عقوبة الهاكر.. الحبس وغرامة 50 ألف جنيه وفقًا لقانون مكافحة الجرائم الإلكترونية    سعر الدولار اليوم الاثنين 23-6-2025 يقفز عالميًا بعد هجمات الولايات المتحدة على إيران    سعر الذهب اليوم الإثنين 23-6-2025 بعد الانخفاض الكبير عالميًا    أسعار الفراخ اليوم الاثنين 23-6-2025 بعد الانخفاض وبورصة الدواجن الرئيسية    الحكومة: لا توجد أي مخاطر على سعر الصرف.. واحتياطي السلع آمن ومطمئن    كوريا الشمالية تندد بالهجوم الأمريكي على إيران    مباراة الأهلي ضد بورتو في كأس العالم للأندية.. الموعد والقنوات الناقلة والمعلقون    4 أندية تأهلت لثمن نهائي كأس العالم للأندية.. والوداد والعين يودعان المونديال    «لا أعد بأي شئ».. شوبير يكشف تصريحًا صادمًا ل ريبيرو قبل ساعات من مواجهة الأهلي وبورتو    «شغلوا الكشافات».. تحذير من حالة الطقس اليوم: 3 ظواهر جوية تضرب البلاد    نتيجة الشهادة الإعدادية في أسيوط 2025 برقم الجلوس.. استعلم فور ظهورها    ظهور نتيجة الشهادة الإعدادية 2025 في أسيوط خلال ساعات.. رابط مباشر وخطوات الاستعلام    إسعاف الاحتلال: عدة إصابات أثناء التوجه إلى الملاجئ بعد هجوم صاروخى إيرانى    روبي بعد تصدر "ليه بيداري" الترند مجددًا: الجمهور بيحبها كأنها لسه نازلة امبارح!    هاني شاكر يلتقي «جمهور البالون» 18 يوليو المقبل    حكم الشرع في غش الطلاب بالامتحانات.. الأزهر يجيب    تردد القناة الناقلة لمباراة باريس سان جيرمان ضد سياتيل ساونديرز في كأس العالم للأندية    إسرائيل تعترض صاروخا قبل سقوطه في تل أبيب.. وإيران تؤكد: أُطلق من اليمن    دونجا: أداء الأهلي في كأس العالم للأندية سيئ.. والفريق يلعب بطريقة غير واضحة مع ريبيرو    جمال عبد الحميد: كنت أتمنى بقاء الرمادي في تدريب الزمالك    أحمد بلال: الزمالك تعاقد مع مدير رياضي لم يلعب كرة القدم من الأساس    تفجير كنيسة مار إلياس بدمشق.. جرحٌ ينكأ ذاكرة العنف الطائفي(تقرير)    نانسي عجرم تُشعل مهرجان موازين في المغرب بعودة مُبهرة بعد سنوات من الغياب    صفارت الإنذار تدوي في إسرائيل بسبب هجوم صاروخي إيراني جديد    «أكسيوس»: الهجوم على إيران كان عملية ترامب وليس البنتاجون    وزير خارجية إيران يُعلن عزمه لقاء بوتين لمناقشة التهديدات المشتركة    جراء الضربة الأمريكية.. معهد الأمن الدولي: مجمع أصفهان النووي الإيراني تضرر بشدة    رئيس «كهرباء القناة» يتابع سير العمل بمركز إصدار الفواتير وإدارة الأزمات    مأساة في البحيرة.. طفلان خرجا للهروب من حرارة الصيف فعادا جثتين هامدتين    مصرع شابين غرقا ببركة زراعية في الوادي الجديد    إصابة 5 أشخاص في حادث انقلاب ميكروباص بالصف    فاتورة التصعيد الإسرائيلى- الإيرانى.. اشتعال أسعار الطاقة وارتباك الأسواق واهتزاز استقرار الاقتصاد العربى.. توقعات بزيادة التضخم مجددا فى الأسواق الناشئة وإضراب في سلاسل الإمداد    طبيبة كفر الدوار تطعن على حكم إيقافها 6 أشهر في قضية إفشاء أسرار المرضى    برواتب تصل إلى 13 ألف جنيه.. وزارة العمل تعلن عن وظائف جديدة للشباب    ثورة «الأزهرى».. كواليس غضب الوزير من مشاهير الأئمة.. وضغوط من "جميع الاتجاهات" لإلغاء قرارات النقل.. الأوقاف تنهى عصر التوازنات وتستعيد سلطاتها فى