الطائفة الإنجيلية بمصر تنعى شهداء «مار إلياس» بدمشق    البورصة المصرية تستهل جلسة التعاملات بمؤشرات خضراء    بورصة الذهب تعاود التداول في اتجاه لتكبد المزيد من الخسائر    البنك المركزى: 29.4 مليار دولار تحويلات المصريين بالخارج خلال 10 أشهر    وزير الري يتابع حالة المنظومة المائية بمحافظتى بني سويف والمنيا خلال فترة أقصى الاحتياجات المائية    إسرائيل: هجوم إيراني ب15 صاروخا يتسبب بانقطاع الكهرباء في عدة مناطق    سر زيارة وزير خارجية إيران لروسيا.. هل تتدخل موسكو في الوقت الحرج؟    استشهاد 6 فلسطينيين وإصابة آخرين في قصف الاحتلال الإسرائيلي قطاع غزة    ديانج: جاهزون لمباراة بورتو ولتحقيق نتيجة إيجابية    تشكيل الأهلي المتوقع لمواجهة بورتو بكأس العالم للأندية    الزمالك: الإعلان عن المدير الفني الجديد خلال الأسبوع الجارى    تحرير 551 مخالفة مرورية بسبب عدم ارتداء الخوذة    235 درجة توقعات القبول بتنسيق الثانوية العامة بالقاهرة 2025    المتهم بالتعدى على الطفل ياسين يصل للمحكمة لنظر جلسة الاستئناف على الحكم    ماجدة الرومي على موعد مع جمهورها بمهرجان موازين.. السبت المقبل    ممثل منظمة الصحة العالمية في مصر: مرض السرطان تحديًا صحيًا عالميًا جسيمًا    علاج 1632 مواطنا بقافلة طبية بقرية بالشرقية.. مجانا    «التضامن» تقر عقد التأسيس والنظام الداخلى لجمعية العلا التعاونية للخدمات الاجتماعية    السكة الحديد تعلن تأخيرات القطارات المتوقعة اليوم الاثنين    نائب وزير الخارجية الإيراني: سنواصل تخصيب اليورانيوم    رئيس جامعة قناة السويس يتابع امتحانات كلية الألسن    رئيس جامعة قناة السويس يشهد مؤتمر جمعية أبحاث الجهاز الهضمي بالإسماعيلية    ما هو موقف كوريا الشمالية من الهجوم الأمريكي على إيران    أسعار اللحوم الجملي والضاني اليوم الاثنين 23-6-2025 في الأسواق ومحال الجزارة بقنا    الحبس والحرمان، عقوبة استخدام الطلبة اشتراك المترو بعد انتهاء العام الدراسي    حادث مروري مروع بأطفيح ينجو منه برلماني.. ومصرع السائق    أسعار النفط تقفز مع تصاعد التوتر بين واشنطن وطهران    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 23-6-2025 في محافظة قنا    في القاهرة والمحافظات.. مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 23 يونيو 2025    رغم تذبذب مستوي محمد هاني .. لماذا يرفض الأهلي تدعيم الجبهة اليمنى بالميركاتو الصيفي؟ اعرف السبب    وزير خارجية أمريكا: سعي إيران لإغلاق مضيق هرمز انتحارًا اقتصاديًا    حظك اليوم الإثنين 23 يونيو 2025 وتوقعات الأبراج    حكم الشرع في غش الطلاب بالامتحانات.. الأزهر يجيب    عقوبة الهاكر.. الحبس وغرامة 50 ألف جنيه وفقًا لقانون مكافحة الجرائم الإلكترونية    روبي بعد تصدر "ليه بيداري" الترند مجددًا: الجمهور بيحبها كأنها لسه نازلة امبارح!    «متقللش منه».. مشادة على الهواء بين جمال عبدالحميد وأحمد بلال بسبب ميدو (فيديو)    دونجا: أداء الأهلي في كأس العالم للأندية سيئ.. والفريق يلعب بطريقة غير واضحة مع ريبيرو    أحمد بلال: الزمالك تعاقد مع مدير رياضي لم يلعب كرة القدم من الأساس    ثورة «الأزهرى».. كواليس غضب الوزير من مشاهير الأئمة.. وضغوط من "جميع الاتجاهات" لإلغاء قرارات النقل.. الأوقاف تنهى عصر التوازنات وتستعيد سلطاتها فى ضبط الدعوة    فاتورة التصعيد الإسرائيلى- الإيرانى.. اشتعال أسعار الطاقة وارتباك الأسواق واهتزاز استقرار الاقتصاد العربى.. توقعات بزيادة التضخم مجددا فى الأسواق الناشئة وإضراب في سلاسل الإمداد    عصام السقا وسط الخيول العربية معلقا: سبحان من خلق    حقيقة تحديد 4 نوفمبر المقبل موعدا لافتتاح المتحف المصري الكبير    بالصور.. خطوبة نجل سامي العدل بحضور الأهل والأصدقاء    أمريكا تُحذر من مظاهرات مناهضة للولايات المتحدة في الخارج    بيلينجهام: من الصعب لعب كرة القدم في تلك الحرارة.. وأخضع لعملية جراحية بعد المونديال    الأزهر للفتوى يحذر من الغش في الامتحانات: المُعاونة على الإثم إثم وشراكة في الجريمة    ما حكم تسمية المولود باسم من أسماء الله الحسنى؟.. أمين الفتوى يجيب    الدكتور علي جمعة: المواطنة هي الصيغة الأكثر عدلًا في مجتمع متعدد العقائد    شديد الحرارة والعظمى في القاهرة 35.. حالة الطقس اليوم    مأساة في البحيرة.. طفلان خرجا للهروب من حرارة الصيف فعادا جثتين هامدتين    ما هي ردود فعل الدول العربية على الهجمات الأمريكية التي استهدفت منشآت نووية إيرانية؟    نيللي كريم تكشف عن مواصفات فتى أحلامها المستقبلي (فيديو)    السبكي: الأورام السرطانية "صداع في رأس" أي نظام صحي.. ومصر تعاملت معها بذكاء    «الشيوخ» ينتقد أوضاع كليات التربية.. ووزير التعليم العالى: لسنا بعيدين عن الموجود بالخارج    وشهد شاهد من أهله .. شفيق طلبَ وساطة تل أبيب لدى واشنطن لإعلان فوزه أمام الرئيس مرسي!    إصابة 13 شخصًا في انقلاب سيارة ميكروباص داخل أرض زراعية بمركز الصف    مندوب إيران بمجلس الأمن: أمريكا الوحيدة تاريخيا من استخدمت أسلحة نووية    18 يوليو.. هاني شاكر يلتقي جمهوره على مسرح البالون في حفل غنائي جديد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سد النهضة "قشة إفريقيا" التي قسمت "ظهر الإخوان"
نشر في بوابة أخبار اليوم يوم 30 - 12 - 2013

عام مر من حكم الرئيس المعزول محمد مرسي، تخلله أزمة كادت أن تؤدي بمصر إلي عصر من الجفاف، وهي أزمة "سد النهضة" الإثيوبي، حيث شهد ملف المياه العديد من التقلبات والتحركات التى لم يشهدها على مدار سنوات طويلة تسببت فى دخول مصر إلى منعطف خطير قد يؤدى الى أزمات سياسية واقتصادية.
