رئيس جامعة الأزهر: نسعى لتخريج جيل متميز في شتى مجالات العلوم    انطلاق فعاليات لقاء الجمعة للأطفال في أسيوط -صور    ارتفاع أسعار الذهب في التعاملات المسائية وهذا العيار يسجل 5650 جنيها    المجلس الأعلى للجامعات يكرم الطلاب الفائزين في مسابقة إبداع مستدام بهيئة الطاقة الجديدة والمتجددة    محمد مصطفى: لوكسمبورج تعتزم الاعتراف بدولة فلسطين الاثنين المقبل    وزير المالية الألماني: برلين تتابع أزمة الديون الفرنسية بقلق    الجزيري يقترب من التواجد في قائمة الزمالك أمام الجونة    فتح باب حجز تذاكر مباريات الجولة الثامنة للدوري    غدا، محاكمة المتهم بالاعتداء على الطفل ياسين    حاول إخفاء إصابة قدمه، تامر حسني يصل البحرين لإحياء حفله الليلة (فيديو)    مهرجان ميدفست.. صدمات الطفولة وأهمية التعافي نقاش سينمائي مفتوح في أولى عروض الأفلام    القاهرة الإخبارية: نتنياهو أمر الجيش بهدم مدينة غزة حتى جذورها    وكيل صحة شمال سيناء يتابع تجهيز وحدات الخروبة وقبر عمير والشلاق وأبو طويلة بالشيخ زويد    وزارة الصحة تطلق خطة شاملة لتعزيز الصحة المدرسية بالتعاون مع التعليم والأزهر الشريف    دعم متواصل للعمالة المصرية بالداخل والخارج ..أبرز حصاد العمل في إسبوع|صور    دمج ذوي الهمم في بطولة الشركات لأول مرة    ضبط 10 تجار سجائر بالغربية يقومون بالبيع بأزيد من التسعيرة الرسمية    موعد صلاة المغرب.. ودعاء عند ختم الصلاة    تقرير برتغالي: فيتوريا قد يعود لمصر من بوابة الأهلي    افتتاح مسجد الرحمن في بني سويف بعد إحلاله وتجديده بالجهود الذاتية    وزير الدفاع الإسرائيلي ل زعيم الحوثيين: سيأتي دورك    لم يُنزّل من السماء كتاب أهدى منه.. إمام المسجد النبوي: القرآن أعظم الكتب وأكملها    خلل صادم في كاميرا آيفون 17 يثير الجدل.. والشركة تكشف سر الصور المشوّهة    صلاح عبد العاطي: واشنطن شريكة في الإبادة الجماعية بغزة عبر استخدام متكرر للفيتو    نتنياهو: نوجه لحماس ضربات قوية ولن نتوقف    الليلة.. لحظة الحسم في نهائي بطولة CIB المفتوحة للإسكواش 2025    اليوم.. استئناف الجولة الخامسة بدوري المحترفين    صورة جديدة للزعيم عادل إمام تشعل السوشيال ميديا    أميرة أديب تطلق أغنية "أحمد" من ألبومها الجديد    وفاة شقيقة الفنان أحمد صيام    هل فكرت عائشة بن أحمد في اعتزال التمثيل؟.. الفنانة تجيب    بدء اجتماعات مصرية كورية لإنشاء مركز محاكاة متكامل للتدريب وإدارة المخلفات    محافظ البحيرة تشهد إيقاد الشعلة إيذاناً ببدء إحتفالات العيد القومي    خطيب المسجد الحرام يدعو للتحصّن بالقرآن والسنة: قول لا إله إلا الله مفتاح الجنة    بالصور - جامعة أسوان تُكرم 200 حافظًا للقرآن الكريم في احتفالية روحانية    الأمم المتحدة: قوات الدعم السريع شنت عمليات قتل بحق المدنيين في الفاشر    البلوجر علياء قمرون أمام قاضي المعارضات