محافظ المنوفية يتابع أعمال تطوير مدخل شبين الكوم والممشى الجديد    التعليم: افتتاح 15 مدرسة مصرية يابانية جديدة العام الدراسي المقبل    رئيس الحكومة: مصر تستقبل المزيد من الاستثمارات الجديدة وتشهد نموا ملحوظا في الصادرات    إسرائيل: الضابط الذي قتل يوم الاثنين جنوب غزة قائد بجهاز الشاباك    بلال: لو شكلت فريقا مع بركات وأبوتريكة الآن لهزمنا إنتر ميامي!    ضبط المتهم بتحصيل مبالغ مالية دون وجه حق من قائدي الميكروباص بالنزهة    بحضور أسر الصحفيين.. عروض مسرح الطفل بقصر الأنفوشي تحقق إقبالًا كبيرًا    بعد تعرضهم لحادث.. صور مراقبي الثانوية العامة داخل المستشفى بقنا    مجموعة الأهلي.. شكوك حول مشاركة حارس بورتو ضد إنتر ميامي    "أنا مصمم".. وصلة غناء من مرموش للاعبي مانشستر سيتي قبل مونديال الأندية (فيديو)    قرار مهم من "التعليم" بشأن سداد مصروفات الصفوف الأولى للعام الدراسي 2026    رصاصة غدر بسبب الزيت المستعمل.. حبس المتهم بقتل شريكه في الفيوم    رئيسة «القومي للبحوث»: التصدي لظاهرة العنف الأسري ضرورة وطنية | فيديو    «البحوث الإسلامية»: الحفاظ على البيئة واجب شرعي وإنساني    سلطنة عُمان تشهد نشاطًا دبلوماسيًّا مكثفًا لوقف التصعيد العسكري بين إيران وإسرائيل    الرئيس الإسرائيلي يعلّق على فكرة اغتيال خامنئي: القرار بيد السلطة التنفيذية    بدء الجلسة العامة للبرلمان لمناقشة الموازنة العامة    "الحرية المصري": نخوض الانتخابات البرلمانية بكوادر على غالبية المقاعد الفردية    حملات مكثفة لتطهير ترع مركزي صدفا وأبنوب بمحافظة أسيوط    إمام عاشور يروي لحظة إصابته ضد إنتر ميامي: «كنت بجري ومش حاسس بدراعي»    النواب يوافق نهائيا على الموازنة العامة 2025l2026 بإجمالى 6.7تريليون جنيه    تخصيص بالأسبقية.. مواعيد الحجز الإلكتروني لشقق صبا بأرقام العمارات    في أقل من شهر.. «المشروع X» يفرض نفسه في شباك التذاكر    أحمد فتحي ضيف برنامج "فضفضت أوي" على Watch It    نور عمرو دياب تثير الجدل بتصريحاتها الأخيرة: "أنا بنت شيرين رضا" (فيديو)    بلمسة مختلفة.. حسام حبيب يجدد أغنية "سيبتك" بتوزيع جديد    "هيخسر ومش مصرية".. حقيقة التصريحات المنسوبة للفنانة هند صبري    رئيس الوزراء يستقبل رئيس وزراء صربيا بمطار القاهرة الدولي    محافظ المنيا يُكرم مديرة مستشفى الرمد ويُوجه بصرف حافز إثابة للعاملين    ماذا يحدث لجسمك عند التعرض لأشعة الشمس وقت الذروة؟    طريقة عمل طاجن اللحمة في الفرن    نجاح طبي جديد: استئصال ورم ضخم أنقذ حياة فتاة بمستشفى الفيوم العام    عرض غنوة الليل والسكين والمدسوس في ختام الموسم المسرحي لقصور الثقافة بجنوب الصعيد    سموتريتش يفصح عن حصيلة خسائر الهجمات الإيرانية    الداخلية تضبط منادى سيارات "بدون ترخيص" بالقاهرة    السجن المشدد 3 سنوات لمتهم لحيازته وتعاطيه المخدرات بالسلام    السفارة الصينية في إيران تحث رعاياها على مغادرة