ففي 27 مايو 2013 أعلنت إثيوبيا اعتزامها البدء في تحويل مجرى النيل الأزرق، أحد روافد نهر النيل، إيذانًا ببداية العملية الفعلية لبناء سد النهضة، القادر على تخزين 74 مليار متر مكعب من المياه عند مستوى الإمداد الكامل.
وفي مفاجأة كارثية، أعلنت الحكومة الإثيوبية بدء العمل في تحويل مجرى النيل الأزرق، أحد روافد نهر النيل، في إشارة لبداية العملية الفعلية لبناء سد النهضة، والمثير للدهشة أن ذلك الإعلان الجريء الذي أعلنته بلاد الحبشة في مواجهة رائدتها مصر جاء بعد زيارة المعزول محمد مرسى لإثيوبيا بساعات قلائل، والذي أبدت إثيوبيا سعادتها بهذا اللقاء.
حكومة غير مسؤولية
كما أعلنت الرئاسة المصرية ضرورة التنسيق بين البلدين في ملف مياه النيل، بما يحقق المصالح المشتركة للبلدين، واستنادا لالتزام كل طرف بمبدأ عدم الإضرار بمصالح الطرف الآخر.
وأكد الجانبان خصوصية العلاقات بينهما وحرصهما على تطوير التعاون الثنائي في كافة المجالات، خاصة الاقتصادي، من خلال تعزيز حجم التبادل التجاري البيني وتشجيع الاستثمارات المصرية في إثيوبيا.
وجاء قرار إثيوبيا الجريء على غير العادة مصحوبا بتبريرات وزير الشؤون الخارجية الإثيوبي بأن السد لن يؤثر على حصة مصر من مياه النيل، وأن الطاقة الاستيعابية لتخزين المياه التي تصل إلى 84 مليون متر مكعب ستخصص كليا لتوليد الكهرباء وليس للري.
في حين أعلن أغلب خبراء مصر في المياه والري، أن مصر ستتأثر في حال استكمال بناء هذا السد، وأن بناءه يوقع البلاد في أزمة حقيقية.
قلق دول المصب
وأثار بدء إثيوبيا في تحويل مجرى قطاع من النيل حتى يتسنى إنشاء سد النهضة للطاقة الكهرومائية قلق دول المصب، وخاصة مصر التي تعمل على المحافظة على حصتها المائية السنوية "55,5 مليار متر مكعب" من النهر.
وما يثير القلق المصري أن إثيوبيا وضعت خططًا لاستثمار أكثر من 12 مليار دولار لاستغلال الأنهار التي تجري عبر هضابها الوعرة، لتصبح أكبر مصدر للكهرباء في إفريقيا. ومحور الخطة هو سد النهضة الكبير الذي يجري تشييده في منطقة بني شنقول المتاخمة للسودان.
وأشارت تقارير حكومية إثيوبية أن طاقة السد الذي تم إنجاز 21% منه ستبلغ ستة آلاف ميجاوات في نهاية المطاف، وهو ما يعادل إنتاج ست محطات للطاقة النووية.
ويقع سد النهضة في نهاية النيل الأزرق داخل الحدود الإثيوبية في منطقة بني شنقول جوموز بين جبلي Libiyat and Neqor، وعلى بعد حوالي 14,5 كلم من الحدود السودانية على مسار النيل الأزرق، 10,5 كلم من أقرب نقطة على الحدود السودانية، 35 كلم من شمال التقاء نهر بيليس بالنيل الأزرق ، 750 كلم شمال غرب أديس أبابا، وعلى ارتفاع حوالي 505 أمتار فوق سطح البحر عند قاعدة السد.
