صرح المستشار السياسي للرئيس الفلسطيني نمر حماد بأن وزير الخارجية الأمريكي جون كيري جاد ومصمم على الاستمرار في التزامه نحو إحياء جهود السلام في الشرق الأوسط. وأشار إلى أن كيري يعتزم العودة مرة أخرى لزيارة المنطقة عقب الانتهاء من ارتباطاته الدولية لطرح أفكار جديدة بشأن سبل إنهاء الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي. وقال حماد، في تصريحات خاصة لوكالة أنباء الشرق الأوسط السبت 15 يونيو، أن جميع المسئولين الأجانب الذين التقوا مع الرئيس الفلسطيني على مدار الأسبوع الماضي، ومن بينهم وزير الدولة البريطاني لشئون الشرق الأوسط اليستر بيرت ووزيرة الخارجية الكولومبية ماريا انخيلا، أكدوا على استمرار سعى الولاياتالمتحدة باتجاه تحقيق تقدم في العملية السلمية بمنطقة الشرق الأوسط. وأضاف حماد أننا بانتظار أن يقدم وزير الخارجية الأمريكي مقترحات عملية قابلة للتطبيق، موضحا أن كيري أوضح خلال لقاءاته مع الرئيس الفلسطيني أن لديه أفكارا وإطارا مختلفا عما تم تجربته سابقا. وردا على سؤال حول ملامح هذا الإطار ، قال حماد " ننتظر الخطة الجديدة الذي سيتقدم به كيري وننتظر أن نسمع تحديدا ما يتعلق بإمكانية وقف تفاقم الأنشطة الاستيطانية الإسرائيلية"، مضيفا أنه ليس لدينا تفاصيل محددة حتى الآن حول ملامح هذه الخطة. وأشار حماد إلى أن الإدارة الأمريكية من خلال وزارة خارجيتها انتقدت بشكل مباشر وصريح سياسة الاستيطان التي تنتهجها إسرائيل وتعتبرها "غير شرعية". وأضاف حماد إننا سنبذل كل جهودنا في الدفاع عن مصالحنا الوطنية برغم أن الجميع يعرف أن هناك "لوبى" يهوديا قويا يعمل في داخل الولاياتالمتحدة، وهناك خطة من جانب حكومة اليمين المتشددة الإسرائيلية برئاسة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين ناتنياهو، بالإضافة إلى نهج المحافظين الجدد في الولاياتالمتحدةالأمريكية هو خلق عدم استقرار في المنطقة وتغذية الحروب الداخلية بمختلف دول المنطقة وكذلك تصعيد الخلاف السني-الشيعي من أجل إبعاد أي اهتمام بالموضوع الفلسطيني. وأوضح حماد أن الإسرائيليين أنفسهم يتحدثون عن وجود قضايا أهم تشغلهم في الوقت الراهن وخاصة تدخل إيران في الأزمة السورية تحديدا مما يشكل خطرا كبيرا عليهم. وأوضح حماد أن الوضع العربي الراهن غير مدرك لخطورة هذا المخطط الإسرائيلي المدعوم من قبل المحافظين الجدد بالولاياتالمتحدة ، وقال متسائلا : "من يستطيع أن يصدق أن جوزيف ليبرمان أو جون ماكين حريصون على أرواح السوريين أو تحقيق الديمقراطية في سوريا أو غير ذلك؟" وأضاف حماد إن عدم الاستقرار سواء في سوريا أو مصر أو غيرها من الدول العربية، الأمر الذي يصاحبه دائما الحديث عن تنحية لأي أمور تتعلق بالشأن الفلسطيني، إنما هو جزء من إستراتيجية إسرائيلية من أجل استمرارهم في بناء المستوطنات وفرض أمر واقع على الأرض...وحتى عندما يتحدث الإسرائيليون عن مفاوضات فهم لا يبدون أي التزامات من جانبهم ، مضيفا أن السيد كيري يعرف ذلك جيدا. وردا على سؤال حول تصريحات ناتنياهو خلال زيارته إلى بولندا بإمكانية الاعتراف بدول فلسطينية منزوعة السلاح، قال حماد "إن على ناتنياهو ان يحدد ما هي حدود هذه الدولة التي يتكلم عنها، فهو يرفض الاعتراف بحدود عام 1967". وأضاف حماد "إن ناتنياهو يتكلم عن بقاء انتشار الجيش الإسرائيلي على امتداد نهر الأردن، وعن بقاء الكتل الاستيطانية ووجود قواعد عسكرية للجيش الإسرائيلي على تلال الضفة الغربية. فأي دول فلسطينية هذه التي يتكلم عنها؟". وردا على سؤال حول هذا الوضع من جانب إسرائيل وكيف يمكن للقيادة الفلسطينية أن تتفاوض في ظل هذا التعنت الإسرائيلي، قال حماد: "من أجل ذلك لم تقبل القيادة الفلسطينية باستئناف المفاوضات حتى الآن". وحول ما إذا كانت هناك ضغوط كبيرة على الرئيس عباس من أجل استئناف المفاوضات، أشار حماد إلى انه كانت توجد في السابق ضغوط كبيرة تمارس من جانب الولاياتالمتحدة وأننا في ظل هذه الضغوط كنا نطلب منهم ضمانات لاستئناف المفاوضات والالتزام من الجانب الإسرائيلي. وقال المستشار السياسي للرئيس الفلسطيني " يجب أن نتحلى بالمزيد من الصبر في هذه المرحلة الدقيقة التي تمر