البلاد في أسرع وقت ممكن    محافظ أسوان يشيد بجهود صندوق مكافحة الإدمان فى الأنشطة الوقائية    تراجع كبير بإيرادات أفلام العيد والمشروع x في الصدارة    زيلينسكي: روسيا هاجمتنا بالطائرات المسيرة بكثافة خلال ساعات الليل    وزير الرياضة يرد على الانتقادات: دعم الأهلي والزمالك واجب وطني.. ولا تفرقة بين الأندية    المرور تحرر 47 ألف مخالفة متنوعة خلال 24 ساعة    بينها «شمس الزناتي».. أول تعليق من عادل إمام على إعادة تقديم أفلامه    طلاب الثانوية العامة بالفيوم: "امتحان اللغة الأجنبية الثانية فى مستوى الطالب المتوسط لكن به بعض التركات الصعبة جدا    البحوث الفلكية: الخميس 26 يونيو غرة شهر المحرم وبداية العام الهجرى الجديد    دار الإفتاء: الصلاة بالقراءات الشاذة تبطلها لمخالفتها الرسم العثماني    الجهاز الطبى للزمالك يقترب من الرحيل.. وتغييرات إدارية مرتقبة    أستاذ هندسة بترول: هناك خطوط حمراء لا يمكن تجاوزها من إيران أو إسرائيل    محافظ المنوفية والسفيرة نبيلة مكرم يتفقدان قافلة ايد واحدة.. مباشر    "ليست حربنا".. تحركات بالكونجرس لمنع تدخل أمريكا فى حرب إسرائيل وإيران    مستشفيات الدقهلية تتوسع في الخدمات وتستقبل 328 ألف مواطن خلال شهر    أسعار الأسماك والمأكولات البحرية في سوق العبور اليوم    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 17-6-2025 في محافظة قنا    جامعة قناة السويس: تأهيل طبيب المستقبل يبدأ من الفهم الإنساني والتاريخي للمهنة    «أمطار في عز الحر».. الأرصاد عن حالة الطقس اليوم الثلاثاء: «احذروا الشبورة»    بعد تلقيه عرضًا من الدوري الأمريكي.. وسام أبوعلى يتخذ قرارًا مفاجئًا بشأن رحيله عن الأهلي    «لازم تتحرك وتغير نبرة صوتك».. سيد عبدالحفيظ ينتقد ريبيرو بتصريحات قوية    ما هي علامات قبول فريضة الحج؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أفكار متقاطعة
نشر في بوابة أخبار اليوم يوم 22 - 03 - 2014

بالطبع لا أقصد هنا المعني الذي ذهب إليه رسول الله صلي الله عليه وسلم، حين هم به الضيق، فدعا سيدنا بلالاً إلي الجهر بأذان الصلاة قائلا »أرحنا بها يا بلال«. الدعوة هنا إلي الزميل الاستاذ جلال عارف رئيس المجلس الأعلي للصحافة كي يريح رؤساء تحرير الصحف القومية الحاليين بإعلان حركة تعيين الزملاء الجدد التي طال انتظارها منذ ما يزيد عن ستة اشهر، فخلال الأيام القليلة التي تلت 30 يونيو 2013 وحتي قبل تشكيل المجلس الاعلي للصحافة وإجراء التعديل التشريعي علي قانون الصحافة الذي يمنح المجلس حق إقالة رؤساء التحرير وقتما يشاء، قبل كل ذلك ظهر علي شريط الأخبار بإحدي الفضائيات نبأ عاجل يفيد بأن تغيير رؤساء تحرير الصحف القومية غدا، هذا ال«غدا» لم يأت بعد، ومازلنا في انتظاره بين مرحب لإيمانه بأن الجالس علي منصب الآن كالجالس علي الجمر، وبين رافض للإقالة مقتنعا بأنه لابد ان يكمل مدته حتي لو تعارضت هذه القناعة مع صحيح القانون.