اكتمال أعمال الحفر
وطبقًا لتصريحات أتو سيمجنيو بيكيلي، كبير المهندسين المشرفين على مشروع سد النهضة، في منتصف نوفمبر 2012؛ فإن أعمال الحفر الأرضية اكتملت بما يشكل 17% من أعمال المشروع، هذا بالإضافة إلى أنه يتم إتمام أعمال الحفر من أجل تركيب الأنابيب اللازمة لتحويل المياه، وأن إثيوبيا قد حصلت حاليًّا على كل المعدات والآليات المطلوبة لإنشاء السد، كما تم الانتهاء من تركيب "قاطعة صخور" لديها القدرة على إنتاج 400 م3 من الصخور في الساعة، إضافة إلى أنه يجرى حاليًّا تركيب آلة لإنتاج الإسمنت بنفس القدرة (MFA, 2012).
وقد بدأت أعمال التحويل المؤقت لمجرى النيل الأزرق في 28 مايو 2013م لمواصلة عملية بناء الجسم الرئيسي لسد النهضة (EEP«o, 2013)، بما في ذلك أعمال حفر قناة التحويل، ومدخل ومخرج قناة التحويل، والسد المؤقت (حائط خرساني). ويصب النهر في نفس المجرى بعد مسافة ما من منطقة المشروع، وأن مياه النهر ستعود إلى مسارها الطبيعي بعد الانتهاء من إنشاء السد.
وهذه الخطوة هندسية ضمن مراحل تشييد السد بهدف تجفيف أو إنضاب منطقة العمل لإكمال إنشاءات السد في وسط النهر، وتم الإعلان عنها في ذلك التاريخ لتتزامن مع احتفالات الجبهة الثورية الديمقراطية للشعوب الإثيوبية (الحزب الحاكم) بمناسبة الذكرى ال22 لوصول الائتلاف الحاكم إلى السلطة عقب الإطاحة بنظام (منجستو هيلي ماريام) في 28 مايو 1991. حيث إنه لا يمكن تنفيذ الإنشاءات وسط المياه دون تحويل مجرى المياه، وذلك في إطار خطة بناء السد عن طريق تفادي الفيضان الذي يبدأ في يونيو وينتهي في أكتوبر، وهذه العملية لا تؤثر بأي حال من الأحوال على تدفق المياه إلى السودان ومصر.
فشل سياسة مرسي
وجاءت لحظة إعلان بناء سد النهضة، لتؤكد فشل السياسة الخارجية للرئيس مرسي منذ تولية السلطة، وأن التهديدات الإثيوبية تجاه مصر ظلت مختفية طوال 40 عاما، ولكن إثيوبيا استغلت ما حدث في مصر خلال العامين الماضيين، من أجل فرض إنشاء سد النهضة، وتهديد الأمن القومي المصري، في ظل عدم وجود لهجة قوية من الرئيس مرسي حيال ذلك.
كما كان للحوار الوطني الفاشل الذي أقامه الرئيس مرسي بمشاركة عدد من القوي الوطنية بمؤسسة الرئاسة دور في تأزم التوصل لحل دبلوماسي بشأن سد النهضة، والذي كشف مدي ضعف وفقر تفكير الرموز الوطنية ومؤسسة الرئاسة في عدم وجود حلول جذرية أو مقترحات لحل الأزمة، خاصة بعد طرح العديد من حضور الحوار حلولا لا تصلح لحل أزمة ثأر بين عائلتين، وليس أزمة أمن قومي تجاه دولة تهدد مصر صراحة.
وقال المعزول محمد مرسي خلال الاجتماع، إن ما نواجهه فيما يخص ملف نهر النيل يستوجب من كافة الأطراف الاصطفاف صفا واحدا لكي نعمل على منع وقوع أي تهديد لمصر بأي شكل من الأشكال.
وأضاف، أن مصر هبة النيل، والنيل هبة الله سبحانه وتعالى، وبالتالي لا يستطيع أحد أن يمنعها أو يعوقها، مؤكدا أنه لن يغض الطرف عن أية محاولة للمساس بحصة مصر في نهر النيل.
وتابع "إن مؤسسات الدولة تتحمل المسئولية كاملة فيما يخص نهر النيل بدءا من الرئيس مرورا بالحكومة والمسئول المباشر عن ملف النيل"، مشيرا إلى أن الأمن المائي جزء من المفهوم الشامل للأمن.
وقال مرسي، إن أهمية ملف الأمن المائي دعاه لعرض الأزمة على كافة القوى السياسية بشفافية تامة، معربا عن شكره وتقديره لمن لبى دعوته بحضور الاجتماع الوطني اليوم.
وأشار، إلى أنه دعا للاجتماع اليوم بعد توافر المعلومات الشاملة عن ملف سد النهضة حتى تبنى القوى السياسية آراءها ومقترحاتها وتكليفاتها على أساس دقيق، وبالتالي تقوم القيادة السياسية والتنفيذية بدراسة ما يمكن تنفيذه.
وأضاف، أن العلاقات بين مصر والقارة الأفريقية شهدت نوعا من البعد والوقيعة وبالأخص إثيوبيا، فالأفارقة لهم طبيعة مع بعضهم البعض، ونحن نعود لنضع أقدامنا بكل ثبات في القارة، مشيرا في الوقت نفسه إلى وجود تنافس شكلي بين جنوب أفريقيا ومصر في مسائل خاصة بالقارة سواء في تمثيل أفريقيا في مجلس الأمن أو في النمو الاقتصادي وحل المشكلات.
ولفت إلى أن النيل يجري في السودان حوالي 2000 كيلومتر وفي مصر حوالي 1000 كيلومتر، ويأتينا من النيل الأزرق 86% من مياه النيل والباقي من الفروع الأخرى الأقل أهمية، مؤكدا أن هذه القضية تحتاج إلى دراسة وسيتم الأخذ بجميع الأفكار وعرضها على مجلس الوزراء لمناقشتها.
