قضت محكمة النقض، بإلغاء حكم محكمة جنايات الجيزة الصادر بمعاقبة وزير الداخلية الأسبق اللواء حبيب العادلي بالسجن المشدد لمدة 12 عام لاتهامه بالتربح وغسيل الأموال، وإعادة محاكمته من جديد أمام دائرة جنايات مغايرة. صدر الحكم برئاسة المستشار طلعت الرفاعي وعضوية المستشارين عاصم عبد الجبار، هاني عبد الجابر، عصام عباس، معتز زايد، خالد صالح، محمود عصر، خلف عبد الحافظ، محمد قنديل، وأحمد مصطفى، وبسكرتارية هشام عبد القادر وعلي محمود.
بدأت الجلسة في تمام الساعة التاسعة صباحاً، وتلا المستشار المقرر ملخصاً حول القضية منذ بدايتها وحتى الطعن أمام النقض. طالب رئيس نيابة النقض المستشار محمد يسري، بقبول الطعن شكلا وفي الموضوع بنقض الحكم وإعادة محاكمة الطاعن من جديد أمام دائرة جنايات مغايرة، ثم استمعت إلى مرافعة رئيس هيئة الدفاع عن الطاعن "العادلي" فريد الديب. وأكد الديب أن أجواء المحاكمة جاءت في وقت كان الإعلام فيه يؤجج الشعور العام ضد العادلي، وكان الناس يتجمعون خارج المحكمة وخارج القاعة يتصايحون ضد المتهم وهذا الجو لم يكن صالحاً لمحاكمة عادلة ومنصفة ومع ذلك فان الحكم صدر في ظل هذا الجو.
وأضاف أن الحكم استخلص صورة لواقعة الدعوى تخالف تماما ما هو ثابت في الأوراق من أقوال الشهود، حيث أنه لم يصدر أي تكليف أو أمر من حبيب العادلي إلى رئيس الجمعية التعاونية للإسكان، لأنه في خصوص عمل الجمعية غير تابعين أو خاضعين لوزير الداخلية،لأن الجمعية مستقلة وتخضع إلى الاتحاد التعاوني للإسكان ولا شأن لوزارة الداخلية في ذلك .
وأشار الديب إلى أن الحكم المطعون فيه قد فسد استدلاله، كما أن تشكيل المحكمة التي أجرت المحاكمة كان باطلا لأنها طبقا لما هو ثابت في محاضر جلسات المحاكمة كانت مشكلة من أربعة قضاة وليس ثلاث كما هو المفروض قانوناً، مما يبطل تشكيل المحكمة وبالتالي يبطل إجراءات المحاكمة، مما يؤدي إلى بطلان الحكم حتى لو كان صدر من ثلاثة قضاة فقط . وقال إن الحكم أدان الطاعن عن الجريمة الأصلية وعن جريمة غسل الأموال وهو ما لا يجوز قانوناً، حيث أنه لا يجوز أن يكون المتهم في التهمتين شخص واحد، كما أن الحكم لم يعمل إثر الارتباط الناشئ عن حالة التعدد المعنوي وهي حالة الفعل الواحد الذي يقع تحت وضعين قانونين مختلفين مما كان يستوجب تطبيق عقوبة واحدة وليس عقوبتين مثلما قضي الحكم . واستمعت المحكمة إلى المحامي عصام البطاوي، الذي أكد على أن الأرض ملك ل"العادلي" وأن قانون الجمعيات يبيح له بيع هذه الأرض بعد مضي 10 سنوات من تاريخ التخصيص، وبالفعل انقضت هذه المدة في عام 2008 وكذلك مر عليهم عامين آخرين حتى 2010، وهنا يستطيع بيعها إلى أي شخص لأنه كان قد سدد كامل الثمن وأن المشتري والسمسار هما اللذان حددا سعر المتر لقطعة هذه الأرض وليس كما تدعي المحكمة في حكمها المطعون عليه، بالإضافة إلى أن العادلي ليس له اختصاص وظيفي كعضو في الجمعية علي رئيس الجمعية وهو اللواء عماد حسين وان هذه الجمعية تخضع لوزير الإسكان وليس لوزير الداخلية .
وتابع أن الحكم فاسداً في الاستدلال وأخطأ في الإسناد بتأويل بعض أقوال الشهود على غير سند صحيح من القانون وليس لها أساس في الأوراق واعتنق هذه الصورة لإدانة العادلي لتهدئة الرأي العام فقط. وطالبت هيئة الدفاع عن العادلي في نهاية المرافعة التي استمرت ساعة، بالبراءة أو إعادة المحاكمة من جديد، ورفعت المحكمة الجلسة للمداولة التي استمرت ساعة واحدة فقط واعتلت بعدها المنصة وأصدرت الحكم المتقدم.
كانت محكمة جنايات الجيزة قد أصدرت حكمها في القضية في مايو من العام الماضي، حيث أدانت العادلي بالسجن المشدد 12 عام لاتهامه بالتربح وغسل الأموال. وتضمن الحكم أيضا تغريمه مبلغ 4 ملايين و853 ألف جنيه مع إلزامه برد مبلغ مساوٍ له وذلك عن تهمة التربح وتغريمه مبلغ 9 ملايين و26 ألف جنيه على أن يتم مصادرة المبلغ المضبوط موضوع تهمة غسيل الأموال والبالغ 4 ملايين و513 ألف جنيه .
وكانت نيابة أمن الدولة العليا قد أسندت إلى العادلي قيامه خلال الفترة من شهر أكتوبر من عام 2010، وحتى 7 فبراير من العام 2011، وبصفته موظفا عاما "وزيرا للداخلية" بالحصول لنفسه على منفعة من أعمال وظيفته بأن أصدر تكليفا إلى مرؤوسيه بالوزارة وكذلك المسئولين عن إدارة جمعية النخيل التعاونية لبناء إسكان ضباط الشرطة وأيضا لأكاديمية الشرطة بسرعة العثور على مشترٍ لقطع أرض مخصصة له بمنتجع النخيل بأعلى سعر وقبل انتهاء المهلة المقررة له للبناء فيها وارتكاب تهمة غسيل أموال محصلة من جريمة التربح من خلال إيداعه مبلغ 5 مليون جنية تقريباً بحسابه ببنك مصر فرع الدقي لإخفاء حقيقة هذه الأموال .