بتهمة نشر الفسق| غدا    مديرية أمن الشرقية تنظم حملة للتبرع بالدم لصالح المرضى    استشاري نفسي: تغير الفصول قد يسبب الاكتئاب الموسمي    الداخلية تضبط عنصرًا جنائيًا بالمنوفية غسل 12 مليون جنيه من نشاط الهجرة غير الشرعية    تعليم القاهرة: انتهاء كافة الترتيبات لاستقبال 2.596.355 طالبا وطالبة بالعام الدراسي الجديد 2025- 2026    بث مباشر.. شعائر صلاة الجمعة من الجامع الأزهر    الأنبا مكسيموس يترأس مؤتمر خدام إيبارشية بنها    رسمياً.. إعلان نتائج تنسيق الشهادات المعادلة العربية والأجنبية    ارتفاع عالمي جديد.. سعر الذهب اليوم الجمعة 19-9-2025 وعيار 21 بالمصنعية الآن    مجدي عبدالغني: سأظل وفيًّا للأهلي مهما كانت حدة الانتقادات    كومبانى: هوفنهايم منافس خطير.. لكننا فى حالة جيدة    الداخلية: ضبط 98665 مخالفة مرورية خلال 24 ساعة    الداخلية توضح حقيقة فيديو ادعاء اختطاف طفل بالقاهرة: مجرد تصادم بين سيارتين    نائب وزير الصحة يتفقد مستشفيات كفر الشيخ ويوجه بإصلاحات عاجلة    تشجيعاً لممارسة الرياضة.. نائب محافظ سوهاج يُطلق ماراثون "دراجو سوهاج" بمشاركة 200 شاب وفتاة    أسعار المستلزمات المدرسية في قنا 2025: الكراسات واللانش بوكس تتصدر قائمة احتياجات الطلاب    "نور بين الجمعتين" كيف تستثمر يوم الجمعة بقراءة سورة الكهف والأدعية المباركة؟    خدعة كاميرات المراقبة.. أبرز حيل سرقة الأسورة الذهبية من داخل المتحف    أسعار الدولار في البنوك المصرية اليوم الجمعة 19 سبتمبر 2025    عمرو يوسف: مؤلف «درويش» عرض عليّ الفكرة ليعطيها لممثل آخر فتمسكت بها    زلزال بقوة 7.8 درجة يهز منطقة كامتشاتكا الروسية    سعر الفراخ البيضاء والبلدي وطبق البيض بالأسواق اليوم الجمعة 19 سبتمبر 2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أفكار متقاطعة
نشر في بوابة أخبار اليوم يوم 22 - 03 - 2014

بالطبع لا أقصد هنا المعني الذي ذهب إليه رسول الله صلي الله عليه وسلم، حين هم به الضيق، فدعا سيدنا بلالاً إلي الجهر بأذان الصلاة قائلا »أرحنا بها يا بلال«. الدعوة هنا إلي الزميل الاستاذ جلال عارف رئيس المجلس الأعلي للصحافة كي يريح رؤساء تحرير الصحف القومية الحاليين بإعلان حركة تعيين الزملاء الجدد التي طال انتظارها منذ ما يزيد عن ستة اشهر، فخلال الأيام القليلة التي تلت 30 يونيو 2013 وحتي قبل تشكيل المجلس الاعلي للصحافة وإجراء التعديل التشريعي علي قانون الصحافة الذي يمنح المجلس حق إقالة رؤساء التحرير وقتما يشاء، قبل كل ذلك ظهر علي شريط الأخبار بإحدي الفضائيات نبأ عاجل يفيد بأن تغيير رؤساء تحرير الصحف القومية غدا، هذا ال«غدا» لم يأت بعد، ومازلنا في انتظاره بين مرحب لإيمانه بأن الجالس علي منصب الآن كالجالس علي الجمر، وبين رافض للإقالة مقتنعا بأنه لابد ان يكمل مدته حتي لو تعارضت هذه القناعة مع صحيح القانون.