عن نفسي فقد رتبتها منذ ليلة رؤية هلال رمضان الماضي علي أنني قد حاولت أن أؤدي رسالتي المهنية قدر المستطاع واجتهدت فأصبت وأخطأت وحسبي أنه لا إله إلا هو يحتسب للمجتهد المصيب أجرين وللمخطئ أجراً. واصبحت مؤمنا منذ هذا التاريخ أنه آن أوان الخلود للراحة والتحلل الاصغر من أعباء المسئولية، اما التحلل الاكبر وهو اعتزال المهنة نهائيا فهذا لن يكون الا مع نهاية الاجل وطلوع الروح، لأنني أؤمن تمام الإيمان انني اغادر منصباً ولا أترك مهنة، فمن الصعب علي من عاش ثلثي عمره في دار أخبار اليوم، والتحق بالمهنة دون ال 21 عاما، ان يودعها بين يوم وليلة .
اليوم اقتربت من خريف العمر،سن الغروب المهني، شارفت علي الستين، والحمد لله الذي أسعد حظي، فتوليت رئاسة تحرير خمسة إصدارات مختلفة، وزادني الله سعادة بأن جعل عددا من قمم مصر يودعون ثقتهم في العبد لله. فأولاني فضيلة الإمام الأكبر الدكتور احمد الطيب شيخ الأزهر شرف رئاسة تحرير جريدة «صوت الأزهر» المعبرة عن هذا الصرح العظيم جامعا وجامعة وكان ذلك بعد ثورة 25 يناير بأشهر قليلة. قبلها اختارني الكاتب الصحفي الكبير الاستاذ ابراهيم سعدة رئيس مجلس إدارة مؤسسة أخبار اليوم الأسبق لرئاسة تحرير مجلة « أخبار السيارات» عام 1998، واستمرت رئاستي لها لما يقرب من سبع سنوات ونصف السنة. ومن غرائب الامور في هذا الاصدار ان العدد الاول منه صدر وعليه اسم الاستاذ ابراهيم سعدة كرئيس لتحرير «اخبار السيارات»، فلم يكن مجلس الشوري وقتها قد أصدر قراره بتعييني بعد، انتظارا لورود تقارير الجهات الأمنية والرقابية عن صفحتي التي جاءت بيضاء من غير سوء.
وعن مفارقة تولي الاستاذ إبراهيم سعدة لرئاسة تحرير مجلة اخبار السيارات لعدد واحد، كتب الاستاذ بقلمه الرشيق في افتتاحية العدد الثاني الصادر في مايو 1998 يقول: «انني سعيد كل السعادة بتسليم راية رئاسة تحرير المجلة الجديدة إلي زميلي الشاب والصحفي النابه الاستاذ سليمان قناوي الذي صدر يوم الخميس 23 ابريل الماضي(1998) قرار من مجلس الشوري بتعيينه رئيساً لتحرير مجلة «أخبار السيارات». وكنت قد اضطررت إلي تولي رئاسة المجلة في عددها الأول بصفة مؤقتة، إلي حين اجتماع مجلس الشوري واختيار رئيس متفرغ لتحريرها، وبهذا ربما أكون أول رئيس تحرير لمجلة لعدد واحد فقط، ويجوز ان يدخل اسمي-بذلك-ضمن أصحاب أقصر مدة أمضوها في رئاسة تحرير الصحف والمجلات علي مستوي العالم»
وهكذا تنوعت الاصدارات التي رأست تحريرها بين: التقني(أخبار السيارات) والتعليمي التدريبي لطلبة الصحافة(أخبار المدينة التي أصبحت فيما بعد أخبار 6 أكتوبر) والإقليمي الذي تحول إلي دولي (البحر الاحمر) وكانت تصدر عن محافظة البحر الاحمر بأربع لغات هي العربية والألمانية والإيطالية والروسية لتتحول من جريدة محلية تصدر لخدمة مواطني البحر الاحمر إلي دولية تخاطب جنسيات الدول الأربع الأكثر زيارة لمحافظة مصر الساحلية ولتكون أول صحيفة في العالم تصدر بأربع لغات. بعدها جاء تكليفي من فضيلة الإمام الاكبر الدكتور احمد الطيب لتولي رئاسة تحرير«صوت الازهر». واخيرا أنعم الله علي بأن يكون ختام حياتي المهنية بتولي رئاسة تحرير درة تاج الصحف القومية وأكثرها تأثيرا وتوزيعا «أخبار اليوم»
