشل.. والحقائق تؤكد انهيار جيش الاحتلال    إصابة 5 أشخاص في حادث تصادم سيارتين على الطريق السياحي بالفيوم    الأرصاد: درجات الحرارة على محافظات الصعيد أول أيام العيد تصل إلى 48    العليا للحج: جواز عدم المبيت في منى لكبار السن والمرضى دون فداء    الحجاج يرمون جمرة العقبة الكبرى فى مشعر منى    أنغام تحيي أضخم حفلات عيد الأضحى بالكويت وتوجه تهنئة للجمهور    محافظ جنوب سيناء يشارك مواطني مدينة الطور فرحتهم بليلة عيد الأضحى    قوات الاحتلال تمنع مئات الفلسطينيين من الوصول إلى المسجد الأقصى لأداء صلاة الفجر    الجمعية المصرية للحساسية والمناعة: مرضى الربو الأكثر تأثرا بالاحترار العالمي    تمنتها ونالتها.. وفاة سيدة قناوية أثناء أداء فريضة الحج    عيار 21 الآن وسعر الذهب اليوم في السعودية الاحد 16 يونيو 2024    يوم الحشر، زحام شديد على محال بيع اللعب والتسالي بشوارع المنوفية ليلة العيد (صور)    ريهام سعيد: محمد هنيدي تقدم للزواج مني لكن ماما رفضت    باكية.. ريهام سعيد تكشف عن طلبها الغريب من زوجها بعد أزمة عملية تجميل وجهها    حزب الله ينشر مشاهد من عملياته ضد قواعد الاحتلال ومواقعه شمالي فلسطين المحتلة (فيديو)    تعرف على سنن وآداب صلاة عيد الأضحى المبارك    إصابة 9 أشخاص إثر انقلاب ميكروباص بالطريق الأوسطى    متلازمة الصدمة السامة، ارتفاع مصابي بكتيريا آكلة اللحم في اليابان إلى 977 حالة    موعد صلاة عيد الأضحى المبارك في القاهرة والمحافظات    93 دولة تدعم المحكمة الجنائية الدولية في مواجهة جرائم إسرائيل    دعاء لأمي المتوفاة في عيد الأضحى.. اللهم ارحم فقيدة قلبي وآنس وحشتها    «الموجة الحارة».. شوارع خالية من المارة وهروب جماعى ل«الشواطئ»    أثناء الدعاء.. وفاة سيدة من محافظة كفر الشيخ على صعيد جبل عرفات    إقبال متوسط على أسواق الأضاحي بأسيوط    كرة سلة.. عبد الرحمن نادر على رأس قائمة مصر استعدادا للتصفيات المؤهلة لأولمبياد باريس    مش هينفع أشتغل لراحة الأهلي فقط، عامر حسين يرد على انتقادات عدلي القيعي (فيديو)    استقبال تردد قناة السعودية لمشاهدة الحجاج على نايل سات وعرب سات    عاجل.. رد نهائي من زين الدين بلعيد يحسم جدل انتقاله للأهلي    أنتم عيديتي.. كاظم الساهر يهنئ جمهوره بعيد الأضحى المبارك (فيديو)    تأسيس الشركات وصناديق استثمار خيرية.. تعرف علي أهداف عمل التحالف الوطني    غرامة 5 آلاف جنيه.. تعرف علي عقوبة بيع الأطعمة الغذائية بدون شهادة صحية    «التعليم العالى»: تعزيز التعاون الأكاديمى والتكنولوجى مع الإمارات    تشكيل غرفة عمليات.. بيان عاجل من "السياحة" بشأن الحج 2024 والسائحين    دعاء النبي في عيد الأضحى مكتوب.. أفضل 10 أدعية مستجابة كان يرددها الأنبياء في صلاة العيد    الدعم العينى والنقدى: وجهان لعملة واحدة    طريقة الاستعلام عن فاتورة التليفون الأرضي    قبل صلاة عيد الأضحى، انتشار ألعاب الأطفال والوجوه والطرابيش بشوارع المنصورة (صور)    اتغير بعد واقعة الصفع، عمرو