عن نفسي فقد رتبتها منذ ليلة رؤية هلال رمضان الماضي علي أنني قد حاولت أن أؤدي رسالتي المهنية قدر المستطاع واجتهدت فأصبت وأخطأت وحسبي أنه لا إله إلا هو يحتسب للمجتهد المصيب أجرين وللمخطئ أجراً. واصبحت مؤمنا منذ هذا التاريخ أنه آن أوان الخلود للراحة والتحلل الاصغر من أعباء المسئولية، اما التحلل الاكبر وهو اعتزال المهنة نهائيا فهذا لن يكون الا مع نهاية الاجل وطلوع الروح، لأنني أؤمن تمام الإيمان انني اغادر منصباً ولا أترك مهنة، فمن الصعب علي من عاش ثلثي عمره في دار أخبار اليوم، والتحق بالمهنة دون ال 21 عاما، ان يودعها بين يوم وليلة .
اليوم اقتربت من خريف العمر،سن الغروب المهني، شارفت علي الستين، والحمد لله الذي أسعد حظي، فتوليت رئاسة تحرير خمسة إصدارات مختلفة، وزادني الله سعادة بأن جعل عددا من قمم مصر يودعون ثقتهم في العبد لله. فأولاني فضيلة الإمام الأكبر الدكتور احمد الطيب شيخ الأزهر شرف رئاسة تحرير جريدة «صوت الأزهر» المعبرة عن هذا الصرح العظيم جامعا وجامعة وكان ذلك بعد ثورة 25 يناير بأشهر قليلة. قبلها اختارني الكاتب الصحفي الكبير الاستاذ ابراهيم سعدة رئيس مجلس إدارة مؤسسة أخبار اليوم الأسبق لرئاسة تحرير مجلة « أخبار السيارات» عام 1998، واستمرت رئاستي لها لما يقرب من سبع سنوات ونصف السنة. ومن غرائب الامور في هذا الاصدار ان العدد الاول منه صدر وعليه اسم الاستاذ ابراهيم سعدة كرئيس لتحرير «اخبار السيارات»، فلم يكن مجلس الشوري وقتها قد أصدر قراره بتعييني بعد، انتظارا لورود تقارير الجهات الأمنية والرقابية عن صفحتي التي جاءت بيضاء من غير سوء.
وعن مفارقة تولي الاستاذ إبراهيم سعدة لرئاسة تحرير مجلة اخبار السيارات لعدد واحد، كتب الاستاذ بقلمه الرشيق في افتتاحية العدد الثاني الصادر في مايو 1998 يقول: «انني سعيد كل السعادة بتسليم راية رئاسة تحرير المجلة الجديدة إلي زميلي الشاب والصحفي النابه الاستاذ سليمان قناوي الذي صدر يوم الخميس 23 ابريل الماضي(1998) قرار من مجلس الشوري بتعيينه رئيساً لتحرير مجلة «أخبار السيارات». وكنت قد اضطررت إلي تولي رئاسة المجلة في عددها الأول بصفة مؤقتة، إلي حين اجتماع مجلس الشوري واختيار رئيس متفرغ لتحريرها، وبهذا ربما أكون أول رئيس تحرير لمجلة لعدد واحد فقط، ويجوز ان يدخل اسمي-بذلك-ضمن أصحاب أقصر مدة أمضوها في رئاسة تحرير الصحف والمجلات علي مستوي العالم»
وهكذا تنوعت الاصدارات التي رأست تحريرها بين: التقني(أخبار السيارات) والتعليمي التدريبي لطلبة الصحافة(أخبار المدينة التي أصبحت فيما بعد أخبار 6 أكتوبر) والإقليمي الذي تحول إلي دولي (البحر الاحمر) وكانت تصدر عن محافظة البحر الاحمر بأربع لغات هي العربية والألمانية والإيطالية والروسية لتتحول من جريدة محلية تصدر لخدمة مواطني البحر الاحمر إلي دولية تخاطب جنسيات الدول الأربع الأكثر زيارة لمحافظة مصر الساحلية ولتكون أول صحيفة في العالم تصدر بأربع لغات. بعدها جاء تكليفي من فضيلة الإمام الاكبر الدكتور احمد الطيب لتولي رئاسة تحرير«صوت الازهر». واخيرا أنعم الله علي بأن يكون ختام حياتي المهنية بتولي رئاسة تحرير درة تاج الصحف القومية وأكثرها تأثيرا وتوزيعا «أخبار اليوم»