وفي كل هذه الإصدارات التي عملت بها حرصت علي أن أسير علي النهج الذي تربيت عليه علي يد استاذين عظيمين: جلال الدين الحمامصي والدكتور حسن رجب فإليهما يعود الفضل بعد الله سبحانه وتعالي في إتقان أصول المهنة، الأخلاقية قبل المهنية. تعلمت منهما أن ولاء الصحفي بعد الله سبحانه وتعالي يكون للوطن وأصحاب الجلالة القراء، فهم الهدف النهائي لكل جهد نقوم به. وتربيت في هذه المدرسة العظيمة علي مبدأ إنه لو جاء الكون كله ليجبرك علي أن تكتب غير ما تعتقد، ما استطاع، إلا إذا انحنيت او انثنيت في مواجهة الضغوط او امام المغريات (ذهب المعز وسيفه). والحمد لله .. هذا لم يحدث ولم يكن.
زرع الأستاذان جلال الدين الحمامصي ود.حسن رجب في نفسي الحرص علي صدق التعبير وإخلاص الكلمة، فكنت متشبثا بألا نضلل القارئ أو نكذب عليه بمغلوط الروايات أو سرد نصف الحقائق، ولم نسع إلي ممالأة تيار ومناهضة آخر الا اذا كان الحق في جانب الاول، كما لم نحرص علي معاداة فصيل وموالاة آخر، مادام الباطل يقف إلي جانب الثاني. حرصنا في «أخبار اليوم» - قدر الامكان - علي الانصاف، وهي قيمة عليا تعلمناها وتربينا عليها من قرآننا الكريم: « وإذا قلتم فاعدلوا ولو كان ذا قربي». والانصاف للأسف قيمة اختفت من إعلامنا، رغم انها قيمة اسمي وارفع من التعبير الغربي الفضفاض «الموضوعية».. فتحت ستار هذه الكلمة الاخيرة تحول الجاني إلي ضحية والظالم إلي مظلوم والمجرم إلي مجني عليه.
حاولت قدر استطاعتي التشديد علي هذا الانصاف في وقت كان الاستقطاب-وما زال- يمزق المجتمع المصري، فحين قررت إضافة صفحات جديدة للرأي في العام الماضي، خصصتها لكل ألوان الطيف السياسي، وتشرفت هذه الصفحات بتصدر الإمام الأكبر الدكتور احمد الطيب شيخ الأزهر لها، وقد حاولت كثيرا كي يكتب قداسة البابا تواضروس بطريرك الكرازة المرقسية علي صفحات اخبار اليوم، إلا أن مكتب قداسته اعتذر للزميل وليد عبيد المحرر المسئول عن تغطية اخبار الكنيسة الارثوذكسية، كما اعتذر ايضا الانبا باخوميوس، لذلك سعدت كثيرا بموافقة الانبا ارميا علي ان يكون ضمن كتيبة أخبار اليوم، ولم يمثل الحزب الحاكم وقتها إلا بكاتب واحد ضمن كوكبة من 22 كاتبا من ألمع كتاب مصر،وتم تمثيل جبهة الانقاذ والتيار اليساري بثلاثة كتاب أفاضل: عبد الغفار شكر وسمير مرقص واحمد عبد الحفيظ، وعلي الرغم من حرصي ورفضي الدائم لتصنيف المصريين علي الأساس الطائفي، إلا أنني كنت سعيد جدا بوجود ثلاثة كتاب اقباط بين قمم واحة الرأي في ذلك الوقت (الانبا ارميا وسمير مرقص وهاني عزيز).
