منذ تعلمت القراءة، اعتدت أن أطالع جريدتي المفضلة "الأخبار" من صفحتها الأخيرة، لأبدأ يومي بابتسامة أو ضحكة من القلب، صنعتها ريشة عبقري الكاريكاتير مصطفى حسين وأفكار الساخر الأعظم أحمد رجب. ومع كاريكاتير "الأخبار"، ظللت أستمتع ومعي ملايين المصريين كل صباح بالشخصيات التي أبدعها هذا الثنائي المدهش، لتعبر بملامحها وعباراتها، عن موقف واضح قاطع، يناهض الفساد والجشع والانتهازية ويفضح البيروقراطية والإهمال والتراخي، وغيرها من الأمراض المستعصية في المجتمع المصري. ونالت تلك الشخصيات شعبية هائلة، فأصبحت مثار تندر في المنازل، وصارت أسماؤهم ألقاباً تطلق على أشباههم في السياسة والاقتصاد والفن والرياضة والمصالح الحكومية، مثل كمبورة، عبده مشتاق، علي بيه الكومندا، عبد الروتين، جنجح، مطرب الأخبار، كابتن أوزو.. وغيرهم. عرفت الأستاذ مصطفي حسين منذ أيامي الأولي متدرباً في جريدة "الأخبار" وكنت أسمح لنفسي بين فترة وأخرى بقطع خلوته في مكتبه بالطابق الأول للمبنى التاريخي لدار أخبار اليوم، للحديث معه حول الفن وذكرياته مع كبار الساسة والصحفيين. وبعدما أصبحت رئيساً لتحرير "الأخبار" في المرة الأولى عشية قيام ثورة 25 يناير، توثقت علاقتي به أكثر، وأصبحنا على اتصال يومي. وفي تلك الفترة.. زادت ريشته إبداعاً على إبداع، وكنت أشعر بالحيرة عندما يصلني كاريكاتير مصطفي حسين، فإذا قررت نشره على غلاف الجريدة، أجد أنني في حاجة إلى كاريكاتير آخر بريشته لينشر كالمعتاد على الصفحة الأخيرة. ولما كنت أعرف أن الأستاذ مصطفى لا يرحب في العادة برسم كاريكاتيرين في اليوم، لجأت في البداية حينما يصلني كاريكاتير مكانه غلاف الجريدة أن أتصل به وأطلب في غموض أن يرسم غيره دون أن أبدي أسباباً، وعندما تكررت الحيلة وفهمها الأستاذ مصطفى، أخذت أتعلل بأسباب مختلفة، وكان يدرك أنها أسباب ملفقة، حينما يجد رسمي الكاريكاتير منشورين على الصفحتين الأولى والأخيرة. وفي النهاية.. استسلم الأستاذ مصطفي لنزواتي الصحفية دون قيد أو شرط! ومنذ عامين بالضبط.. أجبرت على الهجرة من "الأخبار" أثناء الاحتلال الإخواني لمصر، وذهبت إلى "المصري اليوم" رئيساً لتحريرها، وشعرت من خلال مطالعتي لكاريكاتير مصطفي حسين في "الأخبار" أنها ليست كما تعودنا منه، وعلمت أن هناك ضغوطاً يتعرض لها، فاتصلت به وعرضت عليه الانتقال بأي مبلغ يريد لحين زوال الاحتلال، لكنه اشترط أن يسبقه الأستاذ أحمد رجب.. وأدركت أنه يعتذر بصورة مهذبة، لأني أعلم أن أستاذنا الكبير أحمد رجب لن يفارق "الأخبار" مهما كانت العقبات، ومهما بلغت المغريات!. ومنذ 40 يوماً عدت إلى رئاسة تحرير "الأخبار" واتصلت بالأستاذ مصطفى حسين لأجدد طلبي برسم كاريكاتير للغلاف بجانب كاريكاتير الأخيرة، لكنه بادرني باعتزامه السفر للعلاج من مرضه العضال في الولاياتالمتحدة. وحينما أبلغتني السيدة حرمه منذ أيام بأن الأطباء طلبوا عودته إلى مصر لاستكمال العلاج، أدركت أن نهاية مشوار الفنان العظيم قد اقتربت. الآن.. أشعر كقارئ متيم بفن مصطفى حسين، بأسى عميق لرحيل هذا الفنان العظيم، وأشعر كابن من أبناء دار أخبار اليوم بأن ركيزة من دعائمها قد هوت، وأشعر كرئيس تحرير للجريدة التي احتضنت ريشته وفنه، بخسارة فادحة لا تعوض. رحم الله الفقيد