وفي كل هذه الإصدارات التي عملت بها حرصت علي أن أسير علي النهج الذي تربيت عليه علي يد استاذين عظيمين: جلال الدين الحمامصي والدكتور حسن رجب فإليهما يعود الفضل بعد الله سبحانه وتعالي في إتقان أصول المهنة، الأخلاقية قبل المهنية. تعلمت منهما أن ولاء الصحفي بعد الله سبحانه وتعالي يكون للوطن وأصحاب الجلالة القراء، فهم الهدف النهائي لكل جهد نقوم به. وتربيت في هذه المدرسة العظيمة علي مبدأ إنه لو جاء الكون كله ليجبرك علي أن تكتب غير ما تعتقد، ما استطاع، إلا إذا انحنيت او انثنيت في مواجهة الضغوط او امام المغريات (ذهب المعز وسيفه). والحمد لله .. هذا لم يحدث ولم يكن.
زرع الأستاذان جلال الدين الحمامصي ود.حسن رجب في نفسي الحرص علي صدق التعبير وإخلاص الكلمة، فكنت متشبثا بألا نضلل القارئ أو نكذب عليه بمغلوط الروايات أو سرد نصف الحقائق، ولم نسع إلي ممالأة تيار ومناهضة آخر الا اذا كان الحق في جانب الاول، كما لم نحرص علي معاداة فصيل وموالاة آخر، مادام الباطل يقف إلي جانب الثاني. حرصنا في «أخبار اليوم» - قدر الامكان - علي الانصاف، وهي قيمة عليا تعلمناها وتربينا عليها من قرآننا الكريم: « وإذا قلتم فاعدلوا ولو كان ذا قربي». والانصاف للأسف قيمة اختفت من إعلامنا، رغم انها قيمة اسمي وارفع من التعبير الغربي الفضفاض «الموضوعية».. فتحت ستار هذه الكلمة الاخيرة تحول الجاني إلي ضحية والظالم إلي مظلوم والمجرم إلي مجني عليه.
حاولت قدر استطاعتي التشديد علي هذا الانصاف في وقت كان الاستقطاب-وما زال- يمزق المجتمع المصري، فحين قررت إضافة صفحات جديدة للرأي في العام الماضي، خصصتها لكل ألوان الطيف السياسي، وتشرفت هذه الصفحات بتصدر الإمام الأكبر الدكتور احمد الطيب شيخ الأزهر لها، وقد حاولت كثيرا كي يكتب قداسة البابا تواضروس بطريرك الكرازة المرقسية علي صفحات اخبار اليوم، إلا أن مكتب قداسته اعتذر للزميل وليد عبيد المحرر المسئول عن تغطية اخبار الكنيسة الارثوذكسية، كما اعتذر ايضا الانبا باخوميوس، لذلك سعدت كثيرا بموافقة الانبا ارميا علي ان يكون ضمن كتيبة أخبار اليوم، ولم يمثل الحزب الحاكم وقتها إلا بكاتب واحد ضمن كوكبة من 22 كاتبا من ألمع كتاب مصر،وتم تمثيل جبهة الانقاذ والتيار اليساري بثلاثة كتاب أفاضل: عبد الغفار شكر وسمير مرقص واحمد عبد الحفيظ، وعلي الرغم من حرصي ورفضي الدائم لتصنيف المصريين علي الأساس الطائفي، إلا أنني كنت سعيد جدا بوجود ثلاثة كتاب اقباط بين قمم واحة الرأي في ذلك الوقت (الانبا ارميا وسمير مرقص وهاني عزيز).