ولكن رغم كل التصريحات التي خرجت من المعزول، تجاهل مرسى هذا الملف الهام، بالرغم من تقارير جهاز المخابرات العامة ووزارة الخارجية، والتي حذّرته من دخول مصر في أزمة كبيرة بسبب بناء السد، وطالبته بضرورة أن يقوم باتخاذ قرار سياسي تجاه تلك الأزمة قبل أن تتصاعد، لكن المعزول لم يبد اهتماماً، وتفرغ للسيطرة على مقاليد الحكم على حساب الأمن القومي المصري.
ولفت مجموعة من الخبراء إلى أن مرسى لم يضع خطة واضحة في التعامل مع ملف الأمن المائي مستشهدين بموقفه عندما أجاب عن سؤال قبل توليه إدارة شئون البلاد حول خططه في التعامل مع دول حوض النيل والأزمة القائمة لتقليل حصة مصر، قائلاً: "الأمطار والحصة هتزيد لدول حوض النيل، وهنرفع أيدينا إلى السماء ونقول يا رب وسنتعامل مع الكل بمبدأ التساوي والشراكة الأساسية ولا مجال للتعالي فالمصلحة مشتركة والأفارقة إخوتنا"، واعتمد على الدعاء دون تحرك منه لتنمية هذه الدول أو حتى كسب ودهم لوقف الحرب الشراسة التي تشنوها ضد مصر.
اعتداء جماعي
ودعا كل ذلك، عدد من الدول اعتزامها بناء سدود على النيل، بعد إعلان إثيوبيا عن البدء الفعلي في بناء سد النهضة على النيل الأزرق، على الرغم من عدم انتهاء اللجنة التي تم تشكيلها لدارسة آثاره على مصر، وجاء هذا القرار فور عودة مرسى من زيارته ل"أديس أبابا"، وهو ما اعتبره المراقبون إحراجاً للقيادة السياسية المصرية، وضربة لدعاة التفاوض مع إثيوبيا.
وفي حينها أكد مجموعة من الخبراء أن المعزول ورئيس حكومته هشام قنديل، لم يتخذا موقفاً رسمياً في التعامل مع دول حوض النيل حول الاتفاقية الإطارية "عنتيبى"، أو حتى المطالبة بإيقاف بناء سد النهضة الإثيوبي، الذي هدد حصة مصر من مياه النيل، مشيرين إلى أنه لم يحدث تحرك رسمي في التعامل مع إثيوبيا، وهو ما عكس غياب الرؤية في الحفاظ على الأمن القومي المصري.
تدخل عسكري
وبعد عزل المعزول محمد مرسي يوم 3 يوليو، ذكر موقع "أوول أفريكا" الإثيوبي، أن مصر وإثيوبيا كانتا في نزاع دبلوماسي على مدى أسابيع على بناء سد النهضة الإثيوبي، والذي يعتبر أكبر سد لتوليد الكهرباء في أفريقيا، ولكن مصر تواجه الآن اضطرابات سياسية داخلية، ما أثر على تحويل انتباهها عن هذا المشروع المثير للجدل، فيما تواصل إثيوبيا البناء الضخم لسد النهضة الإثيوبي على الرغم من الاحتجاجات الغاضبة في بعض الأحيان من مصر لمنع بناء هذا السد.
وقال الموقع، إن أثيوبيا بدأت فعلياً في بناء السد منذ حولت اتجاه مجرى النيل الأزرق في مايو الماضي.
وجاء في الموقع، أن إثيوبيا قالت، إنها ستملأ الخزان بسعة 74 مليار متر مكعب من مياه النيل، وكان جواب مصر كيف يمكن ملء الخزان دون التأثير على تدفق المياه، في السنوات المقبلة على مصر وخصوصاً في فترات الجفاف؟.
وأكد الموقع، أن إثيوبيا ماضية في البناء، حتى مع استمرار عمل خبراء البيئة والدبلوماسيين وتأكيدهم على أضرار السد لدول المصب. وأفاد الموقع، أن سد النهضة سيجعل أثيوبيا أكبر دولة مصدرة للطاقة في أفريقيا خلال الأربع سنوات القادمة وسوف يكون طول السد 1708متراً وارتفاع 145مترا، وسوف ينتج 6000 ميجاوات من الطاقة، وسوف يكون هناك مشترين محتملين لتلك الطاقة ويشمل المشترين دول الصومال وأوغندا وربما أيضاً مصر، وسوف يتم الانتهاء من بناء السد في عام 2017 بتكلفة ما يقرب من 5مليارات دولار.
ومن جانبه كشف مصدر عسكري، في شكل حاسم في قرار عاجل للفريق الأول عبد الفتاح السيسي، أنه لم يقف صامتا أمام بناء السد وأنه أقسم على حماية مصر داخليا وخارجيا من أي شكل من أشكال الاعتداء إذا كان مسلحا أو معنويا أو ببناء مشروعا يتعدى على مياه مصر مهما كان.
وأشار المصدر عن قيام الفريق السيسي بتشكيل لجنة لتنفيذ ضرب سد النهضة وخصوصا بعد وصول طائرات أف 16.
استمرار البناء
من جانبه أعلن مدير مشروع "سد النهضة" الإثيوبي، المهندس سيميجنيو بيكيلي، خلال زيارة موظفي هيئة السكر الإثيوبية لموقع المشروع، أن الأعمال الرئيسية لإنشاء السد تجرى مثلما هو مقرر لها، بما في ذلك تحويل مجرى النهر وتركيب الآلات اللازمة لذلك.
وقال "بيكيلي"، في تصريحات صحفية، إن الزيارات التي يقوم بها أعضاء المجتمع لموقع المشروع ترفع الروح المعنوية للعاملين في المشروع وتثير حماسهم، داعيا المواطنين إلى الاستمرار في زيادة دعمهم حتى يتم استكمال المشروع.
