تدور الآن فوق أراضي سيناء معركة شرسة، بين الجيش المصري والعصابات الإرهابية التي سمح لها الاخوان بالتمركز والقدوم من جميع أنحاء العالم، خاصة أفغانستان، المعركة ضارية ولكن لا أحد يشعر بها في الوادي، مثلها مثل المعارك التي جرت فوق اراضي سيناء باستثناء العبور في اكتوبر كانت الحروب تبدو وكأنها تجري في بلد آخر، ينطبق هذا علي 1956 و1967، عزلة سيناء عن الوطن الأم لم تكن جغرافية أو، إدارية فقط ولكن كانت نفسية أيضا، حرصت الإدارة الانجليزية علي فصل سيناء عن الوادي، والغريب ان هذا الوضع استمر حتي عام 1967، قبل يونيو كانت نقطة الجمرك تقع في القنطرة شرق، والسفر إلي سيناء لابد ان يتم بتصريح من المخابرات الحربية، كثيرا ما تطلعت إلي الضفة الشرقية عبر المناظير بمختلف أنواعها. كانت سيناء تبدو لي عالما مجهولا، بعد حرب أكتوبر قمت بجولة واسعة في سيارة صغيرة لاعداد تحقيقات عن الأرض المحررة، بهرت بهذا العالم المتميز، المتكامل، المتنوع، هذا الثراء في البشر، في الطبيعة، كتبت كثيرا عن ضرورة تعمير سيناء، غير أن التعمير اقتصر علي التنمية السياحية. تركز ذلك في الجنوب، وبعض أجزاء صغيرة في الشمال، النظام السابق أهمل سيناء وأهلها، هل كان ذلك بسبب نصوص اتفاقية كامب ديفيد. لا شك ان الشروط العسكرية المجحفة خاصة في المنطقة التي أسست لوجود الإرهاب الحالي، كان الوجود العسكري المصري مقتصرا علي جنود الأمن المركزي. رأيتهم يحملون دروعا من البلاستيك مما يستخدم في صد المتظاهرين، تسليح هش في مواجهة إرهابيين محترفين يحكمون في غزة منذ استيلائهم علي السلطة، وآخرين جاءوا من تورا بورا إلي جبل الحلال. تصاعدت المواجهة، وتمكن الجيش من تعديل شروط التواجد المصري العسكري، خاصة في المنطقة ألف، غير ان الاحساس بما يجري لم يصل بعد إلي الوادي، في الوقت الذي تطال فيه ألسنة الإرهاب الاخواني أصغر القري والحواري في المدن، كيف يمكن تجسيد المعركة الضارية في سيناء للشعب، ما يجري لا ينقل إعلاميا بوضوح، التغطية الإعلامية ضرورية، غير ان مساندة الجيش في حاجة إلي خطوات أخري. إلي وقوف الجيش والشرطة في سيناء بمفردهما وكأن الحرب تدور في بلد آخر بعيد جدا، كيف يجري ذلك؟ لعل في تجاربنا السابقة ما يمكن أن يوحي بالإيجابي. هذا ما سأحاول استعراضه غدا.