دياب يلبي طلب معجبة طلبت "سيلفي" بحفله في لبنان (فيديو)    تزامنا مع عيد الأضحى.. بهاء سلطان يطرح أغنية «تنزل فين»    عاجل.. عرض خليجي برقم لا يُصدق لضم إمام عاشور وهذا رد فعل الأهلي    عاجل.. الزمالك يحسم الجدل بشأن إمكانية رحيل حمزة المثلوثي إلى الترجي التونسي    إقبال وزحام على محال التسالي والحلويات في وقفة عيد الأضحى المبارك (صور)    «المالية»: 20 مليون جنيه «فكة» لتلبية احتياجات المواطنين    إلغاء إجازات البيطريين وجاهزية 33 مجزر لاستقبال الأضاحي بالمجان في أسيوط    ملخص وأهداف مباراة إيطاليا ضد ألبانيا 2-1 في يورو 2024    خوفا من اندلاع حرب مع حزب الله.. «أوستن» يدعو «جالانت» لزيارة الولايات المتحدة    شيخ المنطقة الأزهرية بالغربية يترأس وفداً أزهرياً للعزاء في وكيل مطرانية طنطا| صور    للكشف والعلاج مجانا.. عيادة طبية متنقلة للتأمين الطبي بميدان الساعة في دمياط    حلو الكلام.. لم أعثر على صاحبْ!    بمناسبة العيد والعيدية.. أجواء احتفالية وطقوس روحانية بحي السيدة زينب    فحص 1374 مواطنا ضمن قافلة طبية بقرية جمصة غرب في دمياط    رئيس الوزراء يهنئ الشعب المصرى بعيد الأضحى المبارك    وزيرة الهجرة: تفوق الطلبة المصريين في الكويت هو امتداد حقيقي لنجاحات أبناء مصر بمختلف دول العالم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قبل أن نسير فى جنازة الصحافة التى أحببناها


كتب : سعد هجرس
لعبت الصحافة دورا هائلا فى تحرير العالم العربى من الاستعمار والتخلف والجهل والاستبداد، ومع ذلك فإنها تعرضت إلى «البهدلة» على يد عرب اليوم بصورة تدعو إلى الدهشة .
ويكفى أن نراجع التقرير العربى الأول للتنمية الثقافية لنرى هذا التراجع الغريب فى مستويات استهلاك الصحف داخل الوطن العربى بين عامى 1996 و2003 حيث كان متوسط توزيع الصحف اليومية لكل ألف مواطن عربى 78 نسخة عام 1996 ثم انخفض إلى 50 نسخة فقط عام 2003 ( وعلى الأرجح أن هذا الرقم قد انخفض أكثر الآن). وبالمقارنة مع كوريا الجنوبية التى يشكل سكانها 16% من سكان الوطن العربى فإن عدد الصحف اليومية بها يصل إلى 121 صحيفة، وهو ما يقترب من نصف عدد الصحف اليومية فى الدول العربية، ويبلغ متوسط عدد النسخ لكل ألف مواطن فى كوريا 394 نسخة النسبة إذن هى 50 إلى .394
وهو ما يؤكده لنا مؤشر آخر مثل العدد الإجمالى لمنشورات الوطن العربى من الكتب خلال عام 2007 وهو عدد لا يتجاوز 27809 عناوين بنسبة كتاب واحد لكل 11950 مواطنا، مقابل كتاب واحد لكل 491 مواطنا فى بريطانيا وكتاب واحد لكل 713 مواطنا فى إسبانيا، أى أن نصيب المواطن العربى 4% من نصيب الإنجليزى و5% من الإسبانى! وهذه الأرقام وتلك النسب لا تحتاج إلى تعليق سوى أنها مجرد مؤشر على أن العالم العربى يعيش الآن فى واحد من أسوأ عصور الانحطاط والجهل النشيط.
فهو باختصار عالم عربى أمى لا يقرأ ولا يكتب، وإذا قرأ فإن الشطر الأعظم من قراءاته يكون للخرافات والخزعبلات والسخافات المنافية للعقل والمخاصمة للتقدم والمستقبل.