وبفضل الله ثم فضيلة الانصاف تمكنا من ان نعبر بجريدتنا«أخبار اليوم» بأمان وسط أنواء ورياح استقطاب عاتية فرقت بين المرء وزوجه والأب وابنه، وذلك بفضل تعاون الكثير من الزملاء بأخبار اليوم الذين يعدون من أكفأ وأمهر صحفيي مصر، ويعجز ضيق المقام عن سرد أسمائهم جميعا.
ولابد هنا من أن أسجل شعوري بالامتنان لأصحاب الجلالة القراء الذين أحاطوني بمودة بالغة غمرتني كثيرا وظهرت في أرقام التوزيع منذ الأعداد الأولي لتولي المسئولية، واقول لهم إنني قد اجتهدت وحاولت ما استطعت أن اؤدي رسالتي علي الوجه الأكمل انتصارا للحق ولحرية الصحافة. وكان الله دائما من وراء القصد.عاش كفاح الشعب المصري من أجل العيش والحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية.
بالطبع لا أقصد هنا المعني الذي ذهب إليه رسول الله صلي الله عليه وسلم، حين هم به الضيق، فدعا سيدنا بلالاً إلي الجهر بأذان الصلاة قائلا »أرحنا بها يا بلال«. الدعوة هنا إلي الزميل الاستاذ جلال عارف رئيس المجلس الأعلي للصحافة كي يريح رؤساء تحرير الصحف القومية الحاليين بإعلان حركة تعيين الزملاء الجدد التي طال انتظارها منذ ما يزيد عن ستة اشهر، فخلال الأيام القليلة التي تلت 30 يونيو 2013 وحتي قبل تشكيل المجلس الاعلي للصحافة وإجراء التعديل التشريعي علي قانون الصحافة الذي يمنح المجلس حق إقالة رؤساء التحرير وقتما يشاء، قبل كل ذلك ظهر علي شريط الأخبار بإحدي الفضائيات نبأ عاجل يفيد بأن تغيير رؤساء تحرير الصحف القومية غدا، هذا ال«غدا» لم يأت بعد، ومازلنا في انتظاره بين مرحب لإيمانه بأن الجالس علي منصب الآن كالجالس علي الجمر، وبين رافض للإقالة مقتنعا بأنه لابد ان يكمل مدته حتي لو تعارضت هذه القناعة مع صحيح القانون.
عن نفسي فقد رتبتها منذ ليلة رؤية هلال رمضان الماضي علي أنني قد حاولت أن أؤدي رسالتي المهنية قدر المستطاع واجتهدت فأصبت وأخطأت وحسبي أنه لا إله إلا هو يحتسب للمجتهد المصيب أجرين وللمخطئ أجراً. واصبحت مؤمنا منذ هذا التاريخ أنه آن أوان الخلود للراحة والتحلل الاصغر من أعباء المسئولية، اما التحلل الاكبر وهو اعتزال المهنة نهائيا فهذا لن يكون الا مع نهاية الاجل وطلوع الروح، لأنني أؤمن تمام الإيمان انني اغادر منصباً ولا أترك مهنة، فمن الصعب علي من عاش ثلثي عمره في دار أخبار اليوم، والتحق بالمهنة دون ال 21 عاما، ان يودعها بين يوم وليلة .