مصدر رخاء للجميع
وقال رئيس الوزراء, حازم الببلاوي إن الاهتمام بمياه النيل هو جزء من الاهتمام بروح مصر, ونحن الآن في عالم كبير متداخل, وأي دولة لابد وأن تكون منفتحة علي العالم, قائلا: الحكومة تري أن سد النهضة يمكن أن يكون مصدر رخاء للدول المحيطة, خاصة أن أثيوبيا ليست فقيرة في المياه بل لديها فائض.
وقال وزير الموارد المائية, محمد عبد المطلب, إن اللجنة العليا لمياه النيل تري أن الحوار هو أساس المنفعة بين الدول الثلاث, وهو ما تتطلع مصر لتحقيقه خلال الفترة المقبلة وأن مصلحة مصر في المقدمة.
وأكد عبد المطلب أنه لا تزال هناك شواغل مصرية تتطلب الجلوس مع الدول الثلاث, لافتا إلي أن رئيس الوزراء يدعم هذا الملف وهناك تنسيق تام بين الرؤي ممن يدعمون هذا الملف وهناك مشاركة وتعاون.
وأشار إلي أن مصر تحتاج لأكثر من80 مليار متر مكعب من المياه لتلبية احتياجاتها وإنها ستحرص علي أن تكون مصلحتها في المقدمة خلال اجتماع اللجنة الثلاثية الأسبوع المقبل.
هجوم على الببلاوي
ولام البعض على تصريحات الببلاوي، وطالبه البعض بتوضيحات، حيث أنه كيف كان "سد النهضة" أحد أسباب سقوط النظام السابق، حيث تعرض مرسي لانتقادات عنيفة بسبب موافقته على بناءه، لتخرج الحكومة الحالية لتعلن تأييدها لبنائه بدعوى أنه سيكون مصدر رخاء لدول الجوار.
وقال د.هانى رسلان، خبير الشئون الأفريقية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية، في تصريحات سابقة له، إن تصريح الببلاوي "ملتبس" مشيراً إلى أن التعامل الكارثي والأخطاء الفادحة التي ارتكبها النظام السابق فيما يتعلق بملف سد النهضة، تسببت في إلحاق إساءات فادحة لمصر، وأضرت بعلاقات مصر مع كل دول حوض النيل وليس إثيوبيا فقط، لذا كان منتظراً أن تتعامل الحكومة الحالية مع هذا الملف بشكل أكثر رشادة، وهو ما لم يتحقق حتى الآن.
وأضاف رسلان، أنه يمكن لهذا السد أن يحمل الرخاء لدول حوض النيل، ولكن إذا تم التحرك على أساس حماية المصالح المائية المصرية، بقيام إثيوبيا بإعادة النظر في تصميمات هذا السد، وأخذ الأسس التي قدمها المتخصصون المصريون على محمل الجد.
وأكد عبدالغفار شكر، رئيس حزب التحالف الشعبي الاشتراكي، أن الانتقاد الذي تم توجيهه للنظام السابق كان لعدم تعامله بجدية مع ملف سد النهضة، فكان من الواجب أن تُجرى مباحثات على أعلى مستوى بين البلدين، لبحث المشروع والآثار المترتبة عليه بكل موضوعية، وإذا رأينا أن هناك مصلحة لمصر من بنائه، فليس هناك داعٍ لافتعال خصومات نحن في غنى عنها.
عام مر من حكم الرئيس المعزول محمد مرسي، تخلله أزمة كادت أن تؤدي بمصر إلي عصر من الجفاف، وهي أزمة "سد النهضة" الإثيوبي، حيث شهد ملف المياه العديد من التقلبات والتحركات التى لم يشهدها على مدار سنوات طويلة تسببت فى دخول مصر إلى منعطف خطير قد يؤدى الى أزمات سياسية واقتصادية.
ففي 27 مايو 2013 أعلنت إثيوبيا اعتزامها البدء في تحويل مجرى النيل الأزرق، أحد روافد نهر النيل، إيذانًا ببداية العملية الفعلية لبناء سد النهضة، القادر على تخزين 74 مليار متر مكعب من المياه عند مستوى الإمداد الكامل.
وفي مفاجأة كارثية، أعلنت الحكومة الإثيوبية بدء العمل في تحويل مجرى النيل الأزرق، أحد روافد نهر النيل، في إشارة لبداية العملية الفعلية لبناء سد النهضة، والمثير للدهشة أن ذلك الإعلان الجريء الذي أعلنته بلاد الحبشة في مواجهة رائدتها مصر جاء بعد زيارة المعزول محمد مرسى لإثيوبيا بساعات قلائل، والذي أبدت إثيوبيا سعادتها بهذا اللقاء.
حكومة غير مسؤولية
كما أعلنت الرئاسة المصرية ضرورة التنسيق بين البلدين في ملف مياه النيل، بما يحقق المصالح المشتركة للبلدين، واستنادا لالتزام كل طرف بمبدأ عدم الإضرار بمصالح الطرف الآخر.
وأكد الجانبان خصوصية العلاقات بينهما وحرصهما على تطوير التعاون الثنائي في كافة المجالات، خاصة الاقتصادي، من خلال تعزيز حجم التبادل التجاري البيني وتشجيع الاستثمارات المصرية في إثيوبيا.
وجاء قرار إثيوبيا الجريء على غير العادة مصحوبا بتبريرات وزير الشؤون الخارجية الإثيوبي بأن السد لن يؤثر على حصة مصر من مياه النيل، وأن الطاقة الاستيعابية لتخزين المياه التي تصل إلى 84 مليون متر مكعب ستخصص كليا لتوليد الكهرباء وليس للري.