ضبط الدعوة    بالصور.. خطوبة نجل سامي العدل بحضور الأهل والأصدقاء    حقيقة تحديد 4 نوفمبر المقبل موعدا لافتتاح المتحف المصري الكبير    85% حد أدنى للشهادات المعادلة.. تنسيق برنامج تكنولوجيا تصنيع الملابس 2025    الأزهر للفتوى يحذر من الغش في الامتحانات: المُعاونة على الإثم إثم وشراكة في الجريمة    ما حكم تسمية المولود باسم من أسماء الله الحسنى؟.. أمين الفتوى يجيب    الدكتور علي جمعة: المواطنة هي الصيغة الأكثر عدلًا في مجتمع متعدد العقائد    بالأرقام.. ممثل منظمة الصحة العالمية: 50% من حالات السرطان يمكن الوقاية منها    نيللي كريم تكشف عن مواصفات فتى أحلامها المستقبلي (فيديو)    «الخدمات الطبية» تقدم فحصًا طبيًا ل312 حالة من العاملين بكهرباء جنوب القاهرة    «الشيوخ» ينتقد أوضاع كليات التربية.. ووزير التعليم العالى: لسنا بعيدين عن الموجود بالخارج    مندوب إيران بمجلس الأمن: نتنياهو مجرم الحرب المطلوب دوليا احتجز السياسة الأمريكية رهينة    مندوب إيران بمجلس الأمن: أمريكا الوحيدة تاريخيا من استخدمت أسلحة نووية    لا تسمح لأحد بفرض رأيه عليك.. حظ برج الدلو اليوم 23 يونيو    اعتماد نتيجة امتحانات الترم الثاني لمعاهد "رعاية" التمريضية بالأقصر.. تعرف على الأوائل    تفاصيل القبض علي المتهم بقتل زوجته بعلقة موت في الدقهلية    رئاسة حى غرب المنصورة تواصل حملاتها المكبرة لرفع الإشغالات والتعديات على حرم الطريق    إسلام الشاطر: الأهلى محتاج 5 صفقات وديانج مختلف وغياب إمام مؤثر جدا    محافظ كفر الشيخ يشيد بحملات طرق الأبواب بالقرى لنشر خدمات الصحة الإنجابية    موعد افتتاح المتحف المصري الكبير    وشهد شاهد من أهله .. شفيق طلبَ وساطة تل أبيب لدى واشنطن لإعلان فوزه أمام الرئيس مرسي!    تقديم الخدمات الطبية ل1338 مواطناً فى قافلة مجانية بدسوق في كفر الشيخ    وداعًا لأرق الصيف.. 4 أعشاب تقضي على الأرق وتهدئ الأعصاب    هل يُغسل المتوفى المصاب بالحروق أم له رخصة شرعية بعدم تغسيله؟.. الإفتاء تجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كارم يحيى يكتب عن : سلطة أمن الدولة على الصحافة المصرية
نشر في البديل يوم 27 - 01 - 2011

* عدد لا بأس به من مندوبي الصحف في وزارة الداخلية كرسوا تقاليد في العمل الصحفي كدعاية للوزارة و الوزير و رجاله
* إذا قدر لباحث أن يراجع أرشيفات الصحف فسوف يدهشه ماضي أسماء لامعة بعضها بدا كأنه يحتكر توكيل ” معارضة الرئيس ”
* من عجائب “دولة مبارك” البوليسية أن رئيس تحرير صحيفة أكبر حزب معارض كان رئيسا لتحرير مجلة ” الشرطة ”
* رؤساء تحرير ومجالس إدارات صحف مندوبين للداخلية .. والوزارة تسيطر علي اصدار الصحف الخاصة وتعين رؤساء التحرير
* أيادي الداخلية وأمن الدولة منحت الصحف عددا من كتاب الأعمدة و الرأي اللامعين عملوا أو ما زالوا مندوبين لديها
لو قدر لانتفاضة الشعب المصري أن تصل الى غايتها بإحداث التغيير الجذري الشامل و القطيعة مع نظام الاستبداد و الفساد، سيصبح من بين المهام المطروحة بإلحاح على قوى التغيير تفكيك أركان الدولة البوليسية التي أذاقت المواطنين الأهوال. وحينها سيصبح من الضرورة بمكان فتح ملف علاقة صحافتنا بوزارة الداخلية وفي القلب منها جهاز أمن الدولة الرهيب .
