بدأ التفكير في إصدار "أخبار اليوم" عام 1931 عندما سافر على أمين إلى لندن.. وكان سفره نقطة تحول في حياة الأخوين مصطفى وعلي أمين. سافر علي أمين ليدرس الهندسة في جامعة شفيلد وكانت أسرته تريد أن يكون مهندس ميكانيكا..وكان هو يريد أن يكون صحفيا ويدرس الصحافة. وفي لندن استطاع على أمين أن يتسلل إلى "فليت استريت" شارع الصحافة في لندن.. وأن يرتبط بعلاقات مع كبار الصحفيين، وأن يزورهم في مكاتبهم..وكان أحد هؤلاء الصحفيين الكاتب الانجليزي الشهير "هانن سوافر" وهو احد تلاميذ اللورد "نورت كليف" صاحب المدرسة الحديثة في الصحافة الانجليزية، والتي تأثرت بها "أخبار اليوم" بعد ذلك كثيرا. وفي العدد الثاني من "أخبار اليوم" وتحت عنوان "كيف صدرت "أخبار اليوم" يروى على أمين قصة صدورها ويقول: كتبت إلى أخي من لندن اقترح إصدار جريدة أسبوعية تجمع بين المجلة الأسبوعية والصحيفة اليومية وأرسلت له تبويبها ووضعت في أولى صفحاتها اسمي بالخط العريض بصفتي المدير العام.. ووضعت اسم أخي مصطفي بالبنط الصغير ومنحته لقب رئيس التحرير. وكان آخى يعمل في ذلك الوقت محررا بمجلة روز اليوسف، وكان لبقاً ودبلوماسيا، فكشط اسمي واسمه، ووضع مكانهما اسم السيدة روز اليوسف والأستاذ محمد التابعي، وعرض التبويب على الاثنين فرفضاه، وقالا إنه تبويب خيالي لا يفكر فيه إلا شاب فقد اتصاله بالذوق المصري. وطويت الفكرة في سلة المهملات إلى أن تقرر إصدار جريدة "المصري" عام 1936 واجتمعت أنا والفرسان الثلاثة.. محمود أبو الفتوح، والتابعي، وكريم ثابت.. في فندق مينا هاوس لنضع تبويب العدد الأول من جريدة "المصري" وأخرجت الفكرة من سلة المهملات وعرضها على الفرسان الثلاثة فرفضوها بالإجماع، وقالوا إنهم يريدون جريدة في وقار الأهرام. ونامت الفكرة مرة أخرى في سلة المهملات، إلى أن كانت إحدى ليالي صيف سنة 1940 وكنت جالسا في غرفة انطون الجميل رئيس تحرير الأهرام، سحبني تقلا باشا صاحب جريدة الأهرام رحمه الله من كتفي وقال لي:ما هى أمنيتك في الحياة ولم أدهش من السؤال لان تقلا باشا رحمه الله عودني على هذه الأسئلة فقلت له إن أمنيتي هى أن أصدر مع أخي جريدة تجمع بين المجلات الأسبوعية والصحف اليومية، وشرحت له أبوابها، وطريقه صفحاتها، وكان من عادة تقلا باشا أن يعارض دائما لمجرد التسلية، فانتظرت منه أن يعارض الفكرة ويهزأ بها، ولكن عينيه لمعت فجأة، وسألني: لماذا لا تحققون هذه الأمنية، قلت ليس لدينا مطبعة قال:إنني مستعد أن أطبعها لكما.. قلت ليس لدينا المال ولذلك سنخفق. قال: الناس لا يخفقون في الحياة لا لأن الذكاء ينقصهم، ولا لأن المال يفوتهم..بل لأنهم يعملون بعقولهم دون قلوبهم.. وبأفكارهم دون عواطفهم، في حين أن النجاح رهين الحرارة التي تتقد في القلم وتضرم العاطفة. قلت: ولكن الحرارة للأسف ليست عملة عند بائع الورق وجامع الحروف.. قال: إنني مستعد أن أقرضكما غدا عشرة آلاف جنيه فإذا ربحتما استعدتها وإذا أخفقتما فأمري إلى الله.. قلت ولكن الدين هم بالليل وذل بالنهار.. قال:بل الإحجام عن تنفيذ فكرتكما هو الذل والهم بالليل والنهار. واستدعينا أخي مصطفي وعرضنا عليه