في حين أعلن أغلب خبراء مصر في المياه والري، أن مصر ستتأثر في حال استكمال بناء هذا السد، وأن بناءه يوقع البلاد في أزمة حقيقية.
قلق دول المصب
وأثار بدء إثيوبيا في تحويل مجرى قطاع من النيل حتى يتسنى إنشاء سد النهضة للطاقة الكهرومائية قلق دول المصب، وخاصة مصر التي تعمل على المحافظة على حصتها المائية السنوية "55,5 مليار متر مكعب" من النهر.
وما يثير القلق المصري أن إثيوبيا وضعت خططًا لاستثمار أكثر من 12 مليار دولار لاستغلال الأنهار التي تجري عبر هضابها الوعرة، لتصبح أكبر مصدر للكهرباء في إفريقيا. ومحور الخطة هو سد النهضة الكبير الذي يجري تشييده في منطقة بني شنقول المتاخمة للسودان.
وأشارت تقارير حكومية إثيوبية أن طاقة السد الذي تم إنجاز 21% منه ستبلغ ستة آلاف ميجاوات في نهاية المطاف، وهو ما يعادل إنتاج ست محطات للطاقة النووية.
ويقع سد النهضة في نهاية النيل الأزرق داخل الحدود الإثيوبية في منطقة بني شنقول جوموز بين جبلي Libiyat and Neqor، وعلى بعد حوالي 14,5 كلم من الحدود السودانية على مسار النيل الأزرق، 10,5 كلم من أقرب نقطة على الحدود السودانية، 35 كلم من شمال التقاء نهر بيليس بالنيل الأزرق ، 750 كلم شمال غرب أديس أبابا، وعلى ارتفاع حوالي 505 أمتار فوق سطح البحر عند قاعدة السد.
اكتمال أعمال الحفر
وطبقًا لتصريحات أتو سيمجنيو بيكيلي، كبير المهندسين المشرفين على مشروع سد النهضة، في منتصف نوفمبر 2012؛ فإن أعمال الحفر الأرضية اكتملت بما يشكل 17% من أعمال المشروع، هذا بالإضافة إلى أنه يتم إتمام أعمال الحفر من أجل تركيب الأنابيب اللازمة لتحويل المياه، وأن إثيوبيا قد حصلت حاليًّا على كل المعدات والآليات المطلوبة لإنشاء السد، كما تم الانتهاء من تركيب "قاطعة صخور" لديها القدرة على إنتاج 400 م3 من الصخور في الساعة، إضافة إلى أنه يجرى حاليًّا تركيب آلة لإنتاج الإسمنت بنفس القدرة (MFA, 2012).
وقد بدأت أعمال التحويل المؤقت لمجرى النيل الأزرق في 28 مايو 2013م لمواصلة عملية بناء الجسم الرئيسي لسد النهضة (EEP«o, 2013)، بما في ذلك أعمال حفر قناة التحويل، ومدخل ومخرج قناة التحويل، والسد المؤقت (حائط خرساني). ويصب النهر في نفس المجرى بعد مسافة ما من منطقة المشروع، وأن مياه النهر ستعود إلى مسارها الطبيعي بعد الانتهاء من إنشاء السد.
وهذه الخطوة هندسية ضمن مراحل تشييد السد بهدف تجفيف أو إنضاب منطقة العمل لإكمال إنشاءات السد في وسط النهر، وتم الإعلان عنها في ذلك التاريخ لتتزامن مع احتفالات الجبهة الثورية الديمقراطية للشعوب الإثيوبية (الحزب الحاكم) بمناسبة الذكرى ال22 لوصول الائتلاف الحاكم إلى السلطة عقب الإطاحة بنظام (منجستو هيلي ماريام) في 28 مايو 1991. حيث إنه لا يمكن تنفيذ الإنشاءات وسط المياه دون تحويل مجرى المياه، وذلك في إطار خطة بناء السد عن طريق تفادي الفيضان الذي يبدأ في يونيو وينتهي في أكتوبر، وهذه العملية لا تؤثر بأي حال من الأحوال على تدفق المياه إلى السودان ومصر.
فشل سياسة مرسي
وجاءت لحظة إعلان بناء سد النهضة، لتؤكد فشل السياسة الخارجية للرئيس مرسي منذ تولية السلطة، وأن التهديدات الإثيوبية تجاه مصر ظلت مختفية طوال 40 عاما، ولكن إثيوبيا استغلت ما حدث في مصر خلال العامين الماضيين، من أجل فرض إنشاء سد النهضة، وتهديد الأمن القومي المصري، في ظل عدم وجود لهجة قوية من الرئيس مرسي حيال ذلك.
كما كان للحوار الوطني الفاشل الذي أقامه الرئيس مرسي بمشاركة عدد من القوي الوطنية بمؤسسة الرئاسة دور في تأزم التوصل لحل دبلوماسي بشأن سد النهضة، والذي كشف مدي ضعف وفقر تفكير الرموز الوطنية ومؤسسة الرئاسة في عدم وجود حلول جذرية أو مقترحات لحل الأزمة، خاصة بعد طرح العديد من حضور الحوار حلولا لا تصلح لحل أزمة ثأر بين عائلتين، وليس أزمة أمن قومي تجاه دولة تهدد مصر صراحة.
وقال المعزول محمد مرسي خلال الاجتماع، إن ما نواجهه فيما يخص ملف نهر النيل يستوجب من كافة الأطراف الاصطفاف صفا واحدا لكي نعمل على منع وقوع أي تهديد لمصر بأي شكل من الأشكال.