الآن ..و على هامش انتفاضة 25 يناير 2011 ثمة أسئلة عديدة تدور في أذهان قراء الصحف المطبوعة. ومن بينها تلك التغطية البائسة لصحافة تبدو في الأغلب مخلصة للدولة البوليسية بوجهها القبيح. وفي ذلك هي لا تخرج عن كونها أداة قمع معنوي تماما كأداة القمع المادي ممثلة في الشرطة وقنابلها المسيلة للدموع ورصاصها وهراواتها .وإن كان هذا لا ينفى عن عدد محدود من صحافتنا وصحفيينا انهم تصدوا بشجاعة بقدر ما استطاعوا على مدى السنوات الماضية لانتهاكات الشرطة وجهاز مباحث أمن الدولة ونشروا ما استطاعوا. وفي هذا السياق ، كان لكل من ” الأهالي ” و ” الشعب ” و ” البديل ” و”العربي” نصيب معلوم ، في مرحلة أو أخرى.
ولسنا هنا في وارد رصد وتحليل ما نشرته الصحف قومية و حزبية و خاصة بشأن الانتفاضة الشعبية . وهي في الأغلب الأعم انخرطت في حجب وتزييف المعلومات . وفي أضعف الإيمان المهنى عجزت عن نقل المطلب الجماهيري الأول للمتظاهرين ومنذ اللحظة الأولى : تنحى مبارك واسقاط نظام الحكم .
لسنا في وارد ذلك في هذه اللحظة التاريخية .فالصحف ستظل بصفحاتها وثائق أمام التاريخ تشهد على نفسها ، وعلى ما ارتكبته أيدى رؤساء تحرير و قيادات في صحف قومية وحزبية وخاصة . وبقدر ما هي شاهدة ايضا على انهيار مهنى وسقوط أخلاقي ، بل و تغييب العقل . وكل ما يهدف اليه هذا المقال هو مجرد المساهمة في طرح رؤوس موضوعات حول ضلع جديد في العلاقة الحرام بين صحافتنا وكل من الحاكم الفرد و عائلته و اتباعه و حزبه و طبقته.. وصولا الى جهاز أمنه.ولنبدأ من ماض قريب.
في سبتمبر الماضي فقط ( عام 2010) ، تعرضت زميلتي بجريدة ” الأهرام ” الاستاذ “شيرين المنيري ” و أخريات وأخرين الى الضرب والسحل في الشارع على أيدي الشرطة لمجرد المشاركة في وقفة احتجاجية سلمية محدودة في ميدان عابدين بقلب القاهرة . وقدمت الزميلة على اثرها بلاغا للنائب العام .فماذا كانت تغطية “الأهرام” التي تعمل بها ، و معها أكبر جريدة خاصة في البلد” المصري اليوم ” ؟ .لا شئ .. وراجعوا لتعلموا كيف تصرف زملاء المهنة الذين يعلمون و يمتلكون سلطة النشر . وراجعوا لتعلموا كيف صمت مجلس نقابة الصحفيين والنقيب.وبالطبع لم تكن هذه هي الواقعة الوحيدة . فهناك تراث طويل من تشويه المعلومات وحجبها فيما يتعلق بالتعامل الشرس وغير القانوني للشرطة مع الصحفيين ، ناهيك بالمواطنين البسطاء أصلا . و يحضرني هنا ان عددا من الصحفيين كنت من بينهم تقدموا في مارس 2003 ببلاغ الى النائب العام يطلبون التحقيق في اعتداء الشرطة على الصحفيين اثناء قيامهم بواجبهم المهنى في تغطية تفاعل المصريين مع الغزو الأمريكي للعراق .كما عرض الصحفيون على النائب العام المعين بقرار من رئيس الجمهورية التقدم بشهادات وصور تكشف تورط عملاء الأمن في حرق سيارة مطافئ بالقرب من المقر الرئيسي للحزب الحاكم على كورنيش النيل بالقاهرة .وهي الواقعة التي جرى استغلالها دعائيا على نطاق واسع لمحاولة إلصاق تهمة التخريب زورا بالمتظاهرين . فماذا كان مصير البلاغ ؟.. وكيف كانت تغطية صحفنا ومتابعتها له ؟. مرة أخرى لاشئ.. لا شئ مطلقا.