وبفضل الله ثم فضيلة الانصاف تمكنا من ان نعبر بجريدتنا«أخبار اليوم» بأمان وسط أنواء ورياح استقطاب عاتية فرقت بين المرء وزوجه والأب وابنه، وذلك بفضل تعاون الكثير من الزملاء بأخبار اليوم الذين يعدون من أكفأ وأمهر صحفيي مصر، ويعجز ضيق المقام عن سرد أسمائهم جميعا.
ولابد هنا من أن أسجل شعوري بالامتنان لأصحاب الجلالة القراء الذين أحاطوني بمودة بالغة غمرتني كثيرا وظهرت في أرقام التوزيع منذ الأعداد الأولي لتولي المسئولية، واقول لهم إنني قد اجتهدت وحاولت ما استطعت أن اؤدي رسالتي علي الوجه الأكمل انتصارا للحق ولحرية الصحافة. وكان الله دائما من وراء القصد.عاش كفاح الشعب المصري من أجل العيش والحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية.
بالطبع لا أقصد هنا المعني الذي ذهب إليه رسول الله صلي الله عليه وسلم، حين هم به الضيق، فدعا سيدنا بلالاً إلي الجهر بأذان الصلاة قائلا »أرحنا بها يا بلال«. الدعوة هنا إلي الزميل الاستاذ جلال عارف رئيس المجلس الأعلي للصحافة كي يريح رؤساء تحرير الصحف القومية الحاليين بإعلان حركة تعيين الزملاء الجدد التي طال انتظارها منذ ما يزيد عن ستة اشهر، فخلال الأيام القليلة التي تلت 30 يونيو 2013 وحتي قبل تشكيل المجلس الاعلي للصحافة وإجراء التعديل التشريعي علي قانون الصحافة الذي يمنح المجلس حق إقالة رؤساء التحرير وقتما يشاء، قبل كل ذلك ظهر علي شريط الأخبار بإحدي الفضائيات نبأ عاجل يفيد بأن تغيير رؤساء تحرير الصحف القومية غدا، هذا ال«غدا» لم يأت بعد، ومازلنا في انتظاره بين مرحب لإيمانه بأن الجالس علي منصب الآن كالجالس علي الجمر، وبين رافض للإقالة مقتنعا بأنه لابد ان يكمل مدته حتي لو تعارضت هذه القناعة مع صحيح القانون.
عن نفسي فقد رتبتها منذ ليلة رؤية هلال رمضان الماضي علي أنني قد حاولت أن أؤدي رسالتي المهنية قدر المستطاع واجتهدت فأصبت وأخطأت وحسبي أنه لا إله إلا هو يحتسب للمجتهد المصيب أجرين وللمخطئ أجراً. واصبحت مؤمنا منذ هذا التاريخ أنه آن أوان الخلود للراحة والتحلل الاصغر من أعباء المسئولية، اما التحلل الاكبر وهو اعتزال المهنة نهائيا فهذا لن يكون الا مع نهاية الاجل وطلوع الروح، لأنني أؤمن تمام الإيمان انني اغادر منصباً ولا أترك مهنة، فمن الصعب علي من عاش ثلثي عمره في دار أخبار اليوم، والتحق بالمهنة دون ال 21 عاما، ان يودعها بين يوم وليلة .