وأضاف، أن مصر هبة النيل، والنيل هبة الله سبحانه وتعالى، وبالتالي لا يستطيع أحد أن يمنعها أو يعوقها، مؤكدا أنه لن يغض الطرف عن أية محاولة للمساس بحصة مصر في نهر النيل.
وتابع "إن مؤسسات الدولة تتحمل المسئولية كاملة فيما يخص نهر النيل بدءا من الرئيس مرورا بالحكومة والمسئول المباشر عن ملف النيل"، مشيرا إلى أن الأمن المائي جزء من المفهوم الشامل للأمن.
وقال مرسي، إن أهمية ملف الأمن المائي دعاه لعرض الأزمة على كافة القوى السياسية بشفافية تامة، معربا عن شكره وتقديره لمن لبى دعوته بحضور الاجتماع الوطني اليوم.
وأشار، إلى أنه دعا للاجتماع اليوم بعد توافر المعلومات الشاملة عن ملف سد النهضة حتى تبنى القوى السياسية آراءها ومقترحاتها وتكليفاتها على أساس دقيق، وبالتالي تقوم القيادة السياسية والتنفيذية بدراسة ما يمكن تنفيذه.
وأضاف، أن العلاقات بين مصر والقارة الأفريقية شهدت نوعا من البعد والوقيعة وبالأخص إثيوبيا، فالأفارقة لهم طبيعة مع بعضهم البعض، ونحن نعود لنضع أقدامنا بكل ثبات في القارة، مشيرا في الوقت نفسه إلى وجود تنافس شكلي بين جنوب أفريقيا ومصر في مسائل خاصة بالقارة سواء في تمثيل أفريقيا في مجلس الأمن أو في النمو الاقتصادي وحل المشكلات.
ولفت إلى أن النيل يجري في السودان حوالي 2000 كيلومتر وفي مصر حوالي 1000 كيلومتر، ويأتينا من النيل الأزرق 86% من مياه النيل والباقي من الفروع الأخرى الأقل أهمية، مؤكدا أن هذه القضية تحتاج إلى دراسة وسيتم الأخذ بجميع الأفكار وعرضها على مجلس الوزراء لمناقشتها.
ولكن رغم كل التصريحات التي خرجت من المعزول، تجاهل مرسى هذا الملف الهام، بالرغم من تقارير جهاز المخابرات العامة ووزارة الخارجية، والتي حذّرته من دخول مصر في أزمة كبيرة بسبب بناء السد، وطالبته بضرورة أن يقوم باتخاذ قرار سياسي تجاه تلك الأزمة قبل أن تتصاعد، لكن المعزول لم يبد اهتماماً، وتفرغ للسيطرة على مقاليد الحكم على حساب الأمن القومي المصري.
ولفت مجموعة من الخبراء إلى أن مرسى لم يضع خطة واضحة في التعامل مع ملف الأمن المائي مستشهدين بموقفه عندما أجاب عن سؤال قبل توليه إدارة شئون البلاد حول خططه في التعامل مع دول حوض النيل والأزمة القائمة لتقليل حصة مصر، قائلاً: "الأمطار والحصة هتزيد لدول حوض النيل، وهنرفع أيدينا إلى السماء ونقول يا رب وسنتعامل مع الكل بمبدأ التساوي والشراكة الأساسية ولا مجال للتعالي فالمصلحة مشتركة والأفارقة إخوتنا"، واعتمد على الدعاء دون تحرك منه لتنمية هذه الدول أو حتى كسب ودهم لوقف الحرب الشراسة التي تشنوها ضد مصر.
اعتداء جماعي
ودعا كل ذلك، عدد من الدول اعتزامها بناء سدود على النيل، بعد إعلان إثيوبيا عن البدء الفعلي في بناء سد النهضة على النيل الأزرق، على الرغم من عدم انتهاء اللجنة التي تم تشكيلها لدارسة آثاره على مصر، وجاء هذا القرار فور عودة مرسى من زيارته ل"أديس أبابا"، وهو ما اعتبره المراقبون إحراجاً للقيادة السياسية المصرية، وضربة لدعاة التفاوض مع إثيوبيا.
وفي حينها أكد مجموعة من الخبراء أن المعزول ورئيس حكومته هشام قنديل، لم يتخذا موقفاً رسمياً في التعامل مع دول حوض النيل حول الاتفاقية الإطارية "عنتيبى"، أو حتى المطالبة بإيقاف بناء سد النهضة الإثيوبي، الذي هدد حصة مصر من مياه النيل، مشيرين إلى أنه لم يحدث تحرك رسمي في التعامل مع إثيوبيا، وهو ما عكس غياب الرؤية في الحفاظ على الأمن القومي المصري.
تدخل عسكري
وبعد عزل المعزول محمد مرسي يوم 3 يوليو، ذكر موقع "أوول أفريكا" الإثيوبي، أن مصر وإثيوبيا كانتا في نزاع دبلوماسي على مدى أسابيع على بناء سد النهضة الإثيوبي، والذي يعتبر أكبر سد لتوليد الكهرباء في أفريقيا، ولكن مصر تواجه الآن اضطرابات سياسية داخلية، ما أثر على تحويل انتباهها عن هذا المشروع المثير للجدل، فيما تواصل إثيوبيا البناء الضخم لسد النهضة الإثيوبي على الرغم من الاحتجاجات الغاضبة في بعض الأحيان من مصر لمنع بناء هذا السد.
وقال الموقع، إن أثيوبيا بدأت فعلياً في بناء السد منذ حولت اتجاه مجرى النيل الأزرق في مايو الماضي.