وفى ظل هذا السقف العربى البالغ الانخفاض- فيما يتعلق بضعف توزيع الكتاب والجريدة- يأتى تناولنا وتقييمنا لتوزيع الصحف المصرية الحالية.
وأول ملاحظة يجب تسجيلها بهذا الصدد أنه لا توجد فى مصر جهة محايدة تضع على عاتقها مسئولية إصدار إحصائيات دقيقة لتوزيع الصحف. وهذه ليست ملحوظة شكلية، وإنما هى أول تعبير عن العشوائية فى هذا المجال الذى يحتاج إلى المزيد من التحديث والتطوير.
فليس معقولا فى بلد كبير مثل مصر أن يكون هناك هذا الغياب المخجل لتلك الألية «البدائية» التى بدونها تختفى الشفافية تماما وتصبح المسألة رهناً بالأهواء والمبالغات والمصالح الذاتية والمزايدات والمناقصات التى لا سبيل إلى ضبطها أو التعامل معها بموضوعية.
وبالتالى فإن كل الأرقام المتاحة لنا فيما يتعلق بموضوعنا اجتهادات أو تقديرات أو تخمينات.
وكانت الأرقام التى فجرت جدالا ساخنا هى تلك التى أطلقها صلاح دياب ناشر جريدة « المصرى اليوم» ونقلها عنه أحد المواقع الإلكترونية.
وتشير أرقام صلاح دياب إلى توزيع «الأهرام» يوم أول فبراير 2009 بلغ 255 ألف نسخة، و«المصرى اليوم» 196 ألف نسخة، و«الجمهورية» 122 ألف نسخة و«الشروق» 37 ألف نسخة، و«الدستور» 53 ألف نسخة، و«الوفد» 15 ألف نسخة.
وبمجرد نشر هذه الأرقام سارع خالد السرجانى مدير تحرير «الدستور» إلى التشكيك فيها مؤكدا أنها لا تعبر عن الحقيقة، على الأقل بالنسبة لجريدة «الدستور».
ومن جهة أخرى أكدت مصادر تنتسب إلى المعارضة أن توزيع الصحف «القومية» يتراجع بصورة كبيرة، ويقولون على سبيل المثال أن جريدة «الأهرام» كانت توزع 700 ألف نسخة من العدد اليومى، إضافة إلى 5,1 مليون نسخة من العدد الأسبوعى منذ ثلاثين عاما، أى عندما كان عدد سكان مصر نصف العدد الحالى.
والآن يتراوح توزيع الأهرام اليومى بين 220 و240 ألف نسخة، والعدد الأسبوعى لايتجاوز توزيعه 400 ألف نسخة.
وهو الأمر الذى ينفيه أسامة سرايا رئيس تحرير «الأهرام»، نفياً قاطعاً، حيث قال لإحدى الصحف العربية «كى تتضح الأمور وتكف الألسن فإننى أقول على مسئوليتى أن الأهرام يطبع 600 - 800 ألف، أما الأسبوعى فيطبع مليون نسخة.. وأن الأهرام يوزع كل ما يطبعه وأن مرتجع الأهرام أقل من 1%.. وأقول بملء فمى أن الأهرام قادر على توزيع مليونى نسخة يوميا لو أراد، لكنها عملية خاسرة لارتفاع أسعار الورق عالمياً».
لكن تصريحات زميلنا وصديقنا أسامة سرايا لم تكن مقنعة لكثيرين ومنهم مصدر مطلع نقل عنه موقع «سويس إنفو» قوله إن رئيس تحرير الأهرام والأخبار طالبا فى أحد اجتماعات المجلس الأعلى للصحافة برفع ثمن العدد.. فرفض صفوت الشريف رئيس المجلس الأعلى للصحافة وقال لهم: «على إيه الزيادة!! أخبار اليوم بتوزع 193 ألفاً بعدما كانت بتوزع مليون وربع المليون، والأهرام بتوزع أقل من 400 ألف من العدد الأسبوعى بعدما كانت بتوزع مليون ونصف المليون، أما اليومى فتوزيعه أقل من ذلك بكثير، ولسه بتطالبوا برفع الثمن»!