اليوم اقتربت من خريف العمر،سن الغروب المهني، شارفت علي الستين، والحمد لله الذي أسعد حظي، فتوليت رئاسة تحرير خمسة إصدارات مختلفة، وزادني الله سعادة بأن جعل عددا من قمم مصر يودعون ثقتهم في العبد لله. فأولاني فضيلة الإمام الأكبر الدكتور احمد الطيب شيخ الأزهر شرف رئاسة تحرير جريدة «صوت الأزهر» المعبرة عن هذا الصرح العظيم جامعا وجامعة وكان ذلك بعد ثورة 25 يناير بأشهر قليلة. قبلها اختارني الكاتب الصحفي الكبير الاستاذ ابراهيم سعدة رئيس مجلس إدارة مؤسسة أخبار اليوم الأسبق لرئاسة تحرير مجلة « أخبار السيارات» عام 1998، واستمرت رئاستي لها لما يقرب من سبع سنوات ونصف السنة. ومن غرائب الامور في هذا الاصدار ان العدد الاول منه صدر وعليه اسم الاستاذ ابراهيم سعدة كرئيس لتحرير «اخبار السيارات»، فلم يكن مجلس الشوري وقتها قد أصدر قراره بتعييني بعد، انتظارا لورود تقارير الجهات الأمنية والرقابية عن صفحتي التي جاءت بيضاء من غير سوء.
وعن مفارقة تولي الاستاذ إبراهيم سعدة لرئاسة تحرير مجلة اخبار السيارات لعدد واحد، كتب الاستاذ بقلمه الرشيق في افتتاحية العدد الثاني الصادر في مايو 1998 يقول: «انني سعيد كل السعادة بتسليم راية رئاسة تحرير المجلة الجديدة إلي زميلي الشاب والصحفي النابه الاستاذ سليمان قناوي الذي صدر يوم الخميس 23 ابريل الماضي(1998) قرار من مجلس الشوري بتعيينه رئيساً لتحرير مجلة «أخبار السيارات». وكنت قد اضطررت إلي تولي رئاسة المجلة في عددها الأول بصفة مؤقتة، إلي حين اجتماع مجلس الشوري واختيار رئيس متفرغ لتحريرها، وبهذا ربما أكون أول رئيس تحرير لمجلة لعدد واحد فقط، ويجوز ان يدخل اسمي-بذلك-ضمن أصحاب أقصر مدة أمضوها في رئاسة تحرير الصحف والمجلات علي مستوي العالم»
وهكذا تنوعت الاصدارات التي رأست تحريرها بين: التقني(أخبار السيارات) والتعليمي التدريبي لطلبة الصحافة(أخبار المدينة التي أصبحت فيما بعد أخبار 6 أكتوبر) والإقليمي الذي تحول إلي دولي (البحر الاحمر) وكانت تصدر عن محافظة البحر الاحمر بأربع لغات هي العربية والألمانية والإيطالية والروسية لتتحول من جريدة محلية تصدر لخدمة مواطني البحر الاحمر إلي دولية تخاطب جنسيات الدول الأربع الأكثر زيارة لمحافظة مصر الساحلية ولتكون أول صحيفة في العالم تصدر بأربع لغات. بعدها جاء تكليفي من فضيلة الإمام الاكبر الدكتور احمد الطيب لتولي رئاسة تحرير«صوت الازهر». واخيرا أنعم الله علي بأن يكون ختام حياتي المهنية بتولي رئاسة تحرير درة تاج الصحف القومية وأكثرها تأثيرا وتوزيعا «أخبار اليوم»
وفي كل هذه الإصدارات التي عملت بها حرصت علي أن أسير علي النهج الذي تربيت عليه علي يد استاذين عظيمين: جلال الدين الحمامصي والدكتور حسن رجب فإليهما يعود الفضل بعد الله سبحانه وتعالي في إتقان أصول المهنة، الأخلاقية قبل المهنية. تعلمت منهما أن ولاء الصحفي بعد الله سبحانه وتعالي يكون للوطن وأصحاب الجلالة القراء، فهم الهدف النهائي لكل جهد نقوم به. وتربيت في هذه المدرسة العظيمة علي مبدأ إنه لو جاء الكون كله ليجبرك علي أن تكتب غير ما تعتقد، ما استطاع، إلا إذا انحنيت او انثنيت في مواجهة الضغوط او امام المغريات (ذهب المعز وسيفه). والحمد لله .. هذا لم يحدث ولم يكن.