في صحافتنا هناك لغط قديم عن ” عملاء المباحث ” وسطوتهم و فرصهم في الترقي والوثوب الى مواقع القيادة . وبعض هذا اللغط قد يكون محض شائعات أو حتى منبئا برغبة البعض في اكتساب مكانة وسطوة، فيشيعون عن أنفسهم أنهم “رجال أمن الدولة” في صحفهم . لكن ما هو معلوم بالضرورة ان لدينا عددا لا بأس به من الزملاء من مندوبي الصحف في وزارة الداخلية كرسوا بمرور العقود المتوالية تقاليد في فهم العمل الصحفي بوصفه دعاية للوزارة و الوزير و رجاله ليس إلا . والى حد ان تستهلك قائمة أسماء الضباط وقادتهم ومعاونيهم معظم المساحة المحدودة المخصصة لنشر خبر عن جريمة تافهة في صحفنا. ولم يكن مستغربا في ظل العلاقة غير المهنية بين وزارة الداخلية ومندوبي صحافتنا على تنوع أشكال ملكيتها ان يعجز المتابع لها عن تذكر اسم صحفي واحد عمل مندوبا بوزارة الداخلية جرؤ في عمله المنشور أن يقدم تغطية متوازنة تعرض إلى جانب رواية أجهزة الأمن ما تراه المصادر الأخرى المعنية بالخبر من رواية مختلفة.
من بين مندوبي الصحف في وزارة الداخلية وهذا حال معظمهم إلا من رحم ربي سيجري تصعيد عدد ملحوظ كي يصبحوا من قيادات صحافتنا . ونكتفي هنا بالإشارة الى نموذجي : نقيب الصحفيين الأستاذ مكرم محمد أحمد الذي بدأ حياته المهنية في قسم الحوادث بجريدة ” الأهرام ” عام 1964 ،وانتقل لاحقا إلى مهام أخرى حتى تولى رئاسة مجلس إدارة دار ” الهلال” و تحرير مجلة ” المصور” من 1981 الى 2005.وكذا الأستاذ عبد الله حسن رئيس مجلس إدارة وتحرير وكالة أنباء الشرق الأوسط المصدر الرئيسي للأنباء الرسمية في مصر . بل في أفق ” الأهرام ” نفسها يلوح طامح الى رئاسة تحرير الصحيفة الكبرى مدير تحرير بدأ حياته المهنية مندوبا بوزارة الداخلية ،ولا يزال بمثابة ناطق غير رسمي باسم جهاز مباحث امن دولتها.
لكن الأمر لا يتوقف على مندوبي الصحف في وزارة الداخلية من رجال أقسام الحوادث . فبامكان القارئ اللماح ان يتنبه الى جملة اسماء لامعة في صحافتنا ، يتولى من بينها عدد لا بأس به الآن رئاسة إدارة و تحرير صحف قومية وحزبية و خاصة .وقد ظل نشاطها في النشر الصحفي لسنوات يستند الى تقارير جهاز أمن الدولة في قضايا المعارضة اسلامية كانت ام يسارية . ومن بين هؤلاء رؤساء مجالس ادارة وتحرير صحف قومية مثل ( ع .ك) و ( م .أ) و ( ك .ج) و ( ح .ر ) وغيرهم ، فضلا عن رؤساء تحرير صحف خاصة مشهورة بانها مستقلة معارضة ، مثل ( ع . ح) و تلميذه ( إ. ع) وغيرهم. و إذا ما قدر لباحث في تاريخ الصحافة ان يراجع يوما ما أرشيفات الصحف والمجلات ، فسوف يدهش من ماضي أسماء لامعة في صحافتنا الآن. ولاشك أن البحث سيقوده حينها للتساؤل عن آليات اصطناع رموز صحفية معارضة ، حتى أن بعضها بدا وكأنه يحتكر توكيل ” معارضة الرئيس ” في فترة أو أخرى .