إذن.. غياب الشفافية وتضارب الأرقام والمصادر هو سيد الموقف فى هذه القضية.. الأمر الذى يجعل من الصعب - إن لم يكن من المحتمل - تقييم الصورة موضوعياً وعلمياً. لكن هناك نسبة كبيرة وغالبة من هذه المصادر تذهب إلى أن عدد قراء كل الصحف فى مصر انخفض إلى مليون و200 ألف.
وأن عدد قراء الصحف اليومية ثابت رغم صدور صحف جديدة، أى أن الصحف الجديدة لم تخلق قراءً جدداً وإنما خطفت قراءها من زبائن الصحف القديمة.
والذى أستطيع أن أؤكده من خلال تجربتى الشخصية أن الكاتب الكبير محسن محمد رفع توزيع جريدة «الجمهورية» - التى كانت فى ذيل الصحف القومية قبل توليه مسئوليتها - إلى 800 ألف نسخة ثم ارتفع هذا الرقم إلى أكثر من مليون نسخة للعدد الأسبوعى من «الجمهورية» فى ظل رئاسة تحرير الصحفى المحترم محفوظ الأنصارى، لكن هذا زمان ولى لأن الأرقام الحالية أصبحت أقل من ذلك بكثير.
ويمكن تفسير هذه الحقيقة المؤسفة لكل الصحف على عدة مستويات:
المستوى الأول: ثقافى.. حيث لاتزال الأمية متفشية وتصل نسبتها إلى ما يقرب من 40% من إجمالى عدد السكان. وهذه وصمة مسئولة عن الكثير من المشكلات السياسية والاقتصادية والاجتماعية وتجعل مجتمعنا يكاد يكون مجتمعا شفاهيا.
المستوى الثانى مهنى: حيث تراجعت المعايير المهنية فى الصحافة المصرية إلى درجة خطيرة وبالنتيجة تراجعت مصداقية الكثير من صحفنا، وأصبح المثل المصرى القائل: «كلام جرايد» شاهدا على غياب هذه المصداقية لكن المرادف الموضوعى والواقعى لهذه العبارة أنه كلام كاذب.
فما بالك وأن الصحافة بهذا المستوى المهنى المنهار قد دخلت حلبة المنافسة مع ميديا حديثة من فضائيات وصحافة إلكترونية تمتلك مزايا كثيرة وفرتها ثورة المعلومات فأصبح السباق بين الصحافة الورقية القديمة والميديا الحديثة أشبه بالسباق بين السلحفاة والأرنب.
ولهذا فإن مشكلة التوزيع أكبر من أن تكون مسألة تسويق وإنما هى مشكلة لها أوجه متعددة، بعضها يتعلق بسقف الحرية المتاح للصحافة وبعضها الآخر يتعلق بالحالة الثقافية والاقتصادية السائدة فى المجتمع، وبعضها الثالث يتعلق بمستوى المهنية المتوافر لصحفنا على اختلاف أشكال ملكيتها، وبعضها الرابع يتعلق بتحديات جديدة لامبراطورية الورق عموما، والصحافة الورقية خصوصا فى مواجهة الميديا الحديثة التى أطلقت لها العنان ثورة المعلومات، حتى أن بعض التقديرات تذهب إلى القول بأن آخر صحيفة ورقية ستختفى فى العالم المتقدم عام 2018 أى بعد تسع سنوات وليس أكثر!
وإذا أرادت الصحافة الورقية المصرية أن يكتب لها البقاء ويمتد بها العمر فإنها يجب أن تتعامل مع كل هذه التحديات، على مختلف هذه المستويات - اليوم قبل الغد.. وإلا فإن الاندثار سيكون مصيرها المحتوم.. وربما لن يأسف عليها أحد.. سوى عدد قليل جداً من المستفيدين من الوضع البائس الراهن.؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.