أكد المركز الإقليمي للدراسات الإستراتيجية بالقاهرة على وجود فرص إستراتيجية تسهم في التقارب بين السعودية وإيران، والتوصل إلى مواقف مشتركة بينهما، منها تصاعد خطر الجماعات الإسلامية المتشددة،والأزمة السورية . وقالت دراسة سياسية إن الطرفان يدركان خطورة الإرهاب، فالسعودية أعلنت على لسان وزير داخليتها قائمة "المنظمات الإرهابية"،و إيران أكدت أهمية العمل على مكافحة الإرهاب وأن الاختلافات غير المبررة والخاطئة بين المذاهب الإسلامية خلقت أجواء غير مناسبة في كل المنطقة. وأشارت الدراسة الصادرة عن وحدة العلاقات السياسية الإقليمية بالمركز بعنوان "دلالات توجه إيران لتحسين العلاقات مع السعودية" إلى أن هذه التوجهات توضح رغبة الطرفين في تبني سياسات أقل تصادمًا، لا سيما أن الأزمة السورية طالت ولم يعد الحل العسكري هو الخيار الأمثل لتسويتها، حيث كشفت تقارير عديدة عن أن السعودية ربما تتبنى إستراتيجية جديدة تجاه سوريا ستكون أكثر مرونة. ومن ناحية أخرى؛ هناك إمكانية لتبدل موازين القوى داخل إيران بعد الاتفاق الإيراني - الأمريكي حول الملف النووي، لمصلحة رموز الاعتدال، مثل رفسنجاني وروحاني، خاصة أن المضي في المفاوضات قد يساعد في تقليص نفوذ المؤسسات المتشددة، مثل الحرس الثوري، في إدارة الملفات الإقليمية، لمصلحة التيار المعتدل، والذي قد تتعاون معه الرياض. ولفتت الدراسة إلى اتجاه البلدين نحو التهدئة السياسية والإعلامية، في ظل انخفاض وتيرة التصريحات العدائية تجاه إيران سواء من قبل المسئولين السعوديين، أو من جانب كتاب الرأي، حتى أن أحد الأكاديميين السعوديين أشار في مقال له إلى الحاجة إلى "اتحاد سعودي- إيراني"، وإلى أن السعودية وكذلك إيران بحاجة إلى "حليف قوي". وأوضحت دراسة المركز الإقليمي أن التصريحات التي أدلى بها مسئولون إيرانيون، خلال الفترة الماضية، تكشف عن وجود مسعى إيراني لإعادة الانخراط مع السعودية، على نحو قد يؤسس لنوع من "توافق المصالح" المحددة بين البلدين، حيث يدرك الإيرانيون أن السعودية لاعب إقليمي لا يمكن تجاهله، مثلما لا يمكن محاربته، لما يمكن أن يترتب على ذلك من خسائر كبيرة. ونوهت الدراسة إلى أن التقارب السعودي الإيراني يواجهه معوقات رئيسية، منها حرص الحرس الثوري على الحفاظ على المكاسب الجيو-سياسية لإيران في المنطقة، بما في ذلك دعم نظام الرئيس السوري بشار الأسد في سوريا، والاحتفاظ بنفوذه في السياسة الخارجية الإيرانية، بشكل يجعل من الصعب تحقيق تفاهم جديد مع السعودية. ناحية ثانية، يظل هناك تصور سعودي بأنه لا يزال هناك دور إيراني ما في إثارة القلاقل الداخلية في السعودية، من خلال تشجيع وتبنى مواقف قوى المعارضة الشيعية، وهو ما قد يؤثر على استقرار الأوضاع في الخليج، كما أن التغلغل الإيراني في منطقة الشرق الأوسط واتساع نطاق تأثيره على العلاقات العربية – العربية، وعلى الملفات المتعلقة بالقضية الفلسطينية والأزمة اللبنانية والأوضاع في العراق، وتمسك طهران بحليفها في سوريا، يمس بصورة ما الدور السعودي في بعض مناطق الإقليم. وخلصت الدراسة إلى أن الاهتمام بفتح قنوات تواصل وحوار بين طهران والرياض، قائم على مصالح عملية لهما، يمكن أن يزيد من احتمالات حدوث تهدئة إقليمية، في مدى زمني ما، لكن تظل الإشكالية المرتبطة باستقرار هذه العلاقات قائمة، خاصة فيما يتعلق بقدرة إيران على تطوير أطر تسمح باستدامتها وتقويتها خلال الفترة المقبلة.