ولو عدنا بالذاكرة الى عقد السبعينيات عندما نشأت التعددية الحزبية المقيدة المريضة ، فان لدينا رواية بالغة الدلالة من الراحل الاستاذ “جلال الدين الحمامصي” عن إختيار أول رئيس تحرير لصحيفة حزبية معارضة في مصر.وقد صدرت عام 1977 ، وهي جريدة ” الأحرار” . ففي كتابه ” القربة المقطوعة ” الصادر عن دار الشروق اشار “الحمامصي” في روايته الى انه كان مرشحا لهذا الموقع . لكن رئيس الحزب إعتذر اليه ملمحا الى اعتراض جهة ما . وسرعان ما جرى اختيار بديل له هو الصحفي ” صلاح قبضايا ” . ولقد ظلت الصحيفة على عهدها في الدفاع غير المقدس عن الوزارة والوزير الى حد ان رئيس تحريرها الجديد الاستاذ ” عصام كامل ” يكتب في عدد 22 يناير 2011 مقالا مع صورة كبيرة للوزير ” حبيب العادلي ” تحت عنوان ” جئت يا عيدنا المجيد ” . وقد هاجم فيه بضرواة اختيار يوم عيد الشرطة ( 25 يناير ) للاحتجاج على الاستبداد في مصر .ويقول نصا :” إن الذين يخططون لهذا الاحتجاج يخططون لإرهاب الساهرين على أمننا ” .
بل انه من عجائب الدولة البوليسية وبخاصة في عهد “مبارك” ومعها معارضته “الديكورية” الرسمية المنتقاة بعناية ان رئيس تحرير صحيفة أكبر حزب معارض في البلد ” الوفد” كان في الوقت نفسه رئيسا لتحرير مجلة ” الشرطة ” التي تصدر عن وزارة الداخلية . وهو المرحوم الاستاذ ” سعيد عبد الخالق ” . و من يتصفح عدد واحدا من للمجلة ( عدد أغسطس 2010) سيدهش من اسماء كتابها اللامعين في سماء صحافتنا . وهم وفق الترتيب الأبجدي مع التقدير لمناصب رؤساء ومديري التحرير و الإدارة سابقين وحاليين : الاستاذه جمال الغيطاني و سناء البيسي و صلاح عيسى و صلاح منتصر و عبد العاطي محمد و فريدة الشوباشي و نعم الباز و مراد عز العرب و محمد رجب.
و لن يقتصر فضل أيادي وزارة الداخلية و جهاز أمن دولتها الرهيب على صحافتنا على عدد رؤساء مجالس ادارة وتحرير ، بل إنها منحت صحفنا عددا لا بأس به من كتاب الأعمدة و الرأي اللامعين ، وبخاصة ممن عملوا أو لا زالوا كمندوبين لديها . وعلى سبيل المثال فان لدينا الخبير البارز في شئون الجماعات الاسلامية والإخوان ” عبد الرحيم علي” ، وقد انتقل من مندوب لدى وزارة الداخلية في جريدة ” الأهالي” الناطقة بلسان حزب ” التجمع” المعارض الى واحد من كتاب الرأي البارزين في الصحف القومية ، بما في ذلك ” الأهرام “. وهناك ايضا الاستاذ “أحمد الخطيب” بجريدة ” المصري اليوم ” . وحتى جريدة “العربي ” الناصرية لم تخرج عن هذه القاعدة هي الأخرى ، فأصبح مندوبها لدى وزراة الداخلية الزميل ” صالح رجب” كاتب عامود. وراجعوا ما كتبه على مدى الاسابيع القليلة الماضية. وإن كان يمكن النظر الى هذا الأمر بوصفه نوعا من تعدد الآراء في ” العربي “. وللحقيقة فانه مجرد عامود واحد من بين عشرات الأعمدة المحترمة بحق التي تزخر بها الجريدة. وتحضرني هنا واقعة أظنها لاتنفصل عن هذا السياق. ففي عام 1990 توليت مسئولية قسم التحقيقات والتغطيات الإخبارية في جريدة ” مصر الفتاة ” ، وكان من الشباب الذي زاملني في القسم وقد تخرج للتو من الجامعة الاستاذ صالح رجب . ولما كان مشاركا في تغطية ميدانية لانتخابات مجلس الشعب عن دائرة الدقي ، فقد حمل الى الجريدة ذات يوم صورة تستأهل صحفيا بجدارة الصفحة الأولى . وكانت لسيارة شرطة زرقاء وعليها ” بوستر ” دعاية للوزيرة آمال عثمان مرشحة الحزب الحاكم . ولكن عندما علمت منه انه قام بنفسه بلصق ” البوستر “على السيارة وصورها ، مزقت الصورة فورا .و أوضحت له وللزملاء الحضور أن هذه جريمة مهنية غير مقبولة ،حتى ولو كانت مثل هذه الصورة صيدا ثمينا لصحيفة معارضة .