زرع الأستاذان جلال الدين الحمامصي ود.حسن رجب في نفسي الحرص علي صدق التعبير وإخلاص الكلمة، فكنت متشبثا بألا نضلل القارئ أو نكذب عليه بمغلوط الروايات أو سرد نصف الحقائق، ولم نسع إلي ممالأة تيار ومناهضة آخر الا اذا كان الحق في جانب الاول، كما لم نحرص علي معاداة فصيل وموالاة آخر، مادام الباطل يقف إلي جانب الثاني. حرصنا في «أخبار اليوم» - قدر الامكان - علي الانصاف، وهي قيمة عليا تعلمناها وتربينا عليها من قرآننا الكريم: « وإذا قلتم فاعدلوا ولو كان ذا قربي». والانصاف للأسف قيمة اختفت من إعلامنا، رغم انها قيمة اسمي وارفع من التعبير الغربي الفضفاض «الموضوعية».. فتحت ستار هذه الكلمة الاخيرة تحول الجاني إلي ضحية والظالم إلي مظلوم والمجرم إلي مجني عليه.
حاولت قدر استطاعتي التشديد علي هذا الانصاف في وقت كان الاستقطاب-وما زال- يمزق المجتمع المصري، فحين قررت إضافة صفحات جديدة للرأي في العام الماضي، خصصتها لكل ألوان الطيف السياسي، وتشرفت هذه الصفحات بتصدر الإمام الأكبر الدكتور احمد الطيب شيخ الأزهر لها، وقد حاولت كثيرا كي يكتب قداسة البابا تواضروس بطريرك الكرازة المرقسية علي صفحات اخبار اليوم، إلا أن مكتب قداسته اعتذر للزميل وليد عبيد المحرر المسئول عن تغطية اخبار الكنيسة الارثوذكسية، كما اعتذر ايضا الانبا باخوميوس، لذلك سعدت كثيرا بموافقة الانبا ارميا علي ان يكون ضمن كتيبة أخبار اليوم، ولم يمثل الحزب الحاكم وقتها إلا بكاتب واحد ضمن كوكبة من 22 كاتبا من ألمع كتاب مصر،وتم تمثيل جبهة الانقاذ والتيار اليساري بثلاثة كتاب أفاضل: عبد الغفار شكر وسمير مرقص واحمد عبد الحفيظ، وعلي الرغم من حرصي ورفضي الدائم لتصنيف المصريين علي الأساس الطائفي، إلا أنني كنت سعيد جدا بوجود ثلاثة كتاب اقباط بين قمم واحة الرأي في ذلك الوقت (الانبا ارميا وسمير مرقص وهاني عزيز).
وبفضل الله ثم فضيلة الانصاف تمكنا من ان نعبر بجريدتنا«أخبار اليوم» بأمان وسط أنواء ورياح استقطاب عاتية فرقت بين المرء وزوجه والأب وابنه، وذلك بفضل تعاون الكثير من الزملاء بأخبار اليوم الذين يعدون من أكفأ وأمهر صحفيي مصر، ويعجز ضيق المقام عن سرد أسمائهم جميعا.
ولابد هنا من أن أسجل شعوري بالامتنان لأصحاب الجلالة القراء الذين أحاطوني بمودة بالغة غمرتني كثيرا وظهرت في أرقام التوزيع منذ الأعداد الأولي لتولي المسئولية، واقول لهم إنني قد اجتهدت وحاولت ما استطعت أن اؤدي رسالتي علي الوجه الأكمل انتصارا للحق ولحرية الصحافة. وكان الله دائما من وراء القصد.عاش كفاح الشعب المصري من أجل العيش والحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.