اليوم اقتربت من خريف العمر،سن الغروب المهني، شارفت علي الستين، والحمد لله الذي أسعد حظي، فتوليت رئاسة تحرير خمسة إصدارات مختلفة، وزادني الله سعادة بأن جعل عددا من قمم مصر يودعون ثقتهم في العبد لله. فأولاني فضيلة الإمام الأكبر الدكتور احمد الطيب شيخ الأزهر شرف رئاسة تحرير جريدة «صوت الأزهر» المعبرة عن هذا الصرح العظيم جامعا وجامعة وكان ذلك بعد ثورة 25 يناير بأشهر قليلة. قبلها اختارني الكاتب الصحفي الكبير الاستاذ ابراهيم سعدة رئيس مجلس إدارة مؤسسة أخبار اليوم الأسبق لرئاسة تحرير مجلة « أخبار السيارات» عام 1998، واستمرت رئاستي لها لما يقرب من سبع سنوات ونصف السنة. ومن غرائب الامور في هذا الاصدار ان العدد الاول منه صدر وعليه اسم الاستاذ ابراهيم سعدة كرئيس لتحرير «اخبار السيارات»، فلم يكن مجلس الشوري وقتها قد أصدر قراره بتعييني بعد، انتظارا لورود تقارير الجهات الأمنية والرقابية عن صفحتي التي جاءت بيضاء من غير سوء.
وعن مفارقة تولي الاستاذ إبراهيم سعدة لرئاسة تحرير مجلة اخبار السيارات لعدد واحد، كتب الاستاذ بقلمه الرشيق في افتتاحية العدد الثاني الصادر في مايو 1998 يقول: «انني سعيد كل السعادة بتسليم راية رئاسة تحرير المجلة الجديدة إلي زميلي الشاب والصحفي النابه الاستاذ سليمان قناوي الذي صدر يوم الخميس 23 ابريل الماضي(1998) قرار من مجلس الشوري بتعيينه رئيساً لتحرير مجلة «أخبار السيارات». وكنت قد اضطررت إلي تولي رئاسة المجلة في عددها الأول بصفة مؤقتة، إلي حين اجتماع مجلس الشوري واختيار رئيس متفرغ لتحريرها، وبهذا ربما أكون أول رئيس تحرير لمجلة لعدد واحد فقط، ويجوز ان يدخل اسمي-بذلك-ضمن أصحاب أقصر مدة أمضوها في رئاسة تحرير الصحف والمجلات علي مستوي العالم»
وهكذا تنوعت الاصدارات التي رأست تحريرها بين: التقني(أخبار السيارات) والتعليمي التدريبي لطلبة الصحافة(أخبار المدينة التي أصبحت فيما بعد أخبار 6 أكتوبر) والإقليمي الذي تحول إلي دولي (البحر الاحمر) وكانت تصدر عن محافظة البحر الاحمر بأربع لغات هي العربية والألمانية والإيطالية والروسية لتتحول من جريدة محلية تصدر لخدمة مواطني البحر الاحمر إلي دولية تخاطب جنسيات الدول الأربع الأكثر زيارة لمحافظة مصر الساحلية ولتكون أول صحيفة في العالم تصدر بأربع لغات. بعدها جاء تكليفي من فضيلة الإمام الاكبر الدكتور احمد الطيب لتولي رئاسة تحرير«صوت الازهر». واخيرا أنعم الله علي بأن يكون ختام حياتي المهنية بتولي رئاسة تحرير درة تاج الصحف القومية وأكثرها تأثيرا وتوزيعا «أخبار اليوم»
وفي كل هذه الإصدارات التي عملت بها حرصت علي أن أسير علي النهج الذي تربيت عليه علي يد استاذين عظيمين: جلال الدين الحمامصي والدكتور حسن رجب فإليهما يعود الفضل بعد الله سبحانه وتعالي في إتقان أصول المهنة، الأخلاقية قبل المهنية. تعلمت منهما أن ولاء الصحفي بعد الله سبحانه وتعالي يكون للوطن وأصحاب الجلالة القراء، فهم الهدف النهائي لكل جهد نقوم به. وتربيت في هذه المدرسة العظيمة علي مبدأ إنه لو جاء الكون كله ليجبرك علي أن تكتب غير ما تعتقد، ما استطاع، إلا إذا انحنيت او انثنيت في مواجهة الضغوط او امام المغريات (ذهب المعز وسيفه). والحمد لله .. هذا لم يحدث ولم يكن.