و في إطار الخبرة الذاتيه أيضا، يتعين ان أذكر هنا واقعة أخرى كاشفة لمدى نفوذ وزارة الداخلية على الصحف ، بما في ذلك أكبر صحيفة قومية . ففي نوفمبر 2002 ، نشرت ” الأهرام ” نعيا للمرحوم الاستاذ “مصطفي مشهور” مرشد الإخوان . وبعد طباعة الطبعة الأولى ، اتصل هاتفيا بالجريدة ضابط شرطة ، قال انه من ادارة الصحافة بالوزارة طالبا حذف صفة الفقيد ” مرشد الإخوان المسلمين ” . ولما كان المسئول السهران عن الطبعتين الثانية والثالثة وهو بمثابة رئيس تحرير ليلي قد تجادل مع الضابط في قانونيه الحذف بوصف النعي عقدا بين المؤسسة الصحفية و الناعي ، فسرعان ما تلقى هاتفا جاءه من خارج البلاد من رئيس مجلس الإدارة والتحرير يأمره بتنفيذ أوامر الضابط . ولقد كنت شاهدا شخصيا على هذه الواقعة، حينما كنت محررا مترجما بقسم الشئون العربية بالجريدة .
ولعل مثل هذه الواقعة تفتح ملف ادارة الصحافة في وزارة الداخلية وصلاحياتها . و ما جدوى وجودها بالأصل . علما بان هذه الإدارة يرأسها لواء و تخصص ضابطا مكلفا بكل مؤسسة صحفية في البلد . وعلما بأن هذه الإدارة ليست معنية بتقديم معلومات للصحفيين . فالوزارة بالأصل ليس لديها متحدث رسمي يمكن لأي صحفي يحترم مهنيته ان يلجأ اليه للتعليق على حادث ما أو بحثا عن معلومة اضافي يستكمل بها قصته الإخبارية . بل تكتفى الوزارة بإملاء دعايتها عبر مندوبيا وبياناتها المنسوبه الى ” مصدر أمني ” مجهل على الصحف ، كي تنشرها دون تمحيص أو استفهام ومناقشة.
في الدول البوليسية تظل هناك أيضا الغاز محيرة و حوادث مريبة لن تنفك طلاسمها إلا بذهاب النظم القمعية ، بل وبمراجعة جذرية لأسلوب عمل أجهزة الأمن لا بتغيير الوجوه فقط . وعلى سبيل المثال ، فان صحفيا يدعى ( س . ع) يعمل بالأصل في جريدة معارضة كان في عام 1997 بطل تحقيق بالأرقام والوثائق في مجلة تصدر عن مؤسسة سعودية مقرها لندن عن ثروة “أبناء الرئيس” . ووقتها جرى إعدام نسخ المجلة قبل ان تصل الى القراء و إغلاق مكتب المؤسسة في القاهرة .كما نظر النائب العام والقضاء في أمر الصحفي ومعه خمسة آخرين . الا انه كان لهذا الصحفي وضعا قانونيا مميزا في القضية عن الآخرين ، وحيث قال ان تشويها قد لحق بأصل التحقيق الذي كتبه . وبعد سنوات من تسوية الموضوع برمته تسوية مفاجئة غامضة و إعادة فتح المكتب ، كان الصحفي ذاته رئيسا لتحرير مطبوعة خاصة معارضة .و قال على سبيل التفاخر و بدون خجل لزميل يعمل معه إنه سيقيم في الإسكندرية عدة أيام في ضيافة فيلا تابعة للجهاز ( أمن الدولة ).