منذ تعلمت القراءة، اعتدت أن أطالع جريدتي المفضلة "الأخبار" من صفحتها الأخيرة، لأبدأ يومي بابتسامة أو ضحكة من القلب، صنعتها ريشة عبقري الكاريكاتير مصطفى حسين وأفكار الساخر الأعظم أحمد رجب. ومع كاريكاتير "الأخبار"، ظللت أستمتع ومعي ملايين المصريين كل صباح بالشخصيات التي أبدعها هذا الثنائي المدهش، لتعبر بملامحها وعباراتها، عن موقف واضح قاطع، يناهض الفساد والجشع والانتهازية ويفضح البيروقراطية والإهمال والتراخي، وغيرها من الأمراض المستعصية في المجتمع المصري. ونالت تلك الشخصيات شعبية هائلة، فأصبحت مثار تندر في المنازل، وصارت أسماؤهم ألقاباً تطلق على أشباههم في السياسة والاقتصاد والفن والرياضة والمصالح الحكومية، مثل كمبورة، عبده مشتاق، علي بيه الكومندا، عبد الروتين، جنجح، مطرب الأخبار، كابتن أوزو.. وغيرهم. عرفت الأستاذ مصطفي حسين منذ أيامي الأولي متدرباً في جريدة "الأخبار" وكنت أسمح لنفسي بين فترة وأخرى بقطع خلوته في مكتبه بالطابق الأول للمبنى التاريخي لدار أخبار اليوم، للحديث معه حول الفن وذكرياته مع كبار الساسة والصحفيين. وبعدما أصبحت رئيساً لتحرير "الأخبار" في المرة الأولى عشية قيام ثورة 25 يناير، توثقت علاقتي به أكثر، وأصبحنا على اتصال يومي. وفي تلك الفترة.. زادت ريشته إبداعاً على إبداع، وكنت أشعر بالحيرة عندما يصلني كاريكاتير مصطفي حسين، فإذا قررت نشره على غلاف الجريدة، أجد أنني في حاجة إلى كاريكاتير آخر بريشته لينشر كالمعتاد على الصفحة الأخيرة. ولما كنت أعرف أن الأستاذ مصطفى لا يرحب في العادة برسم كاريكاتيرين في اليوم، لجأت في البداية حينما يصلني كاريكاتير مكانه غلاف الجريدة أن أتصل به وأطلب في غموض أن يرسم غيره دون أن أبدي أسباباً، وعندما تكررت الحيلة وفهمها الأستاذ مصطفى، أخذت أتعلل بأسباب مختلفة، وكان يدرك أنها أسباب ملفقة، حينما يجد رسمي الكاريكاتير منشورين على الصفحتين الأولى والأخيرة. وفي النهاية.. استسلم الأستاذ مصطفي لنزواتي الصحفية دون قيد أو شرط! ومنذ عامين بالضبط.. أجبرت على الهجرة من "الأخبار" أثناء الاحتلال الإخواني لمصر، وذهبت إلى "المصري اليوم" رئيساً لتحريرها، وشعرت من خلال مطالعتي لكاريكاتير مصطفي حسين في "الأخبار" أنها ليست كما تعودنا منه، وعلمت أن هناك ضغوطاً يتعرض لها، فاتصلت به وعرضت عليه الانتقال بأي مبلغ يريد لحين زوال الاحتلال، لكنه اشترط أن يسبقه الأستاذ أحمد رجب.. وأدركت أنه يعتذر بصورة مهذبة، لأني أعلم أن أستاذنا الكبير أحمد رجب لن يفارق "الأخبار" مهما كانت العقبات، ومهما بلغت المغريات!. ومنذ 40 يوماً عدت إلى رئاسة تحرير "الأخبار" واتصلت بالأستاذ مصطفى حسين لأجدد طلبي برسم كاريكاتير للغلاف بجانب كاريكاتير الأخيرة، لكنه بادرني باعتزامه السفر للعلاج من مرضه العضال في الولاياتالمتحدة. وحينما أبلغتني السيدة حرمه منذ أيام بأن الأطباء طلبوا عودته إلى مصر لاستكمال العلاج، أدركت أن نهاية مشوار الفنان العظيم قد اقتربت. الآن.. أشعر كقارئ متيم بفن مصطفى حسين، بأسى عميق لرحيل هذا الفنان العظيم، وأشعر كابن من أبناء دار أخبار اليوم بأن ركيزة من دعائمها قد هوت، وأشعر كرئيس تحرير للجريدة التي احتضنت ريشته وفنه، بخسارة فادحة لا تعوض. رحم الله الفقيد