نعم، كانت هناك أخطاء للإخوان في التخطيط وفي الممارسة السياسية إلا أن مشكلة الإخوان الحقيقية التي استحقوا عليها القتل والسجن والحرق أحياء هي أنهم حاولوا أن يدخلوا في قاموس السياسة المصرية أحط وأحقر لفظ يمكن أن يسمعه جنرالات الجيش وباشوات الداخلية ونخب السياسة والثقافة والمال، وهو لفظ: (عيب). عيب يا رجل الشرطة لما تتولد وتتعلم وتأكل من خير الشعب ثم تدخل البيوت الفجر تخطف منها الأب والأخ وتعذبه بسبب كلمة صرح بها ضد الظلم. عيب لما تأخذ مرتبك من عرق المصري البسيط ثم تكون في خدمة البلطجية وتجار المخدرات واللصوص، وتمنع يد المساعدة عن المظلومين الغلابة. عيب يا رجل الأعمال لما تسرق قوت الشعب وتسرق أرضه وتنهب خيره وتحرم الشباب أنه حتي يحلم بأربع حيطان تلمه أو وظيفة يأكل منها فيهرب من مصر المحروسة خلسة ويضع نفسه في مركب تلقيه على شاطئ أوربا فتأكله أسماك القرش. عيب يا رجل القضاء لما تسكت عن غرق ألف مصري في باخرة وتسكت عن حرق أربعمائة في قطار وعن قتل ألف مصري في ثورة يناير وعن جرائم أحمد عز وجمال مبارك ومبارك وعن استرداد أموالنا المنهوبة وعن قتل ثلاثة ألاف مصري في شهر في الاعتصامات والميادين، بينما تصدر حكما بالحبس على شيخ لأنه أهان (الفنانة) إلهام شاهين، وعلى الداعية صفوت حجازي لأنه قال (اللي هايرش مرسي بالميه هانرشه بالدم). عيب يا قضاءنا (الشامخ) لما تتباكى على هيبتك التي نال منها مرسي حين تدخل في اختيار النائب العام بينما لا يوجد بينكم الآن من يستطيع أن يصدر حكما في نزاع على سروال داخلي دون أن تأتيه التعليمات من أسياده العسكر أو من أمن الدولة. عيب يا رجل السياسة لما تسرق منصب بالتزوير وتتحول لخدمة لصوص الوطن بالتشريع وتنسى الغلابة اللي انتخبوك وتفضل تصفق لأسيادك وترفع إيدك بالموافقة كالعبيط في الزفة. عيب يا نصارى مصر، يا شركاء الوطن، لما تخونوا ثورة البلد وأحلام شعبها ودماء شهداءها وتحطوا يدكم في يد عصابة وتجروا على الصندوق علشان تفشلوا اختيارات الوطن وتسرقوا منه حلمه في أن يعيش في بلد نظيف. عيب يا شيخ الأزهر يا منارة الدين لما تبيع دينك وشعبك علشان كرسي سلطة وتكون عضو في لجنة سياسات الحزب الوطني وبعدها عضو في حكومة الثورة وبعدها عضو في الانقلاب وكل ده في أقل من ثلاثة أعوام. عيب يا إعلام لما تخون الحقيقة وتروج للكره والحقد وتصبح مصنع للكذب وللزيف ومحرض على دماء أبناء الوطن إرضاء لمحمد الأمين وساويرس وغيرهم من تجار الكراهية والانقسام وتمزيق وحدة الوطن. عيب يا ليبراليو مصر ومثقفيها لما تشجعوا على الاعتقالات والقتل وعودة طغيان الدولة لمجرد أن يخلو لكم الطريق نحو الصندوق الذي أقصاكم عنه صدق الإسلاميين وعدم تلونهم مع الناخبين. عيب يا من صرختم وثرتم حين أصدر مرسي إعلانا دستوريا يحجم به رغبة المحكمة الدستورية في حل مؤسسات الدولة المنتخبة ، بينما صفقتم لإلغاء دستور شعبي مستفتى عليه. عيب لما تتهموا مرسي بأنه يتشاور مع جماعة الإخوان بينما الآن تصفقون لخيال مآته يصحو من نومه بأمر العسكر وغالبا ما يتحرك دون أن يصحو فيبدوا كنائم يقرا ما يكتبونه لها في ورقة. عيب لما تبكوا على الشهيد مينا دانيال والشهيد جيكا بينما الآن تحرق الجثث وتتعفن وليس لذويهم أمنية إلا أن يواروهم التراب وأنتم تظهرون بهم الشماتة وتحرضون على قتل المزيد. عيب لما تصفقوا لزجاجات المولوتوف والخرطوش في حصار القصر الجمهوري ومجمع التحرير ومجلس الوزراء بينما تطالبون برؤوس من اعتصم في رابعة العدوية والنهضة. عيب لما تتهموا مرسي بالأخونة لأنه اختار خمسة محافظين إخوان من بين ستة وعشرين محافظا وأختار خمسة وزراء إخوان من بين سبعة وثلاثون وزيرا، بينما صفقتم لسبعة عشر لواء قوات مسلحة في أول تشكيل محافظين وسكتم عن سيطرة الفلول وجبهة الإنقاذ على التشكيل الوزاري الحالي الذي يخلو من إسلامي واحد؟ عيب لما تنسحبوا من الجمعية الوطنية لتأسيس الدستور اعتراضا على وجود أكثرية إسلامية بينما لا يدري أحد منكم شيئا عن دستور مصر الذي يطبخه العسكر الآن ولم يدعى إليه واحد منكم ومع ذلك تصمتون صمت القبور. لكل هذا كان لابد من أن يرحل الإخوان .. لماذا؟ لأنهم حاولوا أن يصنعوا لممالك الشر حدودا ولأكواخ الفقراء سياجا تحميهم. حاولوا أن يقيموا عدالة في توزيع الثروة والسلطة والكرامة بين كل أبناء الوطن. لهذا يجب أن يرحل الإخوان. ولكن هل حقا سيرحل الإخوان؟ بالمناسبة .. ولمن يهمه الأمر، أنا لسن من الإخوان ولكن ربما تكون قد حانت ساعة أن يشهد الجميع بالحق في وقت صار للحقيقة ألف لون. عماد كمال [email protected]