وبالأصل فإن لجهاز أمن الدولة الرهيب أياديه بيضاء كانت أم سوداء على تراخيص الصحف الخاصة و طباعة وتوزيع الصحف الصادرة بترخيص من خارج البلاد ، فضلا عن تراخيص مراسلة الصحفيين المصريين للصحف الأجنبية خارج البلاد إذا ما تقدموا بطلباتهم الى هيئة الاستعلامات. ففي كل الأحوال فان موافقة ” الجهات الأمنية ” ضرورة لازمة في اطار إجراءات معقدة لا تذكر نصوص القوانين تفاصيلها. و في دراسة قدمها المحامي الشهير الاستاذ عصام الإسلامبولي الى المؤتمر الرابع للصحفيين في فبراير عام 2004 قال انطلاقا من تجربة مماطلة سلطة الدولة في الموافقة على ترخيص ” الكرامة ” بوصفها جريدة خاصة أن جهتين أمنيتين تتحكمان فعليا في إجازة تراخيص الصحف ، بينهما بالطبع مباحث أمن الدولة . واستنادا الى مناقشة مع الاستاذ الاسلامبولي خرجت في كتاب اصدرته مطلع عام 2005 تحت عنوان ” حرية على الهامش :في نقد احوال الصحافة المصرية ” بنتيجة مفادها انه :” قد يستمر ارجاء هاتين الجهتين الامنيتين الموافقة على الترخيص لشهور وسنوات. و هو الارجاء الذي يتكفل في مناسبات عديدة بدفع طالبي الترخيص الى التسليم بشروط معينة قد تؤثر في اختيار قيادة الصحيفة والالتزام بخطوط رقابية معينة ” .
ومن حين لآخر يثور في الوسط الصحفي لغط حول دور جهاز مباحث أمن الدولة في انشاء ورعاية “صحف صفراء ” تورط بعضها في الاثارة الفضائحية و الفتنة الطائفية والنزعات الطائفية . و كان لافتا ان تجاوزات هذه الصحف يجرى توظيفها للهجوم على الصحافة الخاصة بوجه عام و تخويفها و لخفض هامش الحرية والنقد السياسي المتاح في الصحافة المصرية بوجه عام. وفي ذلك هناك روايات عديدة وشبكات من العلاقات المعقدة بين الصحف والصحفيين و الجهاز. و ربما قد يرى باحثون مستقبلا انه هناك حاجة ماسة لكتابة تاريخ هذا الجهاز مع الطائفية وعدم التسامح الديني ومنذ زمن ” البوليس السياسي “في عهد الملكية .
ولعل فيما سبق ما قد يفيد في قراءة غير غافلة لما تنشره صحفنا المصرية هذه الأيام عن انتفاضة الشعب المصري .وإن كان يتعين الاشارة الى ان مجموعة من الصحفيين كانت قد أسست في عام 2005 ” حركة صحفيون من أجل التغيير ” التي تشرفت بانتخابي أول منسق عام لها . وكان و البند الأول في البيان التأسيسي للحركة يتضمن المطالبة برفع يد أجهزة الأمن و الحزب الحاكم عن الصحافة . و قد نظمت الحركة في العام ذاته يوما كاملا عن المعتقلين في عهد مبارك تضمن قيام عدد من ذويهم برواية شهادات عن التعذيب وسنوات الإعتقال المديد. ولقد كان في نيه الحركة ان تعقد ندوة أخرى عن نفوذ جهاز الأمن في صحافتنا وتأثيرها على اختيار قياداتها . لكن لم يمهلها القدر، وتلك قصة أخرى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.