زرع الأستاذان جلال الدين الحمامصي ود.حسن رجب في نفسي الحرص علي صدق التعبير وإخلاص الكلمة، فكنت متشبثا بألا نضلل القارئ أو نكذب عليه بمغلوط الروايات أو سرد نصف الحقائق، ولم نسع إلي ممالأة تيار ومناهضة آخر الا اذا كان الحق في جانب الاول، كما لم نحرص علي معاداة فصيل وموالاة آخر، مادام الباطل يقف إلي جانب الثاني. حرصنا في «أخبار اليوم» - قدر الامكان - علي الانصاف، وهي قيمة عليا تعلمناها وتربينا عليها من قرآننا الكريم: « وإذا قلتم فاعدلوا ولو كان ذا قربي». والانصاف للأسف قيمة اختفت من إعلامنا، رغم انها قيمة اسمي وارفع من التعبير الغربي الفضفاض «الموضوعية».. فتحت ستار هذه الكلمة الاخيرة تحول الجاني إلي ضحية والظالم إلي مظلوم والمجرم إلي مجني عليه.
حاولت قدر استطاعتي التشديد علي هذا الانصاف في وقت كان الاستقطاب-وما زال- يمزق المجتمع المصري، فحين قررت إضافة صفحات جديدة للرأي في العام الماضي، خصصتها لكل ألوان الطيف السياسي، وتشرفت هذه الصفحات بتصدر الإمام الأكبر الدكتور احمد الطيب شيخ الأزهر لها، وقد حاولت كثيرا كي يكتب قداسة البابا تواضروس بطريرك الكرازة المرقسية علي صفحات اخبار اليوم، إلا أن مكتب قداسته اعتذر للزميل وليد عبيد المحرر المسئول عن تغطية اخبار الكنيسة الارثوذكسية، كما اعتذر ايضا الانبا باخوميوس، لذلك سعدت كثيرا بموافقة الانبا ارميا علي ان يكون ضمن كتيبة أخبار اليوم، ولم يمثل الحزب الحاكم وقتها إلا بكاتب واحد ضمن كوكبة من 22 كاتبا من ألمع كتاب مصر،وتم تمثيل جبهة الانقاذ والتيار اليساري بثلاثة كتاب أفاضل: عبد الغفار شكر وسمير مرقص واحمد عبد الحفيظ، وعلي الرغم من حرصي ورفضي الدائم لتصنيف المصريين علي الأساس الطائفي، إلا أنني كنت سعيد جدا بوجود ثلاثة كتاب اقباط بين قمم واحة الرأي في ذلك الوقت (الانبا ارميا وسمير مرقص وهاني عزيز).
وبفضل الله ثم فضيلة الانصاف تمكنا من ان نعبر بجريدتنا«أخبار اليوم» بأمان وسط أنواء ورياح استقطاب عاتية فرقت بين المرء وزوجه والأب وابنه، وذلك بفضل تعاون الكثير من الزملاء بأخبار اليوم الذين يعدون من أكفأ وأمهر صحفيي مصر، ويعجز ضيق المقام عن سرد أسمائهم جميعا.
ولابد هنا من أن أسجل شعوري بالامتنان لأصحاب الجلالة القراء الذين أحاطوني بمودة بالغة غمرتني كثيرا وظهرت في أرقام التوزيع منذ الأعداد الأولي لتولي المسئولية، واقول لهم إنني قد اجتهدت وحاولت ما استطعت أن اؤدي رسالتي علي الوجه الأكمل انتصارا للحق ولحرية الصحافة. وكان الله دائما من وراء القصد.عاش كفاح الشعب المصري من أجل العيش والحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.