المشروع فرفض أن يستدين من صاحب الأهرام هكذا طويت الفكرة للمرة الثانية. أخبار اليوم.. المسائية وفي عام 1939 عرض حسين أبو الفتوح شقيق محمود أبو الفتوح صاحب جريدة المصري مشروعا صحفيا على مصطفى أمين، وهو المشاركة معه في إصدار صحيفة، وذلك بشراء دار للطائف المصورة على أن تكون ملكا لمصطفي وعلى أمين ومحمود وحسين أبو الفتوح. وأعد حسين أبو الفتوح المشروع.. وأتفق على شراء مطابع بستة آلاف جنيه يدفع مصطفى ثلاثة آلاف جنيه وحسين ثلاثة آلاف، ويتقاضى مصطفى أمين راتبا ضخما في مقابل رئاسة تحرير المجلات التي تصدرها الدار، ولكن مصطفى أمين رفض العرض. وفي عام 1940 تكررت المحاولة مرة أخرى فقد عرض محمود أبو الفتوح على مصطفي أمين أن يصدر جريدة يومية مسائية، وأن يملكها محمود أبو الفتوح ومصطفى أمين، وأن يكون مصطفى أمين رئيس التحرير. وجرت مفاوضات في شأن هذا المشروع، واقترح مصطفى أمين أن يكون أسم الجريدة "أخبار اليوم" ولكن محمود أبو الفتوح اعترض على الاسم لأنه مؤلف من كلمتين، ولكن مصطفى أمين أصر على الاسم ووافق محمود أبو الفتوح.. ولكن توقف المشروع مرة أخرى. وقال مصطفى أمين لأخيه إن قلبه غير مطمئن.. وانه يريد أن تكون "أخبار اليوم" لهما فقط وبدون شركاء. وفي عام 1944..بدأ التفكير من جديد في إصدار "أخبار اليوم" وذلك بعد خلاف بين مصطفي أمين وكان يومها رئيسا لتحرير مجلة الاثنين التي تصدر عن دار الهلال.. وبين أمين زيدان صاحب الدار. وقدم مصطفى أمين استقالته..وبدأت الرغبة في امتلاك دار صحيفة فرض نفسها وذهب بالفعل لمقابلة على ماهر رئيس الوزراء ووزير الداخلية ليتحدث معه.. ثم وجد نفسه يطلب منه ترخيصا بإصدار صحيفة يومية باسم "أخبار اليوم" وفي خمس دقائق وقع رخصة الصدور. وفي يوم 22 أكتوبر عام 1944.. بدأ مصطفى أمين في اتخاذ الإجراءات القانونية لإصدار الصحيفة، فقام بتحرير النموذج رقم1 مطبوعات من صورتين، وقدم خطاب ضمان بمبلغ 300 جنيه من بنك مصر برقم 270/44 مؤرخا في 23 أكتوبر باسم وزير الداخلية حيث كان رئيس الوزراء يشغل منصب وزير الداخلية. وفي اليوم التالي وقع محمد عبد الله عنان مدير إدارة المطبوعات التي كانت تتبع وزارة الداخلية في ذلك الوقت مذكرة بذلك إلى وكيل وزارة الداخلية الذي وافق على إصدار الصحيفة في 25 أكتوبر 1944. وفي 26 أكتوبر تم التصريح بإصدار صحيفة "أخبار اليوم" ثم بدأ الإعلان وفي أول نوفمبر بدأ الإعلان عن "أخبار اليوم" بإعلانات قصيرة لا يتعدى الواحد منها السطرين تتحدث عن مولد صحيفة جديدة اسمها "أخبار اليوم" وفي يوم السبت 11 نوفمبر 1944 صدر العدد الأول من "أخبار اليوم" وكان صدورها يوم السبت يمثل مخاطرة لان يوم صدور العدد الأول من "أخبار اليوم" يوم العطلة الأسبوعية، ويمثل ذلك من وجهة نظر أصحاب الدور الصحيفة إفلاسا للصحيفة. ورغم ذلك فقد حققت "أخبار اليوم" انتشارا واسعا و بلغ توزيعها 110 آلاف نسخة ويعتبر هذا الرقم قياسيا لم يسبق له مثيل في الصحافة المصرية.. فلم يحدث في تاريخ المجلات الأسبوعية ولا الصحف اليومية أو الأسبوعية التي صدرت في مصر أن تسجل فوزها بهذا التوزيع الضخم ابتداء من العدد الأول.