بها المنطقة" ، معربا عن أمله في عدم إلقاء اللوم على الجانب الفلسطيني، وهو الجانب الأضعف، في حالة فشل جهود كيري في المنطقة مثلما حدث في تجارب سابقة. وأشار حماد إلى أنه في حالة فشل جهود كيري، نأمل في ألا تعارض الولاياتالمتحدة مستقبلا أي توجه فلسطيني ودولي للذهاب إلى مجلس الأمن أو العودة إلى إحياء عمل اللجنة الرباعية للسلام في الشرق الأوسط حيث من المفترض أن يتم الرجوع إلى تفعيل عمل هذه اللجنة وليس انفراد الجانب الأمريكي بهذا الشأن. وأوضح حماد أن الإدارة الأمريكية أبلغت الجانب الأوروبي بعدم التقدم بأي مقترحات أو أفكار في الوقت الراهن وانتظار ما ستسفر عنه جهود كيري في المنطقة ي، وأشار إلى أن هناك اتفاقا بين أطراف دولية كثيرة، ومن بينها روسيا والصين، على ضرورة الانتظار لنتائج جولات كيري في منطقة الشرق الأوسط، مؤكدا على أن الجانب الإسرائيلي هو الذي سيكون مسئولا في المقام الأول عن فشل جهود كيري. وأوضح حماد أن هناك أفكارا تطرح الآن في أوروبا بشأن مقاطعة كل ما له علاقة بالاستيطان ليس فقط منتجات المستوطنات وإنما أيضا مقاطعة المستوطنين، حيث يوجد حاليا سبع وزراء بالحكومة الإسرائيلية بالإضافة إلى 14 عضوا بالكنيست الإسرائيلي من المستوطنين، وصولا إلى مرحلة فرض حصار على إسرائيل مثلما حدث مع جنوب أفريقيا. وأضاف إن أي دولة مسئولة تريد الحفاظ على الأمن والاستقرار لابد لها من اتخاذ خطوات لإجبار وعزل دولة تقف عقبة أمام تحقيق الاستقرار والسلام، فالمقاطعة لابد ألا تقتصر على مجرد كتابة عبارات على المنتجات تشير إلى أن هذه منتجات صنعت في مستوطنة بأراض محتلة" ، وقال " كل هذه الأمور نعكف على دراستها حاليا". وردا على سؤال حول تفاقم الأزمة الاقتصادية في الأراضي الفلسطينية ومدى ارتباط قيمة المساعدات التي تعهد بها كيري خلال فعاليات منتدى دافوس باستئناف المفاوضات، أكد حماد أن المشكلات الاقتصادية التي نواجهها سببها في المقام الأول سياسات الاحتلال التي تحول دون سيطرتنا على مواردنا الاقتصادية وعلى حدودنا. وأشار إلى أنه بدون إنهاء الاحتلال وتحقيق تسوية سياسية ، ليس من الممكن أن يحدث أي تقدم على المسار الاقتصادي. وقال كيف يمكن الدفع باتجاه تحقيق تقدم اقتصادي وإقامة مشروعات واستثمارات والاحتلال يسيطر على أكثر من 60 بالمائة من أراضى الضفة الغربية، بالإضافة إلى حركة التجارة في الداخل الفلسطيني ومع الخارج أيضا في ظل وجود الحواجز والعراقيل التي يضعها الاحتلال الإسرائيلي. وحول ملف المصالحة بين رام اللهوغزة وإمكانية تحقيق أي تقدم في هذا الصدد، أشار حماد إلى أن القيادة الفلسطينية حريصة بشدة على تحقيق المصالحة الفلسطينية لأنها تريد توحيد الجبهة الداخلية الفلسطينية في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي الذي يستغل هذا الانقسام لصالحه حيث يتنصل من مساعي الوصول إلى أي اتفاقات مع الجانب الفلسطيني. وأشار حماد إلى أن القيادة الفلسطينية ملتزمة بالاتفاق الذي تم التوصل إليه في القاهرة؛ وهو تحديد سجل الناخبين في غزة ومن ثم تقدم لجنة خاصة تقريرها عن أعداد الناخبين،ومن ثم يصدر الرئيس الفلسطيني محمود عباس مرسوما رئاسيا يتضمن مادتين؛ الأولي: تشكيل حكومة مؤقتة تضم شخصيات مستقلة لمدة ثلاثة أشهر، والثانية : إجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية وهو ما تم تحديد موعده في شهر أغسطس القادم. ودعا المستشار السياسي للرئيس عباس حركة حماس إلى الكف عن معارضة توجهات القيادة الفلسطينية مثلما يحدث عندما يعقد اجتماع مع الجانب الإسرائيلي وإعلاء المصلحة العليا الفلسطينية للخروج من الأزمة الراهنة، مشيرا إلى أنه على حماس أن تعمل على توحيد أطرافها ومواقفها حتى يمكن البدء في مفاوضات مباشرة للمصالحة في القريب العاجل. وحول العلاقات مع مصر في الوقت الراهن، أكد حماد أن القيادة الفلسطينية حريصة على إقامة علاقات ممتازة مع مصر ومؤسساتها، وقال ، "هي الراعية الأولى لملف المصالحة الفلسطينية، وعلاقتنا مع القيادة المصرية قائمة على المصارحة في كافة القضايا الهامة وخاصة فيما يتعلق بتفاصيل القضية الفلسطينية والحفاظ على مصلحة الأمن القومي المصري والعربي".