وجاء في الموقع، أن إثيوبيا قالت، إنها ستملأ الخزان بسعة 74 مليار متر مكعب من مياه النيل، وكان جواب مصر كيف يمكن ملء الخزان دون التأثير على تدفق المياه، في السنوات المقبلة على مصر وخصوصاً في فترات الجفاف؟.
وأكد الموقع، أن إثيوبيا ماضية في البناء، حتى مع استمرار عمل خبراء البيئة والدبلوماسيين وتأكيدهم على أضرار السد لدول المصب. وأفاد الموقع، أن سد النهضة سيجعل أثيوبيا أكبر دولة مصدرة للطاقة في أفريقيا خلال الأربع سنوات القادمة وسوف يكون طول السد 1708متراً وارتفاع 145مترا، وسوف ينتج 6000 ميجاوات من الطاقة، وسوف يكون هناك مشترين محتملين لتلك الطاقة ويشمل المشترين دول الصومال وأوغندا وربما أيضاً مصر، وسوف يتم الانتهاء من بناء السد في عام 2017 بتكلفة ما يقرب من 5مليارات دولار.
ومن جانبه كشف مصدر عسكري، في شكل حاسم في قرار عاجل للفريق الأول عبد الفتاح السيسي، أنه لم يقف صامتا أمام بناء السد وأنه أقسم على حماية مصر داخليا وخارجيا من أي شكل من أشكال الاعتداء إذا كان مسلحا أو معنويا أو ببناء مشروعا يتعدى على مياه مصر مهما كان.
وأشار المصدر عن قيام الفريق السيسي بتشكيل لجنة لتنفيذ ضرب سد النهضة وخصوصا بعد وصول طائرات أف 16.
استمرار البناء
من جانبه أعلن مدير مشروع "سد النهضة" الإثيوبي، المهندس سيميجنيو بيكيلي، خلال زيارة موظفي هيئة السكر الإثيوبية لموقع المشروع، أن الأعمال الرئيسية لإنشاء السد تجرى مثلما هو مقرر لها، بما في ذلك تحويل مجرى النهر وتركيب الآلات اللازمة لذلك.
وقال "بيكيلي"، في تصريحات صحفية، إن الزيارات التي يقوم بها أعضاء المجتمع لموقع المشروع ترفع الروح المعنوية للعاملين في المشروع وتثير حماسهم، داعيا المواطنين إلى الاستمرار في زيادة دعمهم حتى يتم استكمال المشروع.
مصدر رخاء للجميع
وقال رئيس الوزراء, حازم الببلاوي إن الاهتمام بمياه النيل هو جزء من الاهتمام بروح مصر, ونحن الآن في عالم كبير متداخل, وأي دولة لابد وأن تكون منفتحة علي العالم, قائلا: الحكومة تري أن سد النهضة يمكن أن يكون مصدر رخاء للدول المحيطة, خاصة أن أثيوبيا ليست فقيرة في المياه بل لديها فائض.
وقال وزير الموارد المائية, محمد عبد المطلب, إن اللجنة العليا لمياه النيل تري أن الحوار هو أساس المنفعة بين الدول الثلاث, وهو ما تتطلع مصر لتحقيقه خلال الفترة المقبلة وأن مصلحة مصر في المقدمة.
وأكد عبد المطلب أنه لا تزال هناك شواغل مصرية تتطلب الجلوس مع الدول الثلاث, لافتا إلي أن رئيس الوزراء يدعم هذا الملف وهناك تنسيق تام بين الرؤي ممن يدعمون هذا الملف وهناك مشاركة وتعاون.
وأشار إلي أن مصر تحتاج لأكثر من80 مليار متر مكعب من المياه لتلبية احتياجاتها وإنها ستحرص علي أن تكون مصلحتها في المقدمة خلال اجتماع اللجنة الثلاثية الأسبوع المقبل.
هجوم على الببلاوي
ولام البعض على تصريحات الببلاوي، وطالبه البعض بتوضيحات، حيث أنه كيف كان "سد النهضة" أحد أسباب سقوط النظام السابق، حيث تعرض مرسي لانتقادات عنيفة بسبب موافقته على بناءه، لتخرج الحكومة الحالية لتعلن تأييدها لبنائه بدعوى أنه سيكون مصدر رخاء لدول الجوار.
وقال د.هانى رسلان، خبير الشئون الأفريقية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية، في تصريحات سابقة له، إن تصريح الببلاوي "ملتبس" مشيراً إلى أن التعامل الكارثي والأخطاء الفادحة التي ارتكبها النظام السابق فيما يتعلق بملف سد النهضة، تسببت في إلحاق إساءات فادحة لمصر، وأضرت بعلاقات مصر مع كل دول حوض النيل وليس إثيوبيا فقط، لذا كان منتظراً أن تتعامل الحكومة الحالية مع هذا الملف بشكل أكثر رشادة، وهو ما لم يتحقق حتى الآن.
وأضاف رسلان، أنه يمكن لهذا السد أن يحمل الرخاء لدول حوض النيل، ولكن إذا تم التحرك على أساس حماية المصالح المائية المصرية، بقيام إثيوبيا بإعادة النظر في تصميمات هذا السد، وأخذ الأسس التي قدمها المتخصصون المصريون على محمل الجد.
وأكد عبدالغفار شكر، رئيس حزب التحالف الشعبي الاشتراكي، أن الانتقاد الذي تم توجيهه للنظام السابق كان لعدم تعامله بجدية مع ملف سد النهضة، فكان من الواجب أن تُجرى مباحثات على أعلى مستوى بين البلدين، لبحث المشروع والآثار المترتبة عليه بكل موضوعية، وإذا رأينا أن هناك مصلحة لمصر من بنائه، فليس هناك داعٍ لافتعال خصومات نحن في غنى عنها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.